تحت رعاية الدكتور علاء عبدالهادى، رئيس النقابة العامة لاتحاد الكتاب، عقدت شعبة الترجمة برئاسة الدكتور أحمد الحسيسى ندوتها الشهرية، والتى جاءت تحت عنوان «ترجمة معانى القرآن الكريم إلى اللغة العبرية»، بمقر النقابة بالزمالك. 

استضافت الندوة الدكتور على أبوهاشم عنان المتخصص فى الإسرائيليات، والذى أخذ على عاتقه ترجمة القرآن الكريم إلى اللغة العبرية.

والذى بدأ حديثه بإلقاء قصيدة شعر بالعامية تحمل عنوان «أنا إنسان»، واستعرض رحلته فى تعلم اللغة العبرية منذ أكثر من خمسين عاماً. مستدعياً من الذاكرة عدداً من أحداث عامى ٥٨ و٥٩، ودراسته فى كتب التاريخ عن علاقات مصر الخارجية فى التجارة ورحلات السفن المصرية لشواطئ لبنان وفينيقيا، لافتاً إلى طلب الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام من زيد بن ثابت تعلم العبرية، وتعلمها زيد وأتقنها، وإلى دور رفاعة الطهطاوى الرائد وإسهاماته العديدة فى مجال الترجمة، وأكد أن هذه النماذج وغيرها تشير لأهمية دور الترجمة فى نقل الثقافات.

وتابع: «أبوهاشم» حديثه عن الترجمة وقال: «هزمنا فى ٦٧ لأننا لم نكن نعلم الكثير عن إسرائيل، وانتصرنا فى أكتوبر انتصارًا عظيمًا لأننا عرفنا القليل عن إسرائيل، وطلعنا على تلك المعلومات من المصادر العلنية عام ٦٩، التى كان منها الصحف العبرية والإذاعة الإسرائيلية وترجمتها ومشاهدة التليفزيون الإسرائيلى، مؤكداً أن دور المترجم بمثابة أداة توصيل للمعلومة من جهة إلى أخرى، وإن كان ليس له الحق فى التحليل.

وعن الدور الذى قام به هو ونظراؤه قبل حرب أكتوبر ٧٣، قال إنه تمثل فى معرفة ما تشكيل النقاط الحصينة على خط القناة؟ وكيفية ردود فعل النقاط الأخرى من خلال أجهزة التنصت على العدو، مضيفاً أن منظومة الانتصار مبنية على آلاف النقاط الصغيرة، وأشار إلى أنه تم توجيهه إلى السجن الحربى لاستجواب الأسرى الإسرائيليين، وظل يمارس هذه المهمة من ١٩ أكتوبر ١٩٧٣ حتى ٣١ مارس ١٩٧٤.

وشرح أبوهاشم طبيعة عمله بداية من ترجمة كشاكيل أسرى الحرب المكتوبة بخطوط أيديهم، مرورًا بمشاركاته فى مباحثات فصل القوات ومحادثات السلام، كما تحدث عن فترة عودته إلى عمله فى الإذاعة المصرية، وعن أهم السمات العامة التى تحكم المذيع فى تلك الفترة المهمة من عمر الوطن آنذاك، والتى تتبلور فى ضرورة فهم النص وطبيعة الجمهور المستهدف وفهم الخط السياسى للبلد، ليحدث التلاقى فى الحس الوطنى والوظيفى معًا.

وأكد الدكتور على أبوهاشم أن أهم مشروع ترجمة فى حياته، هو ترجمة معانى القرآن الكريم والذى بدأ بعرض من أحد تلامذته، ورفضه فى البداية خشية التصدى لهذا الأمر الجلل، وظل رافضًا إلى أن صدرت طبعة مترجمة عن مركز الملك فهد، وكان لديه عدة ملاحظات عليها، ثم اطلع على عدة تراجم إسرائيلية وكان له عدد من التحفظات عليها أيضا؛ فقبل بالشروع فى ترجمة معانى القرآن الكريم إلى العبرية، وبدأ بسورة الفاتحة وتوالت السور، واستعان بتفاسير ومراجع عديدة، وذكر أن الشيخ محمد متولى الشعراوى، كان له عظيم الأثر عليه؛ لما له من حس لغوى قوى والقرآن معجزة لغوية. 

وفى تعليقه على الأحداث الجارية بغزة قال: من الخطأ الشديد الانسياق وراء وسائل التواصل الاجتماعى، لأن ٨٠٪ منها موجهة لتحقيق أهداف مختلفة، ويكفى أن نعلم أن الكتيبة ( ٨٢٠٠) الإسرائيلية تصرف ٤ مليارات دولار للدعاية لإسرائيل وللدعاية المضادة ضد العرب وفلسطين، وأن هناك ضعفاً فى الوضع الاقتصادى داخل إسرائيل، وتوقع وقف إطلاق النار بين الطرفين كما توقع سقوط حكومة نتنياهو، مضيفاً أن ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ فرضت القضية الفلسطينية على الإعلام العالمى كله. 

