لستِ أمّا سيئة.. هل تعلمين كم مرة يناديك طفلك يوميا؟
تاريخ النشر: 7th, July 2023 GMT
ظهر مفهوم "الإرهاق الأبوي" أول مرة في ثمانينيات القرن الماضي، إذ الحديث دائما عن إرهاق مزدوج للآباء والأمهات معا. لكنَّ مزيدا من الدراسات أشارت إلى أن الأمهات أكثر معاناة وإرهاقا من تجربة التربية، وليس ذلك لأنهن يقضين وقتا أطول في العناية بأطفالهن مقارنة بالآباء، بل لأسباب أخرى أكثر تعقيدا. فبحسب دراسة عن العلاقة بين التربية والنوع، بدا أن الأمهات هن الأكثر استجابة لأطفالهن، والأكثر معاناة أيضا مع الضغط والإرهاق والتوتر والمخاوف، والأكثر معاناة من الأحكام.
ورغم كل الجوانب المعروفة سلفا لمتاعب التربية، خاصة في الشهور الأولى من عمر الطفل، فإن ثمة متاعب خفية لم تتناولها العديد من الدراسات، على رأسها "الإلحاح" الذي تعاني منه الأمهات كل يوم، والذي يصل بالصبر وسعة الصدر إلى درجة الصفر، فتتحول الأم إلى شخص مختلف عما كانت عليه من قبل، فما الذي يحدث حقا؟
300 سؤالا وأكثر من 100 نداء يوميافي بوسطن بالولايات المتحدة، حاولت ليا لنش أن تحسب عدد المرات التي يقول فيها طفلها "ماما" خلال يوم واحد. تقول "أحضرت مفكرة، ودونت كل مرة ناداني بها، واكتشفت في نهاية اليوم أنه قام بندائي 105 مرات"، وهو ما جعلها تفهم السر وراء ردود أفعالها الجسدية، حيث كانت تطبق أسنانها وترتعش أحيانا من فرط التوتر، خاصة بعد أن صار لديها لاحقا ثلاثة أطفال، يناديها كل منهم عدة مرات حتى صار الأمر يقودها إلى الجنون.
وتبقى مرات النداء في كفة، ومرات الأسئلة في كفة أخرى، حيث لم يخطر لكثيرين أن يتساءلوا عن عدد المرات التي يطرح فيها الطفل سؤالا على أمه، لذا حاول مجموعة من الباحثين معرفة ذلك عبر استطلاع شمل ألف أمٍّ في بريطانيا، تتراوح أعمار أطفالهن بين عامين و10 أعوام.
حصر الباحثون عدد الأسئلة التي يطرحها الأطفال على أمهاتهم، ليتضح أن الأمهات يتلقين سؤالا واحد كل دقيقتين و36 ثانية، أي أكثر من 105 آلاف سؤال سنويا، وحوالي 300 سؤال في اليوم الواحد، ولعل المزعج في الأمر أن أكثر الأسئلة يتم طرحها أثناء تناول الوجبات.
وبحسب الاستطلاع، فإن الأمهات هنّ الأكثر تلقيا للأسئلة مقارنة بالآباء، حيث يذهب 82% من الأطفال لأمهاتهم بدلا من آبائهم للاستفسار، وحتى هؤلاء الذين يسألون آبائهم عادة ما يتلقون إجابات من قبيل: اسأل والدتك.
غالبا لا توجد أم سيئة بل هي في أكثر الأحوال مجرد أمّ مرهقة (شترستوك) مَن أكثر إلحاحا الفتيات أم الفتيان؟وبحسب الاستطلاع السالف ذكره، فإن الفتيات في عمر الرابعة هن الأكثر طرحا للأسئلة، والأكثر فضولا، بينما الذكور في عمر التسع سنوات هم الأكثر اكتفاء بمعرفتهم، حيث يطرحون 144 سؤالا فقط في اليوم.
