شبكة اخبار العراق:
2024-11-23@15:13:36 GMT

البراغماتية التي أوصلتنا إلى قمة الرياض

تاريخ النشر: 13th, November 2023 GMT

البراغماتية التي أوصلتنا إلى قمة الرياض

آخر تحديث: 13 نونبر 2023 - 9:44 صبقلم:د. هيثم الزبيدي لو أن عرافا قال قبل ثلاث سنين إنه سيأتي اليوم الذي يخطب فيه قادة إيران وتركيا وقطر سوية من على منبر في الرياض، لقيل له إن عليه أن يجد مهنة أخرى. لو أنه زاد من قدرته على التنجيم، وأضاف أنهم سيزايدون على السعودية في عقر دارها، لا شك أن الرد سيكون “كذب المنجمون ولو صدقوا”.

عرافنا المفترض ذو خيال واسع، لكن مشهد قمة الرياض بالأمس يتجاوز المعقول. لا شك أن حرب غزة غيرت كل معطيات المنطقة. لا يمكن وصف ما يحدث بحق الفلسطينيين في غزة إلا بجرائم حرب. عملية التدمير المنهجية لكل شيء هناك، مصحوبة بالقتل الأعمى للمدنيين، أطفالا ونساء ورجالا، جعلت أكثر مؤيدي إسرائيل من زعماء الغرب، ممن دعّم حملتها الانتقامية بعد هجوم حماس يوم 7 أكتوبر على مستوطنات غلاف غزة، أن يعيدوا التفكير بمواقفهم ويبحثوا عن صيغة تكبح جماح الانتقام الإسرائيلي. إلى حد الساعة، لا يوجد من يمكنه أن يوقف الجنرالات الإسرائيليين في حملتهم، ولا حتى قرار من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أو ضغط أميركي من الرئيس جو بايدن. هؤلاء الضباط الكبار يتصرفون بمنطق من لا يهتم أن يأتي اليوم الذي توضع أسماؤهم فيه على قائمة اتهامات دولية بالقيام بجرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية. ما لم يتغير بالمنطقة هو مواقف الزعماء الذين خطبوا بغضب من على منبر قمة الرياض. أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني حوّل المعونات المادية التي وفرها لحماس على مدى سنوات إلى كلمات إدانة لانفلات الفعل الإسرائيلي. الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الخطيب المفوّه على مدى سنوات في انتقاد إسرائيل وقادتها، تجاوز صمته وتردده على مدى الأشهر القليلة الماضية بعد أن عرف حدود قدراته، وعاد إلى كلماته الرنانة لإدانة إسرائيل. أما الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي فكان أمام فرصة تكرار خطب الجمعة أمام جمهوره الإيراني المعتاد، ولكن هذه المرة من السعودية وأمام زعماء عرب ومسلمين ليس بوسعهم الرد عليه. كانت حيرة رئيسي الكبرى تكمن في قدرته على جمع كل كلمات الإدانة للولايات المتحدة أولا، وإسرائيل ثانيا، خلال الدقائق التي تمنح لكل زعيم مشارك في القمة لإلقاء كلمته. كيف تمكّن هؤلاء الزعماء من الوصول إلى هذا المستوى من الجرأة من على منبر الرياض؟ هل هي الحرب في غزة وما ارتكبته إسرائيل من جرائم بحق الفلسطينيين؟ أم هي المبالغة بالبراغماتية السعودية التي سبقت أزمة غزة وتركت المجال للثلاثي “المتشدد” أن يستجمع قواه ويعيد إحياء مشروع الإسلام السياسي بصيغتيه الإخوانية والخمينية؟ لا بد أن نسترجع أن محور الاعتدال الذي قادته السعودية لفترة لا علاقة له بالقضية الفلسطينية. كان المحور موجها ضد منع انتشار الإسلام السياسي في المنطقة، كمشاريع لتولي الحكم يقودها الإخوان أو تسلل ميليشياوي موال لإيران في دول الأزمات، العراق وسوريا واليمن ولبنان. بعد سنوات من حرب اليمن، أرهق الحلف الإيراني الإخواني/القطري السعودية، وبدأت الرياض تبحث عن مخرج. وساهمت تركيا بالحملة مستفيدة من جريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي، بأن زادت الضغوط على القيادة السعودية وأمعنت بالإساءة لسمعتها دوليا. هذه الضغوط غيرت من أولويات السعودية، وبدأنا نشهد تفككا لمحور الاعتدال بإعادة ترتيب الأولويات لأطرافه. كتطور جانبي، شهدنا الاتفاق الإبراهيمي عندما قررت دول بعيدة جغرافيا عن الصراع العربي – الإسرائيلي أن توقّع اتفاقيات سلام مع إسرائيل. كانت هذه الاتفاقيات متأخرة زمنيا بعقود عن اتفاقيات مماثلة وقّعها المصريون والفلسطينيون والأردنيون. التقط محور إيران/الإخوان قضية التطبيع وجعلها نقطة الانطلاقة الجديدة في إحياء محوره. لا بد من الاعتراف أنها التقاطة ذكية لأنها حرفت الرؤية عن المشروع السياسي الإخواني في المنطقة والانتشار الإيراني الميليشياوي فيها. دول محور الاعتدال صارت متهمة بالتطبيع، بعد أن كان الاتهام الموجه لها هو الوقوف بوجه صعود التيار الإسلامي إلى الحكم. مقابل الترسانة الإعلامية الفاعلة والمستمرة لقطر وإيران وتركيا، كان الحضور الإعلامي لما كان يسمّى بدول الاعتدال ضعيفا. سيطر الثلاثي على السرديات المتداولة، ووجهوا كل شيء لدعم قراءتهم للمنطقة. وجاءهم المدد من حيث لا يحتسبون: سياسات أقل ما يقال عنها إنها حمقاء من قيادة إسرائيلية متشددة يوجهها رئيس وزراء انتهازي هو نتنياهو لا همّ له إلا الحكم والابتعاد عن المحاسبة القضائية. نجح الثلاثي إعلاميا في تحويل صورة محور الاعتدال إلى صورة مختلفة صار مسمّاها محور التطبيع. ونسي الكثيرون أن هدف المحور كان منع تشظي المنطقة على أيدي الميليشيات والأحزاب مما ينهي صيغة الدول بشكلها الحالي. وساهمت المقاطعة السعودية للفلسطينيين واللبنانيين في رسم صورة لمحور التطبيع. وأمام مكاسب مثل هدنة في اليمن، ومصافحات في قمة العلا، وصور للتوافق مع إيران بوساطة صينية، وزيارات متبادلة للزعماء بين أنقرة والرياض، كان الثلاثي قد نجح في مسعاه في تفكيك محور الاعتدال وإعادة تسميته كمحور للتطبيع. كانت الأجواء مهيّأة للحدث الأكبر الذي جاء من غزة. عملية “طوفان الأقصى” تم الإعداد لها من سنين. الحديث عن أنفاق غزة ليس بجديد. المناورات التدريبية لمقاتلي حماس كانت أشرطة متداولة على يوتيوب وواتساب. الصواريخ التي كانت تطلق في مواجهات متكررة مع إسرائيل كانت تأكيدا على وجود ترسانة أكبر بين يدي حماس والجهاد الإسلامي. إسرائيل تستطيع أن تحسب الفارق بين الأموال التي تتسلمها من قطر وتوصلها إلى حماس وتعرف أنها تستخدم كرواتب لمقاتلي حماس ولتشييد الأنفاق. جزء كبير من تلك الأموال التي كانت توزّع على أهل غزة كانت لضمان عدم اعتراضهم على استمرار حكم حماس من جهة، وأن يسكتوا على ما يرونه من تشييد لأنفاق تحت مدنهم ومخيماتهم من جهة أخرى. المفاجأة الوحيدة في عملية “طوفان الأقصى” أن الجميع يتعامل معها كمفاجأة. حرب غزة، وخصوصا ما تفعله إسرائيل من جريمة موصوفة بحق المدنيين، هي ما كان ينقص الثلاثي لإعادة إطلاق محور الإسلام السياسي في المنطقة بعد أن خسر الجولة الأولى. ضع جانبا كل ما يقال عن تخاذل محور المقاومة عن نصرة أهل غزة. فبعد أن كان أيّ فعل يقوم به حزب الله أو الحوثيون أو الميليشيات في سوريا مذموما، صار الحديث الآن “لماذا لا تتحركون”. انقلبت الصورة، وصار الفعل الإيراني مطلوبا. أوصلتنا البراغماتية غير المحسوبة إلى قمة الرياض. خرج الثلاثي رافعا الرأس من دون أن يقدم أيّ شيء فعلي غير الصوت العالي. الغاز القطري يذهب إلى الدول الداعمة للعدوان، والنفط الإيراني مثله، ولا يوجد ما يدل على أن تركيا ستجازف بعلاقاتها الاقتصادية مع الغرب لعيون الفلسطينيين. الملام في كل هذا هي السعودية. فمهما قالت ومهما نادت، فإنها متهمة بالتقصير. ضع جانبا أن القمة هي تجسيد للعجز الجماعي أمام إسرائيل وداعميها في الغرب. العجز تحصيل حاصل.دمج القمة العربية مع القمة الإسلامية زاد من عدد الوفود المشاركة بتوسيع مسمّاها. التخوف الآن من أن نرى قمة قادمة تكون الميليشيات حاضرة فيها. القمة العربية – الإسلامية – الميليشياوية بمقاعد محجوزة لحماس وحزب الله والحوثي والحشد.

