ألقى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، بمزيد من الشكوك بشأن مستقبل قطاع غزة بعد أن أشار إلى أن السلطة الفلسطينية بشكلها الحالي لا ينبغي أن تتولى مسؤولية القطاع، فماذا يعني ذلك؟ ولماذا يرفض نتانياهو عودة السلطة؟

وفي حين، اعتبر المحلل الإسرائيلي، إيلي نيسان، أن السلطة الفلسطينية "ضعيفة" ولا تستطيع تولي هذه المسؤولية، اعتبر المحلل الإسرائيلي وديع عووادة، أن نتانياهو يريد إبقاء الفصل بين القطاع والضفة قائما.

وقال نتانياهو، السبت، ردا على سؤال بشأن إمكانية تولي السلطة إدارة القطاع بعد الحرب: "ينبغي أن يكون هناك شيء آخر".

من جانبها، اعتبرت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان أن "نتانياهو، وأتباعه من اليمين، يتعاملون مع السلطة كعقبة في طريق تنفيذ تلك المخططات، وكمانع قوي للتوجه الإسرائيلي الرسمي للحفاظ على الفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وذلك لضرب وحدة الشعب الفلسطيني ووحدة وطنه، وأية فرصة لتجسيد الدولة الفلسطينية على الأرض"، بحسب البيان.

وتعهدت إسرائيل بالقضاء على حركة حماس التي تحكم غزة في أعقاب هجوم الحركة المباغت عبر الحدود في السابع من أكتوبر، وشنت لتحقيق هذا الغرض غارات جوية مكثفة، وأطلقت عمليات برية لا تزال متواصلة.

لكن إسرائيل لم تحدد من يتعين عليه حكم القطاع بعد انتهاء الحرب، مكتفية بالقول إنها ستحافظ على الأمن العام.

ومن جانبها، ترى واشنطن أن إسرائيل لا يمكنها احتلال القطاع بعد الحرب، إذ قال وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، الأسبوع الماضي، إنه يجب إعادة توحيد إدارة غزة مع الضفة الغربية المجاورة، التي تدير السلطة الفلسطينية أجزاء منها.

وقال رئيس السلطة، المقيم في رام الله بالضفة الغربية، محمود عباس، الجمعة، إن السلطة الفلسطينية يمكن أن تلعب دورا مستقبليا في حكم القطاع.

لكن نتانياهو أشار في تصريحات، السبت، إلى أنه لا يريد إطلاق العنان لقادة السلطة الفلسطينية الحاليين في غزة، لأنها لم تصدر إدانة لهجوم حماس.

وندد عباس بالعنف ضد المدنيين "من الجانبين" لكنه لم يصدر إدانة قاطعة للهجوم الذي أدى لمقتل 1200 شخص وخطف نحو 240 آخرين، معظمهم من المدنيين، بحسب إحصاء إسرائيلي.

وقال المحلل، إيلي نيسان، في تصريحات لموقع الحرة إن السلطة "ضعيفة ولم تصدر أي بيان يشجب المجزرة والقتل الذي شهده الشعب اليهودي في السابع من أكتوبر، كما أن أبو مازن توجه إلى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي متهما إسرائيل بارتكاب جرائم حرب".

وهذا يعني، وفق نيسان، أنه "من وجهة نظر عباس ليس من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها ضد حماس ما يعني أن حماس قادرة على ارتكاب مذابح وعندما ترد إسرائيل على ذلك، تُتهم بارتكاب جرائم حرب".

ومن جانبه، يرى عووادة في تصريحاته لموع الحرة أن نتانياهو يريد إطالة أمد الحرب لأنه يدرك أنه مع انتهائها، ستبدأ حرب سياسية "إذ سيقاتل من أجل سمعته وبقائه في سدة السلطة طمعا في النجاة من يوم الحساب (السياسي) العسير".

ويرفض نتانياهو، وفق المحلل، عودة السلطة الفلسطينية "لأنه لا يريد حل الدولتين، فعودة السلطة ستكون خطوة مهمة نحو ذلك، وهو أمر تحدثت عنه الإدارة الأميركية، وإن لم تطلب تحقيقه بشكل فوري".

