الوطن:
2025-03-31@09:14:21 GMT

د. يوسف عامر يكتب.. مقومات الإسلام (3)

تاريخ النشر: 12th, November 2023 GMT

د. يوسف عامر يكتب.. مقومات الإسلام (3)

 تكامل مصادر المعرفة: حصر العلماء المصادر التى يمكن للإنسان أن يستقى منها علمه اليقينى فى ثلاثة مصادر؛ هى: الحواس السليمة، والعقل الصحيح، والخبر الصادق.

ورغم أن الحواس مصدر للمعرفة عند كل البشر، فإن كثيراً منهم وقفوا بها عند حدود الطبيعة الظاهرة، ولم ينفذوا منها إلى ما وراءها، وليس الأمر كذلك عند المسلم، فالمسلم تتكامل عنده الحواس مع العقل.

.. فالحواس عند المسلم تتقلب فى هذا الكون (الذى هو كتاب الله المسطور) فتلمس ما فيه من دقة ونظام وحكمة، فيحكم العقل بأن هذا الكون آية صادقة الدلالة على خالقه الحكيم سبحانه، يقول الله تعالى: {إِنَّ فِى خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِى الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 190]، ويلحظ هنا تذييل الآية بذكر (أولى الألباب)، والألباب جمع لب وهو العقل، ولكن لا يراد به مطلق العقل، وإنما اللب هو العقل الخالص من الشوائب، فهو عقل كامل له إدراك صحيح ونظر صائب، ولهذا قال العلماء: إن الله تعالى أناط بـ«أولى الألباب» الأحكام التى لا تدركها إلا العقول الزكية (النقية).

ويقول سبحانه وتعالى أيضاً: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ} [الروم: 22]... فما يدركه الإنسان بحواسه فى الكون أو فى ذاته يحكم العقل السليم بأنه آية دالة على الله سبحانه وتعالى، وختم هذه الآية الكريمة بقوله سبحانه: {إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ} فيه إشارة لا بد من الوقوف عندها، فـ(العالِمين) بكسر اللام جمع (عالِم)، فكأن من لم ينتبه لهذه الآيات ليس معدوداً من أهل العلم مهما بلغت درجة تحصيله؛ لأن إدراك أن للكون خالقاً حكيماً أمر يستطيع الوصول إليه كل ذى عقل سليم وإن لم يكن عالماً، وقد سُئل أعرابى عن الدليل على الله سبحانه، فقال: إن البعرة لتدل على البعير، وإن أثر الأقدام ليدل على المسير، فسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، وبحار ذات أمواج، ألا يدل ذلك على وجود اللطيف الخبير؟!

ومثل هذه الآيات الكريمات تدل دلالة واضحة على تكامل مصادر المعرفة لدى المسلم من الحواس والعقل والخبر الصادق المتمثل فى وحى الله تعالى، ومن هنا كان المسلم مجاوزاً لحدود هذا الكون، ولم يقف عند حدود الطبيعة كما وقف غيره رافضاً الاعتراف بأنها دليل شاهد على خالق حكيم وراءها.

ورغم أن الاعتراف بوجود الله تعالى وتوحيده والإسلام له سبحانه فطرة فطر الله تعالى الناس عليها {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِى فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: 30]، فمعرفة الله تعالى والإيمان به سبحانه أمر مركوز فى نفوس البشر وقلوبهم، وهم مستعدون له بطبائعهم السليمة التى لم تتلوث، ولهذا يقول سبحانه: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [الزخرف: 87]..

أقول: رغم أن هذا فطرة فى كل قلب، فإن المسلم مأمور شرعاً بالنظر فى آيات الله تعالى فى الكون وفى نفسه {وَفِى الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ، وَفِى أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الذاريات: 20، 21]، أى هو مأمور بأن يبنى عقيدته السليمة على أساس يقينى متين من مصادر المعرفة المتكاملة.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: مقومات الإسلام

إقرأ أيضاً:

المفتي: الحفاظ على البيئة جزء من العبادة وواجب على المسلم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

 

حذر الدكتور نظير عياد مفتي الديار المصرية من تدمير البيئة بدون مبرر، مؤكدًا أن الإسلام جعل الاعتداء على البيئة اعتداءً على حقوق الآخرين، وظلمًا للأجيال القادمة.

وقال مفتي الجمهورية خلال لقائه مع الإعلامي حمدي رزق في برنامج «اسأل المفتي» المذاع على قناة «صدى البلد»، إن موقف النبي صلى الله عليه وسلم عندما رأى جماعة من الصحابة يحرقون قرية من النمل، فغضب وقال: "لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار".

وشدد فضيلة المفتي على أن هذا الموقف النبوي يعكس احترام الإسلام لكل المخلوقات، حتى أصغر الكائنات الحية، لأنه لا شيء في هذا الكون خلقه الله عبثًا، بل لكل شيء وظيفة ومهمة في تحقيق التوازن البيئي.

كما حذر من الممارسات الخاطئة التي تؤدي إلى تدمير البيئة، مثل الإسراف في استخدام المياه، وقطع الأشجار دون مبرر، والتلوث البيئي الناتج عن حرق المخلفات أو إلقاء النفايات في غير أماكنها، مشيرًا إلى أن هذه الممارسات لا تضر فقط بالبيئة، بل تؤذي الإنسان نفسيًّا وبدنيًّا، كما أنها تدخل في دائرة الضرر المحرم شرعًا، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار".
 

مقالات مشابهة

  • السيد الرئيس أحمد الشرع في كلمة بمناسبة عيد الفطر المبارك بقصر الشعب: سوريا يكتب لها تاريخ جديد وأمامنا طريق طويل وشاق، وكل مقومات البناء نملكها على كل المستويات، وما يتطلب منا ان نعمل ولا نختلف.
  • شيخ العقل: لن نتخلّى عن هويّتنا
  • بين الفطرة والتشريع.. كيف تحمي أحكام الإسلام النظام الأسري؟
  • العيد.. قنديل سعادة
  • انقضاء شهر رمضان.. لا يعني خلع ثياب الوقار 
  • خالد عمر يوسف يكتب: قصة قصيرة “بعض الشيء”
  • عالم بالأوقاف: الإسلام يدعو إلى الرحمة في التعامل مع الكون والطبيعة
  • لماذا لم يبعث الله رُسلا بعد النبي محمد؟.. مرصد الأزهر يجيب
  • المفتي: الإسلام سبق النظم الحديثة في حماية البيئة
  • المفتي: الحفاظ على البيئة جزء من العبادة وواجب على المسلم