مزهر جبر الساعدي من المعروف ان الحرب اي حرب بين دولة كبيرة جدا، وامكانيات وقدرات عسكرية كبيرة جدا، كما هي روسيا ودولة صغيرة مثل اوكرانيا، بالقياس الى روسيا؛ يفترض بالأولى ان يتم لها حسم الحرب في عدة ايام او في اسابيع على ابعد تقدير. لكن الحرب في اوكرانيا قد مضى عليها اكثر من سنة، ولا يلوح من الناحية الواقعية اي افق لنهايتها.

هل ان القوات الروسية او الجيش الروسي غير قادر على حسمها ووضع نهاية لها؟ خصوصا وان دول الناتو لا تتدخل ولن تتدخل بالشكل المباشر والواضح، لكنها في الوقت ذاته تضخ كميات كبيرة ونوعية من الاسلحة والعتاد الى الجيش الاوكراني.  روسيا الان وجيشها يواجه مشكلة ادامة السلاح والعتاد معا. روسيا تعتمد اعتمادا كليا على ما تنتجه مصانعها الحربية بينما الجيش الاوكراني يعتمد على مصانع الدول الغربية مجتمعة زاد المجمع الصناعي العسكري الامريكي. مع هذا يظل الجيش الروسي حتى الآن؛ هو الأكثر قوة وقدرة في الحرب في مواجهة الجيش الاوكراني. هناك سؤال مهم: هو ما الذي منع الجيش الروسي او منع روسيا بوتين من ان يجيش قواته ويزيد في زخمها وقوتها؛ في اقتحام كييف عندما كانت هذه القوات على بعد 30 كيلومتر من العاصمة كييف وأوكرانيا لم تتلق بعد السلاح الغربي والامريكي؟ بحسب المراقبين ان من منع الجيش الروسي من الدخول الى كييف وازاحة حكومتها التي تدعي روسيا بوتين من انها حكومة نازية؛ هو المقاومة الأوكرانية وهذا قول فيه جانب من الصحة والواقعية لناحية اذا لم يتم زيادة زخم وقوة الجيش الروسي وهذا هو ما حصل. روسيا بوتين اكتفت بقوات الصولة الاولى ولم يتم تحشيدها ورفدها لاحقا بقوات اخرى كافية؛ بما يضمن لها مواصلة قوة اندفاعها ودخولها لاحقا الى العاصمة كييف، لكن هذا لم تقم به روسيا بوتين، لحسابات استراتيجية اخرى سوف أأتي عليها تاليا في هذه السطور المتواضعة. هذه الاستراتيجية هي ما جعلت الجيش الروسي يتوقف على مشارف العاصمة، وليس المقاومة الاوكرانية على اهميتها في التأثير على اندفاعة القوات الروسية، لكنها اي هذه المقاومة لم تكن هي من اوقف دخول القوات الروسية الى العاصمة، بل ان من اوقفها هو استراتيجية روسيا بوتين لهذه الحرب او لهذا الغزو واهدافه الختامية. أذاً ما هي اهداف هذه الحرب؟ وماهي الادلة التي تشير الى اهداف روسيا بوتين من هذه الحرب؟ وما طريق الذي تسير عليه هذه الحرب لتحقيقها؟.. اولا:-  ان نتائج هذه الحرب؛ سوف تغير موازين القوى العالمية، وتفتح الباب واسعا لعالم متعدد الاقطاب جديد وعادل؛ اذا ما حققت روسيا بوتين اهدافها من هذه الحرب. هذا لا يلغي ابدا من حقيقة الغزو الروسي لأوكرانيا، بل يظل غزو وعدوان على دولة اخرى في الاسرة الدولية. إنما الفحص والتمعن في نتائج هذه الحرب يختلف تماما عن الموقف الانساني منها. وزير خارجية امريكا قال مؤخرا ان هذ الحرب كان لها تأثيرا مدمرا على بوتين في الداخل الروسي، واضاف كما انها اي هذه الحرب سوف يكون لها تأثيرات جيوسياسية على روسيا وعلى النظام العالمي. هذا يعني ان المسؤولين في روسيا وفي امريكا يدركون تأثيرات هذه الحرب على النظام العالمي وعلى طموحيهما وهيبتيهما في العالم. ثانيا:- ان امتناع روسيا بوتين عن زج قوات وقدرات عسكرية كافيه لدخول العاصمة كييف؛ هو ان روسيا بوتين لم يكن في حساباتها هو احتلال العاصمة كييف ومن ثم تغير الحكومة فيها وتنصيب حكومة موالية وعميلة لها؛ فقد كان هذا في امكانها او في حدود امكانياتها العسكرية لو تم زيادة قواتها وقدراتها، لكن هذا لا يخدم استراتيجيتها، بل يتقاطع معها اي مع هذه الاستراتيجية. لماذا؟ لأنه في هذه الحالة سوف يظل العالم غير معترف بسيادتها على الاراضي التي سوف تضمها والتي ضمتها لاحقا بعد اشهر؛ كون هذا الضم جاء بالاتفاق مع حكومة نصبها الاحتلال الروسي. بالإضافة الى ان هذه الحكومة المنصبة بإرادة الاحتلال الروسي؛ سوف يستمر موقفها ركيكا جدا لناحية موقف الشعب الأوكراني منها، مما يجعلها عرضة للثورات المناهضة لها، التي مستقبلا ومهما طال زمنها فأنها سوف تتغير او الصحيح سوف يطيح بها الشعب.. وهذا سوف يؤثر تأثيرا جديا وحاسما ومنتجا على الضم الروسي للأراضي الاوكرانية.. ثالثا:-  انسحاب القوات الروسية من بقية الأراضي الاوكرانية التي احتلتها في الايام الأولى من هذه الحرب، وتمركز وجودها في اراضي الدونباس، وقامت ببناء استحكامات وخطوط دفاعية قوية ومحصنة حول هذه الاراضي.  كما وفرت لها روسيا الغطاء الدستوري والقانوني اي صارت بحكم القانون الروسي أراضي روسية. هذا يعني من وجهة النظر الروسية بما انها اراضي روسية؛ عليه، من الممكن لروسيا تطبيق العقيدة العسكرية الروسية في الاستخدام النووي التكتيكي في الدفاع عنها، اذا ما تعرضت هذه الارض الى الاحتلال ومن ثم تاليا الى تهديد وجودي لها ولروسيا بنتيجة هذا الاحتلال. هنا تكمن خطورة الانزلاق الى حافة الهاوية لهذه الحرب. نائب رئيس مجلس الامن القومي الروسي مؤخرا وصف اوكرانيا بأنها جزء من الامبراطورية الروسية، ولاحقا بعد ايام قال نائب رئيس مجلس الامن القومي الروسي؛ ان وضع نهاية لأي حرب؛ ببساطة بطرقيتين اما باتفاقية سلام او باستخدام السلاح النووي كما فعلت امريكا في عام 1945.. رابعا:- ان الدولتين روسيا وامريكا تخططان لنقل الاسلحة النووية الى فضاءات جغرافية خارج حدودهما الجغرافية. روسيا في الطريق الى نقل السلاح النووي التكتيكي الى روسيا البيضاء، وامريكا تخطط الى نقل اسلحتها النووية الضاربة الى بولندا، هذه الاسلحة تشكل مركز ثقل الاسلحة النووية للناتو. ان الدولتين، امريكا وروسيا، هما الطرفان المباشران في هذه الحرب وفي نتائج هذه الحرب؛ لذا تهزان عصى التهديد النووي هزا متبادلا. مع