صحيفة الاتحاد:
2025-01-23@16:51:46 GMT

ضرورة وضع النظم البيئية في صميم العمل المناخي

تاريخ النشر: 13th, November 2023 GMT

*رزان المبارك

أخبار ذات صلة «نور أبوظبي».. ريادة في قطاع الطاقة الشمسية رؤساء شركات إعلامية: «الكونغرس العالمي للإعلام» يعزز مكانة الإمارات مؤتمر الأطراف «COP28» تابع التغطية كاملة

مع اتجاه العام 2023 لأن يكون الأكثر سخونة منذ بداية تسجيل درجات الحرارة، والذي شهد ارتفاعات قياسية في البحر واليابسة والوصول لمستويات غير مسبوقة، وامتداد تأثير الظروف الجوية المتطرفة وتدهور التنوع البيئي وانجراف الأراضي على البشر، والتنوع البيولوجي، وسُبل العيش، والاقتصادات العالمية.


تبرز الحاجة للتركيز على الحلول القائمة على الطبيعة، كأساس لتخفيف آثار تغير المناخ والتكيف معها، خاصة مع قرب انعقاد مؤتمر الأطراف COP28، في مدينة إكسبو دبي، في الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر 2023. 
حيث يقوم النظام البيئي بامتصاص نحو 30% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي يتسبب بها البشر بينما تمتص المحيطات نحو 30% أخرى، ويبقى في الغلاف الجوي الـ 40% الباقية، وهي النسبة التي تساهم بالاحتباس الحراري وتغير المناخ، وتلعب الطبيعة دوراً مزدوجاً، فهي تقلل من تقلبات تغير المناخ، وتساعد المجتمعات على التكيف معها، وتساهم الطبيعة بالحفاظ على عدم ارتفاع مستويات الاحتباس الحراري العالمي، فعلى سبيل المثال تمثل الحلول القائمة على الطبيعة ما يعادل ثلث الجهود المطلوبة لتخفيف آثار تغير المناخ بحلول عام 2030.
ويؤثر تغير المناخ على الطبيعة بطرق متعددة، حيث تقوم التربة بتخزين الكربون أكثر من النباتات والغلاف الجوي مجتمعين، وعندما تتدهور الأراضي الصالحة للزراعة من خلال التصحر والجفاف، وتآكل التربة الذي يتم بوتيرة سريعة، فإن الكربون المفترض تخزينه في التربة ينطلق نحو الجو، وهذا ما يساهم بجعل تدهور الأراضي واحداً من أكبر العوامل المساهمة في تغير المناخ. 
من جهتها، تؤدي الغابات دورين في عملية تغير المناخ، حيث تعتبر أحد المسببات، وفي الوقت نفسه الحلول لانبعاثات غازات الدفيئة، لأن حوالي 25% من الانبعاثات العالمية تأتي من الأراضي التي تعتبر ثاني أكبر مصدر لانبعاث غازات الدفيئة بعد قطاع الطاقة، وينتج حوالي نصف هذه الانبعاثات من التصحر وتدهور الغابات، بينما تقوم الغابات المزدهرة بحفظ توازن النظم البيئية، وتحمي التنوع البيولوجي، وتقلل من الانبعاثات، وامتصاص ما يقارب 2.6 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً، وهو ما يمثل ثلث الانبعاثات الناتجة عن احتراق الوقود التقليدي.
ومن الضروري أن نشير هنا إلى دور الشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية التي تدير وتعيش في جزء كبير من غابات العالم، حيث تعتبر الغابات التي تشرف عليها الأكثر استدامة مع الحفاظ على تنوعها ونظامها البيئي، ما يجعلها مخازن ممتازة للكربون.
وعلى صعيد المحيطات، فإنها تحتضن 90% من الاحتباس الحراري العالمي، ما يؤدي إلى تغير درجات الحرارة واتجاهات التيارات البحرية وفقدان الأكسجين، كما تساهم انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون بزيادة حموضة المحيطات، والتي وصلت بالفعل لمستويات مرتفعة جداً، الأمر الذي يؤثر على الحياة البحرية والنظم البيئية، بالإضافة إلى الشعاب المرجانية وازدهار الحياة البحرية فيها، ما يؤثر بشكل مباشر على ما تقدمه هذه المنظومة البيئية من الطعام والحماية من فيضانات أمواج البحار. 
