وقبل بضعة أسابيع، كانت العائلات تعتاد الشكوى من الطوابير الطويلة بشكل لا يصدق أمام المخابز، في انتظار يستمر من 6 إلى 8 ساعات للحصول على كيس صغير من الخبز. الآن، مع إغلاق المخابز أبوابها بسبب نقص الطحين والوقود، يلجأ الكثيرون إلى صنع الخبز في المنزل، باستخدام وسائل تبدو مستحيلة؛ حيث يرسل الآباء أطفالهم للبحث عن البلاستيك المهمل، أو الورق المقوى، أو أي شيء يمكن أن يحترق لإشعال نار، وهؤلاء يعتبرون من العائلات المحظوظة التي تمكنت من الحصول على بعض الطحين.

ومع حلول الليل، يعود الجميع إلى مأواهم أو منازلهم ويتحدثون عن الحرب؛ حيث تدور أغلب محادثاتهم عادة حول الموت، وأحيانا حول مدى الدمار.

وحسب الموقع؛ فقد روى أحد الأشخاص من سكان غزة أنه ''في يوم أمس، وأنا جالس في الفناء الأمامي للمنزل الذي كنت أنا وعائلتي نقيم فيه، سمعنا صفيرا حادا قبل أن تسقط قنبلة في منطقة قريبة منا. شاب، مندهش من الصوت، سألني عما إذا كان لدينا وقت كافٍ للهروب إذا تم إطلاق القنبلة في اتجاهنا".

وتدخل شاب آخر وقال: "عندما تسقط القنبلة علينا، لن نكون قادرين على سماع أي شيء. ستقتلنا قبل أن نكون قادرين حتى على التفكير في الهرب." وتتحول المحادثات؛ حيث يقودنا الحديث عن الحرب إلى إحصاء وفيات الأشخاص الذين نعرفهم، ويسأل أحدهم عن شخص للاطمئنان عليه، فيكون الجواب صارم: "لقد تم قتله"، ويسأل شخص آخر عن عائلة في حي شهد هناك قصفا كثيفا.

الجواب: "كانوا عالقين تحت الأنقاض لساعات، ولم ينج أحد"، وتتكرر المحادثة نفسها حيث نبدأ في التراهن على من بيننا قد ينجو. خلال هذه التجمعات، تسمع قصصا غريبة لا يمكن تصديقها؛ حيث تحكي امرأة فرت من الشمال قصة ابنها ''عصام'' البالغ من العمر 29 عاما، وهو متزوج ولديه ثلاثة أطفال ويبيع مياه الشرب.

وتقول؛ إنه لم يرغب في الانتقال إلى الجنوب؛ لأنه أراد الاستمرار في توفير الماء لأولئك الذين يحتاجون إليه في شمال مدينة غزة، أرسل زوجته وأطفاله بعيدا، لكنه بقي خلفا، كان عصام يقود في أحياء دمرت بحثا عن الأشخاص الذين انقطعت عنهم السبل ولم يتمكنوا من الوصول إلى المياه، وكان يقوم أيضا بتسليم المياه في المستشفيات التي كان يمر بها على طول الطريق.

وعلى الرغم من أن مثل هذه الظروف تكون مهيأة للمستغلين، الذين يمكنهم استغلال الوضع ورفع الأسعار، إلا أن هناك أيضا أبطالا يظهرون في هذه الأوقات. لم يأخذ عصام أي أموال مقابل المياه، ولكنه كان يقبل التبرعات لتمويل سيارته والاحتفاظ بها، حيث قالت والدته؛ إنهم فقدوا الاتصال بعصام لمدة أربعة أيام، وأنها سألت العديد من الأشخاص من منطقتهم في النصر، الذين تمكنوا من الفرار إلى الجنوب عما إذا كانوا قد رأوه. في اليوم الخامس، أعطى رجل والدة عصام الأخبار عن ابنها.

وكان ينام في سيارته بعد تدمير مبنى شقتهم في النصر خلال بداية الهجوم البري في شمال غرب قطاع غزة، ومن ثم، تم قصف السيارة في أثناء نوم عصام فيها. كانت جثته محترقة تماما عندما نقلوه إلى المستشفى.

