مع ارتفاع عدد القتلى الفلسطینیین وتدھور الأوضاع في قطاع غزة أدى الھجوم الإسرائیلى إلى انقسام حاد في الرأى العام الدولي. فى البدایة كانت العدید من الدول داعمة لإسرائیل في أعقاب ھجوم حماس في السابع من أكتوبر الماضي. وجاء الدعم من منطلق حق إسرائیل في الدفاع عن نفسھا. بید أن الغارات الجویة الإسرائیلیة على غزة، والھجوم البري الشرس الذي قامت به إسرائیل من أجل القضاء على حماس أثار انتقادات واسعة النطاق، مما حدا ببعض الدول إلى تعدیل مواقفھا من الحرب التي تم تسلیطھا على القطاع، فكان أن أدانت ما تقوم به إسرائیل من عملیات عسكریة تجسد الإبادة الجماعیة.
وفي معرض إدانة العملیات التي تقوم بھا إسرائیل بادر علماء الغرب فحملوا على الكیان الصھیوني ما ینفذه من عملیات "الإبادة الجماعیة". حیث إن ھذا المصطلح یصف ما یحدث بالفعل على أرض الواقع، فالھجمات التي تقوم بھا إسرائیل لا تستھدف المقاتلین فقط وإنما تستھدف السكان والمدنیین في غزة الذین یتعرضون للقصف والتھجیر. وھذا ما أكدته الفیلسوفة الأمریكیة "جودیث بتلر"، وھي أیضا عضوة في المجلس الاستشاري لمنظمة الصوت الیھودي من أجل السلام، كما أنھا واحدة من عشرات الكتاب والفنانین الیھود الذین وقعوا رسالة مفتوحة إلى الرئیس الأمریكي یدعون فیھا إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة. وحذرت " بتلر" من خطط تحاك تھدف إلى نقل سكان غزة من منازلھم، ومسح غزة بأكملھا. أوضحت "بتلر" أن ھناك جماعات قانونیة مثل مركز الحقوق الدستوریة الذي نشر دراسة من أربعین صفحة یشیر فیھا إلى الأسباب التي تؤكد صحة وصف ما یحدث الیوم للفلسطینیین بالإبادة الجماعیة. بل إن مراكز أخرى تدرس القانون تظھر أن الإبادة الجماعیة لا تبدو دائما مثل تلك التي قام بھا النظام النازي، بل إنھا تشكل أیضا تھدیدا للحیاة والصحة وقدرة الناس على الاستمرار. الجدیر بالذكر أن "بتلر" كانت قد نشرت مقالا مؤخرا تحدثت فیه عن أھمیة وضع سیاق تاریخي للأحداث الأخیرة، وأضافت قائلة: "إن وسائل الإعلام المعاصرة في معظمھا لا تفضل الفظائع التى عاشھا الشعب الفلسطیني لعقود من الزمن في شكل تفجیرات وھجمات تعسفیة واعتقالات وقتل، ولكن إذا كانت أھوال الأیام الأخیرة تكتسب أھمیة أخلاقیة أكبر لوسائل الإعلام من أھوال السنوات السبعین الماضیة، فإن الرد الأخلاقي في الوقت الحالى یھدد بحجب فھم الظلم المتجذر الذي تحملته فلسطین المحتلة، والفلسطینیون المھجرون قسرا، فضلا عن الكارثة الإنسانیة والخسائر في الأرواح التي تحدث الیوم في غزة. یأتي في سیاق الحرب الشرسة التي شنتها إسرائیل على غزة ما جاء على لسان ھذا التعس وزیر الدفاع الاسرائیلى "یوآف غالانت" عندما قال:"إن إسرائیل تقاتل حیوانات بشریة". وفي معرض الرد قالت: "إذا كان الفلسطینیون حیوانات كما یصر ھذا المسئول، وإذا كان الإسرائیلیون یمثلون الآن الشعب الیھودي كما یصر "بایدن"، فإن مشھد الحرب یتم إظھاره وكأنه بین الشعب الیھودي والحیوانات التي تسعى إلى قتلھم". وھذه بالتأكید لیست المرة الأولى التي یتم فیھا تصویر الأشخاص الذین یسعون إلى التحرر من الأغلال الاستعماریة كحیوانات من قبل المستعمر. وتساءلت: "ھل الإسرائیلیون حیوانات عندما یقتلون"؟ وفى النھایة قالت: "ولعل ھذا التأطیر العنصري للعنف المعاصر یلخص التعارض الاستعماري بكونه بین المتحضرین والحیوانات التي یجب ھزیمتھا أو تدمیرھا للحفاظ على الحضارة. وفیما إذا اعتمدنا ھذا الإطار في سیاق إعلان معارضتنا الأخلاقیة نجد أنفسنا متورطین في شكل من أشكال العنصریة الذي یمتد إلى ما ھو أبعد من الكلام إلى بنیة الحیاة الیومیة في فلسطین".
