عززت دولة الإمارات موقعها مركزاً لتبادل الخبرات وتعزيز التعاون الدولي الإعلامي، لمواكبة المتغيرات ومواجهة التحديات التي يشهدها القطاع واستشراف فرص تطويره في المستقبل. وتشهد الإمارات غداً الثلاثاء، انطلاق فعاليات الدورة الثانية من الكونغرس العالمي للإعلام، التي تقام برعاية كريمة من سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، بمشاركة 172 دولة.

ويكرس الحدث ريادة دولة الإمارات وحضورها المؤثر في المشهد الإعلامي الإقليمي والدولي، حيث تشهد الدورة الحالية مشاركة دولية وحضوراً عالمياً كبيراً من القادة ورواد الفكر، والخبراء والمختصين بقطاع الإعلام من مختلف دول العالم. ويسلط الكونغرس العالمي للإعلام، الذي تنظمه مجموعة أدنيك بالتعاون مع وكالة أنباء الإمارات «وام» الضوء على الدور المحوري للإعلام البيئي في الاستدامة ودعم قضايا المناخ، كما سيركز على التثقيف الإعلامي وبشكل خاص على مشاركة الشباب، حيث سيستقبل الطلاب من 100 جامعة بهدف إعدادهم ليساهموا في تشكيل المشهد الإعلامي. ويشهد الكونغرس إقامة فعالية مخصصة لكبار المشترين في القطاع، وعقد مؤتمر متخصص يستقطب ما يزيد على 77 متحدثاً يمثلون أقطاب صناعة الإعلام من 18 دولة تحت شعار «استشراف مستقبل قطاع الإعلام»، يتضمن 36 جلسة رئيسية، إضافة إلى إقامة 5 فعاليات مصاحبة يقام بعضها للمرة الأولى ومن أبرزها منصة الابتكار والشركات الناشئة. وتحولت الإمارات، خلال السنوات الماضية، إلى مصدر مستدام لإطلاق المبادرات الطموحة والحلول للتحديات التي تواجه قطاع صناعة الإعلام حول العالم وتعزيز قدرته على إنتاج ونشر محتوى إعلامي مؤثر. وساهمت فعاليات دولية مثل منتدى الإعلام العربي في دبي، وقمة أبوظبي للإعلام، والمنتدى الدولي للاتصال الحكومي في الشارقة، في إبراز الدور المؤثر الذي تلعبه الإمارات في استشراف مستقبل الإعلام بكافة أشكاله.

بدوره، نجح برنامج «القيادات الإعلامية العربية الشابة» الذي ينظمه مركز الشباب العربي في الدولة على مدار دوراته السابقة، في تأهيل وتمكين مئات الشباب والشابات من جميع الدول العربية، الذين يعمل غالبيتهم اليوم ضمن منظومة المؤسسات الإعلامية المرئية والمكتوبة والمسموعة، ومنصات الإعلام الرقمي في دولة الإمارات ومختلف الدول العربية والعالم. وبات البرنامج عنواناً لاهتمام المؤسسات الإعلامية الراغبة في استقطاب المواهب المتميزة، بالإضافة إلى نجاحه بدعم إطلاق عدد من المشروعات الشبابية الريادية في مجال صناعة المحتوى الهادف. وفي يونيو الماضي احتفلت أكاديمية الإعلام الجديد، أول أكاديمية في مجال الإعلام الرقمي في منطقة الشرق الأوسط، بمرور 3 سنوات على إطلاقها من قبل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، في 15 يونيو 2020. واستقطبت برامج وورش الأكاديمية أكثر من 60 ألف منتسب استفادوا من 3.2 مليون دقيقة تعليمية، فيما حصدت المواد الإبداعية الخاصة بصناع المحتوى الحصريين، بالإضافة إلى المحتوى الخاص بالأكاديمية، أكثر من 1.701 مليار مشاهدة.

