بوابة الوفد:
2025-02-08@22:27:16 GMT

القناع السحرى!

تاريخ النشر: 12th, November 2023 GMT

عزيزى القارئ.. هل تحب أن يراك الناس على حقيقتك أم يروك على الصورة المثالية التى يعتقدون أنك عليها؟ اقرأ حكايتى لعلنا نصل سويًا لإجابة تقنعك وتقنعنى. لقد حدث معى منذ أيام آخر شىء كنت أتوقعه وهو أن أعثر يوما على مصباح علاء الدين, حدث ذلك منذ أيام عندما كنت عائدًا ليلًا أهيم فى الطرقات فاصطدمت قدمى بشىء صلب فالتقطته، رغم أننى ممن يصدقون دائماً النصائح التى كنا نسمعها منذ أن كنا صغارًا بألا نلتقط أى شيء فى زمن حرب اكتوبر المجيدة عندما عرفنا أن العدو الإسرائيلى يلقى من طائراته بأقلام ومساطر وأساتيك لإغراء تلاميذ المدارس وما هى فى الحقيقة إلا قنابل صغيرة سوف تنفجر فى وجوهنا.

لم أستطع أن أقاوم فضولى وأمسكت بهذا الشىء الصلب الذى كان مدفوناً تحت طبقة من الأتربة أضاعت جميع ملامحه. قلت لنفسى: هل يكون هو ذلك المصباح السحرى الذى يحلم به الناس جميعاً للاستعانة به فى تحقيق كل أحلامهم. لم أكذب الخبر وبدأت تنظيفه وكلما زال جزء من التراب أكتشف أننى فعلاً قاب قوسين أو أدنى من المصباح السحرى. فركته مرة ومرتين وثلاثاً ولكن العفريت زرجن ولم يخرج. هل أنا واهم إذن وهذا المصباح ليس أكثر من فانوس قديم ألقاه أحدهم فى الشارع بعد انتهاء رمضان منذ عدة سنوات ثم تم دفنه تحت التراب بفعل العوامل الجوية حتى كشفته الأمطار الغزيرة؟! يبدو أن نقبى طلع على شونة وأن أحلامى ستظل مجرد أحلام. أوشكت أن ألقى بالمصباح إلى حيث كان قبل أن ألاحظ أن بابه مغلق بإحكام وكأن داخله شىء عزيز أراد صاحبه أن يحتفظ به, هل يكون بداخله خريطة كنز مدفون فى مكان ما, ترى ماذا فى ذلك الكنز؟!

حاولت فتح الباب فكان من الواضح أن الصدأ الذى يعلوه يقف حائلاً بينى وبين فتحه فألقيته على الأرض بشدة فانفتح الباب فعلاً ومددت يدى لألتقط ما بداخله فإذا به قناع قديم أو ماسك جلدى سميك للوجه كان يبدو عليه الفخامة وكان ملتصقاً به ورقة صغيرة فتحتها بسرعة لأعرف سر هذا القناع فوجدت مكتوباً فيها: القناع السحرى حيث يراك الناس كما يريدون هم وليس على حقيقتك!

لم أتردد لحظة ونفضت الغبار عن القناع ووضعته على وجهى وكانت المفاجأة أنه مقاس وجهى بالضبط. وأسرعت للبيت حيث التقيت أولا بحارس العمارة يقف أمام الباب فأوقفنى قائلا: إلى أين يارجل؟ فقلت له:ألا تعرفنى,أنا فلان؟ فقال: هذا فعلاً صوت فلان لكن ماذا حل بك هل أنت عائد من عملية تجميل, ولماذا لم تشخط فيّا كعادتك طالبًا منى الاهتمام بنظافة العمارة؟ لم أشأ أن أرد عليه وأسرعت للشقة وطرقت الباب وعندما فتحت زوجتى ورأتنى أسرعت بغلق الباب واختبأت وراءه وهى تقول: واضح إن حضرتك عايز الشقة اللى قدامنا, فقلت لها: افتحى يا روحى أنا زوجك ففتحت وهى تنظر لى مندهشة قائلة: وهل تركت الصحافة وبقيت بطل سينمائى لدرجة أن تقول لى يا روحى؟! ثم نادت على البنات صائحة: تعالوا يا بنات بابا بقى ملاك! فلم يكدب البنات الخبر وكلما طلبت إحداهن طلباً لبيته لها دون نقاش.

