غرفة طوارئ الخرطوم بحري: المدينة تتعرض لـ «دمار ممنهج»
تاريخ النشر: 13th, November 2023 GMT
رحبت غرفة طوارئ الخرطوم بحري المجهودات التي من شأنها أن تحقق السلام في جميع انحاء البلاد، وأكدت على عدم جدية الطرفين وتعاملهم مع عملية التفاوض ككروت سياسية ودبلوماسية معزولة عن حياة المواطنين في ظل هذه الحرب.
الخرطوم: التغيير
قالت غرفة طوارئ الخرطوم بحري إن المدينة تتعرض لما وصفته بـ “دمار ممنهج”، فيما اتهمت أطراف الصراع بعدم تحليهما بالإرادة السياسية لإنهاء معاناة المدنيين.
وبحسب بيان صادر عن إعلام الغرفة السبت، فإن ما دار بعد مفاوضات جدة التي انخرطت فيها أطراف القتال في السودان، وأكدوا في ختامها الإلتزام بفتح المسارات الإنسانية لوصول المساعدات للمتضررين، جاءت أفعالهم على أرض الواقع عكس ذلك.
وأضاف البيان: “رحب الشعب السوداني بأسره والعالقين في مناطق الصراع على وجه الخصوص بمفاوضات جدة واعلانها الختامي، بالرغم من عدم اتفاق الطرفين على إيقاف إطلاق النار بشكل نهائي. ولكن استمرار القصف والقتال المستمر والدمار الذي يحيق بالبلاد والمنشأت الاساسية يؤكد على عدم جديتهما وعلى عدم وجود رغبة أو ارادة سياسية لتخفيف المعاناة الواقعة على كاهل المواطنين”.
مسارات آمنةوأشار إلى أن فرق المتطوعين والمنظمات المحلية والدولية العاملة في مجال الاغاثة تبحث عن طرق أو مسارات آمنة بينما يتم قصف وتهديم البنى التحتية مثلما حدث لجسر شمبات الرابط بين مدينتي أم درمان والخرطوم بحري.
وتابع البيان: “نحن في غرفة طوارئ بحري إذ ننظر إلى مخرجات الجولة الأخيرة من جولة إثبات حسن النوايا من مفاوضات جدة، ننظر إليها كخطوات ابتدائية جادة كفيلة بانهاء المأساة الدائرة في بلادنا اذا ما توفرت الارادة السياسية لدى الطرفين”.
ورحبت غرفة طوارئ الخرطوم بحري المجهودات التي من شأنها أن تحقق السلام في جميع انحاء البلاد، وأكدت على عدم جدية الطرفين وتعاملهم مع عملية التفاوض ككروت سياسية ودبلوماسية معزولة عن حياة المواطنين في ظل هذه الحرب.
بجانب عدم وجود ضغط كافي من المجتمع الدولي لتحميلهم مسئولية افعالهم، لا يساهم في غير إطالة أمد الحرب والمعاناة.
وأضافت في بيانها: “إن ما حدث اليوم من معركة شرسة بين الطرفين قد أدى إلى نتائج لا تحمد وتنذر بالكثير والمخيف لعامة الشعب”.
تدمير جسر شمباتواستشهدت بتدمير جسر شمبات الذي يربط بين الخرطوم بحري وأم درمان إلى جانب “القتل والتنكيل والنهب يتم بشكل متزايد يوما بعد يوما وتدمير البنى التحتية بالعاصمة الخرطوم”، وقالت إن ذلك يحول الخرطوم تدريجيا إلى مدينة اشباح.
وذكرت غرفة طوارئ الخرطوم بحري جميع الأطراف بالمعاناة التي يعيشها ابناء الشعب تحت الحصار في مدينة بحري، والحصار المفروض على منطقة الفتيحاب في امدرمان والذي نتج عنه وفيات جراء الجوع والعطش.
بالاضافة إلى الحصار المضروب على جزيرة توتي وعلى مناطق مختلفة من الخرطوم، والذي قالت إنه ينبغي ان ينتهي الآن.
