نوفمبر 12, 2023آخر تحديث: نوفمبر 12, 2023

قصي صبحي القيسي

كاتب صحفي عراقي

في خضم حملة المقاطعة التي باشرت بها الشعوب في الدول العربية والإسلامية لمنتجات الشركات الداعمة للعدو الصهيوني الذي أباد الآلاف من المدنيين الفلسطينيين في غزة، يبرز اتجاهان يحاولان وضع العصا في عجلة المقاطعة، الأول يحاول إيهام الرأي العام بأن الضرر الذي تتسبب به المقاطعة يلحق فقط بالمستثمرين (المحليين) الذين اشتروا العلامة التجارية من الشركة الأم، والاتجاه الثاني يشكك بمدى فاعلية المقاطعة في تحقيق هدفها الرئيسي.

في حقيقة الأمر، إن نظام الامتياز التجاري يُلزِم المستثمر الذي يشتري العلامة التجارية بتطبيق شروط أساسية، أهمها شراء المادة الأولية (الخام) من الشركة الأم، والالتزام بنفس مواصفات المنتج الذي تنتجه الشركة الأم، ووضع العلامة التجارية (إسم الشركة) على المنتج المباع للمستهلكين، ويدفع أصحاب الامتياز التجاري (المستثمرون) سنوياً أو شهرياً رسوم امتياز قائمة على المبيعات، بالإضافة إلى رسوم تشغيلية ثابتة، وقد تبلغ رسوم الامتياز القائمة على المبيعات (4% – 5%) من إجمالي المبيعات، هذا فيما يخص الالتزامات المالية المترتبة على المستثمر تجاه الشركة المالكة للعلامة التجارية، وبطبيعة الحال توجد التزامات مالية اخرى تترتب عليه، هي إيجار المكان وثمن المعدات وأجور العمال وغيرها، وفي حال حصول انخفاض شديد في المبيعات سيتكبد المستثمر خسائر مالية كبيرة قد تضطره خلال فترة قياسية إلى إغلاق الفرع، وفي حال إغلاق غالبية فروع الشركات الداعمة للعدو الصهيوني في الدول العربية والإسلامية ستتعرض تلك الشركات إلى خسائر قد تصل إلى ملايين الدولارات.

إن ما يجري حالياً في الدول التي أعلنت شعوبها استخدام (سلاح المقاطعة) هو عبارة عن تسونامي هائل يزحف بعزم وثبات باتجاه الشركات الداعمة لإسرائيل، بل وشمل أيضاً علامات تجارية لدول أوروبية لم يتم التأكد من أنها دعمت إسرائيل، وفي ذات الوقت هناك إقبال غير مسبوق على البدائل المحلية، على سبيل المثال، نرى صناديق (مشروب غازي مشهور) مكدسة في الماركتات والمحال التجارية وقد ألصقوا عليها إعلانات تتضمن تخفيضات في أسعارها، بينما يتهافت الناس على شراء البديل المحلي الصنع الذي باتت المصانع التي تنتجه تتسابق مع الزمن لتلبية حاجة المستهلكين!

أيضاً نرى اليوم فروع بعض المطاعم الغربية المشهورة خالية من الزبائن، وهذا ما نلاحظه في مراكز التسوق (المولات) ، بينما نرى العاملين في المطاعم المحلية يتصببون عرقاً من شدة التعب بسبب الأعداد الكبيرة من الزبائن المقاطعين للمطاعم الغربية.

إن هذه الموجة العارمة التي ستجعل الشركات الكبرى الداعمة للعدو الصهيوني تتكبد خسائر مالية ضخمة عبّرت عن عمق الوعي لدى شعوبنا التي لن تكتفي بموقف المتفرج أمام أهالي غزة الذين يتعرضون إلى إبادة جماعية أمام أنظار المجتمع الدولي وبدعم مباشر ومباركة من الدول العظمى، نعم هذا هو انتقامنا (الإقتصادي) مِن القتلة وتجار الموت، لا تنتظروا مِنّا أن نجلس مثل الخراف ونمضغ ساندويش الهمبرغر المخلوط بدماء شهداء غزة، لا تنتظروا مِنّا أن نحتسي مشروباً غازياً تستخدمون عائداته المالية في دعم جيش الإحتلال الصهيوني المجرم، سنشتري المنتج المحلي حتى لو كان أغلى ثمناً وأقل جودةً.

