لجريدة عمان:
2025-03-12@10:46:26 GMT

اقتصاد الاهتمام يمـثُـل أمام المحكمة

تاريخ النشر: 12th, November 2023 GMT

أظهرت محاكمة شركة جوجل بموجب قانون مكافحة الاحتكار أخيرا مدى استعداد محرك البحث المهيمن على مستوى العالَـم -وقدرته- لتكبد تكلفة الاستمرار بوصفه المحرك الاعتيادي المفترض على الهواتف الذكية وغير ذلك من الأجهزة: حيث دفع 26 مليار دولار في عام 2021 وحده، ذهبت منها 18 مليار دولار إلى عملاق آخر في مجال التكنولوجيا، شركة أبل.

وفي حين حاولت شركة جوجل لفترة طويلة الحفاظ على هذا الرقم، كان من المعروف دائمًا أنه رقم كبير -وهو كذلك حقا.

ولكن في مقابل أي شيء تدفع شركة جوجل مثل هذا المبلغ؟ عندما تشرع في إعداد جهاز iPhone جديد، قد توجهك شركة أبل إلى اختيار محرك البحث الذي ترغب في استخدامه كمحرك افتراضي مع متصفح الشبكة Safari. لكنها لا تفعل ذلك؛ بل يختار الجهاز ببساطة محرك جوجل تلقائيا.

بطبيعة الحال، يمكنك أن تذهب إلى «الإعدادات» لتغيير المحرك الافتراضي ببضع نقرات على الشاشة (تشمل الخيارات الأخرى Yahoo، وBing،وDuckDuckGo، وEcosia). لكن لا أحد تقريبا يكلف نفسه عناء القيام بذلك.

وعلى هذا فإن شركة جوجل تحول مليارات الدولارات إلى شركة أبل كل عام لتقليل فرص تدفق العائدات من إعلانات محرك البحث على أجهزة iPhone إلى أي شركة أخرى غير جوجل. المواقف التي قد يتخذها المرء إزاء هذه القضية عديدة. قد تقول إن شركة جوجل هي الطرف المذنب في هذا الصدد. لكنك من الممكن أيضًا أن تعتبر شركة أبل الجاني. إذا أنها بدلا من مطالبة المستخدمين بالاختيار، تعطي جوجل ميزة غير عادلة في مقابل رسوم باهظة. ربما تكون شركة جوجل هي الضحية حقا. فلأنها تمتلك أفضل محرك بحث، تضطر الشركات الراغبة في تعظيم القيمة لصالح زبائنها إلى اختياره على أي حال. ولكن بدلا من جعل جوجل الإعداد الافتراضي مجانا، تبتزها شركة أبل بالتهديد ببيع هذا الوضع إلى مزايد أعلى. وبوسعنا أن نقول إنها تستفيد من قوتها بوصفها المشتري الوحيد لتقييد التجارة وتشويه المنافسة. أو قد ترى أن هذا مجرد عمل كالمعتاد في عالَـم اقتصاد الاهتمام. فمن خلال تنفيذ استثمارات ضخمة واستعراض قدر لا مثيل له من الإبداع والبراعة، برزت شركة أبل باعتبارها المورد الرئيس لسلاسل قيمة الأجهزة والبرامج. وبفضل جهودها، أصبح لدينا الآن نظام تشغيل الشبكات البينية (iOS platform)، الذي يُـعَـد محركًا قويًا لتحرير الإنسان الذي زودنا بالقدرة على الوصول إلى قيمة غير عادية تتمثل في تكنولوجيات المعلومات، والاتصالات، والترفيه.

الواقع أن مثل هذا الإبداع لا يستحق المكافأة ماليا فحسب؛ بل يجب أن تخدم مثل هذه المكافآت غرضًا أكبر، من خلال تحفيز مبدعين آخرين حاليين ومنتظرين في المستقبل على التركيز على إيجاد منتجات وخدمات مفيدة حقا، بدلا من ملاحقة أنشطة ضارة اجتماعيا مثل كسب المال بالغش باستخدام العملات الرقمية المشفرة.

الجهاز iPhone هو أحد المنتجات التي تبيعها شركة أبل. لكنها من الممكن أن تبيع أيضًا اهتمام مستخدمي iPhone لشركات راغبة في دفع المال مقابل هذا الاهتمام. فما الذي قد يمنع شركة أبل من تقاضي ما تريد مقابل تقديم مثل هذه الخدمة؟.

أخيرا، قد يسوق المرء الحجة لصالح عرض الاختيار على المستخدمين بطريقة مباشرة، لصالح ضمان تكافؤ الفرص بين محركات البحث. إذا كانت شركة جوجل تمتلك أفضل محرك بحث، فقد تنتهي بها الحال إلى الحصول على حصة قدرها 60%، في حين يحصل كل من المحركات الأربعة الأخرى على 10%. ولكن ماذا لو اختار المستخدمون الذين يفتقرون إلى الاطلاع الكامل، أو غير المنتبهين بالدرجة الكافية، خدمة أقل جودة عن غير قصد؟ هذا من شأنه أن يؤدي إلى تدهور تجربة المستخدم الإجمالية في العالَـم الحقيقي لصالح «ساحة لعب ممهدة» تجريدية.