في الواقع، أمهات الفتيات يعانين بشكل أكبر مع الأسئلة، حيث تشير دراسة أجريت عام 2011 إلى أن الفتيات يملن إلى التحدث وتطوير المهارات الاجتماعية والعاطفية قبل الذكور، وأشار بحث آخر إلى الفجوات بين الجنسين عند الأطفال الصغار الذين تتراوح أعمارهم بين 7 أشهر و6 سنوات، وهو ما يعني أسئلة أكثر في عمر أقل، بوتيرة أسرع.
الأمهات يتلقين في المتوسط سؤالا واحدا كل دقيقتين و36 ثانية (بيكسلز) ماذا يحدث للأمهات حقا؟عادة ما تتحول الأمنية الشائعة "أريد أن أكون أمّا جيدة للغاية" إلى شكوى مستمرة لاحقا "أنا منهكة للغاية". هذا ما توصلت إليه دراسة ربطت بين المثالية الشديدة وبين الإنهاك الشديد، فالأمهات اللائي يرغبن في القيام بالأمور على أكمل وجه، من واجبات منزلية وأمومة وعناية بالذات، وحتى الإجابة عن أي سؤال واستفسار، تحول دورهن الفريد والاستثنائي إلى جنون وشعور دائم بالتقصير. هكذا تردد الأم دون انقطاع "لم أفعل ما يكفي!"، ويتحول الشعور بالإنهاك إلى شعور إضافي بالخوف والقلق والتوتر بشأن عدم الكفاية والكفاءة معا.
يزيد من المعاناة مع الأسئلة والنداءات المتكررة، صعوبة فترة السنوات الأولى من عمر الطفل بوجه عام. فمن لحظة الولادة وحتى عمر الست سنوات، تعاني الأمهات من أعراض جسدية وعقلية مختلفة، حيث الإرهاق هو السمة الأساسية التي تؤثر على الأداء اليومي، فضلا عن الحرمان من النوم ومحدودية الاستراحة.
نتحدث عن الإلحاح على أم في حالة من التعب، تعاني من ضعف الأداء والوظائف الإدراكية، مع العديد من التفاصيل الإضافية مثل سوء النوم والتوتر والاكتئاب، لهذا ربما عبرت بعض الأمهات عن الحالة التي انتابتهن جراء الشعور بالضغط والغضب الشديد، بقولهن "حين أشعر بالضغط الشديد، أغضب وأشعر أن هناك حريقا في بطني".
الاستماع الفعال يجعل الأطفال يعلمون أننا نهتم بمشاعرهم ونتفهم احتياجاتهم (بيكسلز) هل يجب الرد على كل شيء؟ليست ثمة معايير للأم الصالحة، كما أنه لا يوجد معيار بعينه "للأم السيئة" التي هي في الغالب -بحسب ورقة بحثية فنلندية- مجرد "أم مرهقة"!
ومن الأسئلة المتكررة التي ترد إلى مركزالسيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) في الولايات المتحدة الأميركية، أن "مشاكل الأطفال ليست بهذه الأهمية.. فهل أعلمهم ترك الأمور كما هي وأتجاهلهم أم أنتبه إلى كل ما يقولون؟"، لتأتي الإجابة العلمية من المؤسسة "من المغري أحيانا أن نتجاهل مشاكل أطفالنا، خاصة إن كان يومنا سيئا، أو مشغولين، أو إذا كانت المشاكل هي ذاتها التي سبق أن قمنا بحلها معهم. لكن في العموم، يحتاج الأطفال إلى معرفة أننا سوف نستمع لهم، حيث يجعلهم الاستماع الفعال يعلمون أننا نهتم بمشاعرهم ونتفهم احتياجاتهم، ونتقبل ما يشعرون به".
ويضيف المركز أن رفض الاستماع إلى الأطفال وما يقولون باستمرار، يدفع الأمور للتطور بشكل غير محمود، وقد تصل إلى الوقوع في بعض الآفات، ولذلك فإن "الاستجابة المعتدلة في السنوات الأولى من العمر يمهد الطريق للمحادثات الأكثر أهمية التي سوف تحدث لاحقا في الحياة".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
يونيسف: أكثر من 17 مليون طفل سوداني حرموا التعليم بسبب الحرب
قالت منظمة منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" إن أكثر من 17 مليون طفل في السودان حرموا من التعليم بسبب القتال التي بدأت منذ سنة ونصف.