ختاماً، لابد من زيادة وهي المستهلكين في بلداننا بأهمية المقاطعة، وتعريفهم بـ (قائمة العار) التي تتضمن أسماء الشركات الداعمة لجيش الإحتلال الصهيوني، وقريباً جداً، سيعرف العالم نتائج هذه المقاطعة من خلال مواقع وصحف اقتصادية عالمية معروفة بمصداقية الإحصائيات التي تنشرها.

 

المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

كلمات دلالية: الشرکات الداعمة

إقرأ أيضاً:

جنوب السودان: مملكة كير.. مملكة الشركات المترامية الأطراف للعائلة الأولى في جنوب السودان

بصفته الرئيس الوحيد لجنوب السودان منذ الاستقلال، حكم سلفا كير لفترة طويلة واحدة من أكثر دول العالم فسادًا، إذ يُعدّ الفساد السبب الجذري للصراع الدائر ونقص التنمية الذي تعاني منه البلاد. وبينما يندد كير علنًا بالفساد، كوّنت عائلته شبكة واسعة من الشركات في بعض أكثر القطاعات ربحية في اقتصاد جنوب السودان. ولتوفير مزيد من الشفافية حول ممتلكات كير وعائلته من الشركات، رصدت صحيفة “ذا سينتري” 126 شركة مملوكة لعائلة كير، استنادًا إلى وثائق رسمية من وزارة العدل في جنوب السودان. تكشف الرؤى المتعمقة في هذه الشبكة عن مؤشرات رئيسية على فساد محتمل، مما يبرر تشديد الرقابة من قبل شعب جنوب السودان والمؤسسات المالية والحكومات الأجنبية.

حددت صحيفة “ذا سينتري” سبعة من أبناء الرئيس سلفا كير كمساهمين في شركات جنوب سودانية، إلى جانب زوجته ماري آين ميارديت، وأبناء وبنات إخوته وأخواته. كما يمتلك اثنان من أحفاد كير شركات، بعضها ورثوها عن والديهم.

يُعد صهر كير، غريغوري فاسيلي ديمتري يالوريس، وهو جنرال في الجيش وحاكم سابق لولاية قوقريال، والذي فرضت عليه الولايات المتحدة عقوبات عام 2018، مساهمًا في 39 شركة. حددت صحيفة “ذا سينتري” أفرادًا من عائلة فاسيلي، بمن فيهم ثمانية من أبنائه – أبناء وبنات إخوة كير – كمساهمين في شركات جنوب سودانية.

يُستخدم الأطفال، وخاصة القاصرين، كوكلاء للنخبة السياسية استراتيجيةً لتجنب التدقيق، بل وحتى التهرب من العقوبات. في كثير من الأحيان، كان أطفال وأحفاد كير وفاسيلي قاصرين أو في أوائل العشرينات من عمرهم عندما أصبحوا مساهمين.

القوانين وحدها لا تكفي:
يحظر دستور جنوب السودان على كبار المسؤولين وغيرهم من شاغلي المناصب الدستورية الانخراط في الأعمال التجارية أو تلقي أجر من أي مصدر غير الحكومة الوطنية. تنص المادة 120 المتعلقة بالإعلان عن الثروة وحظر الأعمال التجارية الخاصة على ما يلي:

يجب على جميع شاغلي المناصب الدستورية التنفيذية والتشريعية، والقضاة، وكبار مسؤولي الخدمة المدنية على جميع مستويات الحكومة، عند توليهم مناصبهم، تقديم إقرارات سرية عن أصولهم والتزاماتهم، بما في ذلك أصول والتزامات أزواجهم وأطفالهم، وفقًا للقانون.

