تولي دولة الإمارات مسألة حماية البيئة وصون مكوناتها والمحافظة عليها اهتماما كبيرا وعناية خاصة، وتؤكد باستمرار وفي كل مناسبة التزامها الراسخ ودعم اللامحدود لجهود تنميتها والحد من كل مسببات تلوّثها، وهو ما يتجلى في الاهتمام الواسع الذي تحظى به هذه المسألة على المستويين الرسمي والشعبي، والجهود الكبيرة التي تبذل للارتقاء بمستوى الوعي البيئي في المجتمع، مع التركيز على الناشئة والطلبة من خلال إدراج البرامج التي تسهم زيادة الوعي بأهمية الحفاظ على البيئة وحماية الطبيعة لديهم وعلى مستوى التعليم الحكومي والخاص، إلى جانب تعظيم قيمة البُعد البيئي في الخطط التنموية.

وتلعب هيئة البيئة-أبوظبي دورا محوريا في مجال المحافظة على جودة الحياة، من خلال تشريع وإنفاذ القوانين البيئية في أبوظبي لحماية التنوع البيولوجي وضمان مستقبل مستدام لأبنائها، وهو ما أكده أحمد باهارون المدير التنفيذي لقطاع إدارة المعلومات والعلوم والتوعية البيئية في الهيئة في تصريح لوكالة أنباء الإمارات “وام”، ألقى من خلاله الضوء على جهودها في مجال تعزيز التعليم البيئي ومبادراتها المتنوعة في هذا الصدد.

وقال باهارون إن التعليم البيئي يعد من المقومات الأساسية في تقدم المجتمعات على المستوى العالمي؛ إذ يسهم في تعزيز سبل العيش، ورفع مستوى الوعي بدور التنمية المستدامة في دعم المجتمع، وهو ما أثبتته الأبحاث المتخصصة، مشيرا إلى إعلان وزارة التربية والتعليم مؤخراً عن “شراكة التعليم الأخضر” بالتعاون مع اليونيسكو واليونيسيف، بهدف توفير خطة عمل وطنية للمدارس في جميع أنحاء الدولة ودعم التعليم المناخي وتمكين الشباب من الإسهام في المحافظة على البيئة، حيث وضعت هيئة البيئة هذه المبادرة في مقدمة أولوياتها وركزت على اعتماد الإدارة البيئية في الأنظمة التعليمية.

وأضاف أن التعليم البيئي يؤدي دوراً أساسياً في تغيير المواقف والسلوكيات في المجتمع تجاه البيئة، من خلال تعزيز الوعي بآثار التحديات البيئية مثل التغير المناخي والتلوث على المدى الطويل، وتوضيح الأسباب التي تؤدي إلى تفاقم هذه التحديات وتداعياتها، والتركيز على الممارسات المستدامة وتوفير المعرفة والمهارات اللازمة للأشخاص والمجتمعات من أجل تمكينهم من استخدام الموارد بكفاءة وبشكل يدعم جهود المحافظة على البيئة، ورفع مستوى الوعي وتعزيز الشعور بالمسؤولية، مؤكدا أن هذا التعليم يمكن أن يسهم في تنمية مجتمع أكثر وعياً بقضايا البيئة والاستدامة.

وأكّد أهمية دعوة المعلمين وأنظمة التعليم والحكومات إلى دمج استجابات التعليم والتعلم لمواجهة التحديات التي تؤثر على الاستدامة، منوّها إلى تزايد الحاجة إلى اعتماد التعليم البيئي ضمن خطط العمل في الهيئة باعتباره من المقومات الأساسية لتعزيز التنمية المستدامة، وتمكين المجتمع من مواجهة التحديات البيئية بطرق مبتكرة، خصوصا وأن اعتماده في المناهج التعليمية على المستوى العالمي أسهم في إحداث تغيير إيجابي كبير عبر تبني العديد من المدارس حول العالم مبادئ التعليم البيئي والتنمية المستدامة والتقنيات المتعلقة بها.

وأشار باهارون إلى أن دولة الإمارات باشرت اعتماد مناهج تتناول الطاقة المتجددة والتنمية المستدامة ضمن نظامها التعليمي، بغرض تعزيز وعي الطلاب بهذه المفاهيم ودمج الأجيال الصاعدة في جهود ومبادرات الدولة للوصول إلى الحياد المناخي.