كما قال الكاتب أيضا؛ إن قصص الحرب تتواصل، والفيضان الهائل لمعاناة الإنسان كبير وعظيم، لدرجة أنه قد يحتاج منا إلى حياة لتوثيقه وسرده للعالم. امرأة أخرى تُدعى ''مريم قنوع'' تخبرنا بأن لديها ابنا لم يتمكن من الفرار إلى الجنوب معهم من مدينة غزة، وأنها كانت عازمة على العودة للعثور عليه، سواء كان حيّا أم ميتا.

وتقول مريم؛ إنها استطاعت الوصول إلى الشمال خلال ساعات محددة عندما سمح الاحتلال بالمرور المحدود، وعندما وصلت إلى الحي الذي كان فيه منزلهم، قالت؛ إنها لم تستطع الوقوف أمام هذا المنظر؛ حيث إن الجثث ملقاة في الشوارع والأرصفة، والغربان تتناول لحومها مع تحللها، وكان ابنها من بينهم، وكانت قادرة فقط على التعرف عليه من خلال السروال الذي كان يرتديه دائما وحزامه الجلدي المميز.

وتقول؛ إن الجثث كانت تحمل علامات غير عادية وعلامات للعض؛ حيث كانت الغربان تتسلقها نهارا، وتتجمع عليها الحيوانات البرية ليلا عندما لا يكون هناك أحد في المنطقة. هذه هي المناطق التي اقتربت منها الهجمات البرية، نفس المناطق التي لم تعد تستطيع سيارات الإسعاف الوصول إليها، حيث تركت جثث الناس لتتحلل. وتقول مريم؛ إنها لفت جثمان ابنها بلحاف وحملته لأكثر من كيلومتر سيرا على الأقدام، حتى استطاعت أن تجد شخصا يقود إحدى العربات المسحوبة بالحيوانات التي أصبحت شائعة منذ نفاد الوقود، ونجحت في نقل جثمان ابنها إلى الجنوب، حيث دفنته.

ووفق الموقع، فإن قصص الحرب غالبا ما تروي الأحداث المروعة، والآن تندمج أيضا بالأحداث السريالية، وطوابير طويلة للحصول على الخبز والماء، لم تعد ملحوظة الآن بسبب قوائم الانتظار لمن يتم إنقاذهم من تحت الأنقاض ولمن يتم حفر جثتهم المتحللة. وقبل أيام، قام صديقي وزميلي ''هاني أبو رزق'' بنشر قصة على إنستغرام، تروي قصة عائلة دُفنت تحت الأنقاض نتيجة لضربة جوية إسرائيلية، واتصل جيران العائلة بالدفاع المدني، يتوسلون لهم بالقدوم لإنقاذ العائلة.

ورد الدفاع المدني كان هناك قائمة انتظار للمنازل المدمرة بالفعل مع عائلات أخرى مدفونة تحتها، وعليهم أن ينتظروا دورهم. اقرأ أيضا: WP: هكذا فاجأ هجوم حماس المخطط بعناية الجميع لم يكن ذلك قسوة، بل كان تصريحا عاجزا عندما يتعلق الأمر بالواقع، وهناك آلاف العائلات محاصرة تحت الأنقاض، في انتظار دورها لتكون محظوظة. وأفاد الموقع، أن كل شيء كان حيّا، يحتضر الآن، وكل ما هو جميل في غزة الآن مشوه؛ مبانيها، ونصبها البارزة، وتربتها، وشعبها، ولكن الواقع ومدى التطهير العرقي أسوأ بكثير مما يصل إلى العالم. الصحفيون الآن محاصرون حيثما كانوا موجودين قبل بداية الهجوم البري.

معظمهم في الجنوب في المستشفيات والملاجئ، ولا يستطيعون توثيق ما يحدث في المشهد الحربي الذي يتجاوزهم. القلة القليلة الموجودة في المجتمعات المحاصرة لا تستطيع سوى فهم جزء ضئيل من ما يحدث. واختتم الموقع بالقول؛ إنه وراء القصص التي يتم دفنها تحت الأنقاض التي لا يمكن الوصول إليها، وهناك تلك القصص التي لا يمكن للكلمات وصفها، وهناك أشخاص يعتقدون أنهم نجوا من الحرب حتى، الآن ولكن يكادون يعجزون عن التعرف على أنفسهم، وأشخاص لا تزال أجسادهم سليمة، ولكن ليس لديهم شيء يذكرهم بأنهم على قيد الحياة

المصدر: مأرب برس

كلمات دلالية: تحت الأنقاض إلى الجنوب

إقرأ أيضاً:

التأمين الصحي بالقليوبية: إنهاء قوائم انتظار القسطرة والقلب المفتوح

أجرى الدكتور سيد جلال، مدير فرع التأمين الصحي بالقليوبية، جولة مفاجئة بمستشفى بنها النموذجي لمتابعة سير العمل، ورصد التحديات، والعمل على تحسين كفاءة الخدمات الطبية المقدمة للمواطنين.