اقرأ ايضاًتقرير: مقتل 61 ألف شخص بولاية الخرطوم السودانية في 14 شهراوأوضح شيلدون ييت، ممثل المنظمة أن الحرب المستمرة منذ منتصف نيسان 2023 في السودان، أجبرت أطفالا على النزوح مع أسرهم 3 مرات بسبب التوسع المستمر في رقعة القتال، وحرمت أكثر من 17 مليون طفل من الالتحاق بالمدارس.
ونبه ييت إلى الأوضاع المأساوية التي يعيشها الأطفال في السودان، مؤكدا أن واحداً من كل ثلاثة أطفال يعاني من سوء التغذية.
وفي الوقت الذي حذرت اليونيسف من أن أكثر من 3.7 ملايين طفل يواجهون خطر الموت بسبب سوء التغذية الحاد، قالت منظمة "أطباء بلا حدود" إن واحدا من كل 6 أشخاص تلقوا علاجا في إحدى مستشفياتها بالعاصمة الخرطوم من إصابات بنيران القتال، كانوا من الأطفال.
وكشف تقريران حديثان صادران عن منظمة الصحة العالمية ولجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة عن انتهاكات عديدة ترتكب في حق الأطفال بينها الاغتصاب والحرمان من ضروريات الحياة.
في أحدث تقرير لها عن أوضاع الأطفال، قالت الأمم المتحدة إن الصراع في السودان أدى إلى زيادة مروعة في العنف ضد الأطفال، مما يؤكد الحاجة إلى تدابير حماية عاجلة وملموسة.
في يونيو الماضي، وثقت الأمم المتحدة، 2168 انتهاكا خطيرا ضد 1913 طفلا. وشملت الانتهاكات الأكثر انتشارا القتل والتشويه بمعدل 1525 حالة، وتجنيد الأطفال واستخدامهم في القتال بنحو 277 حالة خلال عام واحد.
يونسيف: حوالي 17 مليون طفل سوداني خارج المدرسة الآن بسبب الصراع الذي يشهده السودان منذ أبريل عام 2023، وأظهر مقطع فيديو بثته المنظمة على منصة "إكس" ممثلها في بورتسدان "شيلدون ييت" وهو يصف الوضع الإنساني في السودان بأنه أكبر حالة طوارئ إنسانية تتعامل معها المنظمة في العالم قائلًا… pic.twitter.com/Rso901wZgE
— التغيير الالكترونية (@altaghyeersudan) November 21, 2024
مستقبل أطفال السودان بين أيدينا. لقد حان الوقت للعمل وضمان حصولهم على الغذاء والرعاية الصحية والتعليم والحماية التي يحتاجون إليها بشكل عاجل.
أطفال #السودان بحاجة لدعمكم.
شيلدون ييت، ممثل اليونيسف في السودان، في #اليوم_العالمي_للطفل
———————————————
تابعونا على قناتنا على… pic.twitter.com/yvPUTXeETu
— التغيير الالكترونية (@altaghyeersudan) November 21, 2024
المصدر: وكالات
© 2000 - 2024 البوابة (www.albawaba.com)
محرر البوابةيتابع طاقم تحرير البوابة أحدث الأخبار العالمية والإقليمية على مدار الساعة بتغطية موضوعية وشاملة
الأحدثترند يونيسف: أكثر من 17 مليون طفل سوداني حرموا التعليم بسبب الحرب ردود فعل دولية حول مذكرة الجنائية الدولية اعتقال نتنياهو وغالانت الجنائية الدولية تلاحق نتنياهو وغالانت..نظرة قانونية باكستان...مقتل 38 شخصا بهجوم مسلح على حافلتي ركاب الصحة اللبنانية: استشهاد 16 شخصا بقصف إسرائيلي على قضاء صور Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا فريقنا حل مشكلة فنية اعمل معنا الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTubeاشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اشترك الآن
© 2000 - 2024 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter