بكين- “رأي اليوم”- في وقت تعقد فيه وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، اجتماعات هامة، الجمعة والسبت، مع كبار المسؤولين السياسيين والاقتصاديين في الصين، فإنها، وبحسب مراقبين، ستواجه عوائق عدة من أجل إنجاز مهمة صعبة تسعى من خلالها إلى تحقيق الاستقرار في علاقة متصدعة بين أكبر اقتصاديين في العالم، وفقا لتقرير نشرته شبكة “سي إن إن” الإخبارية.

ودعت يلين، الجمعة، إلى “منافسة سليمة” مع الصين معربة عن الأمل في عدم ترك “الخلافات” تتسبب “بتدهور غير مجد” للعلاقات بين البلدين. وقالت، خلال لقاء مع رئيس الوزراء، لي تشيانغ،  في قصر الشعب في بكين: “نسعى إلى منافسة اقتصادية سليمة، لا يحصد الأقوى فيها كل الغنائم، مع مجموعة من القواعد المنصفة يمكن أن يستفيد منها البلدان مع الوقت”. وأكد يلين على أن “الخلافات” يجب ألا تؤدي إلى “تدهور غير مجد” للعلاقات الصينية الأميركية، فيما قال رئيس الوزراء الصيني، لي تشيانغ، إنه يرى تحسنا في العلاقات مع واشنطن. وكانت الصين قد أعلنت، الاثنين، فرض قيود على صادرات على اثنين من المعادن التي تقول الولايات المتحدة إنها ضرورية لإنتاج أشباه الموصلات وغيرها من التقنيات المتقدمة، وفق “الحرة”. وقال وي جيانجو، نائب وزير التجارة الصيني السابق، لصحيفة “تشاينا ديلي” الرسمية: “هذه مجرد البداية.. ففي جعبة الصين المزيد من الأدوات”. وتأتي زيارة يلين في وقت يواجه فيه الاقتصاد العالمي قدرا كبيرا من عدم اليقين، حيث أن تعافي الصين من تعبات جائحة فيروس كورونا قد فقد زخمه، في حين أن أوروبا  لا تزال تحاول التخلص من آثار الركود وسط مخاوف من تعرض الولايات المتحدة لمثله. ومن المتوقع أن يحقق الاقتصاد العالمي مكاسب عدة إذا تمكنت واشنطن وبكين من إصلاح العلاقات بينهما، لكن محللين يقولون إن هذا يبدو أمرا غير مرجح. فالبلدين لديهما مصالح استراتيجية مختلفة ومتنافسة، وفي هذا الصدد تقول، آنا أشتون، مديرة شؤون الشركات الصينية والعلاقات بين الولايات المتحدة والصين في مجموعة أوراسيا، إن العلاقة هي في أدنى مستوياتها منذ عقود، وتتميز بانعدام ثقة جلي ومتبادل. وفيما يلي أربعة قضايا ومعضلات من المحتمل أن تجعل من الصعب على يلين إصلاح العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، رغم أن هناك أمرا واحد يحافظ على استمرار العلاقة بين البلدين، وفقا لتقرير الشبكة الأميركية حرب الرقائق تصاعد الخلاف بشأن مستقبل أشباه الموصلات في الأشهر الأخيرة، ولعبت بكين “الورقة الرابحة” في وقت سابق من هذا الأسبوع عندما فرضت ضوابط تصدير على مادتين خام، هما الغاليوم والغرمانيوم، وهما أمران مهمان لصناعة الرقائق العالمية. وكان يُنظر إلى هذا على أنه الإجراء الثاني المضاد للصين للحظر الأميركي على مبيعات الرقائق المتقدمة إلى الصين، والذي أعلنته إدارة بايدن العام الماضي. وكانت بكين قد حظرت في شهر مايو منتجات  شركة “ميكرون تكنولوجي” الأميركية المصنعة للرقائق بحجة أنها تشكل خطرا على الأمن القومي. ونقلت صحيفة “تشاينا ديلي” عن وي قوله إن قرار إعلان القيود على تصدير معدني الغاليوم والغرمانيوم، قد اتخذ بعد “دراسة متأنية” وكان مصممًا “ليس فقط لإحداث حالة من الذعر في بعض البلدان، ولكن أيضا لإحداث آلام شديدة فيها”. وفي وقت سابق، قال