القاهرة – “رأي اليوم” – محمود القيعي: أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، أمس الخميس، استعداد أديس أبابا لاستئناف مفاوضات سد النهضة مع مصر والسودان، موضحا خلال الدورة العادية الثامنة والعشرين لمجلس النواب الإثيوبي، أن الملء الرابع لسد النهضة سيمتد حتى سبتمبر المقبل كي لا يتم إلحاق الضرر بدولتي المصب مصر والسودان.
تصريحات آبي أحمد أعادت الحديث من جديد عن السد الإثيوبي، وسط يأس قوم، وطموح آخرين. السفير الدكتور عبد الله الأشعل يقول إن تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي تشبه تصريحات المسؤولين الاسرائيليين، مشيرا إلى أنه يريد مفاوضات من أجل المفاوضات، لكسب الوقت من أجل البدء في مشروعهم الإجرامى لإبادة المصريين. وطالب الأشعل الحكومة المصرية بتسليمه ملف السد الإثيوبي، حتى يبدأ في إجراءات يراها لازمة لحماية حقوق مصر للبقاء على قيد الحياة. وأضاف الأشعل لـ “رأي اليوم” أن ما يحدث أكبر مؤامرة ،مؤكدا أن الأيدي الإسرائيلية الغادرة تقف وراءها. واختتم الأشعل مؤكدا أن مصر لا تزال تملك الكثير من أوراق القوة التي يمكن أن تجعل عاليها سافلها. من جهته وصف عباس شراقي- أستاذ الموارد المائية والجيولوجيا بجامعة القاهرة – التفريغ المائى بأنه غير مسبوق من سد تاكيزى على نهر عطبرة. وأضاف أن هناك حالة من الارتباك فى تشغيل السدود الاثيوبية، وبالتبعية فى السدود السودانية، حيث ازداد التفريغ المائى من سد تاكيزى على نهر عطبرة (على الحدود بين إقليمى التيجراى والأمهرة) مع بداية موسم الأمطار فى إثيوبيا بطريقة غير مسبوقة بنافورة مائية تمتد أكثر من 800 م، ويرجع ذلك إلى عدم استخدام المياه بانتظام على مدار العام فى توليد الكهرباء، نتيجة الحرب الداخلية بين الحكومة الفيدرالية وإقليم التيجراى لمدة عامين نوفمبر 2020 – نوفمبر 2022، وتدمير الجيش الفيدرالى لمحطة الكهرباء أثناء الحرب. سد تاكيزى أنشئ فى نوفمبر 2009 بسعة 9 مليار م3. وأضاف في منشور له بحسابه على الفيسبوك أن التفريغ الكبير من سد تاكيزى يرفع منسوب المياه فى نهر عطبرة ويهدد السكان مما دفع السودان إلى فتح بوابات سدى أعالى عطبرة-ستيت وخشم القربة لصغر حجم التخزين فيهما 3.5 ، 0.5 مليار م3، على الترتيب، وفى نفس الوقت مازالت البوابة الشرقية للتصريف فى سد النهضة مفتوحة منذ 8 يناير الماضى مع زيادة المنصرف منها قليلا الأسبوع الماضى بمعدل حوالى 30 مليون م3/يوم، ومن ثم التفريغ من السدود السودانية الروصيرص وسنار ومروى. وخلص إلى أن التفريغ فى السدود الاثيوبية أو السودانية يتم سنويا بدءا من ابريل حتى يونيو استعدادا لموسم الأمطار (يوليو – أغسطس – سبتمبر)، لافتا إلى أن الأمور اختلفت فى السنوات الأخيرة نظراً لاتخاذ إثيوبيا قرارات أحادية فى مراحل التخزين والتشغيل فى سد النهضة من حيث الكمية مما أدى إلى التخبط فى تشغيل السدود السودانية، وكذلك مزيد من الحرص فى مصر فى تشغيل السد العالى، وعند التخطيط للسياسة الزراعية لعام 2023/2024 واتخاذ اجراءات مثل تحديد مساحة الأرز، والتوسع فى إنشاء محطات معالجة مياه الصرف الزراعى لإعادة استخدامها، وتطوير الزراعة والرى وغيره. وقال شراقي إن المياه المفرغة تصل إلى السد العالى وهى أول إيراد هذا العام، وسوف تعوضها السودان فى نهاية الموسم، أما إثيوبيا تعوض الـ 4 مليار م3 التى تم تفريغها من سد النهضة خلال الستة أشهر الماضية هذه الأيام حتى منتصف يوليو وحينئذ يبدأ التخزين الرابع. في ذات السياق لفت محمد نصر علام وزير الري المصري الأسبق الانتباه إلى قضية بيع كهرباء السد الاثيوبي مشيرا إلى أن هذا الأمر قد يكون البعض في مصر لا يعلمونه بالشكل الكافي، ولكن في أثيوبيا وفي الغرب والبنك الدولي