قد توفر الفيديوهات الخاصة بالحرب في غزة المعلومات لوسائل الإعلام، لكنها في المقابل يمكن أن تثير القلق بشأن المصادر والمصداقية، مما يصعب مهمة التعاطي معها، خاصة في ظل غياب شبه تام للصحفيين في شمال غزة، وانتشار مواد مفبركة على وسائل التواصل الاجتماعي، وفق تقرير مطول لوكالة "أسوشيتد برس".

وفي الحرب الحالية فإن وصول الصحفيين إلى أرض الواقع محدود للغاية، وهناك كمية كبيرة من الفيديوهات المتاحة عبر الإنترنت، والتحدي الذي يواجه وسائل الإعلام الإخبارية هو أن الكثير منها مزعج ويحتاج للتدقيق، ومعظمها مزيف.

وأشار التقرير إلى أن بعض الفيديوهات تقدم أدلة مهمة حول أحداث الحرب وتطورها، وتعمل المؤسسات الإخبارية على تكثيف تدريب الصحفيين المتخصصين بمثل هذه التقارير مفتوحة المصدر، وقد نشأ نوع جديد من صحافة الاستقصاء وتقصي صحة الأخبار، وفقا للوكالة.

وفي حين أن وصول الصحفيين إلى مناطق المعارك في شمال غزة محدود، فإن طوفانا من مقاطع الفيديو من جميع أنواع المصادر يوثق ما يحدث وما لا يحدث، وهو ما يتطلب مهارات لدى الصحفيين الاستقصائيين الذين يبحثون بالفيديوهات للتأكد من مصداقيتها.

وفي المؤسسات الإخبارية، أصبحت عملية غربلة المواد الموجودة على الإنترنت لتحديد ما هو حقيقي، والكشف عن الأدلة في بعض الأحيان، والتي يمكن استخدامها لربط القصص معا، من الوظائف ذات الأهمية المتزايدة، وغالبا ما تكون مرهقة عاطفيا.

وقالت كاتي بولغلاز، منتجة التحقيقات الاستقصائية لشبكة سي أن أن في لندن: "لقد أصبحت (صحافة الاستقصاء وتقصي صحة الأخبار) جزءا أساسيا من ممارسة الصحافة في العصر الحديث".

وأعلنت شبكة سي بي أس نيوز الأسبوع الماضي عن إطلاق برنامج "CBS News Confirmed"، وتشكيل فريق لاستخدام البيانات والتكنولوجيا للبحث في الأدلة والمصادر عبر الإنترنت.

وفي وقت سابق من هذا العام، تم تشكيل وحدة "BBC Verify" المماثلة، لتعزيز أساليب البحث في التقارير مفتوحة المصدر، ومساعدة وسائل الإعلام العالمية في التأكد من المصادر والموثوقية.

وفي سياق متصل، توفر وكالة فرانس برس خدمة تقصي صحة الأخبار، وهناك مواقع استقصائية عدة متخصصة بالبحث في المواد المزيفة والكاذبة والإشاعات، وقد استحدث موقع "الحرة" مثلا قسم "هل حقا" المتخصص بالبحث في مصداقية الأخبار والفيديوهات والصور، خاصة تلك التي ينشرها مستخدمون على مواقع التواصل الاجتماعي.

وكمثال على تنامي هذه الجهود، لفت تقرير أسوشيتد برس إلى أن عدة وسائل إعلام أميركية ودولية لجأت إلى البحث عن أدلة معمقة في فيديوهات بشأن حادثة قصف المستشفى المعمداني، وكان هناك حذر بشأن استخلاص النتائج، في ظل غياب القدرة على فحص الأدلة على أرض الواقع.

ولدى البحث في الفيديوهات المتعلقة بالحرب، فهناك الكثير من الأشياء المروعة، مثل صور الجثث المشوهة، والأطفال الملطخين بالدماء، وسحب الجثث من تحت الأنقاض، والناس الذين يكونون في حالة ذهول من فقدان أحبائهم. إن تأثير رؤية مثل هذه المشاهد تكون صعبة ومؤثرة عاطفيا، وقد تسبب الصدمة.

