يعيش مئات الآلاف من اللاجئين في جنوب غزة، في خضم أزمة إنسانية تتفاقم كل ساعة وتدفع كل شبكة أمان ممكنة إلى حافة الهاوية.

يعيش ما يصل إلى 70 شخصاً في فصل دراسي واحد بمدارس الأونروا

وأشارت شبكة "بي بي سي" البريطانية، إلى أوضاعهم بالقول: "يغتسلون في مياه البحر الملوثة، وينامون في خيام مكتظة، ويأكلون القليل من الخبز الذي يمكنهم العثور عليه، أو في بعض الأيام لا شيء على الإطلاق".

In Gaza, fleeing refugees face hunger and disease: 'We are in the Dark Ages’ https://t.co/8IUinP82Ww

— BBC News (World) (@BBCWorld) November 12, 2023 أوضاع مأساوية

ويأتي اللاجئون من شمال غزة هرباً من حملة القصف الإسرائيلية، ويتدفقون على طريق صلاح الدين، الذي يربط الشمال بالجنوب، سيراً على الأقدام بعضهم يحمل القليل من الممتلكات، ولكن معظمهم لا يحمل سوى أطفالهم والملابس التي يرتدونها.

وتوقف عشرات الآلاف في دير البلح، وهي مدينة تقع في وسط قطاع غزة وتقع في المنطقة الآمنة المفترضة، والتي تعرضت لأزمة بسبب تدفق اللاجئين. ويتكدس اللاجئون في دير البلح في مباني المدارس التي أعيد توظيفها على عجل لتصبح ملاجئ للأمم المتحدة، ويعيش ما يصل إلى 70 شخصاً في فصل دراسي واحد، وتحيط بهم فضلات الطعام كما أنه يعج بالذباب.

وقال حسن أبو راشد، وهو حداد يبلغ من العمر 29 عاماً فر مع أسرته من جباليا في مدينة غزة: "إذا أردت أن تتحدث عن الفضاء، فنحن ننام على جانبنا، لأنه لا توجد مساحة كافية للاستلقاء على ظهورنا".

وأضاف "إذا كنت تريد التحدث عن الطعام، نأمل أن نجد بضع شرائح من الخبز يومياً لتناولها. وإذا كنت تريد التحدث عن الصحة، فإن نظام الصرف الصحي في المدرسة معطل. وإذا كنت تريد التحدث عن الأمراض، فهناك جدري الماء والجرب والقمل. إذا كنت تريد التحدث عن حالتنا، فنحن يائسون."

وعند بوابة إحدى المدارس في دير البلح، كان خالد فلفل، وهو أب يبلغ من العمر 42 عاماً، وحيداً ومتوتراً بسبب حاجة محددة للغاية. وقال: "ابنتي البالغة من العمر 21 عاماً معاقة ولا أستطيع الحصول على أي حفاضات لها". علاوة على ذلك، قال إنهما لم يتمكنا من العثور على مياه الشرب أو الطعام حتى الآن في ذلك اليوم.

كتل بشرية

وفي تصريحات للشبكة، قال مدير الوكالة في غزة توماس وايت إنه: "قبل بداية هذه الحرب، كانت وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة (أونرا)، لديها خطط طوارئ لإيواء 1500 نازح في كل مدرسة. ويبلغ متوسط عدد النازحين في المدارس التي تحولت إلى مأوى الآن 6 آلاف شخص - أي ما مجموعه 670 ألف شخص في 94 مأوى في الجنوب.

وأضاف "لقد غمرتنا الأعداد، هناك أناس في كل مكان. والصرف الصحي مرهق، حيث يبلغ متوسط عدد الأشخاص في كل مرحاض حوالي 125 شخصاً، وحوالي 700 شخص في وحدة الاستحمام. يمكنك أن تشعر بالرطوبة لدى الكثير من الأشخاص المحشورين في هذه المدارس، ويمكنك أن تشم رائحة كتلة البشرية".

وللهروب من ازدحام الفصول الدراسية وساحات المدرسة في دير البلح، يقوم بعض سكانها الجدد بنزهة قصيرة إلى شاطئ البحر وقضاء ساعات النهار هناك.

