رد منظمو المظاهرة الضخمة التي شهدتها لندن للدعوة إلى وقف إطلاق النار في غزة على الحملة التي يشنها مؤيدو إسرائيل وبعض وسائل الإعلام اليمينية؛ بأن ما شهدته التظاهرة من مشاهد مخالفة لا يمثل سوى رقم صغير إحصائيا مقارنة بعدد المشاركين، بعكس تجمع لليمين المتطرف شهد عنفا شديدا ضد الشرطة واعتقالات واسعة.

وقال بن جمال، مدير منظمة حملة التضامن من أجل فلسطين، وهي إحدى الجهات الداعية للمظاهرة السبت: "حتى مع تقديرات الشرطة، فهي ثالثة أكبر مظاهرة في تاريخ بريطانيا".

وقدرت الشرطة عدد المتظاهرين بنحو 300 ألف متظاهر، لكن جمال قدر عددهم بنحو 800 ألف، وقال إن هناك العديد من الحافلات المحمّلة بالمشاركين لم تستطع الوصول بسبب الازدحام على الطرق.

وأكد جمال في سلسلة تغريدات على منصة إكس (تويتر سابقا)؛ أن المظاهرة اتسمت بالسلمية، مثل المظاهرات السابقة لمؤيدي فلسطين، مشيرا إلى أن الرقم المعلن للاعتقالات بين المتظاهرين صغير جدا، وقال إنه عشرة أشخاص.

 — Ben Jamal (@BenJamalpsc) November 12, 2023
واعتقلت الشرطة عددا من الأشخاص، بعدما رفضت مجموعة من نحو 150 شخصا مغادرة المكان بعد انتهاء المظاهرة وبدأت بإطلاق الألعاب النارية باتجاه الشرطة.

وأكد جمال أن الهدف من المظاهرة بحسب رسالة المنظمين قبل المظاهرة والكلمات التي ألقيت خلالها؛ هو الدعوة لوقف إطلاق النار في غزة وتطبيق القانون الدولي دون تمييز، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإزالة نظام الفصل العنصري على الفلسطينيين.

وقال إن المجموعات المؤيدة لإسرائيل التي تحضر كل مظاهرة لمؤيدي فلسطين؛ تقوم بالتقاط الصور للحضور واللافتات المرفوعة وترصد الهتافات والكلمات التي تلقى، موضحا أنه تم رصد نحو 10 مشاهد من بين 800 ألف مشارك.

وأوضح أن "الرسالة التي يوصلها مؤيدو إسرائيل هي أن هذه الحوادث المعزولة تثبت أن المظاهرة كانت مؤيدة لحماس أو أنها مكان غير آمن لليهود. هذه الرسالة يتم ترويجها عبر العديد من العناصر في الصحافة، وكل الذين يروجون هذه الرسالة يشتركون في الدفاع عن إسرائيل في قصفها للمدنيين ورفض وقف إطلاق النار".

وأشار جمال إلى مشاركة العديد من النشطاء اليهود في المظاهرة، لأنهم "يمقتون القتل الإسرائيلي الحالي للمدنيين ويرفضون قمع الشعب الفلسطيني. وبعضهم تحدث على منصة المظاهرة".

أكد جمال أن منظمي التظاهرة ينأون بأنفسهم عن الذين يتم ضبطهم متلبسين بمعاداة السامية، ورفض الزعم بأن هؤلاء يمثلون الغالبية العظمى من المشاركين في المظاهرة. وشدد على ضرورة مواجهة كل أشكال العنصرية، بما فيها "معاداة السامية، والإسلاموفوبيا، والنظام الإسرائيلي للفصل العنصري".

وأشار جمال في المقابل إلى عنف أنصار اليمين المتطرف الذين تجموا قرب النُصب التذكاري لضحايا الحرب في بريطانيا بالتزامن مع احتفال رسمي لإحياء ذكرى يوم الهدنة (انتهاء الحرب العالمية الأولى)، بحجة حماية النُصب من المتظاهرين المؤيدين لفلسطين.

 وقال: "لقد رأينا أمس (السبت) مشاهد من العنف الخطير من مؤيدي إسرائيل من اليمين المتطرف الذين كانوا يسعون لمهاجمة المظاهرة، لكنهم مُنعوا من فعل هذا من قبل الشرطة". وأضاف: "المثير للقلق العميق أن أنه العديد ممن وصفوا مظاهرتنا بالكراهية بذلوا القليل من الطاقة للإشارة إلى هذه المشاهد".

وقال إن هناك أسبابا لمشاركة أشخاص مثل تومي روبنسون، الزعيم السابق لرابطة الدفاع الإنكليزي اليمينية، والمعروف بكراهية الأجانب والمسلمين، في التجمع لليمين المتطرف "والترحيب به بحرارة".

وأضاف: "الذين أظهروا عنفا شديدا أمس مسؤولون عن أفعالهم، لكن أيضا أولئك الذين من بينهم (وزيرة الداخلية) سويلا برافمان، والذين روّجوا لأفكار بأن تجار كراهية ومتعاطفين مع الإرهابيين يتظاهرون في لندن ويسعون لإهانة يوم الهدنة؛ متورطون فيما حدث".

