صحيفة الاتحاد:
2024-10-06@07:59:24 GMT

ضرورة وضع النظم البيئية في صميم العمل المناخي

تاريخ النشر: 13th, November 2023 GMT

*رزان المبارك

أخبار ذات صلة «نور أبوظبي».. ريادة في قطاع الطاقة الشمسية رؤساء شركات إعلامية: «الكونغرس العالمي للإعلام» يعزز مكانة الإمارات مؤتمر الأطراف «COP28» تابع التغطية كاملة

مع اتجاه العام 2023 لأن يكون الأكثر سخونة منذ بداية تسجيل درجات الحرارة، والذي شهد ارتفاعات قياسية في البحر واليابسة والوصول لمستويات غير مسبوقة، وامتداد تأثير الظروف الجوية المتطرفة وتدهور التنوع البيئي وانجراف الأراضي على البشر، والتنوع البيولوجي، وسُبل العيش، والاقتصادات العالمية.


تبرز الحاجة للتركيز على الحلول القائمة على الطبيعة، كأساس لتخفيف آثار تغير المناخ والتكيف معها، خاصة مع قرب انعقاد مؤتمر الأطراف COP28، في مدينة إكسبو دبي، في الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر 2023. 
حيث يقوم النظام البيئي بامتصاص نحو 30% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي يتسبب بها البشر بينما تمتص المحيطات نحو 30% أخرى، ويبقى في الغلاف الجوي الـ 40% الباقية، وهي النسبة التي تساهم بالاحتباس الحراري وتغير المناخ، وتلعب الطبيعة دوراً مزدوجاً، فهي تقلل من تقلبات تغير المناخ، وتساعد المجتمعات على التكيف معها، وتساهم الطبيعة بالحفاظ على عدم ارتفاع مستويات الاحتباس الحراري العالمي، فعلى سبيل المثال تمثل الحلول القائمة على الطبيعة ما يعادل ثلث الجهود المطلوبة لتخفيف آثار تغير المناخ بحلول عام 2030.
ويؤثر تغير المناخ على الطبيعة بطرق متعددة، حيث تقوم التربة بتخزين الكربون أكثر من النباتات والغلاف الجوي مجتمعين، وعندما تتدهور الأراضي الصالحة للزراعة من خلال التصحر والجفاف، وتآكل التربة الذي يتم بوتيرة سريعة، فإن الكربون المفترض تخزينه في التربة ينطلق نحو الجو، وهذا ما يساهم بجعل تدهور الأراضي واحداً من أكبر العوامل المساهمة في تغير المناخ. 
من جهتها، تؤدي الغابات دورين في عملية تغير المناخ، حيث تعتبر أحد المسببات، وفي الوقت نفسه الحلول لانبعاثات غازات الدفيئة، لأن حوالي 25% من الانبعاثات العالمية تأتي من الأراضي التي تعتبر ثاني أكبر مصدر لانبعاث غازات الدفيئة بعد قطاع الطاقة، وينتج حوالي نصف هذه الانبعاثات من التصحر وتدهور الغابات، بينما تقوم الغابات المزدهرة بحفظ توازن النظم البيئية، وتحمي التنوع البيولوجي، وتقلل من الانبعاثات، وامتصاص ما يقارب 2.6 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً، وهو ما يمثل ثلث الانبعاثات الناتجة عن احتراق الوقود التقليدي.
ومن الضروري أن نشير هنا إلى دور الشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية التي تدير وتعيش في جزء كبير من غابات العالم، حيث تعتبر الغابات التي تشرف عليها الأكثر استدامة مع الحفاظ على تنوعها ونظامها البيئي، ما يجعلها مخازن ممتازة للكربون.
وعلى صعيد المحيطات، فإنها تحتضن 90% من الاحتباس الحراري العالمي، ما يؤدي إلى تغير درجات الحرارة واتجاهات التيارات البحرية وفقدان الأكسجين، كما تساهم انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون بزيادة حموضة المحيطات، والتي وصلت بالفعل لمستويات مرتفعة جداً، الأمر الذي يؤثر على الحياة البحرية والنظم البيئية، بالإضافة إلى الشعاب المرجانية وازدهار الحياة البحرية فيها، ما يؤثر بشكل مباشر على ما تقدمه هذه المنظومة البيئية من الطعام والحماية من فيضانات أمواج البحار. 
