صحيفة الاتحاد:
2025-07-08@08:24:43 GMT

ضرورة وضع النظم البيئية في صميم العمل المناخي

تاريخ النشر: 13th, November 2023 GMT

*رزان المبارك

أخبار ذات صلة «نور أبوظبي».. ريادة في قطاع الطاقة الشمسية رؤساء شركات إعلامية: «الكونغرس العالمي للإعلام» يعزز مكانة الإمارات مؤتمر الأطراف «COP28» تابع التغطية كاملة

مع اتجاه العام 2023 لأن يكون الأكثر سخونة منذ بداية تسجيل درجات الحرارة، والذي شهد ارتفاعات قياسية في البحر واليابسة والوصول لمستويات غير مسبوقة، وامتداد تأثير الظروف الجوية المتطرفة وتدهور التنوع البيئي وانجراف الأراضي على البشر، والتنوع البيولوجي، وسُبل العيش، والاقتصادات العالمية.


تبرز الحاجة للتركيز على الحلول القائمة على الطبيعة، كأساس لتخفيف آثار تغير المناخ والتكيف معها، خاصة مع قرب انعقاد مؤتمر الأطراف COP28، في مدينة إكسبو دبي، في الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر 2023. 
حيث يقوم النظام البيئي بامتصاص نحو 30% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي يتسبب بها البشر بينما تمتص المحيطات نحو 30% أخرى، ويبقى في الغلاف الجوي الـ 40% الباقية، وهي النسبة التي تساهم بالاحتباس الحراري وتغير المناخ، وتلعب الطبيعة دوراً مزدوجاً، فهي تقلل من تقلبات تغير المناخ، وتساعد المجتمعات على التكيف معها، وتساهم الطبيعة بالحفاظ على عدم ارتفاع مستويات الاحتباس الحراري العالمي، فعلى سبيل المثال تمثل الحلول القائمة على الطبيعة ما يعادل ثلث الجهود المطلوبة لتخفيف آثار تغير المناخ بحلول عام 2030.
ويؤثر تغير المناخ على الطبيعة بطرق متعددة، حيث تقوم التربة بتخزين الكربون أكثر من النباتات والغلاف الجوي مجتمعين، وعندما تتدهور الأراضي الصالحة للزراعة من خلال التصحر والجفاف، وتآكل التربة الذي يتم بوتيرة سريعة، فإن الكربون المفترض تخزينه في التربة ينطلق نحو الجو، وهذا ما يساهم بجعل تدهور الأراضي واحداً من أكبر العوامل المساهمة في تغير المناخ. 
من جهتها، تؤدي الغابات دورين في عملية تغير المناخ، حيث تعتبر أحد المسببات، وفي الوقت نفسه الحلول لانبعاثات غازات الدفيئة، لأن حوالي 25% من الانبعاثات العالمية تأتي من الأراضي التي تعتبر ثاني أكبر مصدر لانبعاث غازات الدفيئة بعد قطاع الطاقة، وينتج حوالي نصف هذه الانبعاثات من التصحر وتدهور الغابات، بينما تقوم الغابات المزدهرة بحفظ توازن النظم البيئية، وتحمي التنوع البيولوجي، وتقلل من الانبعاثات، وامتصاص ما يقارب 2.6 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً، وهو ما يمثل ثلث الانبعاثات الناتجة عن احتراق الوقود التقليدي.
ومن الضروري أن نشير هنا إلى دور الشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية التي تدير وتعيش في جزء كبير من غابات العالم، حيث تعتبر الغابات التي تشرف عليها الأكثر استدامة مع الحفاظ على تنوعها ونظامها البيئي، ما يجعلها مخازن ممتازة للكربون.
وعلى صعيد المحيطات، فإنها تحتضن 90% من الاحتباس الحراري العالمي، ما يؤدي إلى تغير درجات الحرارة واتجاهات التيارات البحرية وفقدان الأكسجين، كما تساهم انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون بزيادة حموضة المحيطات، والتي وصلت بالفعل لمستويات مرتفعة جداً، الأمر الذي يؤثر على الحياة البحرية والنظم البيئية، بالإضافة إلى الشعاب المرجانية وازدهار الحياة البحرية فيها، ما يؤثر بشكل مباشر على ما تقدمه هذه المنظومة البيئية من الطعام والحماية من فيضانات أمواج البحار. 