ومن جانبها، تقوم النظم البيئية الساحلية مثل غابات القرم بدور حيوي في تخزين واحتجاز الكربون، حيث تغطي هذه الغابات حوالي 0.1% من سطح كوكبنا، إلا أن كل هكتار منها يمكنه تخزين 10 أضعاف كمية الكربون التي تخزنها  المساحة نفسها من الغابات البرية، كما يقلل النظام البيئي لغابات القرم الأضرار التي يمكن أن تحدثها الفيضانات البحرية بقيمة تتجاوز 65 مليار دولار، وتساهم بحماية ما يقارب 15 مليون شخص كل عام.
ولهذا فقد أعلنت دولة الإمارات تأييدها مبادرة «تنمية القرم»، كما سيستضيف COP28 أول اجتماع وزاري حول القرم في يوم الطبيعة والمحيطات واستخدام الأراضي يخصص لدعم غابات القرم، من أجل دعم هدف استعادة وحماية 15 مليون هكتار من أشجار القرم على مستوى العالم بحلول عام 2030.
إن التخفيف من آثار تغير المناخ يشمل مجموعة متنوعة من الاستراتيجيات والحلول الخاصة بالعمل المناخي، وضرورة استغلال قوة الطبيعة من خلال التخفيف البيولوجي، وهو استراتيجية مناخية، تشمل الحفاظ وتعزيز البيئات الطبيعية مثل الغابات والأراضي الرطبة التي تعتبر مخازن كربون مهمة جداً. وتقدم الحلول القائمة على الطبيعة طرقاً مستدامة للتصدي لتغير المناخ، حيث تعتبر الإدارة المستدامة للغابات أمراً حيوياً لامتصاص ثاني أكسيد الكربون ولحماية التنوع البيولوجي بشكل عام، بما في ذلك النباتات والفطريات والأشجار على النحو الأساسي.
أما استعادة الأنظمة البيئية فهو منهج مهم آخر، ويهدف إلى تعزيز الغابات المتدهورة والالتزام بالمعيار العالمي للحلول القائمة على الطبيعة والذي وضعه الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، الذي ينتج عنه الكثير من الفوائد مثل إحياء مواطن الحياة البرية، واستعادة الأنظمة البيئية، والتقاط الكربون، وتعزيز نوعية المياه، ومنع تآكل التربة.
كل هذه الحلول تمكّن المجتمعات المحلية من التكيف مع تغير المناخ والتخفيف من آثاره، فحماية البيئة الساحلية، على سبيل المثال، توفر حواجز طبيعية ضد الفيضانات البحرية، ويمكن للأراضي الرطبة والغابات تعزيز إمدادات المياه الجوفية التي تثبت أهميتها أثناء فترات انخفاض مستويات الأمطار والجفاف، ويمكن للغابات الحضرية، التي يزرعها البشر وسط المدن أو في محيطها تقليل أثر ارتفاع درجات الحرارة، وتساهم النظم البيئية الساحلية مثل غابات القرم والشعاب المرجانية بتقليل آثار أمواج البحار والمحيطات، وبالتالي الحماية من أخطار الفيضانات الساحلية.
يعتبر التركيز على البشر والطبيعة وتحسين الحياة وسبُل العيش واحداً من ركائز خطة عمل رئاسة COP28، حيث تهدف لجعل البشر وكوكب الأرض في صميم العمل المناخي، وسنقوم خلال مؤتمر الأطراف بتعزيز وتنظيم مبادرات تحمي التنوع البيولوجي والمخازن الطبيعية والحيوية للكربون، وتساند جهود المجتمعات الأكثر تعرضاً لتغير المناخ، خاصة تلك التي تهتم بالحفاظ على التنوع البيئي والتكيف وزيادة المرونة المناخية.
كما سيتم التركيز على أهمية تنفيذ إطار عمل كونمينغ-مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي لحماية 30% من الموائل البرية والبحرية بحلول عام 2030، باعتباره أداة مهمة لمواجهة تغير المناخ.
ومع تصاعد وتيرة الاستعدادات لاستقبال العالم في COP28، يتوجب علينا أن نركز على دور الطبيعة، والاهتمام بالغابات والتربة والمحيطات والأراضي الرطبة، وأن نوازن بين التركيز على الطبيعة والتصدي لتغير المناخ، لأن الفشل في أي من المسارين سيكون فرصة لا يمكننا تحمل عواقب ضياعها.
رزان خليفة المبارك، رائدة الأمم المتحدة لتغير المناخ لمؤتمر الأطراف COP28*