ان الدولتين ينفيان باستمرار استخدام السلاح النووي كمطرقة للتهديد المتبادل، لكن هذا النفي لا يلغيه، بل يؤكده.. خامسا:- حسب كتاب السياسة الروس؛ ان بولندا ورومانيا لهما طموحات في استعادة اراضيهما التي تم ضمها الى اوكرانيا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية التي كان من نتائجها هو اتفاق الحلفاء على تقاسم اراضي الدول الاخرى. على هذا الطريق تجيش بولندا قواتها على حدود اوكرانيا وروسيا البيضاء، ووجود البعض من قواتها حسب ادعاء الكتاب الروس( الكسندر نازاروف وغيره من الكتاب الروس الاخرين) على الأراضي الاوكرانية وفي المناطق ذات الاغلبية البولندية؛ هو تمهيد لاحتلالها واعادتها الى السيادة البولندية. سادسا:- مما لاشك فيه؛ ان الرئيس الروسي بوتين يتمتع بقدرة كبيرة على ادارة هذه الحرب، وقدرة وامكانية على احتواء تداعياتها على الصعيد العسكري والاقتصادي والسياسي؛ بهدوء بعيدا عن رد الفعل السريع والانفعالي؛ واستثمار هذه التداعيات بتحويلها لصالح الحرب في روسيا. على سبيل المثال لا الحصر؛ التمرد الأخير لشركة فاغنر للخدمات العسكرية، الذي حوَل الاتفاق معها أو ان الصحيح مع رئيسها، بواسطة رئيس روسيا البيضاء الى نجاح في استثمار الخدمات العسكرية لقسم من مرتزقة هذه الشركة في روسيا البيضاء، واجبر او تم اغراء القسم الأخر بالتوقع على عقود مع وزارة الدفاع الروسية. سابعا:- من المحتمل ان تتعرض المحطة الكهرونووية في زابوريجيا، الى ضربات في ظل الحرب الدائرة على حدودها؛ قد تؤدي الى تسرب اشعاعي له تأثيرا على دول اوروبا المجاورة لأوكرانيا، وعلى اوكرانيا وعلى مدن وقرى روسيا الواقعة على حدود اوكرانيا، وايضا على القوات البلدين في احداث تأثير قوي على العمليات العسكرية لقوات البلدين، وربما تسبب في شل تحركاتها. ان هذا اذا حدث سوف يتم احالته الى طرفي الحرب في اتهام متبادل. هنا تدخل الحرب في مجال الاستخدام النووي وان لم يتم استخدامها بالشكل المباشر؛ لكن هذا التطور ان تحوَل الى واقع يتحرك على ارض المعارك؛ سوف يفتح الطريق لهذا الاستخدام ولو بصورة محدودة.. ثامنا:- ان الحرب في اوكرانيا مرشحة جدا؛ للخروج من حدودها الحالية الى دول الجوار الاوكراني، الى روسيا البيضاء وبولندا. في هذه الاوضاع اذا ما صارت حقيقة واقعية لجهة اتساع رقعة هذه الحرب وكذلك زيادة كم ونوع الاسلحة المستخدمة فيها، بما فيها القنابل القذرة، وربما القنابل النووية التكتيكية؛ سوف تقترب عندها هذه الحرب من الحرب النووية المفتوحة.. هنا يبدأ الجميع بالبحث عن الحلول للخروج منها على طاولة التفاوض، بما تشبه الى حد بعيد هذه الطاولة، طاولة البحث بين الحلفاء الاعداء؛ في مخرجات نهاية الحرب العالمية الثانية مع الفرق الكبير جدا بين نتائج الحربين، هذه الحرب والحرب العالمية الثانية.. كاتب عراقي

