بوابة الوفد:
2025-05-01@18:37:34 GMT

حكاية الأب «توما» وخادمه فى حارة اليهود

تاريخ النشر: 12th, November 2023 GMT

انتهت القمة العربية الإسلامية الطارئة يوم السبت الماضى 11 نوفمبر 2023 لبحث العدوان الإسرائيلى على الشعب الفلسطينى ببيان ختامى فى مقدمته 11 «إذ» وما تلاها من إعراب وتأكيد واستنكار وإدانة وتحذير وترحيب، ثم شملت القرارات 31 بنداً لا تختلف عن مقدمة البيان، ونكتفى بهذا الحديث عن تلك القمة غير العادية، فالكلمات لن تستطيع التعبير عن حالة البؤس الذى وصل قمته، تزامناً مع ما يرتكبه العدوان الإسرائيلى من مجازر وعمليات إبادة جماعية وتهجير وجرائم حرب دخلت شهرها الثانى ضد الأبرياء من أهل غزة.

كانت تلك المقدمة للتوثيق ليس أكثر، وحتى لا يضيع وقت القارئ الكريم فى مناقشة وتحليل «إذ وما تلاها»، سأروى لكم قصة ذبح الأب «توما الكبوشى» وخادمه «إبراهيم عمار» فى حارة اليهود، ربما يستفيق الغرب الداعم لهذه الجرائم من تلك الغيبوبة التى يقع فيها، وانطلاقاً من تصريح «بلينكن» وزير الخارجية الأمريكى الذى وقف بكل فخر منذ شهر تقريباً يقول إنه فى إسرائيل بصفته «يهودى ابن يهودى» نبدأ الحكاية.

ولد الأب توما الكبوشى1780 فى إيطاليا ودخل رهبنة الكبوشية سنة 1807، كان الأب توما أديباً محبوباً عالماً يعالج المرضى فى دمشق مجاناً، وكان ماهراً بصناعة تطعيم الجدرى، وفى يوم الخامس عشر من شهر فبراير 1840 ذهب الأب «توما» لحارة اليهود بقصد تطعيم طفل ضد مرض الجدرى، وكان بالقرب من بيت هذا الطفل دار«داود هرارى » صديق الأب توما، ويعد «هرارى» من أتقى اليهود فى الشام، وكان الناس يبالغون فى توقيره وإكرامه، فلما رأى «هرارى» الأب «توما الكبوشى» ماراً أمام داره استدعاه للدخول، وكان موجوداً بالدار أخا «داود» وعمه واثنان من أكابر اليهود، وبعد دخول الأب أُغلق الباب وانقضوا جميعاً عليه، ووضعوا على فمه منديلاً وربطوا يديه ورجليه، حتى أظلم الليل، واستعدوا لذبحه، فلما جاء حضرة الحاخام، استدعوا حلاقاً يهودياً اسمه «سليمان» وأمروه بذبح القسيس فخاف الحلاق وامتنع، فَهَّم «داود هرارى» الرجل التقى الوقور صديق الأب توما وأخذ السكين ونحره بنفسه!

وعندما بدأت يد «هرارى» ترتجف توقف عن إكمال العملية، فجاء أخوه «هارون» لمساعدته، وكان الحاضرون يتناولون الدم فى إناء ثم يضعونه فى زجاجة بيضاء، تم إرسالها فيما بعد إلى الحاخام باشا «يعقوب العنتابى»، وبعد أن تمت تصفية دم الأب «توما» نزعوا ثيابه وأحرقوها، ثم قَطَّعُوا الجسد قطعاً وسحقوا عظامه سحقاً «بيد هون»، ثم ألقوا تلك العظام المسحوقة وهذا الجسد المقطوع فى أحد المصارف، وظنوا أنهم بهذه الطريقة قد دفنوا الجريمة فى قبر عميق.

ولما طال وقت رجوع الأب «توما» إلى ديره قلق خادمه «إبراهيم عمار»، وتوجه إلى حارة اليهود يسأل عنه، لأنه كان يعلم أن معلمه قد ذهب إلى هناك، وعندما وصل إلى دار «داود هرارى» يسأل عن الأب «توما»، أدخلوه وذبحوه كما ذبحوا معلمه.

وأثناء التحقيقات اعترف سبعة من المتهمين بأنه قبل الواقعة بأيام أخبرهم الحاخام باشا بأنه يلزم الحصول على دم بشرى لاستعماله فى عيد الفصح القريب، فأجابه «داود هرارى» بأنه سيتحصل على ذلك مهما كلفه من أموال.