فى صباح اليوم التالى استوقفنى الأمن فى المؤسسة يسألنى عن وجهتى قبل أن يقتنعوا بأننى زميلهم الذى يعمل فى هذا المكان منذ خمسة وثلاثين عاماً أما عن أصدقائى الصحفيين فحدث ولا حرج حيث لم يتعرف علىّ أحد فى البداية ومنهم من اعتقد أن الإدارة استعانت بخبير أجنبى ومنهم من قال ربما يكون مبعوثاً من كوكب آخر جاء ليدرس أوضاع الصحافة على كوكب الأرض. وبعد انتهاء العمل عدت مسرعا للبيت ففوجئت بالحارس يقول:

ها أنت عدت لطبيعتك, وعندما طرقت الباب شاخطاً: افتحى يا ست إنتى بقالى ساعة على الباب قالت زوجتى: أهلاً بيك فى وطنك إيه إللى جرالك حسدناك ولا إيه؟ أسرعت إلى حيث الورقة التى كانت مع القناع فوجدت مكتوباً على وجهها الآخر: القناع ليس سحرياً ولا يحزنون, أنت لست فى حاجة لسحر حتى يرى الناس أفضل ما فيك, تعيش وتاخد غيرها يا إتش!

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: طلة حرب أكتوبر المجيدة

إقرأ أيضاً:

«لا»