ويرى أن كل "هذا الضرر الذي تعرضت له إسرائيل هو نتيجة استراتيجيته التي تقوم على منع تحقيق حل الدولتين وذلك بتكريس الخلاف بين غزة ورام الله حتى انفجرت هذه الاستراتيجية في وجهه".

و"بالإضافة إلى هذا الضرر الاستراتيجي الفادح، فإن القبول بالسلطة هناك الآن سيعني التسليم بهزيمة سياسية لكل مشروعه السياسي الذي يقوم على منع تسوية الدولتين، أو تبديد فرص حدوثها".

ويضيف عووادة أن نتانياهو يرفض رسميا  عودة السلطة لأنها لم تستنكر هجوم حماس "لكن السؤال هو: لو كانت السلطة استنكرت الاعتداء على إسرائيل، هل كان سيقبل بعودة السلطة؟ طبعا لا هي مجرد ذرائع من أجل إبعاد كابوس التسوية".

وخلال مؤتمر صحفي، السبت، أبدى نتانياهو شكاواه طويلة الأمد بشأن المناهج الدراسية في مدارس السلطة الفلسطينية، التي يقول إنها تغذي الكراهية لإسرائيل، وسياستها المتمثلة في دفع الرواتب لعائلات الفلسطينيين المسجونين في إسرائيل.

وقال: "لن تكون هناك سلطة مدنية تعلم أبناءها... القضاء على دولة إسرائيل، ولا يمكن أن تكون هناك سلطة تدفع رواتب عائلات القتلة".

وأضاف "لا يمكن أن تكون هناك سلطة يرأسها شخص لم يدن المذبحة (في السابع من أكتوبر) بعد مرور أكثر من 30 يوما".

ويقول عووادة إن من سيتولى مسؤولية القطاع يبقى سؤالا مفتوحا، ونتانياهو لا يرد حماس أو جهة عربية يكون لها سيطرة طويلة الأمد، ومع ذلك فهو "ليست لديه خطة، واضحة وهو ما أثار انتقادات في إسرائيل وحتى الولايات المتحدة".

ولا يعتقد أن الحكومة الحالية ستقبل بتسوية، بل أن بعض الجهات في هذه الحكومة تريد عوة "احتلال غزة".

وأصر نتانياهو على أنه بعد الحرب، سيتم نزع سلاح قطاع غزة وستحتفظ إسرائيل بالسيطرة الأمنية هناك.

وردا على سؤال عما يعنيه بالسيطرة الأمنية، قال رئيس الحكومة إنه يجب أن يكون بوسع القوات الإسرائيلية دخول غزة عندما يكون ذلك ضروريا لملاحقة المسلحين، وفق ما نقلته أسوشيتد برس.

وكان نبيل أبو ردينة، المتحدث باسم عباس قد قال لرويترز إن الإسرائيليين يسعون إلى "إبقاء الانقسام بين الضفة الغربية وغزة".

وأضاف أن "المحاولات الإسرائيلية لفصل غزة عن الضفة الغربية ستفشل، ولن يسمح بها مهما كانت الضغوط".

وكانت السلطة الفلسطينية تدير كلا من الضفة الغربية وغزة لكن تم طردها من القطاع، في عام 2007، بعد صراع مع حماس.

وقال مسؤولان اثنان في إدارة بايدن إن بلينكن أبلغ عباس في رام الله، الأسبوع الماضي، أن الولايات المتحدة تعتقد أن السلطة الفلسطينية بحاجة إلى لعب دور رئيسي في غزة بعد الحرب.

وأكد بلينكن للصحفيين في وقت لاحق ضرورة أن تكون هناك "عناصر إيجابية للتوصل إلى سلام مستدام" بعد الحرب. وأضاف أن ذلك "يجب أن يشمل الحكم بقيادة فلسطينية، وتوحيد غزة مع الضفة الغربية تحت قيادة السلطة الفلسطينية"، وفق موقع أكسيوس.

وقالت باربرا ليف، مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، خلال جلسة استماع للجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، إن إدارة بايدن تعتقد أن السلطة الفلسطينية "هي المكان المناسب للحكم في نهاية المطاف".

