إذا تمسكت ببكين.. الرياض قد لا تحصل على ضمانات أمنية أمريكية
تاريخ النشر: 12th, November 2023 GMT
ربما تقرر الولايات المتحدة عدم منح السعودية ضمانات أمنية، إذ اتضح لها أن مثل هذه الخطوة قد لا تؤدي إلى تراجع نفوذ الصين على المملكة، التي توصف بأنها "شريك مثير للمشاكل"، بحسب تحليل بمؤسسة "كارنيجي" البحثية في واشنطن (Carnegie) ترجمه "الخليج الجديد".
وقالت المؤسسة إنه "نادرا ما كانت العلاقة، التي دامت سبعة عقود بين الولايات المتحدة والسعودية، مشحونة أكثر من الفترة الراهنة، باستثناء محتمل للحظر النفطي بين عامي 1973 و1974 وهجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 الإرهابية".
وتابعت: "انهارت مقايضة النفط مقابل الأمن التي حافظت على العلاقة، إذ فطمت واشنطن نفسها عن اعتمادها على الهيدروكربونات السعودية، وأصبحت الرياض تشك في التزام أمريكا بالأمن السعودي".
وأضافت أنه "في عهد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، تواصل المملكة السعي للحصول على مساعدة وتعاون من الولايات المتحدة، لكنها ترى أن ذلك متوافق مع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والأمنية المعززة مع الصين وروسيا (المنافستين الاستراتيجيتين للولايات المتحدة) ومجموعة من القوى الأخرى".
و"لم تلتفت الرياض إلى دعوات الولايات المتحدة المتكررة لزيادة إنتاج النفط بعد الغزو الروسي لأوكرانيا (منذ فبراير/ شباط 2022)، وبدلا من ذلك قامت بتنسيق تخفيضات الإنتاج (مع روسيا) من خلال تحالف "أوبك+"، مما أدى إلى رفع أسعار الوقود العالمية وقوض العقوبات الغربية"، بحسب المؤسسة.
اقرأ أيضاً
الثاني من نوعه.. السعودية والصين تبدآن تدريبا بحريا مشتركا
ديناميكية جديدة
و"يشير المراقبون في واشنطن إلى أن الشريك الأكبر (السعودية) المفترض للولايات المتحدة في الشرق الأوسط لم يتصرف كشريك على الإطلاق. لكن الحرب الحالية بين إسرائيل و(حركة) حماس (منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي) تضيف ديناميكية جديدة"، كما زادت المؤسسة.
وأضافت أن "السعودية مهتمة للغاية، كما هو حال إدارة (الرئيس الأمريكي جو) بايدن، بعملية التطبيع مع إسرائيل. لقد أبطأت الحرب هذه العملية، لكنها لم تخرجها عن مسارها، ويمكن لواشنطن أن تتطلع إلى الرياض للعب دور رئيسي في بيئة ما بعد الصراع (الراهن)".
ووفقا لتقارير إعلامية أمريكية وإسرائيلية، عرضت السعودية تطبيع العلاقات بين المملكة وإسرائيل مقابل توقيع الرياض معاهدة دفاع مشترك مع واشنطن والحصول على أسلحة أمريكية أكثر تطورا وتشغيل دورة وقود نووي كاملة، بما في ذلك تخصيب اليورانيوم داخل المملكة، بالإضافة إلى التزامات إسرائيلية نحو إقامة دولة فلسطينية.
وقالت المؤسسة إن "بعض المحللين يرون أن تعميق علاقات الرياض مع المنافسين للولايات المتحدة (الصين وروسيا) هو بمثابة حيلة نفوذ للحصول على ضمانات أمنية أعمق من واشنطن".
ولفتت إلى أنه "قبل اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس، كان المسؤولون الأمريكيون والسعوديون يتفاوضون على صفقة سعودية إسرائيلية تتطلب التزامات استراتيجية أمريكية كبيرة، بينها معاهدة دفاع ملزمة ودعم نووي مدني".