وأضافت: “كما أن استمرار الجرائم التي يتعرض لها بنات وابناء شعبنا في غرب دارفور هو وصمة عار في جبين الانسانية. وإن سيادة هذه الوطن هي في الحفاظ على سلامة وكرامة وحقوق ابناءه الرئيسية، وهذه الحرب الان اصبحت ضد السودانيين ووطنهم، وليست بين مجرد فصيلين متقاتلين.
الوسومآثار الحرب في السودان الخرطوم بحري حرب الجيش والدعم السريع غرفة طوارئ الخرطوم بحريالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: آثار الحرب في السودان الخرطوم بحري حرب الجيش والدعم السريع على عدم
إقرأ أيضاً:
الحوثيون يُعززون قبضتهم الأمنية في إب: قمع ممنهج وتصدعات داخلية تُهدد استقرار اليمن (تقرير دولي)
الصورة: تشييع الناشط البارز حمدي عبد الرزاق الخولاني (المعروف باسم "المكحل") الذي اغتالته مليشيا الحوثي في إب (ارشيفية)
كشف تحليل حديث أجراه مشروع "بيانات مواقع وأحداث الصراع المسلح" (ACLED) –المبادرة العالمية التي تُعنى برصد النزاعات وتحليلها– عن تصاعد غير مسبوق في وتيرة القمع السياسي والفوضى القبلية بمحافظة إب اليمنية، التي تعد معقلًا تاريخياً للمعارضة الداخلية ضد مليشيا الحوثي. وتشير البيانات إلى أن استراتيجية الحوثيين القائمة على "القبضة الحديدية" لفرض السيطرة تزيد من تعقيد الأزمة الإنسانية وتغذي بؤر التوتر في مناطق نفوذهم، وسط تحذيرات من انهيار متسارع للأمن وانزياح ديموغرافي قسري.
في أعقاب هدنة أبريل 2022 التي توسطت فيها الأمم المتحدة، حول الحوثيون تركيزهم إلى الجبهة الداخلية، مستغلين تراجع العمليات العسكرية لتعزيز قبضتهم الأمنية. وفقا لبيانات ACLED، شهدت محافظة إب –ذات الأغلبية السنية والتي يقطنها نحو 4 ملايين نسمة– ارتفاعا حادا في انتهاكات حقوق الإنسان، حيث تضاعفت اعتداءات الحوثيين وخطف النشطاء مقارنة بفترة ما قبل الهدنة. وتصاعدت الحملة بشكل ملحوظ في يونيو 2022، عندما أطلقت المليشيا (المصنفة على قوائم الإرهاب) حملة أمنية موسعة استهدفت نشطاء المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان، بدعوى "التآمر مع الأعداء".
يُعد قمع الحوثيين والفوضى السياسية في إب بمثابة مقياس للاضطرابات المتصاعدة في المناطق التي تسيطر عليها المليشيا الدعومة من إيران. وهو يسلط الضوء على عدة أنماط موجودة في محافظات أخرى، بما في ذلك قمع التعددية السياسية وحرية الرأي، والفوضى المتعلقة بالأراضي والنزاعات القبلية، والصراعات الداخلية داخل صفوف الحوثيين. بحسب التقرير.
كجزء من حملة أمنية منسقة شملت عدة محافظات، وأبرزها العاصمة المختطفة صنعاء، تصاعدت حملة الحوثيين ضد النشطاء الذين ينتقدون حكمهم على منصات مثل يوتيوب وفيسبوك. في إب وحدها، تم اختطاف ما لا يقل عن 13 شخصا بتهم ملفقة. ومن أبرز الحوادث التي أثارت غضبا شعبيا، اختطاف واغتيال الحوثيين للناشط البارز حمدي عبد الرزاق الخولاني (المعروف باسم "المكحل"). كما تم اختطاف 13 شخصا على الأقل في إب وحدها خلال الحملة، وفقًا لتوثيق منظمات حقوقية محلية، مما أثار موجة من الاحتجاجات الشعبية التي تم قمعها على الفور من قبل الأجهزة الأمنية الحوثية.