ومن جانبها، تقوم النظم البيئية الساحلية مثل غابات القرم بدور حيوي في تخزين واحتجاز الكربون، حيث تغطي هذه الغابات حوالي 0.1% من سطح كوكبنا، إلا أن كل هكتار منها يمكنه تخزين 10 أضعاف كمية الكربون التي تخزنها  المساحة نفسها من الغابات البرية، كما يقلل النظام البيئي لغابات القرم الأضرار التي يمكن أن تحدثها الفيضانات البحرية بقيمة تتجاوز 65 مليار دولار، وتساهم بحماية ما يقارب 15 مليون شخص كل عام.
ولهذا فقد أعلنت دولة الإمارات تأييدها مبادرة «تنمية القرم»، كما سيستضيف COP28 أول اجتماع وزاري حول القرم في يوم الطبيعة والمحيطات واستخدام الأراضي يخصص لدعم غابات القرم، من أجل دعم هدف استعادة وحماية 15 مليون هكتار من أشجار القرم على مستوى العالم بحلول عام 2030.
إن التخفيف من آثار تغير المناخ يشمل مجموعة متنوعة من الاستراتيجيات والحلول الخاصة بالعمل المناخي، وضرورة استغلال قوة الطبيعة من خلال التخفيف البيولوجي، وهو استراتيجية مناخية، تشمل الحفاظ وتعزيز البيئات الطبيعية مثل الغابات والأراضي الرطبة التي تعتبر مخازن كربون مهمة جداً. وتقدم الحلول القائمة على الطبيعة طرقاً مستدامة للتصدي لتغير المناخ، حيث تعتبر الإدارة المستدامة للغابات أمراً حيوياً لامتصاص ثاني أكسيد الكربون ولحماية التنوع البيولوجي بشكل عام، بما في ذلك النباتات والفطريات والأشجار على النحو الأساسي.
أما استعادة الأنظمة البيئية فهو منهج مهم آخر، ويهدف إلى تعزيز الغابات المتدهورة والالتزام بالمعيار العالمي للحلول القائمة على الطبيعة والذي وضعه الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، الذي ينتج عنه الكثير من الفوائد مثل إحياء مواطن الحياة البرية، واستعادة الأنظمة البيئية، والتقاط الكربون، وتعزيز نوعية المياه، ومنع تآكل التربة.
كل هذه الحلول تمكّن المجتمعات المحلية من التكيف مع تغير المناخ والتخفيف من آثاره، فحماية البيئة الساحلية، على سبيل المثال، توفر حواجز طبيعية ضد الفيضانات البحرية، ويمكن للأراضي الرطبة والغابات تعزيز إمدادات المياه الجوفية التي تثبت أهميتها أثناء فترات انخفاض مستويات الأمطار والجفاف، ويمكن للغابات الحضرية، التي يزرعها البشر وسط المدن أو في محيطها تقليل أثر ارتفاع درجات الحرارة، وتساهم النظم البيئية الساحلية مثل غابات القرم والشعاب المرجانية بتقليل آثار أمواج البحار والمحيطات، وبالتالي الحماية من أخطار الفيضانات الساحلية.
يعتبر التركيز على البشر والطبيعة وتحسين الحياة وسبُل العيش واحداً من ركائز خطة عمل رئاسة COP28، حيث تهدف لجعل البشر وكوكب الأرض في صميم العمل المناخي، وسنقوم خلال مؤتمر الأطراف بتعزيز وتنظيم مبادرات تحمي التنوع البيولوجي والمخازن الطبيعية والحيوية للكربون، وتساند جهود المجتمعات الأكثر تعرضاً لتغير المناخ، خاصة تلك التي تهتم بالحفاظ على التنوع البيئي والتكيف وزيادة المرونة المناخية.
كما سيتم التركيز على أهمية تنفيذ إطار عمل كونمينغ-مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي لحماية 30% من الموائل البرية والبحرية بحلول عام 2030، باعتباره أداة مهمة لمواجهة تغير المناخ.
ومع تصاعد وتيرة الاستعدادات لاستقبال العالم في COP28، يتوجب علينا أن نركز على دور الطبيعة، والاهتمام بالغابات والتربة والمحيطات والأراضي الرطبة، وأن نوازن بين التركيز على الطبيعة والتصدي لتغير المناخ، لأن الفشل في أي من المسارين سيكون فرصة لا يمكننا تحمل عواقب ضياعها.
رزان خليفة المبارك، رائدة الأمم المتحدة لتغير المناخ لمؤتمر الأطراف COP28*