وزادت بأن "الحرب الحالية في غزة ألقت شكوكا على الأمر، على الرغم من أن المسؤولين الأمريكيين والسعوديين أشاروا إلى أنهم ما زالوا يعتزمون استئناف المفاوضات".
اقرأ أيضاً
الثاني من نوعه.. السعودية والصين تبدآن تدريبا بحريا مشتركا
نفوذ الصين
و"من المفترض أن تتضمن الصفقة التزامات سعودية متبادلة يبدو أنها تفرض قيودا على تعاون الرياض الاستراتيجي مع الصين، لكن خبراء يرون أنها من غير المرجح أن تلغي نفوذ الصين بالكامل"، وفقا للمؤسسة.
وتابعت: "ومثل العديد من القوى الناشئة، تأمل الرياض أن تتمكن من الحصول على أفضل ما في العالمين: فوائد الشراكة الأمنية الأمريكية مع تعزيز العلاقات مع خصوم الولايات المتحدة".
وأردفت: "ربما يسعى محمد بن سلمان إلى تقسيم العمل، بحيث تعمل الولايات المتحدة كشريك أمني استراتيجي رئيسي للسعودية، وتظل الصين شريكا مهما للغاية للتجارة والتعاون التكنولوجي وإدارة العلاقات مع إيران".
و"نظرا للتحفظات السعودية بشأن تبني موقف المواجهة الأمريكي تجاه الصين والقيود التي سيفرضها الكونجرس الأمريكي على أي التزامات أمنية تتعهد بها الولايات المتحدة، يبقى أن نرى ما إذا كان هذا الإطار الجديد للشراكة المحدودة ممكنا أم لا"، كما تابعت المؤسسة.
وقالت إن "العلاقات الأمريكية السعودية موضع اختبار الآن بشأن ما إذا كانت ستشهد تصحيحا كبيرا في مسارها وتكون قادرة على إيجاد التوازن الصحيح الذي يخدم مصالح البلدين".
وزادت بأنه "يبدو أن الكثير من اهتمام الولايات المتحدة بإصلاح العلاقات مع الرياض يركز على إبعاد المملكة عن علاقاتها الوثيقة المتزايدة مع بكين، لكن هذا مهمة صعبة، وقد تقرر واشنطن أن تكاليف العبء الإضافي لتوفير الأمن لمثل هذا الشريك المثير للمشاكل (السعودية) لا تستحق الفوائد الهامشية وغير المؤكدة لتقليل نفوذ بكين".
اقرأ أيضاً
مشروع السعودية النووي.. جاذبية خاصة للعرض الصيني
المصدر | كارنيجي- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: السعودية أمريكا الصين نفوذ ضمانات أمنية الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
لأول مرة منذ ثلاث سنوات: الصين تصدر سندات دولارية في السعودية
تناول تقرير لصحيفة "فاينانشال تايمز" اعتزام الصين إصدار أول سندات سيادية بالدولار الأمريكي منذ ثلاث سنوات في الرياض، في خطوة تعكس تعزيز الروابط المالية بين الصين والسعودية.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي 21"، إن الصين اختارت السعودية كمكان لأول عملية بيع لسندات سيادية بالدولار الأمريكي منذ ثلاث سنوات، مما يؤكد دعمها لمحاولة المملكة الغنية بالنفط أن تصبح مركزًا للاستثمار.
ونقلت الصحيفة تصريحات وزارة المالية الصينية، التي أدلت بها يوم الثلاثاء؛ حيث قالت إن مجلس الدولة الصيني، أو مجلس الوزراء، وافق على إصدار سندات دولارية تصل قيمتها إلى ملياري دولار أمريكي في الرياض الأسبوع المقبل، على أن يتم الإعلان عن التفاصيل في وقت لاحق.