وخلال محاكمة هؤلاء المجرمين هاج يهود أوروبا وحاولوا الحصول على عفو للمتهمين ولكن خاب مسعاهم وصدر الحكم على عشرة منهم بالإعدام، واستمرت المساعى والمحاولات لإنقاذ المحكوم عليهم، ووصل مندوبان من قبل جمعية الاتحاد الإسرائيلى إلى مصر، ورفعا عريضة لمحمد على باشا التمسا فيها إعادة النظر فى الدعوى، فقبل محمد على هذا الالتماس، وأصدر عفواً عن المجرمين فى نهاية الأمر!!

تلك القضية الخاصة بذبح الأب توما وخادمه «إبراهيم عمار» وما كشفته التحقيقات ليست من وحى الخيال، بل ذكرها «شارل لوران» فى كتابه «المسائل التاريخية عما جرى فى سوريا سنة 1840» وترجمها عن الفرنسية الدكتور يوسف نصر الله، بالإضافة إلى كتاب «اليهودى حسب التلمود» للدكتور«روهلنج » وضمهما فى كتابه «الكنز المرصود فى قواعد التلمود 1899»، يقول الدكتور نصر الله فى مقدمة الكتاب: «لا تظن أيها القارئ اللبيب أن هذين الكتابين من عندياتى لأنهما ذكرا فى كثير من الكتب المشهورة لدى العموم ككتاب «صراخ البرىء» لصاحبه حبيب أفندى فارس وكتاب فرنسا اليهودية لأدوار دريمون». 

وقد جاء فى كتاب «صراخ البرىء 1891» واقعة مشابهة لواقعة الأب «توما»، وهى اختفاء الطفل «هنرى عبدالنور» أحد أبناء طائفة الأرمن الكاثوليك فى دمشق، الذى تم العثور على جثته فى بئر مغطاة، وكُتبت قصيدة رثاء فى هذا الطفل تصلح رثاءً لأطفالنا فى غزة اليوم، نذكر بعض أبياتها، ربما يشعر كل من يدعم هذا الكيان الوحشى بصرخات هذا الدم البرىء:

يا أيها الحاخام رجعنى إلى.. أمى وأهلى ليس ينفعكم دمى

لم يسمع القاسى الصراخ وإنما.. زاد العذاب بضرب سوط مؤلم

نا ديت يا ربى أزل عنى عذابهم.. فمن قولى لقد سدوا فمى

 

[email protected]

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: أشرف عزب القمة العربية الإسلامية الشعب الفلسطيني العدوان الإسرائيلي عمليات إبادة جماعية أهل غزة القارئ الكريم

إقرأ أيضاً:

سماء بلا أرض.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة نظرة ما في مهرجان كان السينمائي

وقع اختيار مهرجان كان السينمائي الدولي -في دورته الـ78 المقامة من 13 إلى 24 مايو/أيار الجاري- على الفيلم التونسي "سماء بلا أرض" للمخرجة أريج السحيري لافتتاح مسابقة "نظرة ما"، حيث يشهد الفيلم عرضه العالمي الأول يوم الأربعاء 14 مايو/أيار.

View this post on Instagram

A post shared by MAD Films (@madfilmsofficial_)

دراما إنسانية في مواجهة العنف والتهميش

ينقل الفيلم التونسي "سماء بلا أرض" للمخرجة أريج السحيري مشاهد من واقع مأزوم عاشته تونس في فبراير/شباط، حين تصاعدت حملات التحريض ضد المهاجرين من دول جنوب الصحراء الكبرى، مما أدى إلى موجة عنف واعتقالات تعسفية وحالات طرد قسري. الفيلم مستوحى من هذه الوقائع، ويسلط الضوء على التوترات الاجتماعية التي تفجّرت بسبب خطابات الكراهية والخوف من الآخر.

وتدور القصة حول "ماري"، وهي قسيسة من كوت ديفوار وصحفية سابقة تعيش في تونس، تفتح باب منزلها أمام "ناني"، أم شابة تطمح لبداية جديدة، و"جولي"، طالبة قوية الإرادة تحمل آمال أسرتها على كتفيها. مع وصول طفلة يتيمة إلى البيت، تتعرض علاقتهن لاختبار قاسٍ يكشف عن مدى هشاشتهن وقدرتهن على الصمود في ظل أجواء من التمييز والخوف

بعد الإعلان عن اختيار فيلمها للمشاركة في مسابقة "نظرة ما" ضمن الدورة الـ78 لمهرجان كان السينمائي، كشفت المخرجة التونسية أريج السحيري -في تصريحات إعلامية- عن أن قصة الفيلم مستوحاة من وقائع حقيقية شهدتها تونس، حين تعرض مهاجرون من دول أفريقيا جنوب الصحراء لموجة من العنف والتحريض، سواء في الإعلام أو في الشارع.