ومن جانبها، تقوم النظم البيئية الساحلية مثل غابات القرم بدور حيوي في تخزين واحتجاز الكربون، حيث تغطي هذه الغابات حوالي 0.1% من سطح كوكبنا، إلا أن كل هكتار منها يمكنه تخزين 10 أضعاف كمية الكربون التي تخزنها  المساحة نفسها من الغابات البرية، كما يقلل النظام البيئي لغابات القرم الأضرار التي يمكن أن تحدثها الفيضانات البحرية بقيمة تتجاوز 65 مليار دولار، وتساهم بحماية ما يقارب 15 مليون شخص كل عام.
ولهذا فقد أعلنت دولة الإمارات تأييدها مبادرة «تنمية القرم»، كما سيستضيف COP28 أول اجتماع وزاري حول القرم في يوم الطبيعة والمحيطات واستخدام الأراضي يخصص لدعم غابات القرم، من أجل دعم هدف استعادة وحماية 15 مليون هكتار من أشجار القرم على مستوى العالم بحلول عام 2030.
إن التخفيف من آثار تغير المناخ يشمل مجموعة متنوعة من الاستراتيجيات والحلول الخاصة بالعمل المناخي، وضرورة استغلال قوة الطبيعة من خلال التخفيف البيولوجي، وهو استراتيجية مناخية، تشمل الحفاظ وتعزيز البيئات الطبيعية مثل الغابات والأراضي الرطبة التي تعتبر مخازن كربون مهمة جداً. وتقدم الحلول القائمة على الطبيعة طرقاً مستدامة للتصدي لتغير المناخ، حيث تعتبر الإدارة المستدامة للغابات أمراً حيوياً لامتصاص ثاني أكسيد الكربون ولحماية التنوع البيولوجي بشكل عام، بما في ذلك النباتات والفطريات والأشجار على النحو الأساسي.
أما استعادة الأنظمة البيئية فهو منهج مهم آخر، ويهدف إلى تعزيز الغابات المتدهورة والالتزام بالمعيار العالمي للحلول القائمة على الطبيعة والذي وضعه الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، الذي ينتج عنه الكثير من الفوائد مثل إحياء مواطن الحياة البرية، واستعادة الأنظمة البيئية، والتقاط الكربون، وتعزيز نوعية المياه، ومنع تآكل التربة.
كل هذه الحلول تمكّن المجتمعات المحلية من التكيف مع تغير المناخ والتخفيف من آثاره، فحماية البيئة الساحلية، على سبيل المثال، توفر حواجز طبيعية ضد الفيضانات البحرية، ويمكن للأراضي الرطبة والغابات تعزيز إمدادات المياه الجوفية التي تثبت أهميتها أثناء فترات انخفاض مستويات الأمطار والجفاف، ويمكن للغابات الحضرية، التي يزرعها البشر وسط المدن أو في محيطها تقليل أثر ارتفاع درجات الحرارة، وتساهم النظم البيئية الساحلية مثل غابات القرم والشعاب المرجانية بتقليل آثار أمواج البحار والمحيطات، وبالتالي الحماية من أخطار الفيضانات الساحلية.
يعتبر التركيز على البشر والطبيعة وتحسين الحياة وسبُل العيش واحداً من ركائز خطة عمل رئاسة COP28، حيث تهدف لجعل البشر وكوكب الأرض في صميم العمل المناخي، وسنقوم خلال مؤتمر الأطراف بتعزيز وتنظيم مبادرات تحمي التنوع البيولوجي والمخازن الطبيعية والحيوية للكربون، وتساند جهود المجتمعات الأكثر تعرضاً لتغير المناخ، خاصة تلك التي تهتم بالحفاظ على التنوع البيئي والتكيف وزيادة المرونة المناخية.
كما سيتم التركيز على أهمية تنفيذ إطار عمل كونمينغ-مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي لحماية 30% من الموائل البرية والبحرية بحلول عام 2030، باعتباره أداة مهمة لمواجهة تغير المناخ.
ومع تصاعد وتيرة الاستعدادات لاستقبال العالم في COP28، يتوجب علينا أن نركز على دور الطبيعة، والاهتمام بالغابات والتربة والمحيطات والأراضي الرطبة، وأن نوازن بين التركيز على الطبيعة والتصدي لتغير المناخ، لأن الفشل في أي من المسارين سيكون فرصة لا يمكننا تحمل عواقب ضياعها.
رزان خليفة المبارك، رائدة الأمم المتحدة لتغير المناخ لمؤتمر الأطراف COP28*