وقد درجت بكين على إصدار سندات دولارية أمريكية في هونج كونج، ويُعد اختيار السعودية لهذا الإصدار الجديد رمزا لتعميق العلاقات المالية بين البلدين؛ حيث يطمح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى جذب الاستثمارات الصينية لدعم خطة "رؤية 2030" التي تهدف إلى تقليل اعتماد المملكة على النفط وتعزيز مكانتها على الساحة العالمية.
وأضافت الصحيفة أن المملكة تتجه بشكل متزايد إلى بيع سندات دولارية دولية لتمويل مشاريعها الضخمة المعروفة بـ "مشاريع جيغا"، وقد كانت من أكبر المصدرين في الأسواق الناشئة هذه السنة.
وفي المقابل، سعت الصين إلى تأمين عقود بناء كبيرة في السعودية بعد انهيار سوق العقارات لديها، بينما جذب ازدهار قطاع الطاقة الشمسية في السعودية الشركات الصينية التي تصنع الألواح الشمسية والبطاريات.
وبحسب الصحيفة، قال أحد كبار المصرفيين في بكين والذي يعمل في بنك مملوك للدولة الصينية ومطلع على سجلات القروض في الشرق الأوسط إن بيع الديون في الرياض "جزء من تعميق العلاقات مع السعودية على المستوى الحكومي".
وعلى الرغم من أن روسيا تجاوزت السعودية كمورد رئيسي للنفط إلى بكين السنة الماضية، إلا أن المملكة لا تزال تصدر معظم نفطها الخام إلى الصين، مما يتيح لها جني الدولارات التي يمكنها استثمارها في الأصول المالية.
وأضاف المصرفي: "نظرا لزيادة صادرات النفط من السعودية إلى الصين، يمكن للسعودية استثمار الدولارات التي جنتها في سندات سيادية صينية مقومة بالدولار".
وأفادت الصحيفة أن تريليونات الدولارات من الاحتياطيات الدولية وأسعار الفائدة المنخفضة للغاية حاليًا للاقتراض بالرنمينبي في الداخل تعني أن مبيعات السندات بالعملة الأجنبية تشكل جزءًا صغيرًا من تمويل الحكومة الصينية.
ولكن مثل هذه السندات تعتبر وسيلة أسهل للمستثمرين العالميين لشراء الديون السيادية للحكومة الصينية مقارنةً بالديون الصادرة محليًا، كما أنها توفر مرجعية للمصدرين الآخرين.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول تنفيذي في أحد البنوك الأوروبية ومقره في شنغهاي قوله: "إصدار الديون بالدولار نفسه ليس له معنى كبير بالنسبة لوزارة المالية الصينية، ولكن له تأثير على تحديد الأسعار بالنسبة لجميع المصدرين الصينيين الآخرين للسندات الدولارية".
وفي آب/ أغسطس، وقع صندوق الاستثمارات العامة السعودي، الذي يُعد صندوق الثروة السيادي للمملكة ويُعيد توجيه استثماراته في الداخل، صفقات بقيمة 50 مليار دولار مع بنوك صينية لتعزيز "تدفق رأس المال في الاتجاهين من خلال الديون والأسهم".
وقالت شركة *"إي وبارتنرز"، وهي شركة استثمار خاص سعودية صينية مدعومة من عملاق التجارة الإلكترونية "علي بابا" وصندوق الاستثمارات العامة، في تشرين الأول/ أكتوبر إنها ترغب في إنشاء منطقة اقتصادية خاصة في الرياض لجذب الاستثمارات الصينية في مجال التصنيع.
واختتمت الصحيفة بالإشارة إلى أن الصين أنهت انقطاعًا دام ثلاث سنوات عن أسواق السندات الدولية في أيلول/ سبتمبر ببيع سندات مقومة باليورو بقيمة 2 مليار يورو في باريس، وذلك قبل أن يخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة في ذلك الشهر.