الصحة العالمية: مستشفيات #غزة تحولت إلى مكان للموت https://t.co/Hd8DrB1GPK

— 24.ae (@20fourMedia) November 12, 2023 عصور مظلمة

وكانت عائلة شابة تغسل نفسها وملابسها في البحر، في محاولة لتجنب القمامة العائمة على الماء والمتناثرة على الرمال. وعندما انتهوا، علقوا ملابسهم تحت الشمس. وكانوا في دير البلح لمدة 3 أسابيع.

وقال الأب محمود المتوج (30 عاماً): "يمكنك القول إننا عدنا إلى العصور المظلمة. نحن نستخدم البحر في كل شيء. أن نغتسل، ونغسل ملابسنا، وننظف أدوات مطبخنا، والآن نشرب عندما لا نجد مياهاً نظيفة. نأكل وجبة واحدة فقط كل يوم، ونتوسل إلى الصيادين أن يعطونا سمكة أو سمكتين من أجل الأطفال".

وأضاف محمود، وهو عامل مزرعة من جباليا، أن عائلته فرت من القصف. كان يجلس بجوار طفليه، صبي وفتاة يبلغان من العمر 4 سنوات وسنتين، وزوجته دعاء، مشيراً إلى أن أسرته أمضت اليوم كله على الشاطئ، وذلك جزئياً لانتظار أن تجف ملابسهم، ولكن في الغالب كان لتجنب العودة إلى الخيمة الساخنة في أرض المدرسة التي أصبحت منزلهم المؤقت مع 50 شخصاً آخرين.

مذبحة بحق الشعب

وكان خليل الدقران، طبيب الطوارئ البالغ من العمر 55 عاماً والذي عمل في مستشفى الأقصى لمدة 20 عاماً، يتحدث عبر الهاتف مع شبكة "بي بي سي" عندما بدأ وصول جرحى الغارة على طريق صلاح الدين. وصرخ في وسط أصوات الفوضى في الخلفية: "إنهم قادمون الآن، مئات الجرحى، العشرات مصابون في الرأس والأطراف. هذه مذبحة لشعبنا".

واعتذر الدقران وأغلق الخط. وفي وقت لاحق، عندما هدأت الفوضى عاود الاتصال، وبدا محطماً. وقال: "هذه أصعب حرب رأيتها خلال الـ 20 عاماً من عمري. كل يوم يصل الجرحى والقتلى بالعشرات أو المئات. ويأتي أطفال بأطراف مبتورة، علوية وسفلية، مصابون بجروح خطيرة في الرأس".

ومثل المستشفيات الأخرى في جميع أنحاء غزة، كان مستشفى الأقصى يعاني من نقص في كل ما يحتاجه تقريباً للعمل. وأضاف الدقران "نحن نصنع الأسرة من المنصات الخشبية، ونفتقد ما يقرب من 90% من الأدوية، لقد نفد كل شيء من صواني غرفة العمليات إلى أجهزة تثبيت الكسور، وفي وحدة العناية المركزة سنفقد المرضى قريباً لأننا ببساطة لم يعد بإمكاننا إبقائهم على قيد الحياة".

ملاجئ متداعية

ومع اشتداد الهجمات الجوية والبرية التي تشنها إسرائيل على شمال غزة، يستمر الناس في التدفق عبر طريق صلاح الدين إلى دير البلح وجميع مدن وسط وجنوب غزة.

ولكن في العديد من الملاجئ المدرسية، لم يعد هناك مكان. ولذلك يقوم اللاجئون ببناء ملاجئ متداعية على جوانب المباني، حريصين على أن تكون قريبة قدر الإمكان من علم الأمم المتحدة على أمل الحماية من غارة جوية، ولكن مفتوحة أمام العناصر مع تدهور الطقس.

وقال مدير الأونروا في غزة، توماس وايت: "يعيش الناس بشكل متزايد في العراء". وأضاف "في الوقت الحالي يكون الجو دافئاً بشكل ملحوظ في شهر نوفمبر(تشرين الثاني)، ولكن بحلول يوم الأربعاء المقبل نتوقع حلول الطقس البارد، سوف يتعرض الناس للخطر بشكل كبير".

