بكين- “رأي اليوم”- في وقت تعقد فيه وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، اجتماعات هامة، الجمعة والسبت، مع كبار المسؤولين السياسيين والاقتصاديين في الصين، فإنها، وبحسب مراقبين، ستواجه عوائق عدة من أجل إنجاز مهمة صعبة تسعى من خلالها إلى تحقيق الاستقرار في علاقة متصدعة بين أكبر اقتصاديين في العالم، وفقا لتقرير نشرته شبكة “سي إن إن” الإخبارية.
ودعت يلين، الجمعة، إلى “منافسة سليمة” مع الصين معربة عن الأمل في عدم ترك “الخلافات” تتسبب “بتدهور غير مجد” للعلاقات بين البلدين. وقالت، خلال لقاء مع رئيس الوزراء، لي تشيانغ، في قصر الشعب في بكين: “نسعى إلى منافسة اقتصادية سليمة، لا يحصد الأقوى فيها كل الغنائم، مع مجموعة من القواعد المنصفة يمكن أن يستفيد منها البلدان مع الوقت”. وأكد يلين على أن “الخلافات” يجب ألا تؤدي إلى “تدهور غير مجد” للعلاقات الصينية الأميركية، فيما قال رئيس الوزراء الصيني، لي تشيانغ، إنه يرى تحسنا في العلاقات مع واشنطن. وكانت الصين قد أعلنت، الاثنين، فرض قيود على صادرات على اثنين من المعادن التي تقول الولايات المتحدة إنها ضرورية لإنتاج أشباه الموصلات وغيرها من التقنيات المتقدمة، وفق “الحرة”. وقال وي جيانجو، نائب وزير التجارة الصيني السابق، لصحيفة “تشاينا ديلي” الرسمية: “هذه مجرد البداية.. ففي جعبة الصين المزيد من الأدوات”. وتأتي زيارة يلين في وقت يواجه فيه الاقتصاد العالمي قدرا كبيرا من عدم اليقين، حيث أن تعافي الصين من تعبات جائحة فيروس كورونا قد فقد زخمه، في حين أن أوروبا لا تزال تحاول التخلص من آثار الركود وسط مخاوف من تعرض الولايات المتحدة لمثله. ومن المتوقع أن يحقق الاقتصاد العالمي مكاسب عدة إذا تمكنت واشنطن وبكين من إصلاح العلاقات بينهما، لكن محللين يقولون إن هذا يبدو أمرا غير مرجح. فالبلدين لديهما مصالح استراتيجية مختلفة ومتنافسة، وفي هذا الصدد تقول، آنا أشتون، مديرة شؤون الشركات الصينية والعلاقات بين الولايات المتحدة والصين في مجموعة أوراسيا، إن العلاقة هي في أدنى مستوياتها منذ عقود، وتتميز بانعدام ثقة جلي ومتبادل. وفيما يلي أربعة قضايا ومعضلات من المحتمل أن تجعل من الصعب على يلين إصلاح العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، رغم أن هناك أمرا واحد يحافظ على استمرار العلاقة بين البلدين، وفقا لتقرير الشبكة الأميركية حرب الرقائق تصاعد الخلاف بشأن مستقبل أشباه الموصلات في الأشهر الأخيرة، ولعبت بكين “الورقة الرابحة” في وقت سابق من هذا الأسبوع عندما فرضت ضوابط تصدير على مادتين خام، هما الغاليوم والغرمانيوم، وهما أمران مهمان لصناعة الرقائق العالمية. وكان يُنظر إلى هذا على أنه الإجراء الثاني المضاد للصين للحظر الأميركي على مبيعات الرقائق المتقدمة إلى الصين، والذي أعلنته إدارة بايدن العام الماضي. وكانت بكين قد حظرت في شهر مايو منتجات شركة “ميكرون تكنولوجي” الأميركية المصنعة للرقائق بحجة أنها تشكل خطرا على الأمن القومي. ونقلت صحيفة “تشاينا ديلي” عن وي قوله إن قرار إعلان القيود على تصدير معدني الغاليوم والغرمانيوم، قد اتخذ بعد “دراسة متأنية” وكان مصممًا “ليس فقط لإحداث حالة من الذعر في بعض البلدان، ولكن أيضا لإحداث آلام شديدة فيها”. وفي وقت سابق، قال بيتر آركيل، رئيس اتحاد الصين العالمي للتعدين “ضربت الصين قيود التجارة الأميركية في موضع مؤلم”. وفي أكتوبر، كشفت الحكومة الأميركية النقاب عن مجموعة من ضوابط التصدير التي تحظر على الشركات الصينية شراء الرقائق ومعدات تصنيع الرقائق المتقدمة دون ترخيص. ووفقا لتقارير إعلامية متعددة، سيتم توسيع القيود لتقييد بيع بعض رقائق الذكاء الاصطناعي. وتضرب العقوبات صميم