من جهته، أشار حساب الناشط فيليب هاندفوت إلى أن نحو 10 صورة نشرتها الشرطة لأشخاص قالت إنهم مطلوبون بسبب ارتكابهم مخالفات تتعلق بمعاداة السامية أو تأييد منظمة مصنفة إرهابية (حماس) خلال مظاهرة مؤيدي فلسطين؛ لا تشكل سو نسبة ضئيلة جدا مقارنة بالعدد الكبير للمشاركين في التظاهرة والذي قدره المنظمون بنحو 800 ألف.

 — Philip Proudfoot (@PhilipProudfoot) November 12, 2023
وأوضح أن عدد المخالفين لا يشكل إحصائيا سوى 0.00125 في المئة، وقال إن هذه النسبة أقل بكثير من نسبة من يحملون آراء عنصرية في المجتمع البريطاني.

كما أن المعتقلين في تظاهرة مؤيدي فلسطين منخفض جدا، في حين أن معتقلي تجمع اليمين المتطرف بلغ 92 على الأقل من بين نحو ألفي مشارك، أي بنسبة 4.6 في المئة. وفي المجمل اعتقلت الشرطة نحو 145 شخصا من المظاهرتين، وغالبيتهم كما يظهر هم من اليمين المتطرف.

وأدانت شرطة لندن "العنف الشديد" الذي واجه عناصرها من قبل اليمين المتطرف، ولفتت إلى تصريحات السياسيين، في إشارة إلى برافمان، التي زادت من حدة التوتر في المجتمع.

وقالت الشرطة في بيان إن مظاهرة مؤيدي فلسطين لم تشهد حوادث بشكل عام، "لكن العديد الكبير يمثل تحديا". وقالت إنها اضطرت لتخصيص جزء من قوتها لتعامل مع أنصار اليمين المتطرف، وقالت إن هؤلاء كانوا يشكلون مصدر قلقها الرئيس.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية فلسطين بريطانيا المظاهرات اليمين المتطرف بريطانيا مظاهرات فلسطين اليمين المتطرف الكراهية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الیمین المتطرف مؤیدی فلسطین وقال إن

إقرأ أيضاً:

الذين يشبهون الدعاء لا يُنسَون

 