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: رزان المبارك الإمارات مؤتمر الأطراف دبي إكسبو دبي القائمة على الطبیعة التنوع البیولوجی النظم البیئیة تغیر المناخ غابات القرم

إقرأ أيضاً:

رئيس مركز البيئة والزراعة البريطاني: الكويت حريصة على التعاون العالمي لمواجهة تحديات تغير المناخ

 أشاد مسؤول بيئي بريطاني بحرص الكويت على التعاون العالمي في مواجهة التغير المناخي والتحديات البيئية الراهنة، مبينا أهمية ذلك التعاون إزاء تحديات التغير المناخي حماية للبيئة بشكل عام والبحرية بشكل خاص.

جاء ذلك في لقاء أجرته «كونا» مع الرئيس التنفيذي لمركز البيئة والزراعة والثروة السمكية البريطاني CEFAS نيل هورنبي في ختام زيارته الرسمية إلى البلاد بالتعاون مع سفارة المملكة المتحدة للاحتفاء بمرور 10 أعوام على بدء عمل CEFAS في الكويت.

وقال هورنبي إن التحدي البيئي من التغير المناخي بارتفاع درجات الحرارة وزيادة منسوب البحار والمحيطات حول العالم هو تحد عالمي يحتاج من جمع الأطراف التكاتف والتعاون للحد من مخاطره على البيئات والإنسان، مشيدا برغبة وشغف الكويت ممثلة بالحكومة وبالمراكز والهيئات البيئية في مد يد التعاون على الصعيد الدولي في سبيل ذلك.

وذكر أن CEFAS تتعاون من خلال العديد من البرامج والمشاريع الحيوية مع عدة جهات زارها خلال وجوده في الكويت الأسبوع الجاري منها مركز الكويت للأبحاث العلمية والهيئة العامة للبيئة والمنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية.

وأشار إلى تنوع هذه البرامج من إجراء دراسات ميدانية وبحوث عن تأثر البيئة البحرية من عوامل التغير المناخي لا سيما وزيادة درجة الحرارة «بأكثر البحار حرارة في العالم»، وهو الخليج العربي، إضافة إلى بحث سبل كبح جماح التلوث وخصوصا المواد البلاستيكية التي «تبطش» بالحياة البحرية ليس فقط في الكويت وإنما في العالم أجمع.

وبين أن موقع الكويت الجغرافي في أشد مناطق العالم حرارة جعلها في مقدمة المتأثرين سلبا بارتفاع درجات الحرارة ما يجعلها بنفس الوقت موقعا خصبا للبحث وجمع المعلومات عن تكيف الحياة البحرية لتلك المتغيرات، مشددا على أنها معلومات مهمة تتم مشاطرتها مع الحكومات والمنظمات البيئية حول العالم لدعم جهودها في التقليل من حدة وطأتها حيث تم نشر أكثر من 25 ورقة بحث علمية حولها بالتعاون مع المركز البريطاني ونظرائه في دولة الكويت.

