أزمة في "الطريق".. وقف للقيد وصحيفة دون مقر أو رئيس تحرير
تاريخ النشر: 13th, November 2023 GMT
أزمة جديدة تطفو على السطح، لتُضاف إلى سجل أزمات الصحف التي باتت تعاني خلال السنوات الماضية، سواءً من مشكلات اقتصادية، أو محاولة إدارات تلك المؤسسات فصل الصحفيين تعسفيًا.
جريدة "الطريق" كانت هي الأزمة هذه المرة، عندما توجّه عدد من الزملاء المفصولين تعسفيًا وآخرون غير مُعينين إلى نقابة الصحفيين، في شكوى جماعية، تؤكد فصل الإدارة 6 من الزملاء المُعينين، وتهديدها للمتدربين بعدم تعيينهم.
قرار من مجلس النقابة بوقف قيد الصحيفة، في محاولة للضغط على إدارتها لإعادة الزملاء المفصولين، وتعيين المتدربين، أكد بعض الزملاء أنه يشكّل ضغطًا عليهم وليس على إدارة التحرير؛ إذ يحرمهم من حقهم في القيد بالنقابة، في حين ترى النقابة أنه كان يجب على المجلس أن يتحرّك للضغط من أجل مصلحة الزملاء.
شكاوى ومحاضر بقسم العجوزة
بدأت الأزمة عندما تقدّم نحو 50 من الصحفيين بالجريدة، بشكاوى فردية إلى مكتب العمل، مُختصمين مدحت بركات رئيس مجلس إدارة الجريدة، وهو رئيس حزب أبناء مصر، لفصله تعسفيًا 6 الصحفيين المُعينين بالجريدة.
وحرر الصحفيون 50 محاضر بقسم شرطة العجوزة، بالإضافة إلى تقديم شكاوى في رئاسة الجمهورية، والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والهيئة العليا للأحزاب، وغيرها من الجهات ذات الصِلة.
وقال الصحفيون في محاضرهم وشكاواهم، إن “بركات” أغلق مقر العمل دون إخطار الجهات المختصّة، وأوقف لوحات عمل باقي الصحفيين، ومنعهم من ممارسة عملهم، وهددهم بالفصل هم أيضًا إذا لم يدفعوا تأميناتهم بالمخالفة لقوانين العمل، غير امتناعه عن إعطائهم حقوقهم المادية منذ أشهر.
ولفتوا إلى رفض رئيس مجلس الإدارة، الوفاء بوعوده بمنح عقود للصحفيين غير المُعينين في المكان، أو منح خطابات ترشح لنقابة الصحفيين، لمن حل عليهم الدور، وجاءت الخطوة الأخيرة، بإعفاء رئيس التحرير من منصبه لوقوفه مع الصحفيين.
وهدد الصحفيون العاملون بالجريدة، بتصعيد إجراءاتهم وخطواتهم المقبلة، ضد رئيس مجلس الإدارة، حتى الحصول على كامل مستحقاتهم المالية والمعنوية أيضًا، وإعادة المفصولين، وتعيين المتدربين.
عمل دون رواتب في مقابل التعيين
على الرغم من المعارك التي تخوضها نقابة الصحفيين من أجل تطبيق الحد الأدنى للأجور في المؤسسات، إلا أن بعضها لا يُطبق هذا القرار، بل ويضع التعيين والقيد بالنقابة شرطًا للقبول بالعمل مجانًا، دون الحصول على راتب من الأساس.
هكذا كان الوضع في "الطريق"؛ حيث أكدت آية مباشر الصحفية بالجريدة لـ "الفجر"، أن الزملاء لم يتقاضوا رواتب منذ عام 2020 حتى اليوم، وكان ذلك نظير التعيين والحصول على جواب ترشيح من المؤسسة لعضوية النقابة، وهو ما دفع الكثيرين منهم للعمل من المنزل توفيرًا للنفقات.
جريدة دون إنترنت ثم دون مقر
أكد الزميل علي الحمداوي الصحفي بالجريدة، أنهم كانوا يضطرون في بعض الأحيان لشحن باقات الإنترنت لإنهاء مهام عملهم؛ وذلك لأن الإدارة لم تكن مهتمة بشحنها، أو حتى توفير بيئة عمل آمنة لهم، وكانوا يعملون على توفير "البوفيه" من حسابهم الشخصي.
وقال في تصريحات لـ "الفجر"، إن الزملاء توجّهوا لتحرير محاضر بقسم شرطة العجوزة، وشكاوى بمكتب العمل، وعندما توجّهت قوة لمقر الجريدة، فوجئ الجميع دون سابق إنذار، بأن المقر أصبح شقة سكنية ولم يعد مقرًا للجريدة.
