خلال القمة العربية والإسلامية التي عقدت السبت الماضي في الرياض، كانت إسرائيل تمطر سماء غزة بالقنابل وتحاصر المشافي وترتكب مجزرة بحقها في مقدمتها مجمع الشفاء الطبي.. ومع بلوغ المشهد في قطاع غزة ما بلغ من تقتيل وتدمير، أمطرتنا القمة ببيان ختامي يعبر عن العجز، شجب واستنكار ودعوات لكسر الحصار ومطالبات فارغة بملاحقة من يرتكبون الجرائم دون ذكر لأي آليات لتنفيذ ما ورد في البيان.
كيف لإسرائيل والغرب الاستعماري أن يكترث لمثل هذا البيان الأجوف؟ فهم على علم بالموقف الحقيقي للدول التي تحكمت في أجندات القمة وصياغة البيان وما رد نتنياهو على بيان القمة ومطالبته قادة هذه الدول بالصمت إلا دليلا على مدى استهتاره بهذه القمة ومخرجاتها .
فمصر والأردن والإمارات والمملكة العربية السعودية والمغرب والبحرين منعت تضمين البيان إجراءات عملية من قبيل إنهاء التطبيع وقطع العلاقات الدبلوماسية وسحب الاستثمارات والعمل مع قوى أخرى في هذا العالم لإيجاد حالة توازن في الشرق الأوسط تؤدي إلى فرص وقف إطلاق النار بالقوة.
هذه الدول هي مرتكز نتنياهو في اطمئنانه للموقف العربي والإسلامي بأنه لن يرقى جماعيا لمستوى الجريمة التي يرتكبها، أضف إلى ذلك فالقمة الطارئة جاءت بعد مضي 36 يوما على جريمة الإبادة الجماعية فلو كان هناك أي نية لقادة هذه الدول ليتحركوا بشكل جماعي وفعال لتحركوا منذ اليوم الأول أو الثاني أو الثالث لمنع استمرار هذه الجريمة.
لقد سعر نتنياهو جحيما لسكان قطاع غزة أحرق الناس وقطع أوصالهم وذبح النساء والأطفال ودمر المرافق الصحية والخدمية وشرد وجوع متسببا بكارثة إنسانية هي الأسوأ في التاريخ الحديث، وكل هذا لم يحرك ضمير قادة هذه الدول ليقوموا بالحد الأدنى وفق ما ينص عليه القانون الدولي الإنساني.
والله لا ندعو لتحريك الجيوش وإعلان الحرب على إسرائيل أو حتى قطع البترول والغاز عن الغرب الاستعماري الذي يدعم إسرائيل في حرب الإبادة حتى لا نتهم بالشعبوية والعاطفية أو أننا من الدهماء الذين لا يفهمون كيف تتصرف هذه الدول في مثل هذه الظروف، إن كل ما نطلبه من بداية العدوان وحتى الآن وضع آليه مشتركة لإدخال المساعدات والفرق الطبية وإخلاء الجرحى عبر معبر رفح دون قيد أو شرط والعمل مع دول أخرى لفرض وقف لإطلاق النار تحت مظلة الأمم المتحدة.
هل دعوة المجتمعين بالقمة إلى قطع العلاقات الدبلوماسية وإنهاء التطبيع مع هذا الكيان السادي شعبوية؟ هل دعوتهم لإحالة ملف الإبادة الجماعية إلى محكمة العدل الدولية شعبوية؟ هل دعوتهم لوضع آلية واضحة وفورية لفتح معبر رفح شعبوية؟ هل الدعوة إلى التنسيق مع دول وازنة شعبوية؟ هل موقف كولومبيا وجنوب أفريقيا وتشيلي وهندوراس شعبوي؟
الطبيب الشاهد والشهيد باسل مهدي لخص حالة الخذلان العربي التي عانى منها من قضى ويعاني منها من ينتظر في رسالة على حسابه فكتب لهم قبل أن يرتقي برفقة شقيقه رائد مع عدد من أفراد العائلة من داخل مشفى مهدي غرب مدينة غزة قائلاً: ما في حدا بموت ناقص عمر بس في ناس راح تموت ناقصة كرامة وناقصة إنسانية وناقصة مبدأ، وخبتم وخابت عروبتكم ولا حياكم الله ولا سامحكم الله!لقد شلت الإرادة العربية والإسلامية بتبلد ضمائر قادتها وتحجر قلوبهم وانقيادهم للغرب الاستعماري وخنوعهم لإسرائيل فوقفوا شهودا على ما يفعله قلة من البشر من ذبح وحرق للأطفال والنساء والرجال في حين كان بإمكانهم استخدام الممكن من الأدوات لإنقاذهم.