ولفت التقرير إلى أن الكثير من المواد  المتاحة على الإنترنت الآن تأتي من صراعات وأحداث سابقة، بما في ذلك في غزة نفسها، والتي يتم تقديمها على أنها جديدة، ومحركات البحث موجودة للمساعدة في معرفة الحقيقة، وفي بعض الأحيان، يتم نشر صور من ألعاب الفيديو على أنها حقيقية، ولكن عادة ما يتمكن الخبراء من اكتشافها.

وفي 7 نوفمبر قتل الصحفي بوكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، محمد أبو حصيرة، مع عدد كبير من أفراد عائلته، في قصف بمدينة غزة، كما غادر غالبية الصحفيين شمال قطاع غزة بسبب المعارك الطاحنة.

واعتبر الإعلام الرسمي الفلسطيني، في بيان "استهداف الصحفيين وعائلاتهم جزءا من حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على الفلسطينيين  في قطاع غزة"، فيما لم يعلق الجيش الإسرائيلي على خبر مقتل الصحفي أبو حصيرة. 

وبمقتل أبو حصيرة ارتفع  عدد قتلى الصحفيين العاملين في الإعلام الرسمي الفلسطيني إلى خمسة، وقتل أكثر من 27 صحفيا على الأقل في قطاع غزة منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحماس بعد هجوم  السابع من أكتوبر، بحسب نقابة الصحفيين الفلسطينيين.

واندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس بعد هجوم مباغت شنته الحركة على مواقع عسكرية ومناطق سكنية محاذية لقطاع غزة في السابع من أكتوبر، أدى إلى مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، وتم اختطاف 239 شخصا، وفق السلطات الإسرائيلية.

ومنذ ذلك الحين، ترد إسرائيل بقصف جوي وبحري وبري مكثف على القطاع المحاصر، أتبعته بعملية برية لا تزال متواصلة، وبلغت حصيلة القتلى في غزة 11 ألفا و180 قتيلا، بينهم 4609 أطفال و3100 امرأة، فضلا عن إصابة 28 ألفا و200 شخص، إضافة إلى أكثر من 2700 مفقود تحت الأنقاض، بحسب ما أعلنت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس، الأحد.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: وسائل الإعلام البحث فی فی غزة

إقرأ أيضاً:

«الصحة» تنظم ورشة عمل حول دور الإعلام في تحسين جودة الحياة وتحقيق الاستدامة

نظمت وزارة الصحة والسكان ورشة عمل بعنوان «الصحة للجميع»، حول دور الإعلام المسؤول في تعزيز الوعي الصحي وتحسين جودة الحياة وتحقيق الاستدامة، بالتعاون مع منظمة اليونيسف، والتي انعقدت على مدار يومي 2 و3 أكتوبر الجاري.

الأثر الاقتصادي للتغذية السليمة

وأوضح الدكتور حسام عبدالغفار، المتحدث الرسمي لوزارة الصحة والسكان، أن ورشة العمل تضمنت عدداً من الحلقات النقاشية وتضمنت «الأثر الاجتماعي الاقتصادي للتغذية السليمة في السنوات الأولى من حياة الطفل، أهمية خلق مناخ إعلامي داعم للسلوك الصحي في المجتمعات، سد الفجوة المجتمعية مع الجمهور، دعم النظم الصحية الغذائية بمصر، أفضل الممارسات الدولية في مجال مكافحة السمنة وسوء التغذية، التحقق من الصور والفيديوهات في وسائل الإعلام»، فضلا عن تنظيم مناقشات جماعية بالاشتراك مع خبراء التغذية الإيجابية حول القضايا الرئيسية والرسائل المؤثرة في الأسر المصرية، واستراتيجيات معالجة العوائق الثقافية عبر وسائل الإعلام».

اهتمام الدولة بتعظيم الخدمات الصحية

ولفت «عبدالغفار» إلى أن الدكتورة عبلة الألفي، نائب وزير الصحة والسكان، أكدت خلال كلمتها في ورشة العمل، اهتمام الدولة بتعظيم الخدمات الصحية التي تُقدم للمواطنين، فضلاً عن توصيل المعلومات الصحيحة بشكل حرفي وحقيقي دون تضارب بين العلم والإعلام.