وفي سياق مبادرات الدولة، يبرز دور وكالة أنباء الإمارات «وام» التي تسعى باستمرار إلى الإسهام الإيجابي في المشهد الإعلامي العالمي، عبر إبرام اتفاقيات تعاون إخباري وشراكات استراتيجية مع العديد من الوكالات الإخبارية والمؤسسات الصحفية والإذاعية والتلفزيونية والرقمية في مختلف قارات العالم، حتى بلغ عددها أكثر من 120 اتفاقية تعاون دولي في المجال الإخباري والإعلامي، ما انعكس إيجاباً على إيصال أخبار وتقارير شتى القطاعات بالدولة إلى مختلف الشرائح والأفراد في الكثير من الدول الشقيقة والصديقة وبلغات «وام» العالمية الـ 19. ونظمت «وام» في سبتمبر الماضي وبالتعاون مع المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، «ملتقى الإعلام العالمي» الذي جاء ضمن الفعاليات الاستباقية التي عقدها «المنتدى الدولي للاتصال الحكومي» في دورته الـ12. وناقش الملتقى على مدار يومين «دور الإعلام في إبراز قضايا الاستدامة»، بمشاركة نخبة من كوكبة من المسؤولين والخبراء الذين سلطوا الضوء على واقع الإعلام في العصر الحالي ومتطلبات إعلام المستقبل وأهمية استثمار الإعلام كمنصة داعمة للجهود والخطط التنموية في مختلف القطاعات. من جهتها، تواصل المدن الإعلامية في الإمارات استقطاب أصحاب المشروعات الإعلامية الدولية والإقليمية إضافة إلى المحلية، وتشجيعها على تأسيس مقرات لها في الدولة، والإسهام في تقديم الابتكارات الفنية والخبرات في أشكال متنوعة من المحتوى المرئي، والمسموع، والمطبوع، والرقمي. وتضم الدولة عدة مناطق إعلامية حرة توفر مزايا تشجيعية للمستثمرين في مجال الإعلام، منها الملكية الكاملة بنسبة 100 في المائة، وبيئة خالية من الضرائب، وسهولة خدمات التسجيل والتأسيس، وقد باتت تلك المناطق مقراً رئيسياً لشبكات ومؤسسات إعلامية عالمية مرموقة بفضل ما تزخر به من خدمات ومرافق إنتاج عالية المستوى.

أخبار ذات صلة "الأرصاد": تأثر الدولة بامتداد منخفض جوي نائب رئيس "دايكن" اليابانية: الإمارات توحد الجهود العالمية في العمل المناخي المصدر: وام

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الكونغرس العالمي للإعلام الإمارات نائب رئیس

إقرأ أيضاً:

عن تجربة الطاهر التوم الإعلامية

شهدت لقاء الطاهر التوم المنشور قبل أيام، ولم أزدد إلا يقيناً وشواهداً بأن الرجل كان له الفضل في إحداث نقلة نوعية في الإعلام السوداني لم يحدثها شخص مثله، والخلاف السياسي مع مواقف الرجل لا يستطيع إلغاء هذه الدعوى ولا التأثير عليها! وأنا هنا لا أتكلم عن القدرة البيانية والبلاغة الخطابية للطاهر التوم “كإعلامي ومقدمي البرامج الحوارية”، وإنما اتحدث عن الطاهر التوم “كمدير إعلامي” و/أو “عقل إعلامي”.

