لماذا يكذب الطفل؟ وكيف نشجعه على قول الحقيقة؟
تاريخ النشر: 7th, July 2023 GMT
عمّان- الصدق قيمة أساسية نسعى إلى غرسها في أطفالنا منذ سن مبكرة، ومن المألوف أن يكذب الأطفال في مراحل مختلفة من نموهم، وغالبا ما يجهد الآباء لفهم سبب كذب أطفالهم وكيفية تشجيعهم على تبني الصدق كفضيلة مدى الحياة.
تقول المستشارة النفسية والتربوية الدكتورة رولا أبو بكر إن أحد الأسباب الشائعة للكذب هو الخوف من العقاب، فقد يلجأ الأطفال إلى الكذب لتجنب العواقب أو لحماية أنفسهم من الوقوع في مشكلات، ومن المهم أن نتذكر أن هذا السلوك غالبا ما يكون مدفوعا بغريزتهم الطبيعية بحثا عن الأمان.
وتضيف "بصفتنا بالغين، علينا أن نتعامل مع هذا السلوك بالتعاطف، ونسعى إلى فهم المخاوف والقلق الكامن الذي يؤدي إلى عدم شعور الأطفال بالأمان من خلال إيجاد بيئة يشعرون فيها بالاطمئنان إلى قول الحقيقة دون خوف من التعرض لعقاب شديد، وهذا يشجعهم على أن يكونوا أكثر انفتاحا وصدقا".
جذب الانتباهوهناك سبب آخر يجعل الأطفال يكذبون، وهو جذب الانتباه، فسعيا منهم إلى الحصول على القبول أو الموافقة قد يبالغ الأطفال ويختلقون القصص، وفق أبو بكر التي تشدد على ضرورة معالجة هذا السلوك من خلال تزويد الأطفال ببدائل صحية لجذب الانتباه، مثل الانخراط في نشاطات إيجابية أو عرض مواهبهم أو التعبير عن أنفسهم من خلال المنافذ الإبداعية وتوجيه طاقاتهم.
وتلفت أبو بكر إلى أن الأطفال يواجهون ضغوطا لتلبية التوقعات غير الواقعية، سواء من خلال تحقيق النجاح الأكاديمي أو عن طريق الالتزام بالمعايير المجتمعية، وغالبا ما يؤدي الخوف من خيبة أمل الوالدين أو المعلمين أو الأقران إلى الوقوع في الكذب.
وتقول "لذا، من الضروري وضع توقعات واقعية لأطفالنا، والتأكيد على أن قيمتهم لا تحددها إنجازاتهم فقط، وذلك من خلال تعزيز عقلية النمو والتركيز على الجهد والتنمية الشخصية بدلا من مجرد النتائج"، مشيرة إلى أن القدوة تلعب دورا مهما في تشكيل البوصلة الأخلاقية للطفل.
وترى أن الأطفال ملتزمون ويميلون إلى تقليد سلوكيات البالغين المهمين في حياتهم، فإذا شاهدوا أن الوالديه أو غيرهما من القدوة ينخرطون في عدم الأمانة فقد ينظرون إلى الكذب على أنه وسيلة مقبولة لتحقيق أهدافهم، وعلى العكس من ذلك إذا رأوا أن الصدق يتم تقديره ومكافأته فمن المرجح أن يتبنوا الصدق كقيمة أساسية.
وتنصح أبو بكر الأهل بتشجيع أطفالهم على قول الحقيقة بتهيئة بيئة من الثقة والتواصل المفتوح وعدم إصدار الأحكام، فعندما يعترف الطفل بالكذب من المهم الاستجابة بهدوء والاستماع إلى وجهة نظره دون اللجوء الفوري إلى العقاب.
وتعتبر المستشارة النفسية والتربوية أن هذا النهج يُشعر الأطفال بالأمان ويشجعهم على الانفتاح على دوافعهم إلى الكذب، وقد يساعد فهم الأسباب الكامنة وراء عدم أمانتهم في معالجة الأسباب الجذرية بشكل أكثر فعالية.
بدوره، يرى الخبير التربوي الدكتور ذوقان عبيدات أن الكذب والصدق قيمتان باتجاهين مختلفين، فالأصل في الأطفال أن يكونوا صادقين، وهذا يتطلب أن تكون بيئة الأسرة والمدرسة والرفاق نماذج لتعليم الصدق، ولكن هذه ليست كل الحقيقة، فالأطفال يكذبون، خصوصا إذا عاشوا في بيئة صارمة أو بيئة مهددة.