يعلمونه جيدا ويعملون حسابه ويؤجلون اثارته لآخر لحظة ممكنة بهدف عدم السماح لمصر بتحقيق اى مكاسب تفاوضية. وأضاف علام أن هناك سعيا لإنتاج السد الأثيوبي الطاقة “الكهرباء” و بيع معظمه للخارج، لتحقيق اعلى عائد اقتصادي ممكن او على الاقل سداد فوائد قروض السد وكذلك تأمين تكاليف تشغيله وصيانته. وقال إن ما تشيعه اثيوبيا عن “كمية” انتاج الكهرباء لهذا السد كذب، مشيرا إلى أنه قد تم تقليل عدد توربينات السد رسميا منذ حوالي عام كامل، والعديد من التوربينات التي اعلنوا عنها لم يتم تركيبها حتى الأن. وكهرباء هذا السد قد لاتزيد الا قليلا جدا عن كهرباء السد العالي. وقال إن بيع كهرباء السد للداخل (لمواطني أثيوبيا) سيتم دعمه بحوالي 40٪- 50٪، اى أن البيع بالخسارة (كما هو الحال في معظم الدول النامية). والبيع للخارج لا يوجد الا خلال منفذين هما السودان ومصر. وأضاف أن نقل الكهرباء لجنوب السودان مكلف وليس هناك سوق واعد هناك، ونقل الكهرباء لأكثر من ١٠٠٠ كيلومتر لكينيا او جيبوتي او غيرهم، ستكون تكاليفه هائلة، وغير مجدية، مشيرا إلى أن السودان استهلاكه محدود، وظروفه السياسية والاقتصادية غير واعده على الاقل في المستقبل القريب. ولذلك فإن المخرج الواعد بل والأوحد للكهرباء الأثيوبية سواء من هذا السد أو السدود الأخرى الأثيوبية المزمع إنشاؤها قريبا، هى مصر ومصر فقط في المستقبل المنظور. وتابع قائلا: “هناك دراسات تمت في أوائل هذا القرن (2005 – 2008) من خلال مبادرة حوض النيل وبمشاركة مصر والسودان وأثيوبيا تؤكد ذلك مصر هى المنفذ الواعد للكهرباء الأثيوبية (أى الدولارات)، سواء لتصديرها للدول العربية او الاوروبية او للاستهلاك المحلي. وبدون مصر سيتحول السد الى حائط مبكى ولن تستطيع اثيوبيا استهلاك كهربائه داخليا للتكاليف العالية لنقل كامل كهرباءه للداخل (مليارات الدولار)، ولعدم جدوى ذلك اقتصاديا.”. وخلص علام إلى أنه وبوضوح شديد بدون نقل الكهرباء الى مصر، يفقد السد جدواه الاقتصادية وستكون هناك عقبات اقتصادية فى تسديد القروض والتكاليف السنوية للتشغيل والصيانة، ومشاكل اكبر للسدودالأثيوبية المخطط تشييدها في المستقبل القريب. وطالب علام عدم الاتفاق (نهائيا) على استيراد الكهرباء الأثيوبية الا بعد الاتفاق قانونيا ورسميا بعدم المساس بالحصة المائية المصرية. هل هناك أمل؟ وردا على سؤال: هل هناك أمل!؟ وهل ممكن ضمان وحفظ حقوق مصر وشعبها!؟ أجاب علام: “بدون أى تردد طبعا أكيد ولازم ولابد، لأننا ان لم نستطع الحفاظ على اسباب الحياة سنفقد الحياة نفسها، وان شاء الله منصورين، ولكن بشروط وبجهد واصلاح.”. وطالب علام بالإفراج الفوري عن المعتقلين السياسيين وبدء مسار الاصلاح السياسي بشكل حقيقي، داعيا إلى التغيير الفوري للحكومة وتعيين شخصيات قوية مثقفة ووعى سياسي وتاريخي، تستطيع أن تتكلم وتأخد قرارات وتنفيذها، وليسوا مجرد خيالات مآتة، وأن يكونوا قادرين على التفاهم مع الشعب، وعلى التعامل مع الفرقاء في الاقليمين العربي والافريقي، ومع الغرب والشرق الدوليين. وطالب علام بإعادة تشكيل سياستنا الخارجية، مؤكدا أن الحلفاء تغيروا وأصبحوا عبئا سياسيا وعسكريا، بل أصبحوا من عناصر أزمتنا المالية الحالية، داعيا إلى البدء في الاستعداد للتحالفات الاقليمية والدولية الجديدة والتي بدأت الظهور في الآفاق. وقال إنه تصحيح وضعنا الذى تسبب فيه الآخرون بالنسبة لقضية السودان، والتحرك العاجل لتحقيق مصالح الشعب السوداني من استقرار واستقلالية والضرب على يد اعداء السودان وأعدائنا من عملاء وخونة. واختتم مؤكدا أن حل أزمة سد النهضة وغيرها من التحديات المائية سيكون سهلا، اذا عدنا لقوتنا ورشدنا، سواء بالقوة أو بالتفاهم. وأردف قائلا: اللهم بلغت اللهم فاشهد.