لكنها أشارت كذلك إلى أنها لا تستطيع أن تحدد "ما إذا كانت السلطة الفلسطينية مؤهلة لدخول القطاع فورا (بعد الحرب)، ربما لا. ولذا سنتشاور بشكل شامل مع كل من إسرائيل والفلسطينيين بينما نفكر في هذا الأمر".

وبينما تريد الحكومات الغربية إشراك السلطة الفلسطينية في مستقبل غزة، قال دبلوماسيون لرويترز إن هناك أيضا مخاوف من أن عباس، البالغ من العمر 87 عاما، لا يتمتع بالسلطة الكافية أو الدعم من شعبه لتولي المسؤولية.

وقال دبلوماسي مقيم في القدس لوكالة: "في الوقت الحالي لا توجد فكرة واضحة بخصوص ما قد يحدث في غزة بمجرد توقف القتال".

ويرى نيسان في تصريحاته لموقع الحرة أن عباس "لن يكون شريكا في أي عملية سلام مستقبلية، كما أنه لا يتمتع بالشعبية في الشارع الفلسطيني، لذلك لا يستطيع تولي السلطة والمسؤولية في غزة".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: أن السلطة الفلسطینیة الضفة الغربیة عودة السلطة تکون هناک بعد الحرب فی غزة

إقرأ أيضاً:

لماذا أعلنت واشنطن لاءاتها بشأن ترتيبات ما بعد حرب غزة وما مدى واقعيتها؟

رأى كُتاب ومحللون سياسيون أن اللاءات التي أعلنها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بشأن ترتيبات ما بعد الحرب على غزة "غير واقعية"، وأكدوا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يريد إبقاء حالة الحرب.

ووفق الباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات الدكتور لقاء مكي، فإن أميركا تحاول خلق مقاربة جديدة لتحقيق أهداف فشلت إسرائيل بتحقيقها عسكريا في غزة، مشيرا إلى أنها تريد إرساء معالم توافق عليها إسرائيل لمنع نتنياهو من حكم عسكري مباشر للقطاع.

ويعتقد مكي -خلال حديثه لبرنامج "غزة.. ماذا بعد؟"- أن طرح هذه اللاءات محاولة لكسب ما تبقى من الزمن في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، لكنه شدد على أنها غير قادرة على توجيه دفة الأمور في الشرق الأوسط وخاصة حرب غزة.

وكان بلينكن قد قال مؤخرا إن هناك 3 أمور لا تقبل بها الإدارة الأميركية في غزة بعد الحرب وهي: الاحتلال الإسرائيلي، وعودة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إلى حكم القطاع، وأي حالة من حالات الفوضى والفراغ.

وأوضح مكي أن جولة بلينكن الأخيرة كانت للترويج لقوات عربية أو إسلامية بديلة لحماس في غزة، وهو ما رفضته القاهرة، مضيفا أن لاءات بلينكن "تصريحات استهلاكية غير ذات فائدة".

ونبه إلى أن واشنطن تريد إدارة غير فلسطينية لإدارة غزة كالاستعانة بجيوش عربية معينة، لكنه استدرك بالقول إن ما تطرحه الولايات المتحدة "حلول غير واقعية"، إذ تريد إشراك المنطقة بالمهمات الإسرائيلية لإخضاع وتدجين الشعب الفلسطيني لأجل التطبيع.

وبشأن التوقيت، يؤكد المتحدث أنها تأتي بعد فشل إسرائيل بتحقيق أهداف الحرب، وكذلك صراعات أميركية داخلية تؤثر على القرار الأميركي وقدرته في الخارج.

ورغم إقراره بأن إنهاء حكم حماس لغزة يعد مطلبا إسرائيليا وأميركيا، شدد مكي على أن الأمور تتجه نحو حالة من العدمية بالنسبة لإسرائيل، التي قال إنها لا تمتلك إستراتيجية أو رؤية، فضلا عن أن نتنياهو يحارب من أجل الحرب.

وأكد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي لديه هدف إبقاء المنطقة بحالة حرب حتى عودة دونالد ترامب للبيت الأبيض -في حال فوزه بالانتخابات الرئاسية الأميركية- بهدف إشعالها أكثر ومساعدة إسرائيل بما يلزم.