عائشة بنت سالم المزينية
هناك أشخاص حين تلتقي بهم، تشعر أنك لم تلتقِ بشخص، بل بدعاء سكن قلبك يوما، ولبّاه الله لك دون أن تدري. أولئك الذين يشبهون الدعاء لا يمرّون مرور الكرام في حياتنا، بل يزرعون شيئا ناعمًا في الروح، شيئًا لا يُرى بالعين، ولا يُقاس بالكلمات، لكنه يبقى. يبقى كأثر المطر على الأرض، وكطمأنينة السجود بعد ضيق.
ولأنهم يشبهون الدعاء، فإن حضورهم لا يكون صاخبا، بل هادئا يشبه نسيم الفجر، يدخل القلب دون استئذان، ويُضيء العتمة دون أن يُشعل ضوءًا. هم أولئك الذين يكفون عن الكلام حين يحين وقت الإصغاء، ويُحسنون الظن بك حين تعجز عن تبرير صمتك. وجودهم لا يعتمد على قرب المسافة، بل على نقاء النية، وصدق الشعور، وسخاء القلب.
وفي كل مرحلة من مراحل العمر، لا بد أن تصادف شخصًا واحدا على الأقل، يُعيد ترتيبك من الداخل. لا يطلب شيئا، لا ينتظر رد الجميل، لا يسعى لفرض حضوره، فقط يكون هناك حين تحتاج، كأن قلبه يرنّ مع ألمك، وكأن نفسه لا تهدأ حتى يطمئن عليك. هؤلاء لا يُنسَون، لأنهم ببساطة يشبهون تلك اللحظات التي بُثّت فيها أمنياتنا إلى السماء.
ولذلك، حين تتقاطع دروبنا مع أشخاص بهذه الروعة، فإننا نكسب شيئا أكبر من مجرد علاقة، نحن نكسب امتدادا روحيا لا يشيخ، لا يتغير بتقلبات المزاج، ولا يتبدد مع الزمن. وفي الحقيقة، ليست الصداقات التي تدوم هي الأطول عمرا، بل هي الأصدق أثرا. هؤلاء، هم أولئك الذين تجد آثارهم في كل لحظة فرح أو حزن، في كل إنجاز أو سقطة، كأنهم يرافقونك سرا حتى حين لا يكونون بجانبك.
ومن اللافت أن هؤلاء الأشخاص لا يبحثون عن أن يكونوا مميزين، هم فقط يعيشون ببساطة، ولكنهم يحملون قلوبا أكبر من العالم. تراهم في كلماتهم، في طريقة إنصاتهم، في تلك التفاصيل الصغيرة التي لا ينتبه لها أحد سواهم. هم يصغون أكثر مما يتحدثون، ويمنحون أكثر مما يأخذون، ويبتسمون رغم ما يخبئونه من أثقال.
ومع مرور الزمن، تكتشف أن أجمل العلاقات هي التي لا تحتاج إلى إثبات دائم. الذين يشبهون الدعاء لا يجعلونك تشك في محبتهم، لا يُربكونك بتقلّباتهم، لا يجعلونك تُرهق نفسك بتأويل كلماتهم. هم ببساطة نعمة، ومن رحمة الله بالقلوب أن يرزقها بأمثالهم في الوقت الذي يكون فيه الإنسان بأمسّ الحاجة ليد خفيفة على كتفه، أو لصوت صادق يقول له: "أنا هنا".
وعلى الرغم من أن الحياة تمضي، والوجوه تتغير، والأيام تأخذنا في دوّاماتها، إلا أن أولئك الذين يتركون فيك هذا الأثر الطيب، يبقون في القلب كأنهم تعويذة راحة، كأنهم غيمة طيبة تظلل عليك كلما اشتد الحر، كأنهم سكينة أُهديت لك في لحظة حيرة.
ومن المهم أن نعي، أنه كما نُرزق بهؤلاء الأشخاص، فإن علينا أيضا أن نسعى لنكون نحن من يشبهون الدعاء للآخرين. أن نُخفّف، لا أن نُثقل. أن نستمع، لا أن نحكم. أن نترك أثرا طيبا، حتى لو لم نعد موجودين. فالحياة لا تُقاس بعدد الأصدقاء، بل بجودة القلوب التي مرّت بنا.
وهنا، لا بُد أن نتأمل: من الأشخاص الذين يأتون إلى ذاكرتنا حين نكون في قاع الحزن؟ من أولئك الذين نشعر بوجودهم حتى وهم بعيدون؟ من الذين نُرسل لهم في سرّنا دعاءً خالصا لأننا لا نملك إلا أن نحبهم دون مصلحة؟ هم بلا شك الذين يشبهون الدعاء، أولئك الذين نحتفظ بهم في دعائنا لأنهم نادرا ما طالبوا بشيء، لكنهم أعطونا كل شيء.
ولعلّ أجمل ما في هذا النوع من البشر، أنهم لا يتبدلون حين تتبدل الظروف، ولا يخذلون حين يشتد التعب. هم الثابتون حين يتغيّر كل شيء. تراهم في رسائل بسيطة، في مكالمة مفاجئة، في دعاء صامت، في نصيحة غير متكلّفة، في وقفة لا يُرجى منها مقابل.
وما أجمل أن نكون مثلهم، أن نمرّ في حياة الآخرين كنسمة طيبة، لا تُؤذي، لا تُثقل، لا تُحاكم، بل تُساند، وتبتسم، وتدعُو في ظهر الغيب. إن الذين يشبهون الدعاء لا يحتاجون إلى مقدمات طويلة، ولا إلى تبريرات عند الغياب، لأن حضورهم يكفي ليملأ القلب رضا، وذكراهم تكفي لتسند الروح حين تتعب.
وهنا، تأكد أن الحياة لا تحتفظ بكل من مرّ بك، لكنها لا تنسى أبدا من شابه الدعاء في حضوره، وأثره، ونقائه. فلا تكن من أولئك الذين يعبرون الحياة بأصواتهم المرتفعة، بل كن من الذين يعبرونها بأثرٍ لا يُمحى، ومن أولئك الذين إذا ذُكروا، سبقتهم دعوة صادقة من قلب أحبهم بصدق.
فالذين يشبهون الدعاء لا يُنسَون، لأن الله وحده هو من وضعهم في دروبنا، في اللحظة التي كنّا فيها بأمسّ الحاجة لهم.
 

مقالات مشابهة

  • مرصد الأزهر يرحب بإطلاق صندوق مكافحة الكراهية ضد المسلمين في بريطانيا
  • وزير الداخلية السوداني: تشغيل أقسام الشرطة في الخرطوم بنسبة 91%
  • البعثة الأممية: عقدنا ورشة نقاشية للشباب إزاء تزايد خطاب الكراهية في ليبيا
  • قلق شبابي متزايد بسبب «خطاب الكراهية» ضد مختلف الفئات
  • الذين يشبهون الدعاء لا يُنسَون
  • بالأرقام: 11 ألف مفقود لا يزالون تحت أنقاض المنازل والمباني المدمرة في غزة
  • غرام الحسناوات..من هي الممثلة التركية سيفيل أكداج التي أنهت حياة صديقتها بـ30 طعنة؟
  • تأمين مظاهرة سلمية مؤيدة لفلسطين أمام السفارة الأمريكية في جاكرتا
  • حصاد عامين من حرب السودان بالأرقام
  • الوطني الفلسطيني: الاعتداءات التي يواجها الصحفي الفلسطيني محاولة متعمدة لإسكات صوت فلسطين