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: رزان المبارك الإمارات مؤتمر الأطراف دبي إكسبو دبي القائمة على الطبیعة التنوع البیولوجی النظم البیئیة تغیر المناخ غابات القرم

إقرأ أيضاً:

مركز معلومات الوزراء يحلل مدى تأثير التغيرات المناخية عالميا على القطاع التعليمي.. وخبيرة تربوية تؤكد ضرورة دمج التوعية البيئية ضمن المناهج التعليمية لمساعدة الطلاب على فهم التحديات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في ظل ما يشهده العالم من تغيرات مناخية متزايدة، تناول مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء مؤخرا في تحليل جديد التأثيرات الخطيرة التي يفرضها التغير المناخي على التعليم، تتراوح هذه التأثيرات بين المباشرة كإغلاق المدارس بفعل تدمير بنيتها التحتية بسبب الكوارث الطبيعية مثل الأعاصير والفيضانات، وبين التأثيرات غير المباشرة كالصدمات الاقتصادية والصحية.

الصدمات المناخية وآثارها المباشرة على العملية التعليمية

تشير الدراسات إلى أن الكوارث المناخية مثل الأعاصير والفيضانات وحرائق الغابات تتسبب في أضرار كبيرة على جودة تقديم الخدمات التعليمية، وتؤدي إلى تعطيل الدراسة لفترات طويلة،على سبيل المثال عندما ضرب إعصار "فريدي" جنوب إفريقيا في 2023، أُغلقت المدارس في ملاوي مما أثر على حوالي 5% من الطلاب، هذه الظاهرة ليست جديدة؛ ففي الفلبين، تضررت آلاف المدارس بفعل الأعاصير مما أدى إلى إغلاق طويل المدى، بينما في باكستان، تسببت الفيضانات في تعطل تعليم 3.5 مليون طفل.

تأثيرات الطقس البارد على التعليم

حتى الطقس البارد يحمل في طياته تهديدات للعملية التعليمية، كما حدث في أوروبا والولايات المتحدة في مطلع 2024، حيث أدت العواصف الشتوية إلى إغلاق العديد من المدارس، وفي مناطق مثل منغوليا، أدى التعرض للعواصف الثلجية إلى تأخير في استكمال التعليم الأساسي لبعض الطلاب، كل هذه العوامل تشير إلى أن أي تغير في الطقس يمكن أن يؤدي إلى أضرار تعليمية يصعب تعويضها.

الفجوة بين الحضور والتحصيل الدراسي

حتى في حالة عدم إغلاق المدارس، فإن الظروف الجوية المتطرفة تؤثر على الحضور والتحصيل الدراسي، ففي البرازيل، يشهد موسم الأمطار زيادة في حالات غياب الطلاب بسبب صعوبة التنقل، حيث ينخفض الحضور من 77% إلى 27% في أيام الفيضانات، علاوة على ذلك، يؤثر الطقس السيئ على التعلم عبر الإنترنت، حيث انخفضت مشاركة الطلاب في الفلبين بنسبة 20% خلال الأعاصير.

التأثيرات غير المباشرة للصدمات المناخية على التعليم

بالإضافة إلى التأثيرات المباشرة، يفرض التغير المناخي تأثيرات غير مباشرة على التعليم من خلال الضغوط الاقتصادية وانعدام الأمن الغذائي والصدمات الصحية، هذه الضغوط تؤثر سلباً على استعداد الطلاب للتعلم، كما تقلل من إمكانية الأسر على دعم أبنائها تعليمياً، في بنجلاديش، أدت الأزمات المناخية إلى زيادة معدلات زواج الأطفال كآلية للتكيف مع الفقر.