وأشار إلى أن نتنياهو يطرح شروطا يعرف أن حماس ترفضها لكي يستمر في الحرب، معتقدا في الوقت نفسه أن الحرب مستمرة وقد تصل إلى أقصى حد ممكن في النزاع العسكري، خاصة أن قوة حماس في غزة كبيرة ولا يمكن مقارنتها بالضفة الغربية.

حرب أبدية؟

بدوره، قال الباحث في الشؤون الدولية والسياسية ستيفن هايز إن إدارة بايدن تبحث عن سلام إقليمي، ولا يمكن أن يحدث دون تسوية الوضع بغزة، مشيرا إلى أن هذه الإدارة بوضع عصيب وتبدو كالجريحة.

ويعتقد هايز أن إدارة بايدن بموقف لا يخولها فرض أي شيء على نتنياهو، مشيرا إلى أن الكثير من الحل يعتمد على حماس، قبل أن يضيف أن هناك حربا أبدية إذا بقيت الأخيرة في حكم غزة.

وأشار إلى ضرورة وضع خطة واقعية تتجاوز نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية، متوقعا أن قدوم ترامب سيغير الوضع وستكون رسالته قوية جدا بمساعدة إسرائيل عبر عملية صعبة وطويلة وبشعة.

وخلص إلى أن الولايات ستبقي دعمها لإسرائيل، ولكن ستكون قادرة على التأثير بالوضع إذا جرت انتخابات في إسرائيل لاستبعاد نتنياهو.

ماذا يريد نتنياهو؟

من جانبه، يرى الكاتب المختص في الشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين أن نتنياهو يحاول تعليق المرحلة وإرباك المشهد إلى يوم الحسم في 6 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل؛ أي اليوم الذي يلي الانتخابات الأميركية.

ويضيف جبارين أن نتنياهو لديه مشكلتان، الأولى محاولة بقاء حكومته حتى 28 يوليو/تموز موعد العطلة الرسمية للكنيست، والثانية قدوم 7 أكتوبر/تشرين الأول المقبل وإمكانية تحمل الشارع لذلك في ظل عدم إنجاز أهداف الحرب.

ويبين أن نتنياهو لا يريد حماس ولا الرئيس الفلسطيني محمود عباس رغم أن لا بديل لهما، كما أنه يحاول تعقيد المشهد العالمي والغربي بقوله إنه لا يوجد أي أفق للحل بحسب الرؤية الأمنية الإسرائيلية.

ويعتقد أن نتنياهو يريد حكما عسكريا مباشرا لغزة لإرضاء وزيريه المتطرفين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش رغم كونه فخا لإسرائيل عسكريا وإداريا واقتصاديا، وعدم رغبة الجيش بذلك.

كما يستغل نتنياهو ضبابية المشهد -بحسب جبارين- في محاولة السيطرة على الجيش وتمزيقه وتحويله إلى كتائب ذات ولاء مباشر لرئاسة الحكومة، مضيفا أنه يتغذى على استطلاعات رأي تقول إن 4% فقط من الإسرائيليين يرون أن الحرب تجاوزت الحد الأخلاقي.

مقالات مشابهة

  • دبلوماسي سابق: نتنياهو لا يرغب بوجود حماس أو السلطة الفلسطينية في غزة
  • مكتب نتانياهو: لا تزال هناك فجوات بشأن وقف إطلاق النار
  • حركة حماس تؤكد رفضها لأي خطط لتجاوز الإرادة الفلسطينية بشأن مستقبل غزة
  • الأردن يحذر من عدم حل القضية الفلسطينية: تداعيات الأزمة ستصل إلى أوروبا
  • حماس تؤكد رفضها أي خطط تتجاوز الإرادة الفلسطينية بشأن مستقبل غزة
  • الصفدي يؤكد خطورة عدم حل القضية الفلسطينية على الإقليم والدول الغربية (فيديو)
  • وزير خارجية الأردن يؤكد خطورة عدم حل القضية الفلسطينية على الدول الغربية
  • "أكسيوس" يكشف بوادر "انفراجة" بشأن غزة بعد رد حماس
  • اجتماع متوقع بين بايدن ونتانياهو في واشنطن أواخر يوليو
  • لماذا أعلنت واشنطن لاءاتها بشأن ترتيبات ما بعد حرب غزة وما مدى واقعيتها؟