بيتر آركيل، رئيس اتحاد الصين العالمي للتعدين “ضربت الصين قيود التجارة الأميركية في موضع مؤلم”. وفي أكتوبر، كشفت الحكومة الأميركية النقاب عن مجموعة من ضوابط التصدير التي تحظر على الشركات الصينية شراء الرقائق ومعدات تصنيع الرقائق المتقدمة دون ترخيص. ووفقا لتقارير إعلامية متعددة، سيتم توسيع القيود لتقييد بيع بعض رقائق الذكاء الاصطناعي. وتضرب العقوبات صميم طموحات بكين التكنولوجية، حيث تعد الرقائق حيوية لكل شيء بدءًا من الهواتف الذكية والسيارات ذاتية القيادة والحوسبة المتقدمة إلى تصنيع الأسلحة. وقد انتقدت الصين بشدة مثل هذه القيود على صادرات التكنولوجيا مؤكدة أنها ستبذل قصارى جهدها لضمان عدم إعاقة تنميتها. المداهمات على الشركات الأميركية أما القضية الثانية، فتتجلى في حملة بكين ضد شركات الاستشارات الغربية التي أثارت قلق الشركات الأميركية. ففي أبريل، قامت بكين بتحديث قانون مكافحة التجسس، الذي وسع قائمة الأنشطة التي يمكن اعتبارها تجسسا. وخلال الأشهر القليلة الماضية، شن المسؤولون سلسلة من المداهمات على شركات استشارية، بما في ذلك شركات “باين أند كومباني” (Bain & Company) و”مينتز غروب” (Mintz Group) و”كابفيجين” (Capvision) والاخيرة مقرها في شنغهاي ونيويورك، وقد اتهمتها السلطات بالمساعدة في تسريب معلومات عسكرية حساسة إلى جهات أجنبية. وفي هذا الصدد، يرى محللون أن التركيز الكبير للرئيس الصيني، شي جينبينغ، على الأمن القومي يخلق مخاطر سياسية تجعل من الصعب على الشركات الأجنبية القيام بأعمال تجارية في الصين. وبناء على ذلك أغلقت بعض الصناديق وشركات الأبحاث مكاتبها في الصين في أعقاب تلك الإجراءات الصارمة، بما في ذلك شركة “فوستر للأبحاث (Forrester Research). القيود المحتملة على الاستثمار في الصين منذ وقت سابق من هذا العام، كانت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، تبحث فرض إجراءات وقوانين جديدة يمكن أن تحد من الاستثمار في أجزاء رئيسية من اقتصاد الصين من قبل الشركات الأميركية، وفقًا لتقارير إعلامية متعددة. وفي أبريل، دعت مجموعة من أعضاء الكونغرس الجمهوريين الإدارة إلى “استخدام جميع الأدوات المتاحة” لمعاقبة شركات الحوسبة السحابية التي لها روابط مع الصين. وقامت حكومة الولايات المتحدة منذ فترة طويلة بفحص الاستثمار الأجنبي في البلاد، بيد أن القواعد التي تنظم الاستثمار الأميركي في الخارج ستكون خطوة جديدة، وجزءًا من جهد أوسع بحيث يجعل من الصعب على الصين تطوير التقنيات الرئيسية التي يمكن أن تدعم قوتها العسكرية. وقد أدت التوترات الجيوسياسية المتصاعدة إلى وضع العديد من الشركات في موقف صعب، ففي الشهر الماضي، قسمت شركة رأس المال الاستثماري العملاقة “سيكويا” أعمالها في الصين بعد أن جذبت استثماراتها الواسعة في بكين، (غالبًا في شركات التكنولوجيا الناشئة)، انتباه المشرعين الأميركيين. وقال المسؤولون التنفيذيون في “سيكويا” عبر بيان رسمي في بيان إن الأمور باتت “معقدة بشكل متزايد” لإدارة أعمال استثمارية عالمية لامركزية. من جانب آخر تكافح شركة التطبيق الشهير “تيك توك”( TikTok) أيضا لإنقاذ عملياتها في الولايات المتحدة، حيث يثير عدد متزايد من المشرعين مخاوف تتعلق بالأمن القومي بشأن علاقات الشركة بالصين. التخلص من المخاطر