وأشارت إلى أهمية دعم وسائل الإعلام للدور الذي تبذله الوزارة لتوعية المواطنين بأساليب التغذية السليمة ونشر الوعي الصحي، والتعاون والتنسيق المكثف لتغيير المفاهيم الخاطئة ودعم التوعية الصحيحة وعلى رأسها التغذية السليمة، خاصة في السنوات الأولى من حياة الطفل.

وتابعت أن الوزارة لم تكتف بتعزيز الاهتمام بالتغذية الصحيحة في الأيام الأولى من حياة الطفل فقط من خلال مبادرة «الألف يوم الذهبية»، ولكن حرصت الوزارة على إطلاق مبادرة «بداية ذهبية» ضمن المبادرة الرئاسية «بداية»، والتي تستهدف الـ6 سنوات الأولى للطفل، حيث إن الدراسات أثبتت أن 85%؜ من قدرات الإنسان حتى نهاية عمرة تعتمد على تلك الفترة من حياته.

وسائل الإعلام من أهم أدوات التنمية البشرية

وأكدت خلال كلمتها أن وسائل الإعلام أحد أهم الأدوات للتنمية البشرية والبداية الجديدة للإنسان، وذلك من خلال عدد من الخطوات من بينها «زيادة الوعي حول أهمية التغذية الصحيحة، تقديم البرامج والمقالات والابتكارات لدعم التغذية السليمة، إطلاق الحملات ضد الوجبات السريعة الغير صحية، الوصول إلى العائلات محدودة الدخل وتوعيتهم بأن التغذية الصحيحة لا تحتاج لتكاليف مرتفعة».

وتضمنت ورشة العمل استعراض الدكتور حسام عبدالغفار للدور الحيوي لأنماط وسائل الإعلام في توعية الجمهور بالقضايا الصحية الهامة وتمكينهم من اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن صحتهم، فضلاً عن استعراض المهارات المطلوبة للصحفي الصحي والتي تتضمن «فهم العلوم الطبية، الكتابة الواضحة، التفكير النقدي».

تحديات الصحافة الصحية

كما تناول «عبدالغفار» التحديات التي تواجه الصحافة الصحية، والتي تتضمن «عدم التحقق من المعلومات، الإفراط في التبسيط، استخدام لغة تقنية معقدة، إغفال الجوانب الأخلاقية، التحيز في التقارير، عدم تحديث المعلومات، إهمال الجمهور المستهدف، عدم استشارة الخبراء»، لافتاً إلى أن عدم الالتزام بتلك المحاور قد يتسبب في استحداث أزمة غير حقيقية.

وأكد على الدور المحوري لوسائل الإعلام في تعزيز الوعي ونشر المعرفة والوعي الصحي، وتحسين الممارسات والتأثير على اتخاذ القرارات الصحية الأفضل، ودعم البحث العلمي من خلال تسليط الضوء على الأبحاث العلمية الحديثة وتحليلها، فضلا عن تشجيع اتخاذ القرارات المستنيرة، وتثقيف وتوعية المجتمع.

ولفت إلى الاتفاق وتنسيق العمل بالتعاون مع منظمة اليونيسيف ووسائل الإعلام على توحيد اللغة الطبية التي يخاطب بها الجمهور، فضلاً عن جائزة دورية لأفضل موضوع صحفي توعوي طبي.

التوعية بمنظومة التطعيمات

من جانبه شدد الدكتور راضي حماد، رئيس قطاع الطب الوقائي بوزارة الصحة، على أهمية تكثيف التعاون مع منظمة اليونيسيف والمنظمات المعنية ووسائل الإعلام للعمل من خلال فكر مشترك ليصبح هناك مردود توعوي بالمجتمع، من خلال نقل رسائل صحية توعوية سليمة، من بينها الإجراءات الوقائية للعديد من الأمراض، والتوعية بمنظومة التطعيمات، مؤكداً أن الإعلام يساهم بشكل كبير في توعية المواطنين لتبني أساليب تغذية ووقائية صحية.

وأضاف أن للتطعيمات أهمية كبيرة في الحفاظ على حياة المواطنين في مختلف مراحلهم العمرية وحمايتهم من العديد من الأمراض، بما يحتم علينا رفع درجة الوعي لدى المواطنين وتسليط الضوء على الوعي الصحي الوقائي.

تحقيق الأمن الصحي للمواطنين

ومن جانبها حرصت ميس تينا، رئيس برنامج الإعلام من أجل تعديل السلوك بيونيسيف مصر، على توجيه الشكر لوزارة الصحة والسكان على التعاون المشترك المستمر، لتحقيق الأهداف المشتركة وتحقيق الأمن الصحي للمواطنين من مختلف الجوانب، لافتة إلى قوة الإعلام ودوره المحوري في إحداث تغييرات جذرية في الوعي الصحي بالمجتمع المصري، فضلاً عن التصدي للمفاهيم الصحية الخاطئة، حيث أكدت على خلق الإعلام لفرص واعدة ومتميزة لتسليط الضوء على القضايا الصحية والحيوية والهامة من خلال قوة تحويلية لصياغة المفاهيم الصحيحة.

وأكدت الدكتورة، سحر خيري، عميد معهد التغذية، أن السمنة تُعد من الأمراض التي يجب التصدي لها بشكل مكثف حيث إن هناك 43% من الأطفال يعانون من أمراض سواء التغذية، التي قد تصل الأضرار الناتجة عنها  إلى الوفاة، بما يحتم علينا تعزيز الوعي الصحي حول الأمر بين الأسر وأساليب التغذية الصحيحة.

فيما أوضحت الدكتورة نجلاء عرفة، نائب مدير برنامج التغذية بيونيسيف مصر، أن أمراض سوء التغذية المرتبطة بالطعام غير الصحي تحتم علينا تكثيف وتنسيق العمل مع وسائل الإعلام لتعزيز التوعية الصحية السليمة بين الجمهور والتركيز على نتائجها مستقبلياً في تحسين جودة الحياة للمواطنين.

مكافحة السمنة وسوء التغذية

ومن جانبه أكد الدكتور أيوب جوادلة، المستشار الإقليمي للتغذية بمنظمة الصحة العالمية، على أهمية تكثيف التعاون المشترك مع وزارة الصحة والسكان ومنظمة اليونيسيف لتوفير بيئة توعوية صحية للمواطنين، حيث استعرض أفضل الممارسات الدولية في مجال مكافحة السمنة وسوء التغذية، فضلاً عن استعراض معدلات السمنة بين الأطفال والمراهقين والبالغين، لافتاً إلى أهمية رفع الوعي المجتمعي من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.

وأكد الدكتور محمود عبدالحليم، أستاذ مساعد الإعلام بجامعة عين شمس، دور وسائل الإعلام المحوري في نشر المعلومات الصحية الصحيحة التي تعزز بدورها الوعي الصحي وتحسين جودة الحياة للمواطنين، لافتاً إلى أهمية تحقيق الشراكات مع الجهات المختلفة، خاصة حول الأزمات الصحية والأوبئة، لما يمتلكه الإعلام من دور هام في مواجهة الجوائح الصحية.

مقالات مشابهة

  • حزب الله يرد على شائعات حول قياداته
  • الآلاف يتظاهرون في المجر للمطالبة بمواجهة "الآلة الدعائية" التي تعتمدها الحكومة
  • ٥١ عاماً.. الطيران المصرى عزة وكرامة
  • جوجل تضيف ميزة "علامات التحقق" فى نتائج البحث على المصادر الموثوقة
  • وفاة 14 شخصاً جراء الفيضانات بالبوسنة والهرسك
  • فيديوهات من قبرص للصواريخ الإيرانية على إسرائيل (شاهد)
  • ورشة عمل حول دور الإعلام في تعزيز الوعي الصحي وتحسين جودة الحياة
  • «الصحة» تنظم ورشة عمل حول دور الإعلام في تحسين جودة الحياة وتحقيق الاستدامة
  • انتشال 17 جثة لمهاجرين بعد غرق مركب قبالة سواحل تونس
  • الإعلام والبيئة ..