ونوّه إلى أهمية المؤتمر العالمي للتعليم البيئي، الذي تستضيفه أبو ظبي في شهر يناير المقبل، وقال إنه يعدّ منصة دولية مهمة يمكنها توحيد الأطراف الفاعلة في التعليم ضمن بيئة تعاونية لمواجهة هذه التحديات، موضحا أن المؤتمر سيركز على تعزيز دور التعليم في الحفاظ على البيئة والتنمية المستدامة وتعزيز الحوار في هذا المجال على المستوى العالمي وتبادل الرؤى بشأن التعلم والتعليم البيئي، حيث سيجمع الأطراف الفاعلة لمناقشة الأفكار وتبادل الخبرات والمعارف في هذه المجالات.

وبيّن أن المؤتمر سيستعرض أفضل الممارسات والمشاريع المبتكرة والأبحاث المتقدمة في مجال التعليم البيئي، والعديد من الآراء ووجهات النظر والإنجازات التي تم تحقيقها، ما يوفر للمشاركين تجربة تعليمية غنية ومتنوعة، بجانب استضافته مؤتمر الشباب للتعليم البيئي الذي يوفر منصة لأبناء الجيل الجديد تمكّنهم من الإسهام في بناء مستقبل مستدام وتحقيق التغيير الإيجابي من خلال التعليم البيئي المبكر.

وحول أهمية تعزيز الوعي ودور الشباب لمواجهة التحديات العالمية الحالية، أكد باهارون أهمية السلوك الواعي اجتماعياً وبيئياً وتعزيز الوعي من خلال تسليط الضوء على المواضيع المهمة، وإدراك أهمية توفير المنصات الملائمة للأشخاص من أجل إحداث التغيير المجتمعي من خلال تمكينهم من الإساهم في تحديد السياسات اللازمة وبالتالي تعزيز مجتمع أكثر استدامة، وكذلك تمكين الشباب من قيادة التغيير الإيجابي في المجتمع ومعالجة القضايا البيئية الأساسية باعتبارهم قادة المستقبل وصانعي السياسات.

وعن المبادرات التي تركز عليها هيئة البيئة لدعم الشباب، قال إنها تتضمن الكثير من الفعاليات ومن بينها برنامج “الماراثون البيئي” الذي يعزز المعرفة البيئية لدى الطلاب بالإضافة إلى مبادرات المدارس والمقرات المستدامة وبرنامج “تواصل مع الطبيعة” وبرنامج هيئة البيئة – أبوظبي الخاص “بودكاست مثقف بطبيعته” من أجل إعداد الشباب وتمكينهم من الإسهام في مواجهة التحديات البيئية.

ولفت باهارون إلى أن اعتماد تقنية المعلومات في التعليم البيئي يمكن أن يسهم في الارتقاء بتجارب التعلم وتلبية احتياجات المتعلمين، إذ يمكن من خلال الجمع بين المفهومين المذكورين تعزيز فهم الطلاب للتحديات البيئية وتحسين مهارات القراءة والكتابة الرقمية لديهم وإعدادهم لمواجهة التحديات البيئية المستقبلية بكفاءة، ما يتطلب الاستثمار في تقنية التعليم والبنية التحتية.

وأردف: “تؤدي تقنية المعلومات دوراً أساسياً في رفع مستوى وعي الطلاب بالقضايا البيئية وتمكينهم من المشاركة في مواجهتها، حيث يمكن للتقنيات المبتكرة مثل الذكاء الاصطناعي المساعدة في اتخاذ القرارات الملائمة وحل المشكلات البيئية، إذ يمكن من خلالها -على سبيل المثال- مراقبة وقياس البصمات البيئية وحساب الأثر البيئي للمنتجات على مدار دورة حياتها وسلاسل التوريد بأكملها لتمكين الشركات والمستهلكين من اتخاذ القرارات الملائمة التي تتمتع بالكفاءة، وهي في مجملها تطورات تسلط الضوء على أهمية اعتماد التقنيات الحديثة في القطاع البيئي وتؤكد الحاجة إلى تنفيذ أساليب التعلم المتقدمة في الأنظمة التعليمية”.وام


المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: التحدیات البیئیة هیئة البیئة على البیئة من خلال

إقرأ أيضاً:

إحميد: شعار “أمريكا أولاً” يحدد سياسات ترامب الخارجية وليبيا ليست ضمن أولويات

ليبيا – إحميد: ترامب يركز على المصالح الاقتصادية وليبيا ليست أولوية

رأى المحلل السياسي إدريس إحميد أن سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعتمد بشكل رئيسي على شعار “أمريكا أولاً”، مشيراً إلى أن هذا النهج يركز على تحقيق المصالح الأمريكية بأي طريقة، حتى وإن بدت مثيرة للاستغراب، وهو ما كان أحد الأسباب الرئيسية وراء صعود ترامب للرئاسة.

توجه اقتصادي واضح
وفي تصريحات خاصة لوكالة “سبوتنيك”، أوضح إحميد أن ترامب يفضل التركيز على المصالح الاقتصادية على حساب التدخل في الأزمات الدولية، مستشهداً بتعامله مع الملف الليبي خلال ولايته السابقة، حيث لم يكن الملف الليبي ضمن أولوياته.

وأضاف إحميد أن ترامب لا يؤمن بالديمقراطية كهدف حقيقي، بل ينظر إليها كشعار يخدم السياسات الخارجية لتحقيق مصالح الولايات المتحدة، لافتاً إلى أن الإدارة المقبلة قد تضع قضايا أخرى مثل مواجهة الصين والأزمة الروسية في صدارة اهتماماتها.

رسائل واضحة تجاه الشرق الأوسط
وأشار إحميد إلى أن رسائل ترامب خلال فترة رئاسته السابقة كانت واضحة تجاه الشرق الأوسط، لا سيما في دعمه المطلق لإسرائيل، مما يعكس سياساته التي تعتمد على تعزيز النفوذ الإسرائيلي في المنطقة.

ليبيا بحاجة لتحرك داخلي
وشدد إحميد على أن حل الأزمة الليبية لن يأتي من التدخل الأمريكي، بل من تحرك جاد من الأطراف الليبية نفسها، موضحاً أن واشنطن ستركز دائماً على مصالحها دون النظر إلى مصلحة ليبيا.

وأضاف أن أي تقدم في الملف الليبي قد يكون مرهوناً بالتفاهم بين الأطراف الليبية، بالإضافة إلى تفاهمات دولية، خصوصاً بين الولايات المتحدة وروسيا، مشيراً إلى أن خطة العشر سنوات التي أطلقها الرئيس الحالي جو بايدن لم تحقق نجاحاً يُذكر بسبب عوائق عدة.

الاهتمام الأمريكي بالملف الأفريقي
وأكد إحميد أن إدارة بايدن أولت اهتماماً ملحوظاً بالملف الأفريقي، ولكن الحديث عن ملامح سياسة ترامب الجديدة تجاه ليبيا لا يزال مبكراً، خاصة أن أي تغير في المشهد الليبي يتطلب جهداً داخلياً مدعوماً بتفاهمات دولية.

مقالات مشابهة

  • إحميد: شعار “أمريكا أولاً” يحدد سياسات ترامب الخارجية وليبيا ليست ضمن أولويات
  • الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان: الإمارات تعتبر التعليم حقاً أساسياً وملزماً لكل فرد
  • بن رحمة أساسيا في مباراة ليون وفنربخشة في “اليوروبا ليغ”
  • “أبوظبي للتنمية” يستعرض جهود الإمارات الريادية في تعزيز الأمن المائي
  • البيئة: إعداد مخطط مشروعي الملاذ الآمن بوادي الريان والتوازن البيئي لبحيرة قارون
  • “الجبير” يلتقي وزير البيئة والثروات الطبيعية الأذربيجاني
  • برعاية المحافظ بيئة تنومة تنفذ برنامج “جمع بذور العرعر”
  • وزيرة البيئة تتابع مشروع إعادة التوازن البيئي لبحيرة قارون
  • مصطفى بكري: مصر لعبت دورا أساسيا في وقف إطلاق النار بغزة
  • برئاسة عبدالله بن زايد.. “مجلس التعليم والتنمية البشرية” يعقد اجتماعه الأول للعام 2025 ويناقش أولويات المرحلة المقبلة