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: قمة الریاض بعد أن

إقرأ أيضاً:

الرئيس الكولومبي: هدف حرب الإبادة التي تمارسها “إسرائيل” في غزة منع قيام وطن للفلسطينيين

يمانيون../ اعتبر الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو، اليوم السبت، أن حرب الإبادة الصهيونية المتواصلة على قطاع غزة منذ أكثر من عامين والهجمات في الشرق الأوسط “رسالة تخويف” إلى دول الجنوب.

وقال بيترو في تصريحات صحفية لقناة الجزيرة: إن كولومبيا مستعدة لاعتقال رئيس حكومة الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو ووزير جيشه المُقال يوآف غالانت تنفيذا لأمر المحكمة الجنائية الدولية.

وأضاف: إن “هدف حرب الإبادة التي تمارسها “إسرائيل” في غزة منع قيام وطن للفلسطينيين”.. مشيرا إلى أن “ما يحدث بفلسطين والمنطقة ليس مجرد حرب بل رسالة تخويف من دول الشمال إلى الجنوب بأكمله”.

وتابع: إن “الدول التي تحلم بالسيطرة على العالم تزيد التوترات والحروب حفاظا على سيادتها وتحكمها”.. موضحا أن “الدول الكبرى تضرب بعرض الحائط القانون الدولي وحقوق الإنسان والحضارة الإنسانية”.”.

ويشير مصطلح “الجنوب العالمي” إلى بلدان مختلفة حول العالم تنتشر في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية ولا تقع جميعها في نصف الكرة الجنوبي، لكنها كانت توصف أحياناً بأنها نامية أو أقل نمواً أو متخلفة، وذلك لأنها بشكل عام، أكثر فقراً، ولديها مستويات أعلى من عدم المساواة في الدخل وتعاني من انخفاض متوسط العمر المتوقع وظروف معيشية أقسى من البلدان الموجودة في “الشمال العالمي” أي الدول الأكثر ثراء التي تقع غالباً في أميركا الشمالية وأوروبا.

وحول تضامن بلاده مع الشعب الفلسطيني، قال بيترو: “عانينا من الوحشية والقتل ولذا فإننا نشعر أكثر بمعنى الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني”.. لافتاً إلى تأثر شعبه “بهول مشاهد الإبادة التي يراها في غزة وتجعله يسترجع ذكريات قاسية”.

مقالات مشابهة

  • الرئيس الكولومبي: هدف حرب الإبادة التي تمارسها “إسرائيل” في غزة منع قيام وطن للفلسطينيين
  • خبير: إسرائيل تحاول إيجاد أكثر من محور للهجوم وتحقيق الأهداف في لبنان
  • السعودية.. افتتاح “مترو الرياض” بعد 4 أيام
  • السعودية.. افتتاح مترو الرياض بعد 4 أيام
  • قائد الحرس الثوري الإيراني: قطعاً سننتقم من إسرائيل
  • زيباري: تهديدات إسرائيل للعراق كانت متوقعة
  • مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج النووي الإيراني في عهد ترامب
  • الرياض: الجمعية السعودية للفنون التشكيلية (جسفت) توفر وظائف شاغرة
  • نائب وزير الخارجية والسفير الإيراني يزوران ضريح الشهيد الصماد
  • نائب وزير الخارجية والسفير الإيراني بصنعاء يزوران ضريح الشهيد الصماد