غزة- نحو 65 فردا من أسرة أسامة يحيى في مخيم جباليا للاجئين، شمال قطاع غزة، تشردوا إثر تسوية منزلهم بالأرض بفعل غارة جوية إسرائيلية، ونزحوا من مكان إلى آخر، حتى استقر بهم المقام، بعضهم عند أقارب والآخرون في مركز للإيواء بمدينة دير البلح وسط القطاع.

يدرس أسامة الهندسة في ولاية عنابة بالجزائر، وبصعوبة بالغة يستطيع التواصل مع أسرته كل بضعة أيام، بسبب تردي خدمات الاتصال والإنترنت.

ويقول للجزيرة نت، وقد امتزج صوته عبر الهاتف بكثير من الحزن "الحرب ليست فقط على أهالينا في غزة، ونحن كطلبة مغتربين نعيش أحداثها لحظة بلحظة، والقلق يكاد يقتلنا، وتداعيات الحرب تركت آثارها السلبية على حياتنا ودراستنا".

وإضافة إلى قلقهم على ذويهم في غزة مع ضراوة الحرب المتصاعدة في شهرها الثاني على التوالي، فإن أسامة وآلاف الطلاب الفلسطينيين في الخارج، يواجهون أزمة مالية حادة، لعدم قدرة أسرهم على تحويل مصاريفهم الشهرية والدراسية، بسبب توقف عمل المصارف والشركات المالية ومحال الصرافة.


ويلات الحرب

ذاق أسامة ويلات الحرب الإسرائيلية على غزة مبكرا، وفي أسبوعها الأول، أنذر جيش الاحتلال عائلته و7 أسر أخرى لأعمامه، يقيمون معا في بناية مكونة من 4 طوابق في مخيم جباليا، وطالبهم بإخلائها، ثم دمرها بغارة جوية سوتها بالأرض.

وفي غارة ثانية بمكان آخر، استشهدت عمة أسامة وزوجها وأولادهما الخمسة، وفي غارة ثالثة استشهد 20 فردا من عائلة والدته، فضلا عن أصدقاء له ارتقوا شهداء فرادى أو مع أسرهم، في جرائم مروعة تركت آثارها على حياته ودراسته.

 

ويزداد أثر الحرب على أسامة مع معاناته من أزمة مالية حادة، جراء نفاد مصروفه الشهري، وعدم قدرة أسرته على إرسال الحوالة المالية الشهرية له، حيث توقفت عجلة العمل في المصارف والشركات المالية، إذ يقتصر عمل محال الصرافة الصغيرة على معاملات مالية محلية.

وينحدر أسامة من أسرة لاجئة من بلدة "برير" إبان النكبة عام 1948، أحوالها المالية متواضعة، وتعتمد في معيشتها على راتب محدود يتقاضاه والده من السلطة الفلسطينية في رام الله.

وتقول والدته للجزيرة نت "كنا نقتطع من قوتنا 100 دولار شهريا، ونرسلها لأسامة، ونعلم أنها لا تكفيه، واليوم وبسبب الحرب تشردنا في المدارس (مراكز الإيواء) وتعطلت البلد، ولا نستطيع تحويلها له".

وتتعامل والدة أسامة مع محل صرافة في مدينة غزة، التي تتعرض لهجوم بري وغارات جوية إسرائيلية عنيفة، وقد اضطر غالبية سكانها إلى النزوح عن منازلهم ومصالحهم التجارية، نحو مدن ومناطق جنوب القطاع.

يد واحدة

قبل أقل من شهر على اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كان أسامة في زيارة لأسرته بعد غياب متواصل لـ3 سنوات. وقال إن "معايشة الحرب على أرض الواقع، ورغم مخاطر الموت والدمار، أهون من القلق الذي ينهش قلوبنا وعقولنا (..) ليتني بقيت في غزة".

وفي حديث للجزيرة نت مع زملاء أسامة بالجزائر، أبدوا تكاتفا عاليا، عبر مبادرات فردية وجماعية لإسناد بعضهم معنويا وماليا، قال أحدهم "إحنا الغزازوة رجال وين ما نروح".