الصدمات الصحية وتأثيرها على التعليم

يؤدي تغير المناخ إلى زيادة ملوثات الهواء، ما يؤثر سلباً على صحة الطلاب وأدائهم الأكاديمي، ففي دول مثل البرازيل والصين والهند، ثبت أن التعرض لتلوث الهواء مرتبط بانخفاض درجات الاختبارات وزيادة حالات الغياب، بالإضافة إلى ذلك، تؤثر الصدمات المناخية على الصحة النفسية للطلاب، حيث عانى طلاب في الولايات المتحدة وكندا من اضطرابات ما بعد الصدمة بسبب الكوارث الطبيعية.

التحديات التي تواجه الفئات الأكثر ضعفاً

تؤثر التغيرات المناخية بشكل أكبر على الفئات الأكثر ضعفاً مثل الفتيات والمجتمعات الريفية وذوي الاحتياجات الخاصة، فعندما تُجبر الأسر على النزوح بسبب الكوارث الطبيعية، يُحرم الأطفال في كثير من الأحيان من التعليم، أو يواجهون حواجز لغوية عند التحاقهم بمدارس جديدة. 

التوصيات لمواجهة آثار التغير المناخي على التعليم

يؤكد التحليل، ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لتكييف أنظمة التعليم مع التغير المناخي، من خلال دعم التخطيط لمخاطر الكوارث على مستوى القطاع التعليمي، وتعزيز البنية التحتية للمدارس لتكون قادرة على الصمود في وجه الصدمات المناخية، كما يُوصى بالاستثمار في أنظمة الإنذار المبكر وتحسين آليات التعلم عن بعد لضمان استمرار التعليم حتى في ظل الظروف المناخية الصعبة.

توضح نجاة أبو النصر، خبيرة تربوية، أن التأثيرات المناخية على التعليم تعد أزمة عالمية تتطلب تدخلات سريعة، مؤكدة ضرورة دمج التوعية البيئية ضمن المناهج التعليمية لمساعدة الطلاب على فهم تحديات المناخ وكيفية التكيف معها.

كما أضافت أبو النصر، في تصريحات خاصى لـ"البوابة نيوز"،  أن الحكومات بحاجة إلى استثمارات طويلة الأجل في تحسين بنية المدارس الأساسية وجعلها أكثر مرونة في مواجهة الكوارث، مشيرة إلى أن الفئات الضعيفة مثل الفتيات والأطفال في المناطق الريفية يجب أن تكون على رأس الأولويات.

كما أشارت إلى أن التعليم عبر الإنترنت قد يكون حلاً في بعض الحالات، ولكنه يتطلب بنية تحتية قوية واتصالات مستقرة لضمان استمرارية العملية التعليمية. 

مقالات مشابهة

  • هل تؤدي سياسات تغير المناخ إلى إفلاس دول الخليج؟ أنس الحجي يجيب
  • تبعات تغير المناخ تهدد قرى نيبال
  • تتضمن 26 مشروعاً.. "المشاط " تستعرض محاور استراتيجية تغير المناخ الوطنية 2050
  • وزيرة البيئة: نستهدف تقليل انبعاثات الكربون بنسبة 20%؜ في 2026
  • تغير المناخ يتصدر عناوين الحملة الانتخابية للرئاسيات الأمريكية بسبب إعصار هيلين
  • ريم الهاشمي تؤكد الحاجة الملحّة للتصدي لتأثيرات تغير المناخ في نمو الأطفال
  • تحت رعاية ذياب بن محمد بن زايد.. “ود العالمية لتنمية الطفولة المبكرة” تناقش تأثير التغير المناخي على تنمية الطفولة المبكرة
  • «ود العالمية لتنمية الطفولة المبكرة» تناقش تأثير التغير المناخي على تنمية الطفولة المبكرة
  • «ود العالمية لتنمية الطفولة المبكرة» تناقش تأثير التغير المناخي على تنمية الطفولة المبكرة
  • مركز معلومات الوزراء يحلل مدى تأثير التغيرات المناخية عالميا على القطاع التعليمي.. وخبيرة تربوية تؤكد ضرورة دمج التوعية البيئية ضمن المناهج التعليمية لمساعدة الطلاب على فهم التحديات