المصدر: رأي اليوم
كلمات دلالية:
سد النهضة
إقرأ أيضاً:
ثلثا النازحين في شرق السودان “على شفا الانهيار” لهذه الأسباب
حذر المجلس النرويجي للاجئين الجمعة من أن أكثر من ثلثي الأسر النازحة في شرق السودان لا تستطيع توفير ما يكفي من الغذاء، داعيا إلى تحرك دولي لمساعدة هذه المجتمعات التي تقف "على شفا الانهيار"، وقال المجلس في تقرير يستند إلى دراسات استقصائية أجريت على أكثر من 8600 أسرة في ست ولايات بشرق السودان إن 70 في المئة من الأسر النازحة و56 في المئة من الأسر المضيفة في شرق السودان "غير قادرين على توفير ما يكفي من الغذاء بسبب ارتفاع الأسعار وفقدان الدخل"، بحسب تقرير لوكالة فرانس برس.
وأوضح التقرير أن الغالبية الساحقة من الأسر المضيفة 95 في المئة وغالبية كبيرة من النازحين 76 في المئة أفادوا أيضا خلال هذه الدراسات الاستقصائية بأنهم لم يتلقوا أي مساعدة غذائية خلال الأشهر الستة الماضية.
وقال مدير المجلس النرويجي للاجئين في السودان، ويل كارتر في بيان إن "مدن شرق السودان وقراه كانت هشة أساسا" قبل أن يتدفق عليها النازحون.
وأضاف أن النازحين والمجتمعات المضيفة لهم أصبحوا الآن "على شفا الانهيار"، كما أن حجم الاحتياجات "يتجاوز ما يمكن للاستجابة الإنسانية الحالية التعامل معه إذا لم تحصل على دعم عاجل".
وحذر المجلس النرويجي للاجئين من أن التحرك الدولي ضروري "لتكثيف المساعدة الإنسانية، وإعادة تأهيل البنى التحتية الحيوية والاستثمار في سبل العيش لتجنب مزيد من زعزعة الاستقرار".
وقال كارتر "يجب على العالم أن يقف إلى جانب جميع المتضررين من هذه الحرب الرهيبة".
ومنذ أبريل 2023، تشهد السودان حربا بين جنرالين: قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو.
حلقة هذا الأسبوع من بين نيلين ناقشت مشروع قانون في مجلس النواب الأميركي يفرض عقوبات على القادة المتحاربين في السودان ومنع بيع الأسلحة الأميركية للدول التي تغذي الصراع. كما تطرقت لزيارة المبعوث الأميركي الخاص توم بيرييلو للإقليم من أجل التوصل إلى حل يوقف الصراع. كما ناقشت تطورات الوضع الميداني والتقدم العسكري الذي يوصف بالأكبر منذ بدء الحرب، للجيش السوداني في عدة مناطق، لاسيما وسط البلاد في وقت تعتبر فيه الأزمة الإنسانية السودانية هي الأسوأ عالميا.
وتواصل الأمم المتحدة التحذير من خطورة الوضع الإنساني الناجم عن هذه الحرب التي خلفت عشرات آلاف القتلى في صفوف المدنيين وشردت أكثر من 11 مليون شخص وأغرقت البلد الواقع في شرق أفريقيا في أسوأ أزمة إنسانية في السنوات الأخيرة.
ويواجه ما يقرب من 26 مليون شخص، أي حوالي نصف السكان، خطر حدوث مجاعة جماعية وسط تبادل طرفي الحرب الاتهامات باستخدام الجوع سلاح حرب ومنع وصول المساعدات الإنسانية أو نهبها.
ووفقا لتقرير المجلس النرويجي فإن الخدمات الصحية مثقلة أيضا بالأعباء، إذ يواجه ما يقرب من ثلثي النازحين وأكثر من 40 في المئة من الأسر المضيفة لهم نقصا خطرا في الرعاية الصحية.
الحرة - واشنطن