يستند كل من هذه المواقف إلى حجج مقنعة بدرجة معقولة، وقد حصل محامون وخبراء اقتصاد باهظو الأجر على مبالغ ضخمة من المال لصقل هذه الحجج وتقديم الأدلة الداعمة.

عندما نأتي إلى تحديد الرأي الأكثر صدقًا وإخلاصًا للحقائق أو الأكثر إقناعا من جانب المنطق، نجد الشيطان كامنا في التفاصيل.

القضية معقدة في النهاية. فكيف يعمل الاهتمام البشري على وجه التحديد، ومن ينبغي أن يكون له الحق في أسر هذا الاهتمام، أو توجيهه، أو حصاده لاستخلاص البيانات؟

في العصر الحديث المبكر في بولندا، كان للنبلاء الحق في السيطرة على أقنانهم وجني الثروة الناتجة عن عملهم في الحقول. وعندما كان الأقنان يحاولون الهرب، كان القوزاق يطاردونهم ويعيدونهم مقابل أتعاب زهيدة. ليس من المستغرب إذن أن نرى بعض المعلقين يشيرون إلى زمننا الحاضر على أنه عصر «الإقطاع التكنولوجي». مع ذلك، لا أرى شخصيًا أن هذا هو المصطلح الصحيح، وأخشى أن يقودنا إلى تبني قياسات خاطئة في محاولة فهم الكيفية التي يعمل بها اقتصاد الاهتمام على وجه التحديد. مشكلتي هي أنني لا أستطيع التفكير في استعارة أفضل. وربما يكون ابتكار استعارة مناسبة الخطوة الأولى نحو التقييم الدقيق للعالَـم الذي صنعناه.

جيه. برادفورد ديلونج أستاذ الاقتصاد بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، وهو مؤلف كتاب «التراخي نحو المدينة الفاضلة: تاريخ اقتصادي للقرن العشرين» (الكتب الأساسية، 2022).

خدمة برجيكت سنديكيت

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: شرکة جوجل شرکة أبل محرک ا

إقرأ أيضاً:

أوهام اقتصاد الحرب في أوروبا

قال فرانك فورييدي، المدير التنفيذي لمركز الأبحاث إم سي سي بروكسل، إن آخر مرة شرعت فيها الدول الأوروبية في إعادة التسلح، كان قبل حرب عالمية. أما اليوم، فإن الحرب في أوكرانيا وتصدّع التحالف العسكري الغربي هما الدافعان وراء هذا التوجّه الجديد في أوروبا. فجأة، أصبح كل زعيم أوروبي تقريباً مقتنعاً بضرورة زيادة الإنفاق الدفاعي وتعزيز صناعة الأسلحة.

قادة أوروبا العسكريون لا يملكون رؤية واضحة حول الاتجاه الذي ينبغي أن تسلكه القارة

في الاجتماع الاستثنائي الذي عُقد قبل أيام في المجلس الأوروبي ببروكسل، وافق القادة الأوروبيون على صفقة تتيح تحرير مليارات اليوروهات لتعزيز الإنفاق الدفاعي. وقدمت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، خطة لإنفاق ما يصل إلى 800 مليار يورو على إعادة التسلح،  بينها قروض تصل إلى 150 مليار يورو للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.وأضاف فرانك فورييدي في مقاله بموقع مجلة "سبايكد أونلاين"، الإلكترونية البريطانية: "يمكن القول إن الدافع وراء هذا التوجه لا يتعلق فقط بالقوة العسكرية، بل بالاقتصاد أيضاً. لقد تم اعتبار صناعة الأسلحة قطاع النمو الجديد في أوروبا، حيث قررت النخب الحاكمة أن الاستثمار في الدفاع أفضل من الاستثمار في تقنيات الطاقة النظيفة غير المجدية". ألمانيا تقود الحملة

حتى ألمانيا، التي كانت تُعرف بتشددها في تقييد الإنفاق العام، تبنّت هذا النهج الجديد. بل إنها تقود حملة لإعادة هيكلة الاقتصاد الأوروبي حول متطلبات الدفاع. فهي ترى في ذلك وسيلة للخروج من حالة الركود الاقتصادي المستمرة وإنقاذ قطاع السيارات المتداعي لديها.
وكما قال هولغر شميدينغ، كبير الاقتصاديين في بنك بيرنبرغ: "أصبح من الواضح للجميع أن الإنفاق الدفاعي هو الحل لتعويض فقدان الوظائف في قطاع السيارات". وتكشف خطة مسربة عن اقتراح ألمانيا إنفاق 400 مليار يورو على الدفاع الوطني، إلى جانب تخصيص 500 مليار يورو أخرى لإصلاح البنية التحتية المتهالكة، والتي لم تعد قادرة حتى على نقل الدبابات والمعدات العسكرية عبر البلاد.