ويشرح عبيدات للجزيرة نت أن الطفل يبحث عن الأمن، فيضطر مثلا إلى الكذب طلبا لمكافأة أو خوفا من عقاب، والمهم في علاج الكذب أن تكون البيئة آمنة خالية من التهديدات، فالأسرة مثلا عليها أن تخصص وقتا نوعيا للجلوس مع الأطفال كأن يكون هناك اجتماع أسبوعي يناقش كل ما يحدث مع أفرادها، وكذلك المدرسة يمكن أن تخصص نشاطات تناقش قضايا القيم.
وينصح الدكتور عبيدات المربّين بألا يكافئوا أي كذبة بهدف حرمان الطفل من الإفادة من الكذب، وأن يتجنبوا العوامل المحفزة على الكذب، وأهمها البيئة المليئة بالخوف والتهديد، مما يدفع الطفل إلى الكذب لينجو بنفسه.
ومن أمثلة البيئة المحفزة على الكذب: والدان يقدمان نموذجا غير أخلاقي (يمارسان الكذب)، معلمون لديهم قسوة، تغليظ العقوبات، بيئات لا تسمح للطفل بالتعبير عن رأيه، بيئة لا تتسع للطفل، بيئة تكافئ الكاذب وتعاقب الصادق.
ويقول الخبير التربوي إن العلاج يكون بالتسامح وقبول عذر الطالب حتى لا نجبره على الكذب، ومن المهم أن نعوّد الطلبة على أمور مثل القدرة على اكتشاف الكذب من حولهم، وتدريبهم على الشك والنقد، وتوعيتهم بأن الصدق أقرب الطرق إلى النجاة.
ويقدم موقع "رايزينغ تشلدرن" (raisingchildren) نصائح للأهل تساهم في تشجيع الطفل على قول الحقيقة، ومنها:
تحدث مع أطفالك بشأن الكذب وقول الحقيقة، وقد يكون ذلك بطرح أسئلة عليهم، مثل "بمَ ستشعر أمي إذا كذب عليها أبي؟"، أو "ماذا يحدث عندما تكذب على المعلم؟". ساعد طفلك على تجنب المواقف التي يشعر فيها بالحاجة إلى الكذب، فإذا سألت طفلك إن كان هو من سكب الحليب على الأرض مثلا فقد يشعر بالرغبة في الكذب، ولتجنب هذا الموقف يمكنك أن تقول فقط "أرى أن الحليب تسبب بالفوضى.. دعنا ننظفه". امدح طفلك على اعترافه بفعل شيء خاطئ، مثلا "أنا سعيد جدا لأنك أخبرتني بما حدث، دعنا نفهم الأمر جيدا". كن قدوة لقول الحقيقة، كقول "لقد ارتكبتُ خطأ في تقرير كتبته للعمل اليوم، أخبرتُ مديري حتى نتمكن من إصلاحه".المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
«طفل آمن.. مجتمع أقوى» حملة لتعزيز حماية الطفولة والأسرة
نظمت وزارة الداخلية، اليوم، حفلاً رسمياً بمناسبة انطلاق الحملة التوعوية الخاصة بالتعريف بدور مكتب وأقسام حماية الطفل والأسرة بديوان الوزارة تحت شعار: “طفل آمن.. مجتمع آمن”، وذلك ضمن إطار برنامج “عدالة الأحداث”، بإشراف وزارة الداخلية وبالتعاون مع بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (UNDP)، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC).
وتركز الحملة على التوعية بأهمية ودور مكاتب وأقسام حماية الطفل والأسرة التابعة لوزارة الداخلية، والتي أُنشئت بناءً على قرارات وزير الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية، اللواء عماد مصطفى الطرابلسي، بهدف تعزيز حماية الأطفال وتوفير الرعاية اللازمة لهم وفق الأطر القانونية والحقوقية المعتمدة.
كما تهدف الحملة إلى رفع مستوى الوعي المجتمعي بحقوق الأطفال، والتعريف باختصاصات هذه المكاتب والأقسام في حماية حقوق الطفل، ومنع التمييز، وتعزيز مبادئ المساواة واحترام حقوق الإنسان.
وشهد حفل إطلاق الحملة عدد من قيادات وزارة الداخلية، وممثلون عن المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة، الذين أشادوا بالجهود التي تبذلها الوزارة في حماية الطفولة والأسرة، وتعزيز الأمن المجتمعي، وممثلين عن مكتب وزير الداخلية ووزارة الخارجية والتعاون الدولي.
وأكدت وزارة الداخلية استمرار التزامها بدعم قضايا الطفولة، وتعزيز حماية الأطفال ورعايتهم، ومواصلة التعاون مع الشركاء المحليين والدوليين لدعم قضايا حماية الطفولة وتمكين الأسرة.
آخر تحديث: 27 أبريل 2025 - 15:45