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: القوات الروسیة الجیش الروسی روسیا بوتین الحرب فی لکن هذا فی هذه

إقرأ أيضاً:

عبدالله بن زايد: السويد تبدي رغبة صادقة في تعزيز علاقاتنا الثنائية

التقى سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، أمس، بول جونسون وزير الدفاع في مملكة السويد، وذلك خلال زيارة عمل يقوم بها سموه إلى ستوكهولم.
وبحث الجانبان العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها في مختلف المجالات ومنها الدفاعية، كما استعرضا عدداً من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وتبادلا وجهات النظر بشأنها.
كما التقى سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، ماريا مالمر ستينرجارد وزيرة خارجية السويد، ووقع الجانبان، خلال اللقاء، مذكرة تفاهم بشأن المشاورات السياسية بين وزارة الخارجية في دولة الإمارات ووزارة الخارجية في مملكة السويد.
كما بحث سموه وماريا مالمر ستينرجارد، العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين وسبل تعزيزها في مختلف المجالات، ومنها الاقتصادية والتجارية والتعليمية والثقافية، وغيرها من القطاعات التي تدعم خطط البلدين التنموية.
وأكد سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان تطلع دولة الإمارات إلى تعميق علاقاتها مع السويد، مثمناً سموه في هذا الصدد ما تبديه السويد من حرص ورغبة صادقة في تعزيز العلاقات الثنائية وجوانب التعاون مع دولة الإمارات بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين ويعزز رخاء وازدهار شعبيهما.
وخلال اللقاء، بحث سموه وماريا مالمر ستينرجارد، مجمل المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، وتبادلا وجهات النظر بشأنها.
كما التقى سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، بنجامين دوسا وزير التعاون الإنمائي الدولي والتجارة الخارجية في مملكة السويد.
وجرى خلال اللقاء بحث العلاقات الثنائية بين البلدين، وجوانب التعاون المشترك في عدة قطاعات ومنها الاقتصادية والتجارية والاستثمارية.
كما استعرض الجانبان سبل دفع آفاق التعاون الثنائي بين البلدين نحو آفاق أرحب تخدم مصالحهما المشتركة والبناء على العلاقات المتميزة التي تجمع البلدين الصديقين.
وأكد سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان حرص دولة الإمارات على مواصلة تنمية علاقاتها مع مملكة السويد، بما يحقق تطلعات شعبي البلدين نحو التنمية والازدهار.
وشهد سموه وبنجامين دوسا التوقيع على مذكرة تفاهم بين اتحاد غرف التجارة والصناعة بدولة الإمارات ومجلس التجارة والاستثمار السويدي بشأن تعزيز فرص الاستثمار والأعمال بين البلدين.
وقع المذكرة سعيد مبارك الهاجري مساعد وزير الخارجية للشؤون الاقتصادية والتجارية، ومها بوزيد نائب رئيس مجلس التجارة والاستثمار السويدي.
حضر اللقاءات ريم بنت إبراهيم الهاشمي وزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي، وسعيد مبارك الهاجري مساعد وزير الخارجية للشؤون الاقتصادية والتجارية، وغسق يوسف عبد الله شاهين سفيرة الدولة لدى مملكة السويد، وعمران شرف مساعد وزير الخارجية لشؤون العلوم والتكنولوجيا المتقدمة، وعمر سيف غباش مستشار وزير الخارجية وسفير الدولة غير المقيم لدى الفاتيكان. (وام)

مقالات مشابهة

  • ترامب: رفض بوتين وقف الحرب سيكون كارثيًا على العالم
  • أرقام وحقائق مثيرة بعد ختام دور الـ16 من «نخبة آسيا»!
  • ما شروط بوتين لوقف إطلاق النار في أوكرانيا؟
  • بوتين يرد على ترامب.. وزيلينسكي يقرّ بـ وضع صعب جدا
  • رئيس صندوق الاستثمار الروسي: 150 شركة أمريكية تعمل في روسيا وملتزمون بتعزيز التعاون بين البلدين
  • بوتين يحدد مهام السفير الروسي لدى واشنطن
  • عبدالله بن زايد: السويد تبدي رغبة صادقة في تعزيز علاقاتنا الثنائية
  • بوتين ولوكاشينكو يوقعان على اتفاقية بشأن الحماية المتبادلة لمواطني روسيا وبيلاروسيا
  • ترامب: سأتحدث مع بوتين عن مقترح وقف إطلاق النار
  • مساعد بوتين: روسيا تعارض وقف إطلاق النار المؤقت في الحرب الأوكرانية