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: رزان المبارك الإمارات مؤتمر الأطراف دبي إكسبو دبي القائمة على الطبیعة التنوع البیولوجی النظم البیئیة تغیر المناخ غابات القرم

إقرأ أيضاً:

الطين قد يكون حلا بسيطا لامتصاص ثاني أكسيد الكربون

في عالم يبحث عن حلول فعّالة من حيث التكلفة وقابلة للتطوير لأزمة المناخ، اكتشف باحثون أن جزيئات الطين الصغيرة تلعب دورا كبيرا للغاية في امتصاص ثاني أكسيد الكربون الذي يعد ملوثا رئيسيا للغلاف الجوي.

وأظهرت دراسة صادرة عن جامعة بيردو الأميركية أن الطين الذي يعد أحد أكثر المواد النانوية شيوعا على الأرض، قد يلعب دورا مفاجئا في خفض انبعاثات الكربون. ووجد الباحثون طريقة لاستخدام هذه المادة البسيطة والوفيرة لامتصاص ثاني أكسيد الكربون (CO₂) مباشرة من الهواء.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4ماذا يعني تسعير الكربون وكيف يتم؟list 2 of 4الاحتباس الحراري يقلّص امتصاص النباتات والتربة للكربونlist 3 of 4الكربون الأسود يسرّع ذوبان ثلوج جبال الهيمالاياlist 4 of 4كيف تتم عمليات التقاط الكربون وإزالته؟end of list

ودرس فريق جامعة بيردو المعادن الطينية بالتعاون مع فريق مختبرات ساندي الأميركية منذ أكثر من 30 عاما، واكتشفوا تفاصيل مهمة حول سلوك هذه الجسيمات الدقيقة.

ويقول كليف جونستون، الباحث الرئيسي والأستاذ في كلية العلوم بجامعة بيردو: "تتميز المعادن الطينية بمساحة سطحية عالية جدا. فملعقة كبيرة من الطين تعادل تقريبا مساحة ملعب كرة قدم أميركية".

ويشير جونستون إلى أن معظم هذه المساحة السطحية توجد في المسام الداخلية للطين التي تحتوي على مناطق قطبية وغير قطبية.

وبينما تفضل جزيئات مثل ثاني أكسيد الكربون المناطق غير القطبية، يفضل بخار الماء المناطق القطبية، وباختيار أنواع معينة من الطين وتعديل بنيتها الأيونية، أمكن تحسين المواد القادرة على امتصاص ثاني أكسيد الكربون.

تركز الدراسة على مجموعة من المعادن الطينية تُسمى السمكتيت (Smectite) وهي من أكثر المواد النانوية شيوعا في الطبيعة، وتسمح مساحتها السطحية الشاسعة ويرشحها حجمها الصغير بشكل مثالي للتطبيقات البيئية، وخاصة لالتقاط غازات مثل ثاني أكسيد الكربون.

وتتميز هذه المجموعة بقدرتها على امتصاص كميات كبيرة من الماء وتغيير حجمها بشكل كبير. وتُستخدم معادن السمكتيت في العديد من التطبيقات الصناعية والزراعية والطبية، مثل تنقية المياه، وتعديل التربة، وصناعة مستحضرات التجميل.

إعلان

وفي بحث سابق، درس الفريق كيفية امتصاص الطين للملوثات السامة من الماء. وأشار جونستون إلى أن "عملنا السابق ركز على امتصاص الملوثات العضوية السامة من معادن الطين من المحاليل المائية".

ووجدت الدراسة أن أنواعا معينة من "السمكتيت" لها أسطح طاردة للماء ويمكنها امتصاص مستويات كبيرة من الملوثات، مثل الديوكسينات، وهي أحد أكثر المركبات العضوية السامة المعروفة.