The perils and delusions of Europe’s new war economy https://t.co/clvnh3ljnH

— Frank Furedi (@Furedibyte) March 7, 2025


وأوضح الكاتب أنه قد يكون تبرير هذا التحول إلى "الإنفاق العسكري لتحفيز النمو الاقتصادي" قائماً على التهديد المزعوم الذي تمثله روسيا على الأمن الأوروبي، والحاجة إلى الدفاع عن وحدة أراضي أوكرانيا.
ولكن الواقع هو أن المليارات التي يتم التعهد بها الآن للإنفاق الدفاعي لن يكون لها تأثير مباشر في مجريات الحرب في أوكرانيا أو في أمنها المستقبلي. فتحويل قطاع السيارات المتدهور في ألمانيا إلى خط إنتاج للمعدات العسكرية سيستغرق سنوات، كما أن تحويل الموارد الأمنية الحالية في أوروبا إلى قوة عسكرية ذات مصداقية سيحتاج إلى وقت أطول.

بنية تحتية دفاعية مهملة 

ولفت الكاتب النظر إلى أنه من المعروف أن أوروبا أهملت بنيتها التحتية الدفاعية لعقود. وأي مبادرة تقودها المؤسسات الأوروبية ستتم بوتيرة بطيئة للغاية، إذ إن الاتحاد الأوروبي مشغول أكثر بتنظيم ما هو قائم بدلاً من تحريك الأمور إلى الأمام.

The perils and delusions of Europe’s new war economy:https://t.co/I2Oy1bQAan

— spiked (@spikedonline) March 9, 2025

علاوة على ذلك، فإن بناء قوة عسكرية أوروبية قادرة على القتال يتطلب أكثر من مجرد معدات جديدة. فالدول الأوروبية تفتقد إلى القيم الوطنية التي يمكن أن تحفّز المشاركة الفعلية في أي مواجهة عسكرية مع روسيا.
وعندما اقترح رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، تشكيل "تحالف الراغبين" من الجيوش الأوروبية، طرح هذا تساؤلاً جوهرياً: "الراغبين في فعل ماذا؟" ففي وقت تعجز فيه فرنسا وبريطانيا عن تأمين حدودهما ضد موجات الهجرة غير الشرعية، يصبح من المشكوك فيه مدى استعدادهما للدفاع عن حدود دولة أخرى ضد جيش غازٍ.

 قوة مؤثرة في الصراع قد يكون الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزملاؤه بارعين في لعب دور قادة زمن الحرب، لكنهم لا يمتلكون الإمكانيات اللازمة للتأثير بجدية على مجريات الحرب في أوكرانيا. فالحقيقة هي أن الولايات المتحدة وحدها هي التي تمتلك الموارد والقدرات العسكرية القادرة على إحداث تغيير حقيقي في موازين الصراع.
ورغم أن الخطاب المتشدد القادم من بروكسل يحمل طابعاً استعراضياً إلى حد كبير، فلا ينبغي الاستهانة به. فمثل هذه السياسات قد تؤدي إلى ديناميكيات خطيرة يمكن أن تتصاعد بسرعة وتخرج عن السيطرة.
ومع تصاعد النزعات الحمائية والصراعات الاقتصادية، هناك خطر حقيقي من أن إعادة التسلح في أوروبا قد يؤدي عن غير قصد إلى سباق تسلح عالمي. وقد أظهرت لنا دروس التاريخ أن سباقات التسلح غالباً ما تسفر عن نتائج غير متوقعة. قادة أوروبا والقوى الكبرى ما يثير القلق الحقيقي بشأن هذا التحول المفاجئ نحو إعادة التسلح هو أن قادة أوروبا العسكريين لا يملكون رؤية واضحة حول الاتجاه الذي ينبغي أن تسلكه القارة. فهم يعانون من "الأمية الجيوسياسية"، وما يزالون يفتقرون إلى استراتيجية واضحة لكيفية التعامل مع عالم تهيمن عليه ثلاث قوى رئيسة – الولايات المتحدة والصين وروسيا – والتي تتمتع بنفوذ طاغٍ على الشؤون العالمية. وهؤلاء ليسوا القادة الذين يمكن الوثوق بهم لقيادتنا خلال هذه الأوقات المضطربة.

مقالات مشابهة

  • مستخدمو Google Pixel بيشتكوا.. مشاكل بالجملة بعد تحديث شهر مارس
  • أخيرًا في أندرويد .. ميزة جديدة تحمي موبايلك من السرقة حتى لو اتقفل
  • الصين تكشف عن محرك عالي الدفع للسفر إلى الفضاء
  • خدش سيارة سيدة بسبب ركنها أمام منزله.. المحكمة تغرم شخصا 25 ألف جنيه
  • أوهام اقتصاد الحرب في أوروبا
  • أحدث خدمات الذكاء الاصطناعي في الصين .. الاهتمام بالمسنين ورعاية ذوي الإعاقات
  • مستقبل العمل في اقتصاد العمل المؤقت
  • 4 خطوات لحذف معلوماتك الشخصية من نتائج جوجل
  • المقامات الدينية الدرزية تستعيد نفوذها في السويداء مع تصاعد الاهتمام بالروحانيات
  • جوجل مستعد للأسئلة المعقدة والبحث المعمق