أحسب أنني كنت من أكثر المتابعين للقاءات الطاهر التوم منذ العام 2014 وبرامج الطاهر على قناة النيل الأزرق قبل انتقاله إلى سودانية 24. وأعتقد أن لقاء الطاهر الأخير هو توثيق وتأريخ لتجربته الطويلة والواسعة في الإعلام السوداني. فالطاهر التوم هو أهم من وثق إعلامياً لحياة وتجارب أبرز رموز السياسة والفكر والفن والأدب السوداني (من كل الأطياف) في العشرين سنة الماضية. وبرنامجه الذي كان يحمل اسم “مراجعات” في قناة النيل الأزرق والذي استمر لأعوام أكبر شاهد على هذا الأمر، بل أعتقد أن برنامج مراجعات والذي تحول لاحقاً ل “صالون سودانية 24” أفضل بمراحل من برنامج أسماء في حياتنا لعمر الجزلي. بل فتح الطاهر المجال والابواب لمهارات واعدة مثل غسان علي عثمان ولعبة قناة سودانية 24 دوراً مركزياً في توفير منصة متميزة لغسان عبر برنامج “الوراق” الذي استمر لقرابة السبعة أعوام من التوثيق الفكري والثقافي لأهم الأدبيات والكتابات في التاريخ السوداني بكل جوانبه. وأحسب أن المتابع لقضايا الفكر والسياسية السوداني لابد أن يكون للطاهر التوم لهذا التوثيق الواسع عبر برنامج “مراجعات” و “صالون سودانية 24” ولتوفير منصة لبرامج جادة أخرى مثل “الوراق.
أعتقد أن هنالك ميزتان في الطاهر جعلته ينال هذا الحظ والمكانة في تاريخ الإعلام والنشر السوداني، أولها قدرته على الفعل وعلى تحويل الأفكار إلى واقع. ففكرة التوثيق إعلامياً لتجارب رموز الفكر والسياسة هي فكرة معروفة ومنتشرة في كل العالم، لكن الطاهر كان هو الإعلامي الذي حول هذه الفكرة لإنجاز حقيقي. الصفة الثاني، والتي لا تقل أهمية عن الأولي، الاستعداد النفسي لسماع الآخر (السياسي والفكري) ومجادلته وتوفير منصة أو فرصة لعرض أفكاره للناس والجمهور، وهذه والله صفة عزيزة جداً في الواقع السوداني المليء بضعاف النفوس الذين لا يستطيعون أن يستمعوا إلا لأصواتهم أو أصوات من يتفقون معهم فكراً، وديل والله كثر جداً في واقع الفكر والسياسة في السودان!

من زاوية تانية، ‍الطاهر التوم هو أول من ابتدر فكرة مناقشة الأحداث السياسية والاجتماعية الكبرى التي كانت تشغل الرأي العام بصورة راتبة وفيها درجة جيدة من تمثيل كل وجهات النظر (مع أنه في بعض المرات كان يقوم باختيار ضيوف ضعيفين في تمثيل وجهة النظر التي لا يتفق معها) في صورة حوار جادي. وكان يقوم بذلك بصورة أسبوعية في قناة النيل الأزرق، ثم طور البرنامج بشكل موسع وأكثر احترافية وجدية وبصورة شبه يومية في برنامج “حال البلد” في سودانية 24. ويمكن للمرء أن يقارن درجة حيادية الطاهر التوم (في زمن ديكتاتوري) وكيف وقدرته على استضافة متحدثين من كل الاتجاهات المعارضة ومسألته الجريئة للحكومة التنفيذية في عهد الإنقاذ، بحيادية تلفزيون السودان في الفترة الانتقالية تحت سلطة “قحت” ولقمان الذي كان مسؤولاً عن قناة السودان، والذي كان لا يستضيف إلا أعضاء الحكومة أو قوى الحرية والتغيير في مناقشة القضايا الخلافية! في هذا السياق أيضاً، فالطاهر التوم كان من أوائل الإعلاميين السودانيين الذين حرصوا على الرد بصورة مباشرة على تجاوزات الإعلام الخارجي (المصري/الخليجي) عندما يتم السخرية من السودان و/أو السودانيين.