يُحظر على الرئيس، ونائب الرئيس، ومستشاري الرئاسة، والوزراء، ونواب وزراء الحكومة الوطنية، والحكام، ومستشاري الولايات، ووزراء الولايات، وغيرهم من شاغلي المناصب الدستورية، طوال فترة توليهم مناصبهم، ممارسة أي مهنة خاصة، أو ممارسة أعمال تجارية، أو تلقي أجر أو قبول وظيفة من أي نوع من أي مصدر غير الحكومة الوطنية أو حكومة ولاية.

ومع ذلك، غالبًا ما يتم التحايل على هذا الحكم الدستوري من خلال إدراج أفراد عائلات المسؤولين كمساهمين في الشركات. لا يظهر اسم كير نفسه في أيٍّ من وثائق الشركات التي حددتها صحيفة “ذا سنتري”، مما يسمح له بالامتثال لنص المادة 120(2)؛ إلا أن كير، باستخدام أفراد عائلته، يتجاهل روح القانون. ورغم أن هذا البند يشترط أيضًا على شاغلي المناصب هؤلاء الإقرار بأصولهم والتزاماتهم، بما في ذلك أصول أزواجهم وأطفالهم، فإن هذه الإقرارات – عند حدوثها بالفعل – غالبًا ما تظل سرية ولا تخضع للتدقيق العام. إن أساليب التحايل وحدود الإفصاح عن الأصول العامة تعني أن هناك قلة من المعلومات العامة عن ممتلكات كبار المسؤولين في جنوب السودان، وأن التعتيم قد يوفر غطاءً للفساد. وبالنظر إلى أعلى مسؤول في البلاد فقط، فإن حجم ونطاق شبكة الشركات التابعة لعائلة الرئيس سلفا كير يكشفان عن أهمية الشفافية.

وبناءً على 126 شركة حددتها صحيفة “ذا سنتري”، تمتد شبكة الشركات التابعة لعائلة كير إلى العديد من الصناعات المحورية في اقتصاد جنوب السودان، بما في ذلك التعدين والبترول والخدمات المصرفية والتجارة والطيران والأمن الخاص والخدمات اللوجستية. تشمل هذه الشركات مشاريع مشتركة مع مستثمرين من 25 دولة مختلفة على الأقل، بمن فيهم رجال أعمال وسياسيون بارزون من جميع أنحاء المنطقة، بالإضافة إلى أفراد من الجيش وجهاز الأمن الوطني، وكلاهما متورط في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. من بين 126 شركة، ناقشت صحيفة “ذا سينتري” 42 شركة بالفعل في تقارير سابقة.

اطلعت صحيفة “ذا سينتري” على وثائق تشير إلى أن تسعة على الأقل من أبناء كير وأحفاده، بالإضافة إلى زوجته السيدة الأولى ماري آين ميارديت، قد امتلكوا حصصًا في مجموعة واسعة من المشاريع التجارية عبر 126 شركة. كما امتلك صهر كير، الجنرال غريغوري فاسيلي، وزوجته وأطفاله حصصًا في العديد من الشركات العاملة في جنوب السودان. وفي المجموع، كان 23 من أفراد عائلة كير مساهمين في هذه الشركات.

نظرًا لحجم ونطاق هذه الشبكة، فإن الشفافية أمر بالغ الأهمية لتحديد ما إذا كانت هذه الشركات تُستخدم لأغراض غير مشروعة، لا سيما بالنظر إلى سجل جنوب السودان الحافل بالفساد.

المخاطر المتعلقة بالفساد
صُنفت جنوب السودان، أحدث دولة في العالم، باستمرار ضمن أكثر الدول فسادًا. وقد أفادت صحيفة “ذا سينتري” باختفاء مليارات الدولارات من برامج حكومة جنوب السودان، وكيف أن الحكومة، بدورها، لم تبذل جهدًا يُذكر لتحسين حياة شعبها منذ استقلالها عام 2011. وطوال هذه الفترة، ظل كير رئيسًا للدولة. وبصفته رئيسًا، يتمتع كير بسلطة على أصول الدولة وأموالها وعقودها. علاوة على ذلك، لا توجد رقابة تُذكر على السلطة التنفيذية ولا ضوابط تُذكر على سلطتها.