إعلان

وأوضحت السحيري أن ما جذبها إلى هذا المشروع هو رغبتها في كسر الصورة النمطية للمهاجرين، من خلال تقديم شخصيات تحمل طبقات إنسانية عميقة، مليئة بالتعقيد والواقعية، وتستطيع أن تلامس المشاهدين بصدقها.

كما عبّرت -عبر حسابها على إنستغرام- عن امتنانها لكل من شاركها رحلة صناعة هذا الفيلم.

View this post on Instagram

A post shared by Erige Sehiri (@erigesehiri)

 

في إطار مسابقة "نظرة ما" ضمن الدورة الـ78 لمهرجان كان السينمائي، يشارك الفيلم الفلسطيني "كان يا ما كان في غزة" (Once Upon a Time in Gaza) للمخرجين طرزان وعراب نصار. يستعرض الفيلم بأسلوب الكوميديا السوداء، الذي سبق أن قدمه الثنائي في فيلمهما "غزة مونامور"، الأحداث التي وقعت في غزة قبل حرب "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

كما يشهد المهرجان مشاركة الفيلم المصري "عائشة لا تستطيع الطيران" (Aisha Can’t Fly Away) للمخرج مراد مصطفى، الذي يعود إلى مهرجان كان من جديد. يناقش الفيلم حياة المهاجرين الأفارقة في حي عين شمس بالقاهرة، مُركزًا على قصة عائشة، الشابة السودانية التي تعيش في هذا الحي الذي يضم عددًا من المهاجرين من مختلف دول القارة الأفريقية.

الملصق الدعائي لفيلم "عائشة لا تستطيع الطيران" (الجزيرة)

تواجه "عائشة" في رحلتها المهنية في مجال الرعاية الصحية تحديات كبيرة عندما يطلب منها "زوكا"، أحد شباب العصابات التي تسيطر على المنطقة، خدمة مقابل حمايتها. يضع هذا الموقف أحلامها في مواجهة الواقع المرير الذي تعيشه، مما يجعلها تتنقل بين خيارات صعبة وأمل ضعيف. الفيلم من بطولة بوليانا سيمون، إلى جانب مغني الراب المصري زياد ظاظا، وعماد غنيم، وممدوح صالح.

تترأس المخرجة وكاتبة السيناريو والمصورة البريطانية مولي مانينج ووركر لجنة تحكيم مسابقة "نظرة ما"، التي تضم 20 فيلمًا، من بينهم 9 أفلام تُعرض لأول مرة. وتضم اللجنة أيضًا المخرجة وكاتبة السيناريو الفرنسية السويسرية لويز كورفوازييه، والمديرة الكرواتية لمهرجان روتردام السينمائي الدولي فانيا كالودجيرسيك، والمخرج والمنتج وكاتب السيناريو الإيطالي روبرتو مينرفيني، والممثل الأرجنتيني ناهويل بيريز بيسكايارت.

إعلان

يُعد فيلم "سماء بلا أرض" العمل الروائي الطويل الثاني للمخرجة التونسية أريج السحيري، التي تعاونت في كتابة السيناريو مع آنا سينيك ومليكة سيسيل لوات، كما تولت إنتاج الفيلم بالشراكة مع ديدار دومهري. يشارك في بطولة الفيلم كل من آيسا مايغا، وليتيسيا كي، وديبورا ناني، إلى جانب الممثل التونسي محمد جرايا.

ويُعد هذا الفيلم المشاركة الثانية لأريج السحيري في مهرجان كان، بعد أن فاز فيلمها الأول "تحت الشجرة" بجائزة لجنة التحكيم من "نصف شهر المخرجين"، بالإضافة إلى حصوله على جائزة التانيت الفضي من مهرجان قرطاج وجائزة كبرى في النسخة الـ25 من مهرجان تايبيه السينمائي في تايوان.

مقالات مشابهة

  • سماء بلا أرض.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة نظرة ما في مهرجان كان السينمائي
  • والدة ضحية واقعة دمنهور: ياسين نام أثناء الجلسة وكان مرعوبًا من الزحام
  • رسالة من قلب الخرطوم… حكاية الصامدين في زمن الحرب
  • بالصور.. شيري عادل تخطف قلوب متابعيها من أمام البحر
  • رضا عبد العال عن انتقال زيزو لـ الأهلي: بص للفلوس وكان هيبقى أسطورة في الزمالك
  • حكاية أطفال الأنابيب (٢)
  • استطلاع: لهذا السبب فقد نصف اليهود الأمريكيين الثقة في ترامب
  • كاتب أمريكي: ليس كل اليهود مشمولين بحماية ترامب.. فقط من يؤيد إسرائيل
  • كاتب أمريكي: ليس كل اليهود مشمولون بحماية ترامب.. فقط من يؤيد إسرائيل
  • كاتب أمريكي: ليس كل اليهود مشمولون بحماية ترامب.. فقط من يؤيد من إسرائيل