يأتي ذلك في إطار توجيهات المهندس أيمن عطية، محافظ القليوبية، والدكتور أحمد مصطفى، رئيس الهيئة العامة للتأمين الصحي.

شملت الجولة تفقد أقسام المستشفى، بما في ذلك الطوارئ، الرعايات المركزة، القسم الداخلي، الكلى، المعمل، الأشعة، بنك الدم، بالإضافة إلى متابعة المخازن والمطبخ والمغسلة وأقسام التعقيم.

مؤشرات الأداء ونسب الإشغال

تابع الدكتور سيد جلال، مؤشرات الأداء ونسب الإشغال، معدلات العمليات، حالة الأجهزة الطبية، وأرصدة الأدوية والمستلزمات الطبية.

إنهاء قوائم انتظار القسطرة القلبية

أشاد مدير الفرع، بجهود الأقسام المختلفة، خاصة في إنهاء قوائم انتظار القسطرة القلبية وجراحات العيون والأنف والأذن والقلب المفتوح. 

وجه مدير الفرع، بمراجعة عقود الصيانة للأعمال الكهروميكانيكية وشبكات الغازات، مع إعداد تقرير تفصيلي عن الوضع الحالي للمنشأة لضمان سلامتها وسلامة مقدمي ومتلقي الخدمة الطبية.

حرص الدكتور سيد جلال، على التواصل مع المرضى للاستماع إلى آرائهم حول جودة الخدمات المقدمة ومتابعة حالتهم الصحية، كما أجرى مناقشات مباشرة مع الأطقم الطبية لتقييم الأداء.

واختتم جولته بعقد اجتماع موسع حضره مدير المستشفى الدكتور محمد طاهر، ومديرة الجودة الدكتورة رشا عبد الفتاح، ومدير مكافحة العدوى الدكتور إسلام هيبة، إلى جانب قيادات التمريض وفرق العمل بالمستشفى والفرع. 

ناقش الاجتماع ملاحظات الجولة، تحديات العمل، والخطط التطويرية لتحقيق معايير الاعتماد والجودة الشاملة.

أكد الاجتماع على أهمية العمل بروح الفريق الواحد، مع تكثيف المتابعة اليومية وضمان جودة الخدمات الصحية، مشددًا على ضرورة تعزيز التواصل مع المرضى والاستجابة السريعة لمتطلباتهم لضمان تقديم رعاية صحية فعالة وشاملة.

مقالات مشابهة

  • التأمين الصحي بالقليوبية: إنهاء قوائم انتظار القسطرة والقلب المفتوح
  • وردنا الآن.. صنعاء تعلن ضبط خلية أخطر استخباراتية تابعة للموساد الإسرائيلي كانت مكلفة بالقيام بأمر مرعب في صنعاء
  • تحولات انتخابية غير مسبوقة تضرب الجنوب الافريقي في 2024
  • القس منذر إسحق: المسيح ما زال تحت الأنقاض في غزة
  • حالة ذعر في طرابلس.. سقوط مبنى ومواطنون عالقون تحت الأنقاض (فيديو)
  • الأونروا: إسرائيل تقتل طفلًا في قطاع غزة كل ساعة
  • الطائرات المسيّرة الصينية.. الحلول الفعالة التي تهدد الأمن القومي الأمريكي
  • حملات مكبرة لإزالة الإشغالات من مراكز وأحياء الإسماعيلية
  • لاعبو كرة القدم: تعبنا من كثرة المباريات.. وبطولة الفيفا الجديدة هي القشة التي قصمت ظهر البعير
  • القبيات دانت جريمة قتل ابنها ايلي فارس وناشدت الاجهزة الامنية