فاطمة عواد الجبوري عندما يُذكر اسم العراق تتبادر إلى الذهن مجموعة واسعة ومتنوعة من الفاعلين الإقليميين والدوليين، هؤلاء الذين يحيكون للعراق الحبيب الكثير من المؤامرات والخطط لإبقائه خارج المعادلة العربية ومشغولاً بحل معضلاته الداخلية سواء السياسية منها أو الاقتصادية وضرورة المشي على حد السكين في تفادي الغضب الأمريكي، الذي إذا ما تم استثارته فقد يقوم بنشر الفوضى في الشوارع من خلال تطبيق عقوبات اقتصادية قاسية على بلدنا الحبيب.
على رأس هرم المتآمرين على استقرار العراق تقبع “إسرائيل”، هذا الكيان المحتل والذي لم يوفر فرصة واحدة إلا وحاول أن يزعزع استقرار العراق وحاول وتقسيمه كذلك. لم يقتصر العدو الصهيوني على دعم الجماعات الإرهابية المسلحة عبر الولايات المتحدة في المحافظات العراقية وحسب، بل قدّم لها المساعدات الطبية تماما كما حدث في سوريا وقدم كذلك لها الدعم اللوجستي لربط العراق بسوريا وتدمير مناطق واسعة وكبيرة ممتدة على طول الحدود العراقية-السورية. وكذلك لا ننسى كيف حاولت إسرائيل تقسيم العراق من خلال الدعوة والدعم الذي قدمته لإعلان استقلال إقليم كردستان العراق الذي لو نجحت المخططات الأمريكية والإسرائيلية في فصله عن العراق لكان لدينا اليوم ثلاث أو أربع دول مقسمة بناء على التقسيمات العرقية والطائفية!! اليوم يتم إسدال الستار عن فصل جديد من فصل التآمر الإسرائيلي على العراق وذلك من خلال الكشف عن اعتقال السلطات العراقية لجاسوسة إسرائيلية قبل بضعة أشهر. وللبحث في مدى نفوذ الاحتلال الصهيوني في العراق والكشف كذلك عن الجهود الإعلامية لتزييف الحقائق علينا العودة إلى الرواية التي يروجها نتنياهو ومناصروه من وسائل الإعلام العربية والعالمية. في الحقيقة وفي دراسات الإعلام التي أتخصص فيها فإن هناك موضوع درسناه بشكل معمق وهو “خلق الروايات الإعلامية” هذا هو الوصف الأكاديمي لهذا المصطلح ولكن الوصف الحقيقي هو “خداع الجمهور”. الرواية الإسرائيلية جاءت بالألفاظ التالية: “باحثة وكاتبة إسرائيلية-روسية خُطفت في العراق قبل أشهر وهي الأن محتجزة لدى “كتائب حزب الله” المسلّحة الموالية لإيران. سوركوف توجّهت إلى العراق بجواز سفرها الروسي وبمبادرة منها لإعداد دكتوراه وأبحاث أكاديمية نيابة عن جامعة برينستون في الولايات المتّحدة”. إذا ما أردنا فهم كيف يتم صناعة الروايات وكيف يتم خداع الرأي العام فعلينا العودة إلى المصطلحات التالية في الرواية الإسرائيلية وهي: خطف، جماعات موالية لإيران، باحثة وكاتبة، إعداد رسالة الدكتوراة. وأما الحقيقة فهي أن السلطات العراقية قامت بالقبض على جاسوسة إسرائيلية قدمت إلى البلاد بجواز سفرها الروسي مخفية عن السلطات حملها للجنسية الإسرائيلية. وتحت ذريعة كتابة أبحاث الدكتوراة قامت بالتجسس وجمع المعلومات لصالح الموساد الإسرائيلي. ولا بد من أن نذكر هنا بأن السلطات العراقية هي من قامت باعتقال هذه الإسرائيلية وذلك لإن كتائب حزب الله العراقية تم دمجها في قوات الأمن العراقية. لن تكون هذه المؤامرة الأولى أو الأخيرة التي يتعرض لها العراق ولكن ما هو مطلوب منا نحن العرب هو أن نكون يقضين من هذه الروايات المضللة وأن نمتنع عن المساعدة في تأجيج الصراع والأزمات في البلد الجار. لعل أخر ما تم بحثه في العلاقات العربية-العراقية هو الجدال الواسع عقب منح السلطات الأردنية حزب البعث ترخيصاً للعمل في الأردن الحبيب. حيث وصف حزب الدعوة بقيادة نوري المالكي هذا التحرك بالمفاجئ والمعارض لمصالح البلدين. كما طالب حسن سالم العضو في كتلة صادقون بأن يقوم العراق باستدعاء سفيره من الأردن