إن ما يثير التندر في البيان الختامي الدعوة إلى كسر الحصار عن قطاع غزة، وكأن مصر ليست دولة عربية إسلامية تشارك في هذا الحصار وخنق السكان بإغلاق محكم لمعبر رفح متذرعة باتفاقيات كامب ديفيد في حين أن القانون الدولي الإنساني يوجب على الدول ويفرض اقتحام الحدود إذا اقتضى الأمر لإيصال المساعدات الإنسانية رغما عن إرادة الطرف المعتدي.
منذ اللحظة الأولى لم تعول الغالبية العظمى من البشر على وجه هذه الأرض بأن يصدر عن هذه القمة قرارات عملية قابلة للتطبيق لذلك تم تجاهلها، لكن البعض تشبث بالأمل "فالدم ما بصير ميه" لعل وعسى تحدث معجزة في هذا المنعطف التاريخي فيقف هؤلاء الحكام صفا واحدا بموقف قوي بسجل في صحائفهم لكن سبق عليهم القول وران على قلوبهم ما كانوا يكسبون.
لقد كان في عهد الجاهلية الأولى حلفا يدعى حلف الفضول لنصرة المظلوم وإحقاق الحق واستمر تطبيق ما أتى عليه هذا الحلف من نظام حقوقي عادل بعد الإسلام إلا أننا لا نلحظ تطبيقا له من قبل أنظمة ترى في نفسها متوحشة ودموية في مواجهة شعوبها وفي مواجهة المعتدي فهي أذل من النعام تدفن رأسها في التراب فلا تسمع ولا ترى.
نحن لا نتأسف على أنظمه ولغت في دماء شعوبها و تماهت مع جرائم الاحتلال والتحقت بأجنداته لكننا نلوم دولا لها موقف مشرف ولو من حيث الشكل وإعلان التضامن وعدم الرضوخ للتهديدات والإملاءات الأمريكية مثل تركيا، الجزائر، إندونيسيا، ماليزيا، الكويت، الصومال، جيبوتي وغيرها من الدول كيف ارتضت أن تكون ديكورا في هذه القمة، كيف قبلت أن يخطف قرار الأمتين العربية والإسلامية من قبل حفنة من الأنظمة مشهورة بعدائها الشديد لتحرر الشعوب، كان يتوجب على هذه الدول أن تنسحب وتعلن أن مثل هذه البيانات الجوفاء لا تمثلها.
أكثر من أحد عشر ألف قضوا وهم يشكون الخذلان العربي والإسلامي ولعل الطبيب الشاهد والشهيد باسل مهدي لخص حالة الخذلان العربي التي عانى منها من قضى ويعاني منها من ينتظر في رسالة على حسابه فكتب لهم قبل أن يرتقي برفقة شقيقه رائد مع عدد من أفراد العائلة من داخل مشفى مهدي غرب مدينة غزة قائلاً: ما في حدا بموت ناقص عمر بس في ناس راح تموت ناقصة كرامة وناقصة إنسانية وناقصة مبدأ، وخبتم وخابت عروبتكم ولا حياكم الله ولا سامحكم الله!
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه القمة السعودية فلسطين السعودية قمة رأي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هذه الدول منها من
إقرأ أيضاً:
القمة العالمية لطاقة المستقبل 2025.. الإمارات تقود تبني مفهوم المدن المستدامة
تقود دولة الإمارات، تبني مفهوم المدن المستدامة من خلال مجموعة من المشاريع التقدمية، مثل مدينة «مصدر»، وهي مركزٌ للتقنيات النظيفة والتصميم المستدام، ومطار زايد الدولي، الذي يقوم على بنية تحتية ذكية تعمل على تعزيز الكفاءة.
وقال محمد البريكي، المدير التنفيذي للتنمية المستدامة في مدينة «مصدر»، إن المدينة تتمتع بمكانة رائدة في مجال التنمية الحضرية المستدامة منذ أكثر من 15 عاماً، ما يعكس التزام دولة الإمارات ببناء مستقبل خالٍ من الانبعاثات الكربونية.