من زاوية ثالثة، فسلسلة لقاءات “المنتدى الاقتصادي” التي كانت تنظمها قناة سودانية 24 والتي استمرت تقريباً لعامين من 2017-2018 وعقدت أحد عشر لقاءً، وكان الطاهر التوم مقدما لبعض هذه اللقاءات، تعتبر من أفضل الأمثلة على المنتديات القومية الدورية التي كانت تناقش الأحداث الاقتصادية الكبري التي تهم مستقبل الاقتصاد السوداني مع توفير منصة للمتخصصين من “مختلف الاتجاهات” لعرض بضاعتهم وأفكارهم. وبالإضافة إلى الاستمرارية والضيوف المهمين أصحاب الثقل الرمزي والفكري، فمن أهم المميزات في سلسلة اللقاءات دي أنها جمعت بين مناقشة القضايا المستقبلية والمهمة من جهة، والقضايا الاقتصادية الراهنة والساخنة من جهة أخرى، ولم تكن مشغولة كلياً بتناول قضايا اقتصادية ذات طابع واستقطاب سياسي ساخن كل الوقت حتى تجذب المشاهدين وتزيد عدد المشاهدات، لذلك فقد كانت هذه اللقاءات من أميز المشاريع الاستراتيجية المستقبلية. تجربة المنتدى الاقتصادي لم تستمر بعد التغييرات التي طرأت في سودانية 24 بعد الثورة، ولم تستطيع أي جهة أخرى منذ العام 2018 إطلاق تجربة مشابهة لها في الإعلام السوداني.

أيضاً، من أهم المساهمات المركزية للطاهر التوم والتي تعرفت عليها من غسان علي عثمان ومن لقائه الأخير هو تجربته الرائدة في تأسيس “هيئة الخرطوم للثقافة والنشر” التي أضافت للمكتبة السودانية كتب مركزية من أهمها كتب البروف العمدة عبد الله علي إبراهيم، ومشروع نشر 1000 كتاب في الثقافة السودانية. أخيراً، النقلة النوعية التي أضفتها قناة سودانية 24 في الإعلام السوداني (من ناحية جودة التصوير) ونوعية البرامج والتفاعل عبر المنصات المختلفة كان للطاهر التوم فيها مساهمة كبيرة إن لم تكن مساهمته هي الأهم.

أخيراً، فالمشكلة الأولي في الطاهر كانت في طبيعة التحالفات والاصطفاف التي قرر الوقوف معها في الأوقات المصيرية من حراك ديسمبر، مع أنه حاول في اللقاء الأخير تبرير تلك المواقف بالتوسل ب”الحكمة بالأثر الرجعي” وأنه ما نراه اليوم من الواقع كان قد تلمسه منذ ذلك الوقت، وبناء عليه قام بذلك الاصطفاف وتلك المواقف. أما المشكلة الثانية والأهم، أن الطاهر التوم بعد ثورة ديسمبر ترك كل ذلك الإرث الواسع والمساهمات الإعلامية غير المسبوقة، ووقع في شرك “الإعلام السياسي” المشغول بالخصومة السياسية والانتصار على الخصم السياسي، فانتقل الطاهر من موقع “الإعلامي” إلى موقع “السياسي”، وإن توسل في فعله السياسي بالإعلام وأدوات الإعلام. وبذلك يكون خصومه قد نجحوا في اخراجه من دائرة تميزه وجره إلى “دافوري السياسة السودانية”!

أتمنى مثل غيري ممكن استفادوا من تجربة الطاهر الرائد، أن يقوم الطاهر بتعديل هذا المسار المهني الجديدة، والعودة ولو جزئياً أو تدريجياً إلى الطاهر “الإعلامي” صاحب المبادرات التوثيقية والبرامج الاستشرافية الفذة.

خالد عثمان الفيل

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • 2.5 تريليون درهم قيمة سوق العقارات في الإمارات
  • «الإمارات للهجن».. ريادة في نقل الأجنّة وتطوير السلالات
  • «الأعلى للإعلام» يستدعي الممثل القانوني لقناة المحور
  • الإمارات واليابان تستعرضان آفاق التعاون في ريادة الأعمال والابتكار
  • عن تجربة الطاهر التوم الإعلامية
  • المزروعي: الإمارات وجهة مثالية لتأسيس المشاريع المبتكرة
  • أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة “حفظه الله”، عن تمديد مبادرة “عام الاستدامة” لتشمل عام 2024
  • المؤتمر الإعلامي الثاني للتصلب المتعدد: تعزيز التوعية وتكامل الجهود
  • الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا
  • «ريتش» يشجّع ريادة الأعمال لدى الشباب