لجريدة عمان:
2024-09-30@11:50:18 GMT

اقتصاد الاهتمام يمـثُـل أمام المحكمة

تاريخ النشر: 12th, November 2023 GMT

أظهرت محاكمة شركة جوجل بموجب قانون مكافحة الاحتكار أخيرا مدى استعداد محرك البحث المهيمن على مستوى العالَـم -وقدرته- لتكبد تكلفة الاستمرار بوصفه المحرك الاعتيادي المفترض على الهواتف الذكية وغير ذلك من الأجهزة: حيث دفع 26 مليار دولار في عام 2021 وحده، ذهبت منها 18 مليار دولار إلى عملاق آخر في مجال التكنولوجيا، شركة أبل.

وفي حين حاولت شركة جوجل لفترة طويلة الحفاظ على هذا الرقم، كان من المعروف دائمًا أنه رقم كبير -وهو كذلك حقا.

ولكن في مقابل أي شيء تدفع شركة جوجل مثل هذا المبلغ؟ عندما تشرع في إعداد جهاز iPhone جديد، قد توجهك شركة أبل إلى اختيار محرك البحث الذي ترغب في استخدامه كمحرك افتراضي مع متصفح الشبكة Safari. لكنها لا تفعل ذلك؛ بل يختار الجهاز ببساطة محرك جوجل تلقائيا.

بطبيعة الحال، يمكنك أن تذهب إلى «الإعدادات» لتغيير المحرك الافتراضي ببضع نقرات على الشاشة (تشمل الخيارات الأخرى Yahoo، وBing،وDuckDuckGo، وEcosia). لكن لا أحد تقريبا يكلف نفسه عناء القيام بذلك.

وعلى هذا فإن شركة جوجل تحول مليارات الدولارات إلى شركة أبل كل عام لتقليل فرص تدفق العائدات من إعلانات محرك البحث على أجهزة iPhone إلى أي شركة أخرى غير جوجل. المواقف التي قد يتخذها المرء إزاء هذه القضية عديدة. قد تقول إن شركة جوجل هي الطرف المذنب في هذا الصدد. لكنك من الممكن أيضًا أن تعتبر شركة أبل الجاني. إذا أنها بدلا من مطالبة المستخدمين بالاختيار، تعطي جوجل ميزة غير عادلة في مقابل رسوم باهظة. ربما تكون شركة جوجل هي الضحية حقا. فلأنها تمتلك أفضل محرك بحث، تضطر الشركات الراغبة في تعظيم القيمة لصالح زبائنها إلى اختياره على أي حال. ولكن بدلا من جعل جوجل الإعداد الافتراضي مجانا، تبتزها شركة أبل بالتهديد ببيع هذا الوضع إلى مزايد أعلى. وبوسعنا أن نقول إنها تستفيد من قوتها بوصفها المشتري الوحيد لتقييد التجارة وتشويه المنافسة. أو قد ترى أن هذا مجرد عمل كالمعتاد في عالَـم اقتصاد الاهتمام. فمن خلال تنفيذ استثمارات ضخمة واستعراض قدر لا مثيل له من الإبداع والبراعة، برزت شركة أبل باعتبارها المورد الرئيس لسلاسل قيمة الأجهزة والبرامج. وبفضل جهودها، أصبح لدينا الآن نظام تشغيل الشبكات البينية (iOS platform)، الذي يُـعَـد محركًا قويًا لتحرير الإنسان الذي زودنا بالقدرة على الوصول إلى قيمة غير عادية تتمثل في تكنولوجيات المعلومات، والاتصالات، والترفيه.

الواقع أن مثل هذا الإبداع لا يستحق المكافأة ماليا فحسب؛ بل يجب أن تخدم مثل هذه المكافآت غرضًا أكبر، من خلال تحفيز مبدعين آخرين حاليين ومنتظرين في المستقبل على التركيز على إيجاد منتجات وخدمات مفيدة حقا، بدلا من ملاحقة أنشطة ضارة اجتماعيا مثل كسب المال بالغش باستخدام العملات الرقمية المشفرة.

الجهاز iPhone هو أحد المنتجات التي تبيعها شركة أبل. لكنها من الممكن أن تبيع أيضًا اهتمام مستخدمي iPhone لشركات راغبة في دفع المال مقابل هذا الاهتمام. فما الذي قد يمنع شركة أبل من تقاضي ما تريد مقابل تقديم مثل هذه الخدمة؟.

أخيرا، قد يسوق المرء الحجة لصالح عرض الاختيار على المستخدمين بطريقة مباشرة، لصالح ضمان تكافؤ الفرص بين محركات البحث. إذا كانت شركة جوجل تمتلك أفضل محرك بحث، فقد تنتهي بها الحال إلى الحصول على حصة قدرها 60%، في حين يحصل كل من المحركات الأربعة الأخرى على 10%. ولكن ماذا لو اختار المستخدمون الذين يفتقرون إلى الاطلاع الكامل، أو غير المنتبهين بالدرجة الكافية، خدمة أقل جودة عن غير قصد؟ هذا من شأنه أن يؤدي إلى تدهور تجربة المستخدم الإجمالية في العالَـم الحقيقي لصالح «ساحة لعب ممهدة» تجريدية.