من الصعب تصور حدوث قطيعة نهائية بين الولايات المتحدة والصين، بالنظر إلى مدى العلاقات التجارية والاستثمارية الثنائية المتشابكة. ومع ذلك، شدد بايدن وحلفاؤه الأوروبيون مرارا على الرغبة في “التخلص من المخاطر” في علاقاتهم بالاقتصاد الصيني، لأسباب ليس أقلها الدروس المستفادة منذ أن شنت موسكو غزوا شاملا لأوكرانيا في العام الماضي، حيث أن الاعتماد على روسيا للحصول على الطاقة وغيرها من السلع قد أعطى الكثير من العبر والنتائج. وقد أثارت الحرب في أوكرانيا أيضا مخاوف بشأن مصير جزيرة تايوان التي هددت الصين بغزوها. وأدت تلك المخاوف إلى جهود منسقة لإخراج الصين من سلاسل التوريد التكنولوجية التي يمكن استخدامها لتعزيز قوتها العسكرية، وقد قوبل ذلك بمعارضة قوية من بكين. وتعقيبا على ذك، قال رئيس مجلس الدولة الصيني، لي تشيانغ، خلال الشهر الماضي: “بعض الناس في الغرب يبالغون فيما يسمى بمفاهيم تقليل التبعية (للصين) وتقليل المخاطر.. أود أن أقول إن هذه المفاهيم هي افتراضات خاطئة”. ودعا إلى اتخاذ قرارات “التخلص من المخاطر” من قبل الشركات وليس الحكومات، موضحا أن العولمة الاقتصادية لم تتغير، وينبغي أن يكون هناك المزيد من التعاون والاتصالات. ويوم الثلاثاء الماضي قال  الرئيس الصيني إن بكين تعارض “القطعية”، موضحا أن بلاده تريد العمل مع دول العالم “لرفض تحركات إقامة الحواجز وفك الارتباط وكسر الروابط”. “حركة التجارة قوية” على الرغم من التوتر، يظل المستهلكون والشركات في أكبر اقتصادين بالعالم على اتصال وثيق وعميق، فبكين من بين أكبر اثنين من الدائنين للولايات المتحدة، في  حين لا تزال أميركا أكبر شريك تجاري منفرد للصين. وفي العام الماضي، قفزت تجارة السلع بين الاقتصادين إلى ما يقرب من 691 مليار دولار، محطمة الرقم القياسي السابق المسجل في عام 2018، وفقًا لبيانات وزارة التجارة الأميركية. وزاد العجز الأميركي في السلع المتداولة مع الصين بنسبة 8٪ إلى 382.9 مليار دولار، وهو أيضا أكبر عجز على الإطلاق، وهنا يوضح أليكس كابري، كبير المحاضرين في كلية إدارة الأعمال بجامعة سنغافورة الوطنية، أن : “التجارة بين القوتين العظميين منقسمة وهذه مفارقة”. وأضاف: “حتى مع انفصال سلاسل التوريد الاستراتيجية، فإن الشركات متعددة الجنسيات تضاعف عملياتها في مجالات أخرى في الصين”. وكانت شركة الأدوية الأميركية”موديرنا”، قد وقعت، يوم الأربعاء، صفقة للقيام بأول استثمار كبير لها في الصين، في حين أعلنت شركة تسيلا لإنتاج السيارات الكهربائية عن خطط لفتح مصنع ثانٍ في شنغهاي لإنتاج بطاريات كبيرة تستخدم لتخزين كميات هائلة من الكهرباء. وتعلق آنا أشتون على ذلك بقولها: “يظل سوق الصين ذا أهمية حاسمة للقدرة التنافسية العالمية للعديد من الشركات الأميركية بسبب حجمه الهائل والذي لا مثيل له”. لكنها حذرت من أن الشركات والمستهلكين لم يروا بعد الآثار الكاملة للعقوبات التي فرضها الجانبان، ومن المؤكد أن المزيد من هذه الإجراءات قادمة. وأضافت: “كلا الجانبين يصعدان القيود التجارية باسم الأمن القومي والمصالح الوطنية”. وختمت بالقول: “إذا استمرت الأمور في هذا المنحى، فإن ذلك قد يهدد بالفعل قدرة البلدين على الحفاظ على مشاركة اقتصادية قوية حتى عندما تكون السلع والخدمات المعنية تبدو عادية وجيدة”.