بشكل عام، يشير قمع النشاط الشعبي إلى تقلص حرية التعبير، مصحوبًا بجهود متزايدة لفرض الأيديولوجية الحوثية، مما أدى إلى ظهور جيوب معارضة شعبية هادئة ولكن مستمرة. بحسب التقرير.
في إب، تصاعد القمع في سبتمبر 2024، عندما اختطف الحوثيون المئات، بمن في ذلك شيوخ القبائل وشخصيات سياسية محلية وأطفال، في ذكرى ثورة 26 من سبتمبر.
على الرغم من محاولات الحوثيين تصوير أنفسهم كحماة للقبائل، تُظهر بيانات ACLED تصاعدا بنسبة 60% في النزاعات القبلية بمحافظة إب منذ الهدنة، مدفوعًا بمصادرة الأراضي وفرض رسوم عشوائية.
فمنذ بداية الحرب، شهدت إب ارتفاعًا كبيرًا في قيمة العقارات والأراضي، مدفوعًا بتدفق كبير للنازحين داخليًا وزيادة الاستثمارات من المغتربين. واستغلالًا لهذه الزيادة في القيمة، قام الحوثيون بمصادرة الممتلكات الخاصة قسرًا، مثل مصادرة الأراضي والممتلكات لمشاريع البنية التحتية دون تعويض مناسب؛ واستولوا على ممتلكات دينية سنية كوسيلة لفرض القمع الطائفي؛ وصادروا الأوقاف الدينية؛ واستولوا على أراضي القبائل لصالح فصائل حوثية مختارة، والتي غالبًا ما تتنافس فيما بينها على العوائد.
وفي حالة تُلخص التعقيدات الطائفية، تصاعدت الاشتباكات بين فصائل حوثية حول السيطرة على الأوقاف الدينية. ففي سبتمبر 2022، أدى نزاع على أراضٍ وقفية بين قائدين حوثيين –بندر الأسيل وناصر الأرجلي– إلى إطلاق نار ومقتل شقيق الأخير، ما أسفر لاحقًا عن سجن الأسيل وتصاعد مصادرة الأوقاف في إب.
شهدت محافظة إب تصاعدًا كارثيًا في أعمال العنف المرتبطة بمصادرة الأراضي على يد الحوثيين منذ أبريل 2022، حيث سجَّلت بيانات ACLED ارتفاعًا يفوق سبعة أضعاف مقارنةً بفترة ما قبل الهدنة الأممية. تجلَّت هذه الموجة العنيفة بشكل رئيسي في هجمات ممنهجة واختطافات تستهدف المدنيين وأفراد القبائل الرافضين لسيطرة الجماعة، لكنَّها تطوَّرت في حالات عديدة إلى مواجهات مسلحة كاملة بين فصائل الحوثيين والقبائل المناهضة لهم. ولم تقتصر الانتهاكات على ذلك، بل امتدت إلى فرض رسوم باهظة بشكل تعسفي على السكان.
ووفقًا لتحليل أنماط الانتشار الجغرافي، تركزت أغلب عمليات العنف الحوثية حول المحاور الاستراتيجية – خاصة الطريقين الرئيسيين الرابطين بين شمال المحافظة وجنوبها، وشرقها وغربها – في إشارة واضحة إلى القيمة الاقتصادية والأمنية المتصاعدة للمناطق القريبة من شبكات النقل الحيوية. في المقابل، اتسمت النزاعات القبلية المرتبطة بملكية الأراضي بطابع عشوائي التوزيع، حيث انتشرت بؤر التوتر دون نمطٍ محدد عبر قرى ومديريات المحافظة، مما يعكس الطبيعة المحلية للنزاعات القبلية المعنية.