رئيس تحرير "الطريق": خضت معركة منفردًا لإعادة الترخيص.. واليوم كل ذلك ينهار
قال محمد عبدالجليل رئيس تحرير جريدة "الطريق"، إنه خاض معركة كبيرة استمرّت لأشهر، لإعادة ترخيص الصحيفة، والذي كان ملغيًا لدى المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وقيدها مُعطّل من النقابة، ونجح في ذلك بعد مجهود كبير، إلا أن مدحت بركات رئيس مجلس الإدارة عمل على هدم ذلك، بعد مخاطبته للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام ونقابة الصحفيين بوقف الطباعة مؤقتًا، وعزله من منصبه، حتى أصبحت الجريدة دون إصدار أو رئيس تحرير، أو حتى مقر، وهو ما يهددها بإلغاء الترخيص من جديد، ويُعرّض الجريدة للتوقّف التام.
وأضاف في تصريحات لـ "الفجر"، أن الأزمة التي وقعت داخل الصحيفة لها أكثر من شِق، وليست فقط أزمة فصل تعسفي لعدد من الصحفيين، ولكنها أزمة مع الزملاء غير المُعينين أيضًا، بالإضافة إلى أزمة رواتب.
وأكد "عبدالجليل" أن رئيس مجلس الإدارة فصل 6 من الزملاء تعسفيًا، وأوقف تأميناتهم، اعتقادًا منه أن ذلك قد يُسقط مديونية التأمينات لدى المؤسسة، وهو ما يجعله قادرًا على غلق الرابط التأميني بشكل كامل، ولكنه فوجئ بغير ذلك، وطالبته التأمينات باتخاذ خطوات مُعينة، مثل غلق الملف الضريبي، وتسليمه، وتصفية الشركة، والتسوية مع العاملين، وهو ما دمّر خطته في فصل جميع المُعينين بالصحيفة.
وتابع: "فوجئنا بفصل الزملاء قبل انعقاد لجنة القيد مباشرة، وهو ما كان قرارًا غريبًا بالنسبة لنا جميعًا، وما حدث من قبول أوراق الزملاء باللجنة هو قرار من مجلس النقابة، وليس جهوجًا من رئيس مجلس الإدارة، بالتالي هو لم يُقدّم شيئًا للأزمة".
وأوضح أن "بركات" اعتقد أن مجلس نقابة الصحفيين لن يكون قادرًا على اتخاذ أي موقف ضده أو ضد الجريدة، وفوجئ بقرار وقف قيد الصحيفة بالنقابة، فحاول سحب خطاب وقف طباعة الصحيفة من المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام ونقابة الصحفيين، ولم ينجح في ذلك.
وشدد رئيس التحرير على أن رئيس مجلس الإدارة خلق أزمة حقيقية داخل الجريدة، وأن حل هذه الأزمة يكون بحل جميع المشكلات وليس جزءًا منها، لافتًا إلى أن ما يقوم به الآن بعد قرار وقف القيد، هو مجرد مسكنات، وليس حلًا جذريًا للأمر.
وأعرب رئيس التحرير عن اندهاشه من خطاب رئيس مجلس الإدارة، الذي أرسله إلى النقابة، للتأكيد على حل الأزمة، لافتًا إلى أن الخطاب طلب من الصحفيين تسليم كشف حضور انصراف لصرف رواتبهم المتأخّرة، على الرغم من أن مقر الجريدة غير موجود من الأساس، وكان قد أرسل مدحت بركات رئيس مجلس الإدارة تسجيلًا صوتيًا على أحد مجموعات التواصل، أكد خلاله للزملاء أن الجريدة ليس بها “بصمة” أو كشوف حضور وانصراف.
واستكمل قائلًا: "عندما حرر الزملاء محاضرًا بقسم شرطة الدقي، ومحاضرًا بمكتب العمل، توجّهت قوة من مكتب العمل والقسم لمقر الجريدة، وفوجئوا أن المقر أصبح شقطة سكنية، بالتالي لا يوجد مقر للجريدة الآن، هيكل المؤسسة أصبح دون مقر أو طباعة أو رئيس تحرير".
وطالب "عبدالجليل" بتعيين الزملاء غير المُعينين بالجريدة، تحت إشراف لجنة يُشكّلها مجلس النقابة، لضمان تعيين الزملاء وإنهاء الأزمة، أنا حزين لوقف القيد، وهو قرار قاسي؛ وذلك لأن إعادة قيد الصحيفة ليسًا أمرًا سهلًا، ولكن كان يجب على مجلس النقابة التحرّك من أجل حماية الزملاء وحقوقهم.