طموحات بكين التكنولوجية، حيث تعد الرقائق حيوية لكل شيء بدءًا من الهواتف الذكية والسيارات ذاتية القيادة والحوسبة المتقدمة إلى تصنيع الأسلحة. وقد انتقدت الصين بشدة مثل هذه القيود على صادرات التكنولوجيا مؤكدة أنها ستبذل قصارى جهدها لضمان عدم إعاقة تنميتها. المداهمات على الشركات الأميركية أما القضية الثانية، فتتجلى في حملة بكين ضد شركات الاستشارات الغربية التي أثارت قلق الشركات الأميركية. ففي أبريل، قامت بكين بتحديث قانون مكافحة التجسس، الذي وسع قائمة الأنشطة التي يمكن اعتبارها تجسسا. وخلال الأشهر القليلة الماضية، شن المسؤولون سلسلة من المداهمات على شركات استشارية، بما في ذلك شركات “باين أند كومباني” (Bain & Company) و”مينتز غروب” (Mintz Group) و”كابفيجين” (Capvision) والاخيرة مقرها في شنغهاي ونيويورك، وقد اتهمتها السلطات بالمساعدة في تسريب معلومات عسكرية حساسة إلى جهات أجنبية. وفي هذا الصدد، يرى محللون أن التركيز الكبير للرئيس الصيني، شي جينبينغ، على الأمن القومي يخلق مخاطر سياسية تجعل من الصعب على الشركات الأجنبية القيام بأعمال تجارية في الصين. وبناء على ذلك أغلقت بعض الصناديق وشركات الأبحاث مكاتبها في الصين في أعقاب تلك الإجراءات الصارمة، بما في ذلك شركة “فوستر للأبحاث (Forrester Research). القيود المحتملة على الاستثمار في الصين منذ وقت سابق من هذا العام، كانت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، تبحث فرض إجراءات وقوانين جديدة يمكن أن تحد من الاستثمار في أجزاء رئيسية من اقتصاد الصين من قبل الشركات الأميركية، وفقًا لتقارير إعلامية متعددة. وفي أبريل، دعت مجموعة من أعضاء الكونغرس الجمهوريين الإدارة إلى “استخدام جميع الأدوات المتاحة” لمعاقبة شركات الحوسبة السحابية التي لها روابط مع الصين. وقامت حكومة الولايات المتحدة منذ فترة طويلة بفحص الاستثمار الأجنبي في البلاد، بيد أن القواعد التي تنظم الاستثمار الأميركي في الخارج ستكون خطوة جديدة، وجزءًا من جهد أوسع بحيث يجعل من الصعب على الصين تطوير التقنيات الرئيسية التي يمكن أن تدعم قوتها العسكرية. وقد أدت التوترات الجيوسياسية المتصاعدة إلى وضع العديد من الشركات في موقف صعب، ففي الشهر الماضي، قسمت شركة رأس المال الاستثماري العملاقة “سيكويا” أعمالها في الصين بعد أن جذبت استثماراتها الواسعة في بكين، (غالبًا في شركات التكنولوجيا الناشئة)، انتباه المشرعين الأميركيين. وقال المسؤولون التنفيذيون في “سيكويا” عبر بيان رسمي في بيان إن الأمور باتت “معقدة بشكل متزايد” لإدارة أعمال استثمارية عالمية لامركزية. من جانب آخر تكافح شركة التطبيق الشهير “تيك توك”( TikTok) أيضا لإنقاذ عملياتها في الولايات المتحدة، حيث يثير عدد متزايد من المشرعين مخاوف تتعلق بالأمن القومي بشأن علاقات الشركة بالصين. التخلص من المخاطر من الصعب تصور حدوث قطيعة نهائية بين الولايات المتحدة والصين، بالنظر إلى مدى العلاقات التجارية والاستثمارية الثنائية المتشابكة. ومع ذلك، شدد بايدن وحلفاؤه الأوروبيون مرارا على الرغبة في “التخلص من المخاطر” في علاقاتهم بالاقتصاد الصيني، لأسباب ليس أقلها الدروس المستفادة منذ أن شنت موسكو غزوا شاملا لأوكرانيا في العام الماضي، حيث أن الاعتماد على روسيا للحصول على الطاقة وغيرها من السلع قد أعطى الكثير من العبر والنتائج. وقد أثارت الحرب في أوكرانيا أيضا مخاوف بشأن مصير جزيرة تايوان التي هددت الصين بغزوها. وأدت تلك المخاوف إلى جهود منسقة لإخراج الصين من سلاسل التوريد التكنولوجية التي يمكن استخدامها لتعزيز قوتها العسكرية، وقد قوبل ذلك بمعارضة قوية من بكين. وتعقيبا على ذك، قال رئيس مجلس الدولة الصيني، لي