للتباحث، وطالب كذلك بإعادة تقييم التعاون الأمني فيما بين العراق والأردن. وخرج المئات من أبناء الشعب العراقي احتجاجاً على هذا القرار. في الحقيقة يعلم الشعب العراقي والمسؤولون فيه بأن دولة الأردن هي من الدول الشقيقة والتي تشترك مع العراق بالمخاوف الأمنية والسياسية ولكن في الوقت ذاته (وبحسب الرواية العراقية) فإن حزب البعث في العراق هو حزب محظور ويذكر العراقيون بأن هذا الحزب هو السبب في قمع انتفاضة الشعبانية وتنفيذ الهجوم الكيماوي في حلبجة وغيرها من المناطق. ويبقى هذا الموضوع شأناً داخلياً يخص الأردن إلا أن علاقات الجوار والمشتركات الثقافية والأمنية والاقتصادية والسياسية كلها تحتم عدم الانجرار وراء مخططات الأخرين. في الختام، إن دور وسائل الإعلام لا يقتصر على نشر الأخبار والتحليلات السياسية بل يتعداه إلى مواجهة الروايات المضللة. في الحقيقة نعلم جميعاً مدى قوة الاحتلال الإسرائيلي في صناعة الروايات المزيفة خصوصاً عندما يتعلق الأمر في القضية الفلسطينية وكيف تقوم الرواية الإسرائيلية بتزييف الحقائق في فلسطين المحتلة فهي تحاول تحويل المقاومين إلى إرهابيين، وتحاول تحويل الاحتلال إلى الدفاع عن النفس وتحاول تبديل الضحية بالجلاد. كل هذه الروايات سيتم تفنيدها وستقوم السلطات العراقية بالتحقيق بشكل مستقل مع الجاسوسة الإسرائيلية، وإن لم تعمل بهذه القواعد فسوف نشكك باستقلالية البلاد وولاء مسؤوليها للعراق كدولة وللعراقيين كشعب. كاتبة وباحثة عراقية @fatimaaljubour تويتر
المصدر: رأي اليوم
كلمات دلالية:
فی العراق
إقرأ أيضاً:
الشام في مرايا شبكة الاعلام
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
لدينا دولة عربية مساحتها 185,180 كم²، وحدودها البرية مستباحة بطول 2258 كم، وسواحلها البحرية مفتوحة بطول 193 كيلومترا. .
دولة ليس لديها حراس يحمون حدودها ويراقبون منافذها البرية المرتبطة بخمسة بلدان مجاورة (تركيا – العراق – لبنان – الأردن – اسرائيل). .
دولة ليس لديها خفر سواحل يراقبون مياهها الوطنية والإقليمية، وليس لديها شرطة لحماية الناس والممتلكات والحفاظ على النظام العام. وليست لديها جيوش برية، ولا طائرات مقاتلة، ولا أساطيل حربية تدافع عنها. .
دولة توغلت فوق أرضها ثلاثة جيوش غير عربية، فاستقطعت منها مساحات شاسعة، وبسطت نفوذها على قراها ومدنها وجبالها وسهولها. ودمرت كل ما تمتلكه من سلاح وذخيرة، وأرغمت جنودها وضباطها على خلع ملابسهم العسكرية والعودة إلى بيوتهم. .
دولة بلا محاكم، وبلا قضاة، وبلا منظمات اجتماعية، وبلا بنوك، وبلا مراكز تسويقية، تتحرك بداخلها اكثر من عشرة تنظيمات مسلحة مدعومة من جهات دولية متعددة ومتنافرة. .
دولة يترأسها رجل تكفيري مدرج على قائمة الأرهاب الدولي، ومطلوب للقضاء في العراق والأردن، ومع ذلك يطل علينا مذيع من بغداد من شبكة الإعلام العراقية ليبشر المشاهدين: بان الخطوات التصحيحية المتسارعة في سوريا حققت في غضون أسبوعين ما لم يحققه العراق على مدى عشرين عاماً. .
قبل بضعة ايام توغلت اسرائيل في درعا، ودخلت قرية (كويا)، ووصلت إلى سد الوحدة التاريخي القريب من الحدود الأردنية، ثم تمركزت في مواقع استراتيجية، بعد إطلاق تحذيراتها للسكان بتسليم أسلحتهم. ثم توجهت صوب قرية صيدا، على الحدود الإدارية بين محافظتي القنيطرة ودرعا، في خطوة تمثل اختراقاً جديداً ضمن منطقة الجنوب السوري. .
في ضوء ما تقدم نطالب شبكة الإعلام العراقية بتقديم تقرير استقصائي مصور عن الأمن والامان والرخاء والازدهار والخيرات والأنعام في بلاد الشام بعد زوال النظام. .
د. كمال فتاح حيدر