ومن جهتها، قالت المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي، علياء زكي للشبكة: " نفدت كل الإمدادات الأساسية في كل متجر يقدم الغذاء لسكان غزة بموجب برنامج مساعدات برنامج الأغذية العالمي".

وأضافت أن "المخابز لا يتوفر لديها غاز لصنع الخبز، وهناك موجة محتملة من سوء التغذية في دير البلح وفي جميع أنحاء غزة"، وتابعت "الناس لا يأكلون ما يكفي ليكونوا أصحاء، وبالتالي تضعف أجهزتهم المناعية. إنهم يصطفون لمدة 5 أو 6 ساعات للحصول على الخبز ويعودون خالي الوفاض".

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل فی دیر البلح من العمر

إقرأ أيضاً:

أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون معضلة اللغة

شمال سوريا ـ يعتزم اللاجئ السوري المقيم جنوبي تركيا حسان الحلبي تسجيل ابنه البالغ من العمر 11 عاما في دورة لتعليم اللغة العربية لدى أحد المدرسين في مدينة غازي عنتاب، بهدف تحضيره لاستكمال تعليمه في سوريا، بعد أن قررت الأسرة العودة إلى ديارها عقب انتهاء العام الدراسي.

ويقول الحلبي إن ابنه بالكاد يستطيع معرفة أحرف اللغة العربية، مع عدم القدرة على القراءة والكتابة بها، كونه بدأ دراسته في تركيا ضمن المدارس الحكومية هناك، وبات يتقن اللغة التركية بعد وصوله إلى الصف الخامس.

ويؤكد الحلبي -في حديث للجزيرة نت- أن مشكلة متابعة ابنه تحصيله الدراسي في وطنه الأم سوريا تشكل له تحديًا كبيرًا، ولديه مخاوف من أن يفشل ابنه في التعليم بالمدارس السورية، وهو المتفوق في صفه والمحبوب من مدرسيه ورفاقه الأتراك.

ويشير الحلبي إلى ضرورة أن يتقن الطلاب العائدون العربية من خلال دورات مكثفة قد يقومون بها في بلد اللجوء أو سوريا لدى عودتهم، داعيًا وزارة التربية في حكومة تصريف الأعمال السورية للنظر إلى الأمر على محمل الجد ومحاولة تقديم المساعدة للطلاب العائدين.

اندماج أطفال اللاجئين السوريين في المدارس التركية أفقدهم لغتهم العربية (الجزيرة) معضلة كبيرة

ويواجه اللاجئون السوريون العائدون من تركيا وآخرون يعتزمون العودة معضلة كبيرة تتجلى في فقدان أولادهم اللغة العربية الأم، نتيجة دراستهم خلال سنوات باللغة التركية بالمدارس الحكومية في تركيا.

إعلان

ووفق إحصائيات رسمية لوزارة التعليم التركية، فإن هناك حوالي مليون و30 ألف طالب سوري في سن الدراسة منتظمون في المدارس التركية، مع توقعات بعودة العديد من الأسر السورية إلى ديارها مع انتهاء العام الدراسي وحلول فصل الصيف.

ويعزو أغلب السوريين عدم تعلم أبنائهم للغة العربية إلى فقدانهم الأمل بالعودة إلى سوريا بعد مرور أكثر من عقد على وجودهم في بلدان اللجوء، بالتزامن مع رغبتهم بأن يندمج أطفالهم في المجتمعات المضيفة.

غالية رحال لاجئة سورية تقيم جنوب تركيا تشير إلى أن ابنها يستطيع قراءة اللغة العربية بصعوبة شديدة، رغم أنها دأبت على إرساله إلى دورات تحفيظ القرآن الكريم في الجامع القريب من منزلهم خلال فصول الصيف السابقة.

وتعرب رحال للجزيرة نت عن مخاوفها بشأن مستقبل ابنها الدراسي، بعد عودتهم إلى مدينتهم في ريف إدلب، لافتة إلى أنها ستقوم بتحضيره عبر دورات باللغة العربية، كي يستطيع الدخول إلى المدارس السورية.