تشيانغ، خلال الشهر الماضي: “بعض الناس في الغرب يبالغون فيما يسمى بمفاهيم تقليل التبعية (للصين) وتقليل المخاطر.. أود أن أقول إن هذه المفاهيم هي افتراضات خاطئة”. ودعا إلى اتخاذ قرارات “التخلص من المخاطر” من قبل الشركات وليس الحكومات، موضحا أن العولمة الاقتصادية لم تتغير، وينبغي أن يكون هناك المزيد من التعاون والاتصالات. ويوم الثلاثاء الماضي قال الرئيس الصيني إن بكين تعارض “القطعية”، موضحا أن بلاده تريد العمل مع دول العالم “لرفض تحركات إقامة الحواجز وفك الارتباط وكسر الروابط”. “حركة التجارة قوية” على الرغم من التوتر، يظل المستهلكون والشركات في أكبر اقتصادين بالعالم على اتصال وثيق وعميق، فبكين من بين أكبر اثنين من الدائنين للولايات المتحدة، في حين لا تزال أميركا أكبر شريك تجاري منفرد للصين. وفي العام الماضي، قفزت تجارة السلع بين الاقتصادين إلى ما يقرب من 691 مليار دولار، محطمة الرقم القياسي السابق المسجل في عام 2018، وفقًا لبيانات وزارة التجارة الأميركية. وزاد العجز الأميركي في السلع المتداولة مع الصين بنسبة 8٪ إلى 382.9 مليار دولار، وهو أيضا أكبر عجز على الإطلاق، وهنا يوضح أليكس كابري، كبير المحاضرين في كلية إدارة الأعمال بجامعة سنغافورة الوطنية، أن : “التجارة بين القوتين العظميين منقسمة وهذه مفارقة”. وأضاف: “حتى مع انفصال سلاسل التوريد الاستراتيجية، فإن الشركات متعددة الجنسيات تضاعف عملياتها في مجالات أخرى في الصين”. وكانت شركة الأدوية الأميركية”موديرنا”، قد وقعت، يوم الأربعاء، صفقة للقيام بأول استثمار كبير لها في الصين، في حين أعلنت شركة تسيلا لإنتاج السيارات الكهربائية عن خطط لفتح مصنع ثانٍ في شنغهاي لإنتاج بطاريات كبيرة تستخدم لتخزين كميات هائلة من الكهرباء. وتعلق آنا أشتون على ذلك بقولها: “يظل سوق الصين ذا أهمية حاسمة للقدرة التنافسية العالمية للعديد من الشركات الأميركية بسبب حجمه الهائل والذي لا مثيل له”. لكنها حذرت من أن الشركات والمستهلكين لم يروا بعد الآثار الكاملة للعقوبات التي فرضها الجانبان، ومن المؤكد أن المزيد من هذه الإجراءات قادمة. وأضافت: “كلا الجانبين يصعدان القيود التجارية باسم الأمن القومي والمصالح الوطنية”. وختمت بالقول: “إذا استمرت الأمور في هذا المنحى، فإن ذلك قد يهدد بالفعل قدرة البلدين على الحفاظ على مشاركة اقتصادية قوية حتى عندما تكون السلع والخدمات المعنية تبدو عادية وجيدة”.
المصدر: رأي اليوم
كلمات دلالية:
الولایات المتحدة
فی الصین
الصین من
إقرأ أيضاً:
"gfh" تستحوذ على أصول سكنية بـ300 مليون دولار في أميركا
أعلنت مجموعة جي إف إتش المالية، الاثنين، أن ذراعها العالمي لإدارة الاصول، شركة جي إف إتش بارتنرز ليميتد التي تتخذ من مركز دبي العالمي مقرا رئيسيا لعملياتها، استحوذت على أصول سكنية مخصصة للطلاب في الولايات المتحدة قيمتها 300 مليون دولار.
وقالت جي إف إتش في بيان لبورصة دبي إن هذا الاستثمار من المتوقع أن ينعكس "بشكل إيجابي" على البيانات المالية للمجموعة ويزيد عوائدها.
يقع المقر الرئيسي لمجموعة جي إف إتش المالية في البحرين وتنشط في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، وتم إدراج أسهم المجموعة في أربع بورصات مالية في المنطقة وهي بورصة البحرين وبورصة الكويت وسوق دبي المالي وسوق أبوظبي للأوراق المالية.
وذكر البيان أن الأصول الجديدة تم إضافتها إلى محفظة جي إف إتش بارتنرز لسكن الطلاب في الولايات المتحدة، والتي تضم حاليا أكثر من 5500 سرير وتمثل أصولا تحت الإدارة بقيمة تقارب 900 مليون دولار، وتبلغ نسبة إشغال هذه الأصول الجديدة 99 بالمئة، حيث تقع على مسافة قصيرة يمكن قطعها سيار على الأقدام من كبرى الجامعات العامة.