وتنتج الديوكسينات غالبا عن الاحتراق والأنشطة الصناعية، وهي ملوثات ضارة، وقد منح نجاح المواد الطينية في التقاط هذه السموم الباحثين الثقة لتطبيق أساليب مماثلة لامتصاص غازات مثل ثاني أكسيد الكربون.

وركزت معظم جهود احتجاز ثاني أكسيد الكربون سابقا على مواد عالية التقنية مثل "الزيوليت"، وهي مجموعة من المعادن البلورية المائية التي تتكون أساسا من السيليكات والألومينات.

كما ركز الباحثون على الأطر المعدنية العضوية، والمواد الماصة الصلبة، وأُغفِلت غالبا المعادن الطينية، لكن هذه الدراسة الجديدة غيّرت هذا المنظور.

واعتمد فريق البحث على نوع محدد من "السمكتيت" يُسمى "السابونيت"، وهو معدن طيني ذو تركيبة كيميائية معقدة تشمل الكالسيوم والمغنيسيوم والحديد والسيليكون والألومنيوم والهيدروكسيد والماء.

واستكشفوا كيفية تعامل "السابونيت" مع ثاني أكسيد الكربون وبخار الماء، اللذين يتنافسان على المساحة في مسام الطين الدقيقة.

وبدلا من تسخين الطين لتعزيز قدرته على الامتصاص، اتخذ الباحثون مسارا مختلفا، إذ درسوا تأثير الرطوبة، ووجدوا أن السابونيت ينجذب بشدة لثاني أكسيد الكربون عند انخفاض الرطوبة.

وتعد هذه المرة الأولى التي يُظهر فيها الباحثون كيف يمكن لمعادن الطين أن تمتص كلا من ثاني أكسيد الكربون وبخار الماء في ظروف قريبة مما نختبره في الحياة اليومية، من حيث تركيزات ثاني أكسيد الكربون المحيطة ودرجة حرارة الغرفة.

ويرى الباحثون أن نتائج هذا الاكتشاف واعدة. فمع وفرة الطين وانخفاض سعره، قد يوفر طريقة قابلة للتطوير لالتقاط ثاني أكسيد الكربون من الهواء. كما يمكن للناس استخدامه لخفض الانبعاثات من المصانع أو تخزين ثاني أكسيد الكربون تحت الأرض، ويمكن كذلك إبقاؤه خارج الغلاف الجوي على المدى الطويل.

وقد يُوسّع هذا البحث نطاق المواد الماصة لمعالجة إحدى أكثر مشاكل كوكب الأرض تحديا، وقد يكون الطين موردا غير مكلف ووفيرا لامتصاص ثاني أكسيد الكربون من الهواء، وأداة فعّالة في مواجهة تغير المناخ.

مقالات مشابهة

  • بكتيريا أفريقية خارقة تتنفس سموم أول أكسيد الكربون وتحولها إلى طاقة
  • نيابةً عن ولي العهد.. وزير الخارجية مشاركاً في “بريكس”: السعودية تطور تقنيات متقدمة لإدارة التحديات البيئية
  • هيئة تطوير محمية الملك سلمان تنظم برنامجًا في إعادة التدوير بالتعاون مع غرفة تبوك
  • قمة بريكس 2025.. المملكة تؤكد ضرورة منع اتساع رقعة النزاعات
  • «قمة الاقتصاد الأخضر» تناقش دور التكنولوجيا في العمل المناخي
  • بالصور.. فيضانات تكساس المدمرة تفضح فشل أميركا المناخي
  • مع توسع حرائق اللاذقية.. دعوة إلى إعلان حالة الطوارئ البيئية
  • الصالح: الخطة الحالية هي السيطرة على الحرائق وإخمادها، والخطة الطارئة هي فتح خطوط في كل منطقة لتسهيل وصول الفرق للحرائق، والخطة المتوسطة هي فتح مراكز دائمة بهذه المناطق مجهزة بكل الإمكانيات التي تمكنها من الاستجابة السريعة لأي حريق، والخطة البعيدة هي أن ت
  • الصفدي واليماحي يشددان على إنهاء العدوان الإسرائيلي على غزة
  • الطين قد يكون حلا بسيطا لامتصاص ثاني أكسيد الكربون