وفى ختام الندوة تم تكريم الشاعر والإذاعى والمترجم د. على أبوهاشم عنان، وسلم له الدكتور الحسيسى شهادة تقدير من النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر، تقديراً لدوره المميز على المستويين المهنى والإبداعى.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الكتاب أنا إنسان إسرائيل أكتوبر مركز الملك فهد القرآن الکریم إلى

إقرأ أيضاً:

تفكيك خطاب الإقصاء والتكفير في كتاب "الفرقة الناجية.. وهم الاصطفاء".. جديد الدكتور محمد بشاري في معرض الكتاب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في حفل توقيع حضره لفيف من رجال الفكر والسياسة، شهدت أروقة معرض القاهرة الدولي للكتاب حفل توقيع كتاب "الفرقة الناجية.. وهم الاصطفاء"، الصادر عن دار نهضة مصر للنشر، للمفكر الإسلامي الدكتور محمد بشاري والذي يضفي بعدًا فكريًا نقديًا يسعى إلى تفكيك واحدة من أكثر المفاهيم التي استُغلت في تاريخ الفكر الإسلامي، وهو مفهوم الفرقة الناجية، الذي وظفته العديد من الجماعات الإسلاموية والحركات المتطرفة لتبرير الإقصاء والتكفير، وإضفاء المشروعية على ممارساتها السياسية والعنيفة. الحديث الذي بُني عليه هذا المفهوم، وهو حديث افتراق الأمة، لم يكن مجرد نص ديني يتداول بين علماء الحديث، بل أصبح أداة تُستخدم عبر العصور لترسيخ الانقسامات بين المسلمين وإعطاء الأفضلية لطائفة على حساب غيرها. استغلته السلطات السياسية في التاريخ الإسلامي لتعزيز شرعيتها، كما استخدمته الجماعات المتشددة لتبرير العنف وإقصاء المخالفين، ما أدى إلى توظيفه في معارك فكرية وسياسية ودينية لم تكن له أي صلة بها عند نشأته.

 

يبدأ الدكتور محمد بشاري بتحليل الحديث من منظور حديثي وتاريخي، حيث يبين أنه ورد في روايات مختلفة عن عدد من الصحابة، أبرزهم عبد الله بن عمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان وأبو هريرة وأنس بن مالك وعوف بن مالك الأشجعي. وقد أخرجه العديد من المحدثين، مثل الترمذي وأبو داود وابن ماجه وأحمد بن حنبل والحاكم والطبراني والدارمي، لكن بدرجات متفاوتة من الصحة. لم يجمع علماء الحديث على صحة الحديث، حيث أشار بعضهم إلى اضطراب في سنده ومتنه، كما أن بعض الروايات تضمنت إدراجات تفسيرية لم ترد في الروايات الأخرى، وهو ما يثير التساؤل حول ثبات النص الأصلي للحديث. رفض ابن حزم الظاهري صحة الحديث استنادًا إلى ضعف أسانيده وتضارب رواياته، فيما أشار الإمام الشوكاني إلى وجود اضطرابات في بعض رواياته، بينما رأى الإمام الصنعاني أن الحديث لا يمكن اعتماده كمرجعية في مسائل العقيدة نظرًا لمشكلاته السندية.

 

لكن الإشكالية لم تتوقف عند الجانب الحديثي فحسب، بل امتدت إلى طريقة تأويله وتوظيفه عبر العصور. بدلًا من أن يكون الحديث تحذيرًا من خطورة التفرق، تم تأويله بشكل يرسخ فكرة أن هناك فرقة واحدة ناجية بينما بقية الفرق في ضلال وهلاك، ما أدى إلى استغلاله كأداة تكفيرية داخل الفكر الإسلامي. في التاريخ الإسلامي، استُخدم الحديث لإضفاء الشرعية على السلطة السياسية في العصرين الأموي والعباسي، حيث ربط الحكام بين طاعتهم والانتماء إلى الفرقة الناجية، بينما اعتبروا كل معارضة لهم خروجًا على الدين. كما لعبت الفرق الكلامية الكبرى، مثل المعتزلة والأشاعرة والجبرية والخوارج، دورًا في تكريس هذا المفهوم، حيث استخدم كل تيار الحديث لإثبات أنه وحده يمثل الإسلام الصحيح، بينما الآخرون على ضلال.

 

مع ظهور الحركات الإسلاموية في العصر الحديث، أخذت تأويلات الحديث منحًى أكثر تطرفًا، حيث وظفته جماعات مثل الإخوان المسلمين والقاعدة وداعش وحركة طالبان لتبرير إقصاء الآخرين وإضفاء الشرعية على مشاريعها الفكرية والسياسية. تبنى الإخوان المسلمون، منذ نشأتهم، خطابًا يقوم على فكرة أنهم يمثلون الإسلام الصحيح، وأن جماعتهم هي الفرقة الناجية، ما جعلهم يعاملون المخالفين على أنهم أقرب إلى الضلال. أما التنظيمات الجهادية، فقد استغلت الحديث بشكل أكثر دموية، حيث استخدمته القاعدة وداعش لتبرير التكفير والقتل، معتبرة أن كل من لا ينضم إليهما هو من الفرق الهالكة التي تستحق العقاب. وصل الأمر مع داعش إلى استغلال الحديث لإبادة المخالفين دينيًا وطائفيًا، كما حدث مع الإيزيديين في العراق، فضلًا عن محاكم التفتيش التي أقامها التنظيم بحق المسلمين الذين لم يتبعوا نهجه المتطرف.

 

يدعو الدكتور محمد بشاري في كتابه إلى إعادة قراءة الحديث وفق مقاصد الشريعة الإسلامية التي تؤكد على الوحدة والتسامح، بدلًا من القراءات الإقصائية التي تؤدي إلى العنف والاحتراب الداخلي. يؤكد أن النجاة في الإسلام لا ترتبط بالانتماء إلى طائفة معينة، بل تتحقق من خلال الإيمان والعمل الصالح، كما ورد في قوله تعالى: "إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَٱلَّذِينَ هَادُوا۟ وَٱلنَّصَـٰرَىٰ وَٱلصَّـٰبِـُٔونَ مَنْ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلْـَٔاخِرِ وَعَمِلَ صَـٰلِحًۭا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ" (البقرة: 62). كما يشدد على أن الإسلام ليس مشروعًا للتقسيم أو التصنيف، بل هو دين عالمي يدعو إلى العدالة والتسامح والتكامل بين الشعوب والمجتمعات.

 

في تقديمه للكتاب، يؤكد العلامة الدكتور علي جمعة على ضرورة تصحيح الفهم المغلوط لحديث الفرقة الناجية، محذرًا من استخدامه كوسيلة لإضفاء الشرعية على الصراعات الطائفية والمذهبية داخل الأمة الإسلامية. يرى الدكتور جمعة أن الإسلام جاء برسالة رحمة وتوحيد، وليس بمشروع لتقسيم الناس إلى ناجين وهالكين، كما أن الحديث عن النجاة لا ينبغي أن يكون مدخلًا لإقصاء الآخرين، بل يجب أن يكون وسيلة لتعزيز قيم الاعتدال والتسامح داخل المجتمع الإسلامي.

 

في ختام كتابه، يرسل الدكتور محمد بشاري رسالة واضحة مفادها أن النجاة ليست مرتبطة بجماعة معينة أو مذهب محدد، بل تتحقق من خلال التقوى والعمل الصالح، وأن التصنيفات المذهبية والطائفية التي ترسخت عبر العصور تحتاج إلى مراجعة نقدية عميقة تتماشى مع روح الإسلام الحقيقية. يشدد على أن استمرار تأويل الحديث وفق النهج الإقصائي سيؤدي إلى مزيد من التمزق داخل الأمة الإسلامية، داعيًا إلى تبني قراءة جديدة تعكس القيم الكبرى للإسلام، مثل العدل والرحمة والتسامح. يرفض الخطابات التي تدعي امتلاك الحقيقة المطلقة، ويدعو إلى تحرير الإسلام من التأويلات المغلقة التي حوّلته من دين عالمي إلى مشروع أيديولوجي ضيق يخدم مصالح جماعات محددة.

مقالات مشابهة

  • تفكيك خطاب الإقصاء والتكفير في كتاب "الفرقة الناجية.. وهم الاصطفاء".. جديد الدكتور محمد بشاري في معرض الكتاب
  • معرض الكتاب يحتفي بترجمات "سليمان العطار" للأدب الأندلسي
  • قيصرية الكتاب تستضيف الدكتور فواز كاسب
  • الدكتور علي جمعة: منكروا السنة يسعون في الحقيقة لهدم الدين
  • القاعة الرئيسية بمعرض الكتاب تناقش ترجمة العلوم إهداء إلى روح أحمد مستجير
  • الدكتور أحمد عمر هاشم خطيبًا لصلاة الجمعة في افتتاح مسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم
  • معرض الكتاب 2025 يناقش ترجمة ديوان " قبلة روحي" للشاعر أحمد الشهاوي
  • بالفيديو.. مقتل حارق «القرآن الكريم» خلال بث مباشر في السويد
  • تفاصيل مقتل حارق القرآن الكريم بالسويد.. «الحادث تصادف مع بث مباشر على تيك توك»
  • مقتل العراقي سلوان موميكا الشهير بواقعة حرق القرآن الكريم