ووجّه “عبدالجليل” الشكر لمجلس نقابة الصحفيين، برئاسة خالد البلشي، مؤكدًا أنها كان لها موقف حازم وقوي في تلك الأزمة، ووقفت بجوار الزملاء حتى تحصل على كامل حقوقهم دون انتقاص.
مصدر بإدارة التحرير: نعمل علة اتخاذ قرارات تزيل أسباب وقف قيد الجريدة
قال مصدر -رفض ذكر اسمه- بإدارة تحرير الجريدة، إن رئيس مجلس الإدارة وعد بحل أزمة الزملاء المفصولين، واتخاذ قرارات تُزيل أسباب وقف قيد الجريدة، وهو القرار الذي اتخذه مجلس نقابة الصحفيين في اجتماعه الأخير.
وأضاف في تصريحات لـ "الفجر"، أن رئيس مجلس الإدارة بدأ بالفعل في اتخاذ خطوات لإعادة فتح الملفات التأمينية للزملاء الـ6 المفصولين، وتوجّه الزملاء بمكتب تأمينات الدقي، ووقّعوا على "استمارة 1" لإعادة تأميناتهم.
وأكد أن تعيين الصحفيين غير المُعينين بالجريدة مرة واحدة، هو أكبر من طاقة المؤسسة، خاصة وأنها مدينة لهيئة التأمينات الاجتماعية بمبلغ كبير، مؤكدًا أن رئيس مجلس الإدارة كان قد اتخذ قرارًا أخطر به الزملاء المُعينين، بالنظر في الرواتب، والالتزام بالحد الأدنى المذكور في المعقود المُبرمة معهم، كجزء من حل الأزمة.
"الطريق" تخاطب نقابة الصحفيين بحل أزمتها.. والزملاء: الإدارة لم تتواصل معنا
خاطبت إدارة تحرير جريدة الطريق، نقابة الصحفيين، يوم 6 نوفمبر 2023، بعقد جلسة تسوية ودية بين النقابة والإدارة، يوم 5 نوفمبر 2023، وقررت شركة “الصفوة للصحافة والطباعة والنشر” المالكة للجريدة، الاستجابة للآتي:
- إرسال خطاب للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بالرجوع عن التوقّف المؤقت.
- استدعاء المؤجلين، لتسليمهم خطابات الترشيح للجنة القيد بالنقابة.
- النظر في تعيين دفعة جديدة.
- مطالبة أي زميل تقدّم بشكوى لعدم استلام راتب، يقوم بمراجعة الشركة، ويقدّم خطابًا بأيام الحضور، وأرشيف بعدد الأخبار الشهرية، وسيتم مراجعتها من قِبل الإدارة، وتحويلها إلى مبالغ نقدية، وتسليمها لهم.
وأكد الزملاء غير المُعينين لـ "الفجر"، أن الجريدة لم تُبدِ أي نية لتنفيذ ما ورد بخطابها إلى النقابة، وأنها لم تخاطب أيًا من غير المُعينين لتعيينهم، ولم تُبدِ أي نية للتعيين من الأساس، في حين طالبت خطاب بأيام الحضور إلى مقر المؤسسة للعمل، والمقر مُغلق وتم تحويله إلى شقة سكنية، وهو ما تم إثباته في محضر بقسم العجوزة، وشكوى بمكتب العمل.
وكيل النقابة للتسويات: قرار وقف قيد الجريدة سليم وله أسانيده القانونية
قال محمد سعد عبدالحفيظ وكيل نقابة الصحفيين للتسويات، إن قرار مجلس النقابة بوقف قيد صحيفة “الطريق”، جاء استنادًا لعدد من الأُسس، أهمها تعدد حالات الفصل التعسفي بحق الزملاء، ووقف تأمينات 6 منهم دون الرجوع إليهم أو إلى النقابة، والتحقيق معهم وفقًا للقانون.
وأضاف في تصريحات لـ "الفجر"، أن رئيس مجلس إدارة المؤسسة مدحت بركات أخطر النقابة والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بوقف طباعة الجريدة، وأعفى رئيس التحرير من منصبه، ولن يستبدله بآخر، بالتالي القانون أصبح لا يسمح في هذه الحالة بدخول صحفيين من مؤسسات ليس لها إصدارات ورقية، وليس لها رئيس تحرير، وهيكلها التحريري غير مكتمل.