وأضاف أن التزام «مصدر» الراسخ بالابتكار والاستدامة يتجلى من خلال مجموعة من مشاريع الطاقة الخالية من الكربون وتلك المبتكرة مثل مجمّع مدينة «مصدر» و«ذا لينك».
وأشار إلى أن المنطقة الحرة في مدينة «مصدر» توفر بيئة سلسة لأنشطة الأعمال، بينما تعزز التجمعات الصناعية عالية التأثير، التعاون والابتكار على صعيد القطاعات الرئيسة، مثل الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة وعلوم الحياة والتكنولوجيا الزراعية وتكنولوجيا الفضاء والتنقل الذكي، والقدرة على تمكين الشركات والمبتكرين لرسم ملامح مستقبل المدن المستدامة، وتحويل الأفكار إلى حلول على أرض الواقع.
وتبرز هذه التطورات على رأس برنامج القمة العالمية لطاقة المستقبل 2025 التي تستضيفها شركة «مصدر» في مركز أبوظبي الوطني للمعارض بين 14 و16 يناير، وذلك في إطار أسبوع أبوظبي للاستدامة 2025.
وتسلّط القمة من خلال مؤتمرها ومعرضها المخصصين للمدن المستدامة الضوء على إمكانات المدن الذكية والتقدم الذي أحرزته المنطقة في مجال التنمية الحضرية، ويُعقد المؤتمر بالتزامن مع الاستثمارات الإقليمية النوعية في مجال المدن الذكية.
وأفادت مؤسسة الأبحاث «فروست آند سوليفان»، بأن دولة الإمارات والسعودية تعتزمان استثمار 50 مليار دولار في مشاريع المدن الذكية بحلول عام 2025؛ إذ تبحث المنطقة بصورة مستمرة عن حلول مبتكرة لإدارة موارد الطاقة بشكلٍ أفضل.
وتبرز أبوظبي بوصفها نموذجاً يُحتذى به في مجال الابتكار، فهي تطبّق نظام التقييم بدرجات اللؤلؤ الذي وضعه برنامج «استدامة» الرائد في هذا المجال ومنهجيتها في تصميم المباني، اللذين يشكلان جزءاً محورياً من رؤية أبوظبي الاقتصادية 2030، وتندرج ضمن أفضل 10 مدن ذكية في مؤشر المدن الذكية لعام 2024، وهي المدينة الوحيدة المدرجة في القائمة من الشرق الأوسط.
وبدورها تحرص دبي، على أن تواكب أجندتها أحدث التطورات، وهو ما يتجلى في ممشى دبي، المبادرة الطموحة الرامية إلى تحويل الإمارة إلى وجهة فريدة للتنزه، من خلال شبكة متكاملة من الممرات الهادفة إلى زيادة حركة المشاة إلى 25% بحلول عام 2040.
ويسلط مؤتمر المدن المستدامة الضوء على مدينة «مصدر»، بالإضافة إلى المشاريع الرائدة في قطاع الطاقة النظيفة، ومنها محطة نور أبوظبي، ومحطة براكة للطاقة النووية.
وقالت لين السباعي، المديرة العامة لشركة «آر إكس الشرق الأوسط»، ورئيسة القمة العالمية لطاقة المستقبل، إن مؤتمر المدن المستدامة يركز على استعراض أوجه التقدم المُحرز، بالتوازي مع تعزيز الابتكار وإرساء الشراكات اللازمة لإنشاء بيئات حضرية مصممة لمواجهة تحديات المستقبل، كما سيُجرى بحث مفصل يتناول الازدياد المستمر في استخدام التقنيات الذكية، سواء على الصعيد الإقليمي أو العالمي، في مجالات مثل رفع كفاءة استهلاك الطاقة، وإدارة النفايات على نحوٍ فعال، ووضع التصاميم المقاوِمة لتغيرات المناخ.
ويجمع المؤتمر قادة الحكومات، وخبراء تخطيط المدن، والمبتكرين في مجال التكنولوجيا، وخبراء الاستدامة، ورواد التنقل، والمبتكرين في القطاع الخاص لمناقشة سبل تحويل المدن من خلال الممارسات والتقنيات الذكية والمستدامة، وبحث دور الشراكات بين القطاعين العام والخاص في تحقيق هذه الأهداف.