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: الولایات المتحدة فی الصین الصین من

إقرأ أيضاً:

لهذه الأسباب هاريس لن تدعم النساء والسود في أميركا

لقد أوضحت كامالا هاريس في خطاب قبولها في المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي في أغسطس/ آب، وفي مناظرتها المتلفزة مع دونالد ترامب بعد أسابيع قليلة، وفي جميع مقابلاتها منذ ذلك الحين، أنها ستواصل السياسات اليمينية المعتدلة لأسلافها، خاصة رئيسها الحالي، جو بايدن، إذا ما تم انتخابها لمنصب الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة.

هذا يعني على الأرجح أن الجهود المبذولة لمعالجة عدم المساواة في الدخل والفقر، والتخلي عن السياسات التي تولد العنف في الخارج، ومواجهة شبكة التمييز التي تؤثر على الأميركيين ذوي البشرة الملونة والنساء السود بشكل خاص، ستكون محدودة في أحسن الأحوال.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2مسؤولة يهودية سابقة بإدارة بايدن: استقلت لأنني لا أستطيع تأييد كارثة غزةlist 2 of 2وول ستريت: 3 أسباب قد تعصف بحظوظ هاريسend of list

إذا فازت هاريس في هذه الانتخابات، فإن وجودها كامرأة سوداء وجنوب آسيوية في أقوى منصب في العالم لن يعني الكثير للأشخاص المهمشين في أي مكان؛ لأنها ستستخدم تلك القوة بنفس الطرق العنصرية والجنسية والإسلاموفوبية التي استخدمها الرؤساء السابقون.

قال الرئيس باراك أوباما في عدة مناسبات خلال فترة رئاسته: "أنا لست رئيسًا لأميركا السوداء. أنا رئيس الولايات المتحدة الأميركية"، عندما سئل عن القيام بالمزيد من أجل الأميركيين السود أثناء وجوده في المنصب. وكمرشحة رئاسية، تفعل كامالا هاريس الشيء نفسه أساسًا. وكما كان الحال مع رئاسة أوباما، فإن هذا ليس خبرًا سارًا للأميركيين السود أو لأي مجتمع مهمش آخر.

خذ على سبيل المثال قضية الإسكان.

اقتراح هاريس بمنح 25,000 دولار لمساعدة الأميركيين على شراء منازل لأول مرة هو منحة عامة، وهي في سوق الإسكان الذي يميل تاريخيًا لصالح الأميركيين البيض، ستؤدي بلا شك إلى التمييز ضد السود وغيرهم من الأشخاص ذوي البشرة الملونة.

لا تميز وعود حملة هاريس حتى بين "المشترين لأول مرة" الذين يمتلك آباؤهم وإخوتهم بالفعل منازل، والمشترين "من الجيل الأول" الحقيقيين الذين من المرجح أن يكونوا غير بيض، وليس لديهم أي ثروة متوارثة.

يبدو أن هاريس تريد الظهور بمظهر الملتزمة بمساعدة "جميع الأميركيين"، حتى لو كان ذلك يعني أن سياساتها ستفيد أساسًا الأميركيين البيض في الغالب الذين يعيشون بالفعل حياة الطبقة الوسطى. أي فرصة حقيقية لأولئك من الطبقة العاملة والفقراء العاملين للوصول إلى الثلاثة ملايين منزل التي وعدت بها هاريس، تتراوح بين ضئيلة وغير موجودة.

وعود هاريس بشأن الحقوق الإنجابية ليست محددة بنفس القدر، وبالتالي فهي أقل طمأنينة لأولئك الذين يواجهون بالفعل التمييز والتهميش.

تقول إنه إذا تم انتخابها رئيسة، فإنها ستقوم "بتقنين حكم رو ضد ويد". كل رئيس ديمقراطي منذ جيمي كارتر قدم مثل هذا الوعد لكنه فشل في تحقيقه. حتى إن أقر الكونغرس مثل هذا القانون، فإن اليمين المتطرف سيطعن في هذا القانون في المحكمة.

وحتى إذا قررت المحاكم الفدرالية دعم مثل هذا القانون، فإن قرارات المحكمة العليا التي تلت ذلك بين عامي 1973 و2022 منحت الولايات الحق في تقييد الإجهاض بناءً على قابلية الجنين للحياة، مما يعني أن معظم القيود المفروضة بالفعل في العديد من الولايات ستظل قائمة.