وأكد وكيل النقابة للتسويات، أن قرار مجلس النقابة سليم، وله أسانيده القانونية الصحيحة، وأُخطر به رئيس مجلس الإدارة، الذي أبدى تفهّمه في هذا الشأن.
وتابع: "أبلغنا رئيس مجلس الإدارة أنه سيقوم بإعادة ترتيب أمور المؤسسة وتجاوز الأزمة، وفي حالة تم حل كل الأزمات التي اتخذ مجلس النقابة القرار على أساسها، والنقابة تتحقق من ذلك، سيُعاد النظر في القرار، وإعادة قيد الصحيفة.
الشركة ومجلس الإدارة تصدر أول بيان لها منذ بداية الأزمة
أصدرت الشركة المالكة الصحيفة، أول بيان لها، اليوم 13 نوفمبر، منذ بداية الأزمة.
وأكد مجلس مجلس إدا شركة الصفوة للصحافة، المالكة لجريدة وموقع الطريق، متابعتها خلال الأيام الماضية، لوجود حملة ممنهجة للتشويه أمام الرأي العام والوسط الصحفي، بإشاعة إغلاق الصحيفة، والتعدي على حقوق الصحفيين، مؤكدة أن ذلك مخالف للحقيقة؛ حيث أن مجلس الإدارة قرر إعادة ترتيب مجلس تحرير الصحيفة، والتوقّف لفترة، لإعادة تقييم الصحيفة والموقع، استعدادًا للانطلاق بصورة تليق باسم الطريق وتاريخها.
وأضافت الشركة في بيانها، أن ذلك أصاب البعض من شباب الصحفيين بالهلع، بتوجيه من بعض أعضاء مجلس التحرير السابق
-على حد وصف البيان- مع التأكيد على أن جميع الزملاء المعينين وينتظرون المثول أمام لج قيد النقابة، لهم من الإدارة كل الرعاية والدعم، والاستعانة بجهودهم والمتدربين ممن لم يصدر بخصوصهم قرار تعيين في مرحلة انطلاق الموقع والصحيفة في المرحلة القادمة.
وأهاب مجلس إدارة الطريق، بالمحررين المتدربين، ألا ينساقوا أمام من يريد استخدامهم لتحقيق أهداف شخصية.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الأعلى لتنظیم الإعلام نقابة الصحفیین فی تصریحات لـ مجلس النقابة رئیس التحریر الزملاء الم مدحت برکات رئیس تحریر وقف قید م عینین تعسفی ا وهو ما جمیع ا
إقرأ أيضاً:
رئيس نقابة الصحفيين بتونس: حرية التعبير في تراجع خطير
تونس– قال رئيس نقابة الصحفيين التونسيين زياد الدبار إن حرية الصحافة في تونس تشهد تراجعا خطيرا منذ 25 يوليو/تموز 2021. وأوضح أن المرسوم رقم 54 يُستخدم أداة قمعية تستهدف الصحفيين، بينما يتم تجاهل المرسوم 115 المنظم للمهنة.
وأضاف الدبار -في حوار مع الجزيرة نت- أن الإعلام العمومي لم يعد يعكس التعددية المطلوبة، وأصبح أداة لترويج سياسة الرئيس قيس سعيد. وأكد أن تغييب الأصوات المعارضة يهدد المسار الديمقراطي ويقوض الثقة في الإعلام.
وأكد أن الانتهاكات ضد الصحفيين تتزايد، مشيرا إلى سجن العديد منهم بموجب قوانين قمعية مثل المرسوم 54 وقانون الإرهاب والمجلة الجزائية. كما لفت إلى التضييق المستمر ومنع الوصول إلى المعلومات.
فيما يلي الحوار:
كيف تقيمون وضع حرية التعبير والصحافة بتونس منذ 25 يوليو/تموز 2021؟منذ 25 يوليو/تموز 2021، شهدنا تراجعا خطيرا في مستوى حرية التعبير والصحافة. وأصبح الصحفيون يتعرضون لضغوطات كبيرة، منها الملاحقات القضائية المتواترة بموجب المرسوم 54 الذي يعتبر قانونا قمعيا للحريات.
كما نلاحظ أن الإعلام العمومي تحول إلى بوق وأداة ترويج للسلطة، وهذا ما يقوض التنوع الإعلامي ويضر بمبدأ الحياد.