الفكرة التى يطرحها اليوم الرئيس الأمريكى ترامب تحت غطاء «الحل الإنسانى» ليست جديدة، بل هى نسخة مكررة من مخططات التهجير التى تطرح بين الحين والآخر، تحت مسميات مختلفة، لكنها دائماً ما تصطدم بحقيقة واحدة: الشعوب لا تقتلع من أوطانها. 
التاريخ ملىء بمحاولات تهجير الفلسطينيين، بدءاً من وعد بلفور (وعد من لا يملك لمن لا يستحق سنة ١٩١٧)، الذى وضع الأساس لاقتلاع شعب بأكمله، مروراً بنكبة 1948، ثم نكسة 1967 وما تبعها من سياسات ممنهجة لتفريغ الأرض من أهلها. واليوم، يعود المشهد من جديد، كأن العالم لم يتعلم شيئاً من دروس الماضى، وكأن الفلسطينيين مجرد أرقام يمكن محوها أو إعادة توزيعها على خرائط أخرى. 
الطرح الذى نسمعه الآن ليس جديداً، فقد سبقته محاولة مشابهة مع اختلاف بعض التفاصيل طرحها الرئيس الإسرائيلى الأسبق وثعلب الموساد شيمون بيريز فى أواخر التسعينيات، عندما قال إنه يريد تحويل غزة إلى سنغافورة ثانية، صحيح أن ظاهر خطة بيريز لم يكن يتضمن تهجير سكان غزة وتحدث عن التطوير وتحسين المعيشة فقط، لكن وقتها خرجت تسريبات تقول إن ما لم يعلن هو أن بيريز سيلتفت فى خطوة ثانية لتفريغ غزة من أهلها بخطة ثانية لم تكشف وقتها. 
هذا يعنى أن كل ما فعله ترامب أنه حوَّل المسمى من سنغافورة إلى الريفيرا. 
وتوالت بعد ذلك محاولات متعددة لإقناع دول عربية باستيعاب اللاجئين، وتحويل القضية الفلسطينية إلى أزمة إنسانية بدلاً من الاعتراف بأنها قضية احتلال واستيطان. هذه السياسات لطالما فشلت، لأن الفلسطينى لم يكن يوماً مهاجراً يبحث عن وطن، بل هو صاحب أرض، يراد له أن يتحول إلى لاجئ دائم. 
اليوم، يعاد تدوير نفس الفكرة: إخراج الفلسطينيين من أرضهم، وكأن الحل لمعاناتهم هو نقلهم إلى أماكن أخرى، وليس إنهاء الاحتلال الذى صنع هذه المعاناة. ويروج بعض الساسة فى أمريكا وإسرائيل لهذا الطرح كأن القضية الفلسطينية مجرد أزمة لاجئين، وليست قضية شعب وأرض وهوية. والأسوأ أنهم يتعاملون مع العالم العربى كأنه مساحة جغرافية فارغة، يمكن إعادة توزيع سكانها بقرارات تصدر من البيت الأبيض. 
لكن الشعوب ليست أرقاماً تنقل من خريطة إلى أخرى، والتاريخ لا يمحى بقرارات فوقية. الفلسطينيون ليسوا غرباء فى أرضهم، ولم يأتوا إليها حتى يطلب منهم المغادرة. وإذا كانت هناك أزمة إنسانية فى غزة، فالمسئول الأول عنها هو الاحتلال الذى يمارس الحصار والعدوان، وليس الدول العربية التى يطلب منها الآن استقبال المهجرين كأنها مسئولة عن نتائج هذا العدوان. 
ما يطرح اليوم ليس مجرد اقتراح سياسى، بل هو امتداد لنهج استعمارى قديم، يعود إلى عصور الاحتلال للشرق الأوسط وإفريقيا. هو نفس الخطاب الذى استخدمته القوى الكبرى عندما قررت أن تتعامل مع شعوب بأكملها كأنها قطع شطرنج، تفرض عليها قرارات لا تأخذ فى الاعتبار إرادتها أو حقوقها التاريخية. والأمر لا يقتصر على منطقتنا فقط، فحتى دول قريبة من الولايات المتحدة نفسها واجهت هذه السياسات ورفضت أن تكون ضحية لمخططات تفرض عليها من ترامب. 
آخرها فرض ضرائب على السلع المكسيكية وتعاملت المكسيك بالمثل ما جعل ترامب يجمد قراره لمدة شهر. 
ما فات الأمريكى إدراكه هو أن المنطقة العربية لم تعد ساحة لتنفيذ مخططات استعمارية عفا عليها الزمن، ولن تصبح عواصمها مجرد متلقٍّ للقرارات التى تصنع فى الخارج، أو هكذا أتمنى. ولم لا؟ فهناك دول مثل السعودية والإمارات وقطر، وقبلهم مصر والأردن، قالت «لا» صريحة لهذا المشروع الاستعمارى. وأتصور أن العرب اليوم فى اختبار حقيقى، وعليهم أن يصنعوا قرارهم بأنفسهم. لقد باتوا أكبر وأهم من أن يرضخوا لأى فكر استعمارى جديد، مهما حاول أن يتخفى تحت مسميات إنسانية زائفة. 
هذه لحظة حاسمة، ليس فقط لرفض مشاريع التهجير والتوطين، بل أيضا لتأكيد أن العرب باتوا قوة لها كلمتها، وأن زمن الاكتفاء بالشجب والإدانة قد ولى. اليوم، المطلوب ليس مجرد رفض، بل إثبات أن العرب قادرون على فرض رؤيتهم، وحماية حقوقهم، والدفاع عن قضاياهم بأنفسهم، دون أن يملى عليهم أحد ما يجب أن يفعلوه. 
لقد أثبتت التجارب السابقة أن الشعب الفلسطينى يرفض الرحيل، وأن الدول العربية لا يمكن أن تكون شريكاً فى أى مخطط يسعى إلى تفريغ الأرض من أهلها. واليوم، أكثر من أى وقت مضى، يجب أن ترتفع «لا» عربية موحدة، لا تساوم، لا تتردد، ولا تقبل أن تكون جزءاً من مخطط يراد به أن يصبح الحل الدائم على حساب الحقوق التاريخية لشعب لم ولن يتنازل عن أرضه. 
وفى الوقت نفسه، يجب أن تكون هذه اللحظة فرصة لأن يفرض العرب كلمتهم، لا أن يتركوا غيرهم يحدد مصيرهم ومصير أشقائهم. أتمنى وأحلم أن يشارك العرب فى صناعة القرار العالمى، وألا نظل دائماً مجرد رد فعل لما يحدث، بل أن نكون الفعل.

مقالات مشابهة

  • أصدق من الهدهد
  • بعد تعيينه وزيراً للمال... ياسين جابر: لن يكون هناك تعطيل
  • محمد الدّويش : الدعم يجب أنْ يكون متساويًا
  • «لا»
  • الوفد لكل المصريين
  • اتخيّل معاي يكون الجيش السوداني مؤمن بمبادئ الديمقراطية (..)
  • العفو العام..هل يكون طوق النجاة للفاسدين والإرهابيين؟!
  • المخادع
  • «الرَّئيس آلَسَيَسِى».. «يَصْدَعُ بِالْحَقِّ»
  • نواب: الحروب التجارية تفتح الباب أمام الاستثمارات في مصر