وذكر على سبيل المثال كائنات المرجان التي بالرغم من تأثرها سلبا في الخليج العربي بسبب زيادة درجات الحرارة فقد تم رصد قدرتها على التأقلم بصورة أكبر من المرجان في البحر الأحمر وهي معلومات قيمة سيستفيد منها العالم بأسره.

ولفت إلى أنه من البرامج والمشاريع المشتركة أيضا «سبل الحفاظ والتأقلم مع تلك المتغيرات وزيادة الوعي البشري بثقل وطأته»، مؤكدا الحاجة الماسة عالميا للتكاتف من أجل الحفاظ على «بيئتنا البحرية لنا وللأجيال المستقبلية».

وأشاد بما لاحظه من تفاعل براعم وشباب الكويت خلال زيارته مدرسة الكويت العالمية الإنجليزية وشغفهم واهتمامهم البالغ بالحفاظ على بيئتهم وتشكيلهم ناديا خاصا لتنظيف الشواطئ، الأمر الذي يبعث بالإيجابية في الرؤى المستقبلية للأجيال القادمة ورغبتهم في إبقاء بيئاتهم، لا سيما البحرية منها نظيفة تحتضن شتى أنواع من الكائنات واستيعابهم لضرورتها في بقاء الإنسان وتطوره.

وحول أكبر العقبات التي تواجه العمل البحثي والعلمي في الكويت، قال إن ارتفاع درجات الحرارة التي تفوق الـ 50 مئوية خلال الصيف هي أصعب التحديات لكن «استمرار عمل العلماء تحت طائل هذه التحديات هو إثبات لروح المثابرة والعزيمة والإيمان الخالص بأهمية هذا العمل من أجل الحفاظ على عالمنا والحرص على ترك كوكبنا رحبا لأجيال المستقبل». وثمّن دور السفارة البريطانية التي تعمل على إبقاء جسور التعاون بين جهات المملكة المتحدة المختلفة ونظرائها في البلاد ودور دولة الكويت والمنظمات التي ترعاها في سبيل الحفاظ على البيئة المحلية والدولية، آملا استمرار وتيرة هذا التعاون النشط من أجل المصلحة العالمية. يذكر أن مركز البيئة والزراعة والثروة السمكية البريطاني هو الذراع العلمية البيئية للحكومة البريطانية ويعمل في توفير المعلومات وأفضل السبل للتصدي للتحديات البيئية، ويتشارك بالعمل مع منظمات وحكومات العالم في أقصاها مثل الأقطاب الشمالية والجنوبية لكوكب الأرض لدعم التطوير الزراعي في دول جنوب شرق آسيا مثل بنغلاديش وغيرها.

مقالات مشابهة

  • كيف يؤدي تغير المناخ إلى زيادة حالات انقطاع التيار الكهربائي؟
  • رئيس مركز البيئة والزراعة البريطاني: الكويت حريصة على التعاون العالمي لمواجهة تحديات تغير المناخ
  • حرائق لوس أنجلوس تشعل القلق.. خسائر بيئية واقتصادية كبرى.. تدمير 38 ألف فدان فى حرائق الغابات وسنوات لإعادة إحياء المدينة.. خبير جيولوجي: تغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة العامل الرئيسى للحرائق
  • وزير الموارد المائية يبحث تأثير تغير المناخ على السدود في اجتماع ببنغازي
  • وزيرة البيئة تؤكد ضرورة تعزيز مشاركة القطاع الخاص في المحميات الطبيعية
  • هـل تغيـر المنـاخ فعـلًا ؟
  • « التغير المناخي وعقوباته الوخيمة»
  • أكبر مصدر لانبعاثات ثاني أوكسيد الكربون تنسحب من اتفاقية المناخ
  • القطب الشمالي.. تحذيرات بيئية متزايدة جراء تغير المناخ
  • خبير بيئي: برنامج الصناعات الخضراء المستدامة يحد من آثار تغير المناخ