وقفة احتجاجية للصحفيين ضد قمع السلطة أمام مقر نقابة الصحفيين (الجزيرة) هل هناك مفارقة بين ما يرفعه الرئيس من شعارات وما يمارس على أرض الواقع؟ إعلانبالفعل هناك مفارقة عجيبة وغريبة، ذلك أن رئيس الجمهورية أكد مرارا أن حرية التعبير مضمونة بالدستور، لكنه من ناحية أخرى قام بإصدار المرسوم 54 سيئ الذكر الذي يُستخدم بشكل تعسفي ضد الصحفيين والمدونين، وأصبح بمثابة قانون جديد للصحافة.
كما يفتح المرسوم 54 المجال لتأويلات واسعة تهدف إلى قمع الأصوات المعارضة. وهذا المرسوم يشوه صورة تونس وينسف المكسب الوحيد للثورة وهو حرية التعبير.
ونحن نرفض إحالة الصحفيين خارج المرسوم 115 المنظم لمهنة الصحافة، ونعتبر ملاحقتهم بالمرسوم 54 تنكيلا وهجوما صارخا على حرية التعبير والصحافة، ولذلك نطالب بإلغاء المرسوم 54 واعتماد قوانين تتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
ما تأثير تجاهل السلطة تطبيق المرسوم 115 على واقع الصحافة التونسية؟المرسوم 115 هو الإطار التشريعي الوحيد الذي يحترم حقوق الصحفيين وينظم المهنة بطريقة عادلة. لكن للأسف، يتم تجاهله بالكامل من قبل السلطة الحالية لصالح قوانين قمعية. ونحن نطالب بتطبيق المرسوم 115 وتفعيله كأداة لضمان بيئة عمل ملائمة للصحفيين.
وقبل 25 يوليو/تموز 2021 (تاريخ اتخاذ الرئيس سعيد التدابير الاستثنائية لإحكام قبضته على السلطة) كانت هناك صعوبات في تطبيق المرسوم 115، لكن الأوضاع انقلبت رأسا على عقب بعد ذلك التاريخ، حيث لم تعد تطبق السلطة المرسوم 115، واختارت سن المرسوم 54 سيئ الذكر الذي يتم استخدامه أداة لملاحقة كل من ينتقد السلطة، فضلا عن تفعيل قوانين زجرية ضد الصحفيين كقانون الإرهاب والمجلة الجزائية ومجلة الاتصالات التي كان يستخدمها زين العابدين بن علي ضد الصحفيين.
ما أبرز الانتهاكات التي تعرض لها الصحفيون خلال هذه الفترة؟الانتهاكات متنوعة وعديدة وتشمل بالأساس سجن صحفيين بشكل جائر بموجب المرسوم 54 بسبب آرائهم الناقدة للسلطة، وأتحدث هنا عن الصحفي محمد بوغلاب (295 يوما في السجن) والصحفي مراد الزغيدي (244 يوما في السجن) والناشط برهان بسيس (244 يوما في السجن) والمعلقة الإعلامية سنية الدهماني (245 يوما) والصحفية شذى بالحاج مبارك المسجونة بموجب قانون الإرهاب (537 يوما).
إعلانوتشمل الانتهاكات مستويات أخرى، مثل استدعاء الصحفيين بسبب أعمالهم للتحقيق أمام فرق أمنية بشكل تعسفي، وكذلك منع الصحفيين من أداء واجبهم المهني بحرية. كما أن هناك مضايقات أخرى سواء عبر التضييق على الوصول إلى المعلومات أو استخدام القضاء أداة لتخويف الإعلاميين.
وأود أن أشير إلى أن النيابة العمومية لا تتحرك في كل اعتداء ضد الصحفيين، في حين نجدها بسرعة البرق تتحرك ضد الصحفيين إذا تعلق الأمر بخطأ مهني، ونحن نحمل المسؤولية الأولى للنيابة العمومية ووزير العدل والسلطة السياسية الحالية.
كيف تقيمون أداء الإعلام العمومي في تونس خلال الفترة الحالية؟في غياب المشاريع أصبح القائمون على الإعلام العمومي، وأخص هنا بالذكر مؤسسة الإذاعة التونسية، يتصرفون فيها كمزرعة خاصة. والإعلام العمومي في تونس، الذي يفترض أن يكون محايدا ويعكس التنوع السياسي والاجتماعي، أصبح أداة بيد السلطة السياسية. وهناك توظيف واضح لهذا الإعلام لخدمة الرئيس عبر التركيز على أخباره ونشاطاته، مع إقصاء شبه تام للأصوات المعارضة أو المخالفة.
وهذه الممارسات تقوض ثقة الجمهور في الإعلام العمومي، مما يجعله ينحرف عن دوره كمنبر يعكس التعددية والديمقراطية، ويتحول إلى منصة دعائية بدل أن يكون فضاء للحوار.