ومع وجود نصف الولايات في الولايات المتحدة إما تحظر الإجهاض بالكامل أو تقيده بشدة، فإن تقنين حكم رو – إن تحقق بالفعل – سيعيد الولايات المتحدة في أفضل الأحوال إلى هشاشة الحقوق الإنجابية التي كانت موجودة منذ عام 1973.

وحتى لو تمكنت هاريس من الوفاء بوعدها بشكل معجزة، فإن النساء الأميركيات من أصل أفريقي، والنساء اللواتي يعشن في الفقر، سيظل لديهن وصول أقل إلى وسائل منع الحمل، والإجهاض، والرعاية قبل الولادة وبعدها، لأن كل ما فعله حكم رو هو جعل مثل هذه الرعاية "قانونية". لم يجعل القانون الرعاية ميسورة التكلفة، وبالتأكيد لم يجعلها متاحة بشكل متساوٍ لجميع النساء في كل ولاية من الاتحاد.

نظرًا لأنها على وشك أن تصبح أول امرأة / امرأة من ذوي البشرة الملونة/ امرأة سوداء تتولى الرئاسة في أميركا، فإن وعود هاريس الغامضة والشاملة بشأن الحقوق الإنجابية – والتي لن تفيد أي امرأة، وخاصة النساء المهمشات – تدينها بشدة.

بالطبع، من الجيد أن تتحدث هاريس عن الفتيات والنساء السود – مثل الراحلة أمبر نيكول ثورمان – اللاتي تم حرمانهن من الحقوق الإنجابية في ولايات مثل جورجيا، مع نتائج مميتة. لكن كلماتها لا تعني شيئًا بدون خطة عمل واضحة.

سيبدو فشل هاريس أكثر من غيرها، في التصدي للعنف – الذي يستهدف بشكل ساحق المهمشين والمقصيين والصامتين والمجرمين – في الولايات المتحدة وخارجها.

خلال مقابلة حية ومذاعة مع المليارديرة أوبرا وينفري في سبتمبر/ أيلول، توسعت هاريس في الكشف الذي قدمته خلال مناظرتها السابقة مع ترامب بأنها تمتلك سلاحًا. قالت هاريس بابتسامة: "إذا اقتحم أحد منزلي فسوف يُطلق عليه الرصاص". ثم أضافت بسرعة: "ربما لم يكن يجب أن أقول ذلك. سيتولى موظفو مكتبي التعامل مع ذلك لاحقًا".

بدت نائبة الرئيس واثقة من أن تصريحها سيتم اعتباره في نهاية المطاف من قبل الديمقراطيين المؤيدين للسيطرة على الأسلحة كمحاولة ضرورية لجذب انتباه الناخبين المسلحين اليمينيين المعتدلين الذين لا يزال من الممكن ثنيهم عن التصويت لترامب.

ومع ذلك، كشفت تصريحاتها العرضية حول استخدام القوة المميتة عن أكثر من مجرد رغبتها في تأمين أصوات اليمين التقليدي المعتدل. لقد أوضحت اللامبالاة التي تتعامل بها هاريس مع قضية العنف الأميركي كأمة وثقافة.

من الصعب تصديق أن هاريس كرئيسة ستكون مدافعة عن إجراءات "المنطق السليم" التي تسعى إلى "حظر الأسلحة الهجومية، وإجراء فحوصات خلفية عالمية، وقوانين العلم الأحمر" عندما تتحدث بسهولة عن إطلاق النار على الناس.

قرارها بمعاملة عنف السلاح كقضية أخرى للمناورة السياسية المحسوبة أمر مقلق، خاصة عندما يواجه السود – بمن في ذلك النساء السود – الموت بالرصاص بمعدلات غير متناسبة، لا سيما على أيدي ضباط الشرطة والمواطنين المسلحين البيض.

رغم مزاعم ترامب المقززة، هاريس امرأة سوداء، يفترض العديد من الأميركيين أنها ستفعل المزيد لحمايتهم أكثر من الرؤساء الآخرين. ومع ذلك، فإن موقفها المتساهل تجاه عنف السلاح يظهر أن الرئيسة هاريس – بغض النظر عن خلفيتها العرقية – لن تقدم أي أمان وحماية إضافية للمجتمعات المهمشة، بمن في ذلك النساء السود، مقارنة بأسلافها.