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الإبادة الجماعیة
إقرأ أيضاً:
من هو محمد حيدر الذي تدعي إسرائيل استهدافه بغارة بيروت؟
استفاقت بيروت، فجر السبت، على مجزرة مروعة بعدما دمر الطيران الحربي الإسرائيلي بالكامل مبنى سكنيا مكونا من 8 طوابق في شارع المأمون بمنطقة البسطة إثر قصفه بـ5 صواريخ.
الغارة أودت بحياة 15 شخصا وأصابت 63 آخرين بجروح متفاوتة وفق حصيلة لبنانية رسمية غير نهائية، فيما ادعت هيئة البث الإسرائيلية، نقلا عن مصدر أمني لم تسمه، أن الاستهداف كان موجهًا للقيادي البارز في "حزب الله" محمد حيدر، دون تأكيد مقتله على الفور.
** فمن هو محمد حيدر؟
محمد حيدر، المعروف بلقب "أبو علي"، يُعتبر شخصية غامضة ضمن الهيكل القيادي لـ"حزب الله".
إذ لا تتوفر معلومات عنه في المنصات الإعلامية التابعة للحزب، لكن تقارير صحفية لبنانية، مثل صحيفة "النهار" وموقعي "جنوبية" و"لبنان 24"، قدمت بعض التفاصيل عن نشأته ودوره داخل الحزب والحياة السياسية اللبنانية.
وُلد حيدر عام 1959 في بلدة قبريخا بقضاء مرجعيون جنوبي لبنان.
حصل على شهادة في التعليم المهني، ثم قضى عدة سنوات في دراسة العلوم الدينية في الحوزات العلمية بلبنان وإيران.
** مسيرته السياسية والعسكرية
رغم غموض تواريخ صعود حيدر ضمن هيكل "حزب الله"، تتحدث المصادر الإعلامية اللبنانية ذاتها أن الرجل يُعد من قيادات الصف الأول، وأحد أبرز العقول الأمنية والاستراتيجية في الحزب.
وتلفت هذه المصادر أن حيدر شغل عضوية المجلس الجهادي في "حزب الله"، الذي يُعتبر القيادة التنفيذية للمهام العسكرية والأمنية في الحزب.
وتشير إلى أن نفوذه في هذا المجلس تصاعد بعد اغتيال إسرائيل للقياديين البارزين في "حزب الله" عماد مغنية، عام 2008 ومصطفى بدر الدين، في 2016.
فهو يُعد واحدا من 3 شخصيات معروفة فقط في مجلس الجهاد، إلى جانب طلال حمية، وخضر يوسف نادر.
كما شغل حيدر، منصب نائب في البرلمان عن كتلة "الوفاء للمقاومة" التابعة لـ"حزب الله" بين 2005 و2009.
أيضا، تذكر المصادر ذاتها أنَ حيدر، كان معاونا عسكريا لأمين عام "حزب الله" الراحل حسن نصرالله، وكان من ضمن القادة المقربين من الأخير أمثال فؤاد شكر، وإبراهيم عقيل، وعلي كركي، الذين اغتالتهم إسرائيل تباعا خلال عدوانها الحالي على لبنان.
كذلك، شغل حيدر، منصب المسؤول العسكري لمنطقة بيروت وضاحيتها الجنوبية في "حزب الله".
لكن ليس معروفا طبيعة المنصب الذي تولاه عقب سلسلة الاغتيالات التي طالت قادة الحزب خلال الأشهر الأخيرة الماضية.
وفي 2019، حاولت إسرائيل اغتيال حيدر، باستخدام طائرتين مسيرتين في ضاحية بيروت الجنوبية، لكن العملية فشلت بعد إسقاط الطائرتين، وفقا للمصادر ذاتها.
وبينما لم يصدر حتى 15:50 ت.غ، تعليق رسمي من "حزب الله" على ادعاء إعلام عبري استهداف حيدر في الغارة على منطقة البسطة بيروت، فجر السبت، قال البرلماني عن الحزب أمين شري، في تصريح للصحفيين أثناء زيارته موقع الغارة، إنه "لا وجود لأي شخصية حزبية في المبنى المستهدف في بيروت".
وأضاف شري، في تصريحات نقلتها قناة "المنار" التابعة لـ"حزب الله"، أن هدف إسرائيل من مثل هذه الاستهدافات لبيروت هو "ترويع وإيجاد صدمة لدى الأهالي".