يُؤهله دور كير ليكون شخصًا مكشوفًا سياسيًا، أي أنه يشغل منصبًا عامًا يُمكن إساءة استخدامه – سواءً من قِبله أو من قِبل أفراد عائلته – لتحقيق مكاسب شخصية. تشمل الشركات التابعة لعائلة كير قطاعات عالية المخاطر ومربحة، بما في ذلك المصارف والبناء والتعدين والنفط، وهي قطاعات قد تتأثر بإجراءات الحكومة وقرارات الشراء. بالإضافة إلى ذلك، جميع هذه الشركات مسجلة في جنوب السودان، وهي منطقة عالية المخاطر مدرجة حاليًا في “القائمة الرمادية” لفرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية، وهي مناطق تخضع لمراقبة متزايدة بسبب أوجه القصور في أنظمة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. هذه المؤشرات تحمل الكثير من الدلائل، لا سيما وأن الشركات المرتبطة بعائلة كير قد وردت مرارًا وتكرارًا في قوائم الشركات المتورطة في فضائح شراء أدت إلى خسارة مليارات الدولارات من الأموال العامة التي كان ينبغي استخدامها لتلبية الاحتياجات الأساسية لشعب جنوب السودان.

السياق الحالي
مع اقتراب موعد الانتخابات المقررة في ديسمبر 2026، من الضروري توخي الحذر. يتمتع حزب كير الحاكم، الحركة الشعبية لتحرير السودان، بميزة سياسية ساحقة بصفته الحاكم الحالي، حيث يمارس القمع السياسي للحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات، ويمارس الاعتقالات والاحتجازات التعسفية، والإعدامات خارج نطاق القضاء. كما تتمتع الحركة الشعبية لتحرير السودان بإمكانية الوصول إلى موارد اقتصادية كبيرة من خلال شركات مملوكة لعائلة كير، مما يثير المخاوف بشأن إمكانية تأثير الحركة الشعبية لتحرير السودان وكير نفسه بشكل غير عادل على الانتخابات باستخدام كل من موقعهما السياسي وقوتهما الاقتصادية.

يُعد الفساد المستشري في جنوب السودان بمثابة قنبلة موقوتة، إذ يغذي عدم الاستقرار ويحرم البلاد من الموارد اللازمة لرعاية سكان جنوب السودان. ولم تُنفذ الإصلاحات اللازمة لمعالجة الفساد، مما يجعل البلاد عرضة لتجدد الصراع. وبدون مؤسسات قوية لمحاسبة القادة، سيستمر الوضع في التدهور.

المحقق – صحيفة “ذا سنتري”

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • تحقيقات قانونية بشأن حملات المقاطعة في إسطنبول
  • رئيس مياه القاهرة يتابع انتظام العمل بمواقع الشركة خلال عيد الفطر
  • النيابة العامة التركية تتحرك ضد دعوات المقاطعة
  • المقاطعة الأوروبية لأميركا تمتد إلى السياحة
  • جنوب السودان: مملكة كير.. مملكة الشركات المترامية الأطراف للعائلة الأولى في جنوب السودان
  • طقس ثالت أيام العيد.. أمطار رعدية على أجزاء من 5 مناطق
  • علا الشافعي: اختيار الأعمال الفنية يتم بدقة داخل الشركة المتحدة.. فيديو
  • لماذا تزايدت مقاطعة الفرنسيين للمنتجات الأميركية؟ وكيف علق مغردون؟
  • الشرع: تشكيلة الحكومة السورية تبتعد عن المحاصصة وتذهب باتجاه المشاركة
  • الأمن العام اللبناني يوقف مشتبهين في إطلاق صواريخ من الجنوب