يستند كل من هذه المواقف إلى حجج مقنعة بدرجة معقولة، وقد حصل محامون وخبراء اقتصاد باهظو الأجر على مبالغ ضخمة من المال لصقل هذه الحجج وتقديم الأدلة الداعمة.

عندما نأتي إلى تحديد الرأي الأكثر صدقًا وإخلاصًا للحقائق أو الأكثر إقناعا من جانب المنطق، نجد الشيطان كامنا في التفاصيل.

القضية معقدة في النهاية. فكيف يعمل الاهتمام البشري على وجه التحديد، ومن ينبغي أن يكون له الحق في أسر هذا الاهتمام، أو توجيهه، أو حصاده لاستخلاص البيانات؟

في العصر الحديث المبكر في بولندا، كان للنبلاء الحق في السيطرة على أقنانهم وجني الثروة الناتجة عن عملهم في الحقول. وعندما كان الأقنان يحاولون الهرب، كان القوزاق يطاردونهم ويعيدونهم مقابل أتعاب زهيدة. ليس من المستغرب إذن أن نرى بعض المعلقين يشيرون إلى زمننا الحاضر على أنه عصر «الإقطاع التكنولوجي». مع ذلك، لا أرى شخصيًا أن هذا هو المصطلح الصحيح، وأخشى أن يقودنا إلى تبني قياسات خاطئة في محاولة فهم الكيفية التي يعمل بها اقتصاد الاهتمام على وجه التحديد. مشكلتي هي أنني لا أستطيع التفكير في استعارة أفضل. وربما يكون ابتكار استعارة مناسبة الخطوة الأولى نحو التقييم الدقيق للعالَـم الذي صنعناه.

جيه. برادفورد ديلونج أستاذ الاقتصاد بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، وهو مؤلف كتاب «التراخي نحو المدينة الفاضلة: تاريخ اقتصادي للقرن العشرين» (الكتب الأساسية، 2022).

خدمة برجيكت سنديكيت

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: شرکة جوجل شرکة أبل محرک ا

إقرأ أيضاً:

الاستثمار في المهارات يدعم اقتصاد المستقبل

عقدت الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية، الملتقى الرابع لنادي الموارد البشرية، خلال العام الجاري، تحت عنوان «الاقتصاد القائم على المهارات: خارطة الطريق المستقبلية لإعادة تأهيل القوى العاملة»، وذلك بحضور ومشاركة قرابة 300 من موظفي الحكومة الاتحادية، وأعضاء النادي والمختصين والمهتمين، من قطاعات العمل كافة.
واستضاف الملتقى، الذي عقد افتراضياً بالتعاون مع شركة «SHL»، الدكتور ديفيد إدواردز، رئيس استشارات حلول المواهب في الشرق الأوسط لدى الشركة، حيث سلط الضوء على محاور عدة منها: «التوظيف والتنقل المستند إلى المهارات، والمهارات القائمة على البحث والريادة الفكرية»، مؤكداً أهمية الاستثمار في تأهيل المهارات والارتقاء بها للحفاظ على القدرة التنافسية في سوق العمل المتطور.
من جانبه قال محمد فريد مدير عام شركة SHL، لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، إن المؤسسات التي تستثمر في موظفيها، تضمن مكانها في اقتصاد المستقبل.
ولفت إلى أن مستقبل العمل يدور حول المهارات، وفي ظل اقتصاد عالمي سريع التغير، فإن المؤسسات التي تعطي الأولوية لإعادة تأهيل القوى العاملة لديها، ستكون هي المتصدرة وتقود المسيرة. (وام)

مقالات مشابهة

  • 20 أكتوبر محاكمة ميار الببلاوي والشيخ محمد أبو بكر أمام المحكمة الاقتصادية
  • وزير التعليم يوجه بضرورة الاهتمام بالواجبات المنزلية وكراسة الحصة
  • مارين لوبان أمام المحكمة بتهمة اختلاس أموال
  • الاستثمار في المهارات يدعم اقتصاد المستقبل
  • أفضل طبيب قلب في العالم.. بماذا أجاب محرك البحث «جوجل»؟
  • حمدان بن محمد: الاستثمار في الإنسان محرك لمسيرة التنمية والتطوير
  • وزير الرياضة ومحافظ الشرقية يفتتحان الملعب الخماسي بمركز شباب ناصر
  • ترامب يتعهد بمقاضاة محرك البحث غوغل.. وهذه أبرز الأسباب
  • ترامب يتعهد بمقاضاة غوغل لعرض محرك البحث موضوعات سيئة عنه
  • أدلة جديدة ضد ترمب في قضية “قلب انتخابات 2020” أمام المحكمة