وتشير اللاجئة السورية إلى إمكانية أن يستكمل الطلاب العائدون من تركيا تعليمهم باللغة التركية عبر مدارس خاصة معترف بها من قبل وزارة التعليم السورية، كحل مقترح لهذه المشكلة التي سوف تواجه مئات الآلاف من الأسر العائدة في المستقبل.

لاجئون سوريون متخوفون من صعوبة استكمال أطفالهم التعليم لدى عودتهم إلى ديارهم (الفرنسية) صعوبة الاندماج

أما اللاجئ السوري محمود ديبة العائد إلى مدينة حلب حديثًا فقد اشتكى من أن ابنته التي كانت تدرس في الصف الخامس بتركيا غير قادرة على الاندماج في صفها، مشيرًا إلى أنه يعتزم إلحاقها بدورة كي تتعلم العربية.

ويقول للجزيرة نت إن التحول في موضوع اللغة والتعليم شكّل صدمة لابنته وهي غير قادرة على استيعاب ما يحدث لها خصوصًا لدى الكتابة والقراءة، مرجحًا أن يقوم بإيقاف تعليمها الحكومي ريثما تتمكن من العربية بشكل مقبول يجعلها تستطيع الاستمرار.

إعلان

ويعرب ديبة عن ندمه لعدم تدريسه ابنته للعربية خلال السنوات العشر التي أقام بها في تركيا، لاعتقاده بأن العودة كانت شبه مستحيلة وليست في الحسبان مع وجود النظام السابق.

صفوف خاصة للعائدين

ويتحمل المسؤولية والحجم الأكبر لهذه المشكلة الأهل، وفق مدرس اللغة العربية عبد الرحيم محمد، موضحًا أن هناك بعض الأسر اللاجئة في تركيا رسخت لدى أطفالها الانتماء للوطن من خلال تعليم العربية ودفعهم إلى الاطلاع على تاريخ الوطن الأم سوريا وثقافته.

ويقول محمد- في حديث للجزيرة نت- إن مشكلة اللغة تحتاج إلى حلول حكومية ومن غير الممكن حلها من قبل الأهالي عبر جهود فردية، داعيا إلى إدماج الأطفال العائدين في تركيا في صفوف دراسية خاصة لا يجدون فيها تفاوتا ويكون الجميع في مستوى واحد.

ورأى محمد أن وضع الطلاب في هذه الصفوف هي خطوة أولى يمكن أن تستمر عاما أو أكثر، قبل نقلهم إلى الصفوف الدراسية مع الطلاب السوريين المتقنين للغة العربية منذ نعومة أظفارهم.

وعن فكرة استمرارية تعليم الأطفال السوريين القادمين من تركيا باللغة التركية، رأى محمد أنها فكرة "مصيبة" إذا كان الطلاب سوف يستكملون تعليمهم في الجامعات التركية، مؤكدًا أن أغلب العائدين يرغبون بتعلم أبنائهم العربية ومتابعة تحصيلهم العلمي العالي في سوريا.

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة: الأسر اليمنية تعاني الجوع وظروف إنسانية قاسية
  • أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون معضلة اللغة
  • عبدالمنعم سعيد: يجب أن نضع في ذهننا أن ترامب عمره 78 عاما
  • بلجيكا تطالب هولندا وإسبانيا تسليم مشتبه بهما في هجوم بروكسل 2023
  • حول العالم.. إلقاء طفلة رضيعة ومقتل العشرات بالتدافع وسوري يقتل أخته!
  • إسماعيل عبد المعين (3-10) الجوع والمسغبة والصولفيج..!
  • معتقلون يمنيون في سجون الأسد: الحقيقة المفقودة خلف الجدران المظلمة
  • دير البلح.. المدينة الهادئة التي استقبلت مليون نازح تعود لـالنوم باكرا
  • المسيحيون في غزة.. هل يواجهون خطر الانقراض؟ قراءة في كتاب
  • لاعب يبلغ من العمر 62 عاماً ولا ينوي الاعتزال