هذه العبارة وجد أحمد وافي (21 عاما) ترجمتها في إسطنبول التركية، حيث يدرس الهندسة في سنته الدراسية الثالثة، ولم تتمكن أسرته في مدينة خان يونس جنوب القطاع، من إرسال حوالة مالية معتادة له كمصروف شهري. وقال للجزيرة نت "كلنا يد واحدة، ونساعد بعضنا، وما بنترك طالب يعيش أزمته لوحده".

ويتلقى أحمد 350 دولارا مصروفا شهريا من أسرته، التي كانت تمتلك معصرة زيتون، وتعتاش منها، وتعرضت لاستهداف إسرائيلي ألحق بها دمارا كبيرا، وقد استقبل آخر حوالة مالية في الشهر الذي سبق اندلاع الحرب.

وبالنسبة لأحمد، فإن الأزمة المالية مصيرها الحل، ويمكن التغلب عليها "لكن الدم من يعوضه؟"، وهو الذي كان له نصيب من ألم الفقد باستشهاد خالته وأولادها، بقصف جوي إسرائيلي استهدف منزلها في مدينة خان يونس.

زهاء مليون و700 ألف نازح في قطاع غزة والحياة أصابها الشلل بسبب الحرب الإسرائيلية (الجزيرة) للحرب وجوه كثيرة

وللحرب وجوه كثيرة في تأثيراتها على الطلاب الفلسطينيين بالداخل والخارج، وفي حين يعاني طلاب غزة بالخارج من أزمات مالية، فإن أقرانهم في الداخل ممن كانوا على موعد مع السفر للالتحاق بدراستهم في الخارج، حال بينهم وبين ذلك إغلاق معبر رفح البري، المنفذ الوحيد لسكان القطاع على العالم الخارجي عبر مصر.

أحد هؤلاء الطالب سامر صلاح (21 عاما)، الذي كان على وشك تحقيق حلمه بدراسة الهندسة في ألمانيا، بعد فترة طويلة قضاها في دراسة وتعلم اللغة الألمانية، كي يتمكن من الحصول على تأشيرة دخول وقبول في إحدى الجامعات بألمانيا.

قبيل اندلاع الحرب كان سامر يعد نفسه للسفر، بعدما نجح في اجتياز اختبار اللغة، وحصل على تأشيرة فعلا. لكنه قال للجزيرة نت "بدلا من السفر للدراسة أُجبرنا على النزوح من منزلنا في مدينة غزة إلى مدينة خان يونس".

واضطر سامر وأسرته المكونة من 6 أفراد للنزوح عن حي الرمال، وهو أحد أحياء مدينة غزة، التي أصابها دمار واسع بفعل غارات جوية إسرائيلية مكثفة، واستقر بهم المقام في مدينة خان يونس، إحدى مدن جنوب القطاع، التي نزح إليها مئات الآلاف من شمال القطاع إثر إنذارات وتهديدات إسرائيلية.

ولا يدري سامر إن كان سيبقى على قيد الحياة حتى انتهاء الحرب، ويتمكن من تحقيق حلمه بالدراسة في ألمانيا أم لا، ويقول: "لا أحد يفكر بشيء الآن سوى النجاة بروحه من هذه الحرب الشرسة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: مدینة خان یونس للجزیرة نت فی مدینة

إقرأ أيضاً:

الإمارات تُعزّز مكانتها كمركز متقدم للتكنولوجيا المالية

عزز قطاع التكنولوجيا المالية في الإمارات مكانته المهمة، بعد أن شهد تطورات كبيرة خلال الأعوام القليلة الماضية، أسهمت في تعزيز مكانة الدولة كمركز عالمي رائد في هذا القطاع.
واستثمرت المصارف المحلية لوحدها أكثر من 3.7 مليار درهم في القطاع خلال السنوات الماضية، فيما رفعت الإمارات نصيبها من الاستثمارات العالمية في قطاع التكنولوجيا المالية مستفيدة من البينة الرقمية والتكنولوجية المتطورة، ومرونة بيئة العمل المالي، إضافة إلى كون الإمارات موطناً ووجهة أساسية للكثير من الثروات العالمية.
ويلعب قطاع التكنولوجيا المالية دوراً هاماً في دفع عجلة النمو الاقتصادي، من خلال توفير فرص عمل جديدة وتعزيز الشمول المالي ودفع الابتكار.
وقال جمال صالح، المدير العام لاتحاد مصارف الإمارات، إن رحلة التحول الرقمي، تحت إشراف وتوجيه مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي أسهمت في تعزيز قطاع التكنولوجيا المالية في الدولة، مشيرا إلى أن استثمارات المصارف المحلية في القطاع أسهمت في توفير أفضل الخدمات التكنولوجية والرقمية للعملاء في بيئة مصرفية آمنة وموثوقة.
وأكد أن المصرف المركزي يعتبر رائداً في تطوير الأطر التشريعية والرقابية اللازمة، مما رسخ مكانة الإمارات كمركز إقليمي للتكنولوجيا المالية، مضيفاً أنه وفي ظل هذه البيئة المحفزة، وتنامي الطلب على الخدمات المالية الرقمية المتطورة، فإن آفاق نمو التكنولوجيا المالية محلياً تبدو واعدة .
وأشار إلى أهمية تعاون المؤسسات المالية والمصرفية مع شركات التكنولوجيا المالية في تطوير الحلول المبتكرة لتلبية متطلبات مختلف شرائح العملاء، وذلك عبر دمجهم بين الخبرات والقدرات المصرفية والمالية المشتركة، والآفاق الواسعة للتقنيات المتطورة، خاصةً في تحليل البيانات وإمكانات الذكاء الاصطناعي، لافتا إلى أن التكنولوجيا المالية تتطلب المزيد من الاستثمارات النوعية لمواكبة التطورات والمواءمة بين تلبية متطلبات العملاء وضمان منظومة آمنة وسلسة.
وبحسب “كي بي أم جي” للاستشارات والتدقيق، فإن دولة الإمارات تواصل تطورها لتصبح مركزاً إقليمياً للتكنولوجيا المالية، مما يجذب اهتمامًا إضافيًا من المستثمرين العالميين وأحجام الصفقات الأكبر.
ووفق “إنوفيت فايننس” للخدمات المالية والاستشارية، فإنة وبالرغم من تراجع الاستثمارات العالمية في التكنولوجيا المالية خلال 2023 بنسبة 42 فالمائة، فقد ارتفعت هذه الاستثمارات في الإمارات بنحو 92 في المائة في هذا القطاع لتصل إلى 1.3 مليار دولار عبر 54 صفقة، لتحل للمرة الأولى ضمن المراكز العشرة الأولى، مدعومة باللوائح التنظيمية الصديقة للتكنولوجيا المالية والاعتماد على نطاق واسع للخدمات المصرفية الرقمية.
من جانبه قال نور صبري، مدير رئيسي في أكسنتشر العالمية للاستشارات، إن الكثير من العوامل أسهمت في نمو قطاع التكنولوجيا المالية في الإمارات، وعلى رأسها البيئة التنظيمية الاستباقية ذات المرونة العالية التي كانت قادرة على خلق بيئة تشريعية لعمل شركات التكنولوجيا المالية وللقطاع بشكل عام.

وأكد أن الإمارات تعتبر دولة ذات سيولة مرتفعة سواء من حيث الثروات المحلية أو من حيث كونها وجهة رئيسية للثروات العالمية، إضافة إلى تطور البيئة الرقمية والتكنولوجية، وكثرة المناطق الحرة الجاذبة للاستثمارات الجديدة، وكذلك بيئة العمل المالية المتطورة.وام


مقالات مشابهة

  • مدبولي: تواصلت مع الوزراء والمحافظين للاطمئنان أنهم الأفضل لمناصبهم
  • مالية اقليم كردستان تشرع بتوزيع رواتب شهر حزيران خلال هذا الموعد
  • مالية كردستان تشرع بتوزيع رواتب شهر حزيران الأسبوع المقبل
  • مالية كردستان تعلن المباشرة بتوزيع رواتب هذه الفئات يوم الاحد المقبل
  • أطعمة غنية بفيتامين B يجب عليك إدراجها في نظامك الغذائي
  • الإمارات تُعزّز مكانتها كمركز متقدم للتكنولوجيا المالية
  • تعامل الفريق البرهان والقيادات العسكرية المحيطة به مع أزمات السودان الحالية لن تفلح قطعاً
  • مالية الإقليم تودع أكثر من (70) مليار دينار في حساب الخزينة الاتحادية عن إيراداتها غير النفطية لشهر أذار الماضي
  • عواصف رعدية وثلوج تعصف بعدة دول أوروبية
  • اليمن.. هروب استثمارات المغتربين إلى الخارج