الافتراض بأن هاريس كرئيسة مختلطة العرق بين السود والآسيويين ستحد من العنف الأميركي الذي يصيب ويقتل السود والبنيين والآسيويين في جميع أنحاء العالم يبدو أيضًا بلا أساس.

من خلال قولها المتكرر إنها "ستضمن أن تمتلك أميركا دائمًا أقوى وأفتك قوة قتالية في العالم"، أوضحت هاريس أنها تنوي مواصلة السياسات القاتلة والعنصرية والإمبريالية التي انتهجها أسلافها من الديمقراطيين والجمهوريين، دون تأمل أو إعادة ضبط أو ذرة من الندم.

انظر فقط إلى المجازر في غزة التي أشرفت عليها كنائبة للرئيس.

رغم قولها عدة مرات إنها وبايدن "يعملان على مدار الساعة" من أجل وقف إطلاق النار في غزة، فإن الحقيقة هي أن بايدن وهاريس لم يؤمنا وقف إطلاق النار ببساطة لأنهما لا يريدان ذلك. هاريس كرئيسة ستكون راضية تمامًا عن عدم اعتبار الأرواح السوداء والبنية والآسيوية في حسابات السياسة الخارجية لإدارتها المستقبلية، كما كانت كنائبة للرئيس وعضوة في مجلس الشيوخ الأميركي.

أي شخص يصوت لهاريس في هذه الانتخابات – بمن في ذلك كاتب هذه المقالة – يجب أن يكون صادقًا بشأن السبب. بالطبع، هناك حماس لوجود امرأة – امرأة مختلطة العرق بين السود والآسيويين – كرئيسة للولايات المتحدة لأول مرة في التاريخ.

هذا الحماس، إلى جانب وعدها "بأننا لن نعود" في إشارة إلى رئاسة ترامب، والعديد من الوعود بحماية ما تبقى من الديمقراطية الأميركية، يوفر للعديد من الأميركيين سببًا كافيًا لدعم تذكرة هاريس- والز.

ومع ذلك، يبدو أن البعض يدعمون كامالا هاريس تحت الانطباع بأنها كامرأة سوداء وجنوب آسيوية، ستقدر حياة الأشخاص الذين يشبهونها، وبمجرد انتخابها، ستدعم المهمشين بشكل أفضل من أسلافها. هذا محض وهم.

كما فعل أوباما من قبل، تريد هاريس أن تكون رئيسة للولايات المتحدة الأميركية. ليس لديها نية لتكون رئيسة كفؤة لـ "أميركا السوداء" أو المهمشين. لقد أوضحت هذا بشكل جلي، مرارًا وتكرارًا، طوال حملتها الانتخابية، ومن خلال عملها كنائبة للرئيس جو بايدن.

هناك قائمة طويلة من الأسباب التي تدفع للتصويت لهاريس في هذه الانتخابات، لكن الافتراض بأن رئاستها ستكون داعمة لحقوق ونضالات المهمشين، لمجرد هويتها، لا ينبغي أن يكون ضمن هذه القائمة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • جيل ستاين.. المرأة التي قد تحدد الفائز بانتخابات الرئاسة الأميركية
  • صادرات أميركا من الإيثان ومشتقاته ترتفع 135%.. والصين أكبر المستوردين
  • تراجع عوائد سندات الخزانة وسط ترقب للانتخابات الرئاسية الأميركية وقرار الفدرالي
  • الخزانة البريطانية: الأسوأ في معاناة البلاد بشأن خروجها من الاتحاد الأوروبي لم يأت بعد
  • الأكثر رعبا في العالم .. تعرف على بي-52 التي أرسلتها أميركا للشرق الأوسط
  • حرب غزة غيّرت مواقفهم.. لمن سيصوت عرب أميركا؟!
  • ماذا يعني فوز ترامب بالنسبة للشرق الأوسط وأوكرانيا والصين؟
  • لهذه الأسباب هاريس لن تدعم النساء والسود في أميركا
  • زي النهارده.. بدء حرب الأفيون التي أعلنتها المملكة المتحدة على الصين
  • انتخابات أميركا بعيون الصين.. المعجزة وتهاوي القوة العظمى