وبحسب التقرير الدولي، لا تقتصر الفوضى القبلية في إب على كونها نتاجا عفويا للصراعات المحلية، بل تشكل امتدادا لاستراتيجيات حوكمة ممنهجة تعتمدها مليشيا الحوثي لتحقيق هيمنتها. فمن خلال تحالفات مخطط لها مع فصائل قبلية مختارة، تعمل الجماعة على إضرام نيران النزاعات الداخلية بين القبائل، مستخدمةً سياسة "فرق تسد" لتكريس انقسامات تضعف الكيانات القبلية المناوئة وتفكك آليات الحوكمة التقليدية. وتُظهر الوقائع أن ضباط الحوثيين –الذين نادرا ما يحاسبون على انتهاكاتهم حتى مع تصاعد مطالب القبائل بالثأر– يُمنحون غطاءً لتنفيذ أجندتهم، بينما تُغدَق الامتيازات المالية والمناصب السياسية على القبائل الموالية، في خطوة تهدف إلى تقويض أسس التضامن الاجتماعي التي ظلت لقرون حجر الزاوية في استقرار المناطق اليمنية.
وفي تصعيد لاستهداف البنى القبلية، لجأت الجماعة إلى تصفية الوسطاء والمُحكمين التقليديين الذين يعتبرون حُماةً لآليات فض النزاعات بالسُبل السلمية. وكانت حادثة اغتيال أحد أبرز هؤلاء الوسطاء في ديسمبر 2024 بمحافظة إب مثالًا صارخًا على هذه السياسة، حيث أدت إلى تفجير غضب قبليٍ واسع، وإضعاف متعمد لنظام التحكيم العُرفي الذي يُعدّ آخر سدٍّ منيعٍ ضد انهيار الأمن المجتمعي.
في خضم المشهد المتأرجح بين تصاعد التهديدات الدولية وتفكك الأوضاع الداخلية، تبدو استراتيجيات القمع الحوثية في إب مقدمة على مزيد من التصعيد، انطلاقا من جذورها المتشعبة في بنية الحكم الأصولي للجماعة. فتصنيف الولايات المتحدة الأخير للحوثيين كـ"منظمة إرهابية أجنبية" يُنذر بتعميق العزلة الدبلوماسية للجماعة، وتغذية هوس الاضطهاد لدى قياداتها بادعاءات "المؤامرات الدولية". هذه العوامل مجتمعة ستدفع –بحسب مراقبين– إلى مزيد من خنق الحريات السياسية، وتسعير الصراعات الداخلية على موارد الدولة الشحيحة والمنهكة، التي صارت ساحة للتنافس بين أجنحة الجماعة المتنافرة.
يحذر التقرير من أن ما يحدث في إب ليس سوى نموذجٍ أولي لمأساة أوسع؛ فأنماط القمع ذاتها بدأت تطفو على السطح في محافظات أخرى تُدار بالمنطق الأمني الحوثي. ففي البيضاء ذات الأغلبية السنية، تتكرر مشاهد القبض على الناشطين تحت ذرائع قبلية، بينما تشهد صنعاء –القلب السياسي للمليشيا– تصدعات متسارعة في تحالفات النخبة الحوثية الحاكمة، ما يُنذر بتحول "القبضة الحديدية" من أداة سيطرة إلى شرارة لإشعال فتنٍ داخلية تعيد إنتاج دوامة العنف.
ومع تصاعد الضربات الجوية الأمريكية - البريطانية على مواقع الحوثيين منذ يناير 2024، ردت الجماعة بحملة اعتقالات طالت موظفين يمنيين في منظمات دولية، بتهمة الانتماء لـ"شبكات تجسس".
تكشف أحداث إب النقاب عن تناقض صارخ بين الخطاب الحوثي الداعي إلى "الاستقرار" والواقع المليء بالانتهاكات والفوضى الممنهجة. وبينما يحذر ACLED من أن استمرار هذه السياسات قد يعيد اليمن إلى حرب شاملة، تظل المحافظة نموذجا لصراعٍ معقد تتشابك فيه العوامل السياسية والطائفية والقبلية، في مشهدٍ ينذر بانهيار أوسع قد يعيد رسم خريطة النفوذ في البلاد.