بوابة الوفد:
2024-09-17@10:58:42 GMT

هواجس كاتب

تاريخ النشر: 12th, November 2023 GMT

دخل الكاتب المعروف غرفة مكتبه فى السادسة مساءً كما يفعل كل ليلة. جاءته زوجته بكوب الشاى المعتاد مع قطعة كيك صغيرة مشفوعة بابتسامة رقيقة وأمنيات طيبة بمزيد من التوهج الإبداعى. لثم ظهر يدها وشكرها بقلب ينبض بالحب الصادق العميق رغم أنهما احتفلا بمرور ثلاثين عامًا على زواجهما السبت الماضى. قالت له بحنان قبل أن تغادر الغرفة: دعنا نواصل حديثنا حول فيلم (الزوجة الثانية) عندما تنتهى، فهز رأسه بالموافقة وشيعها بنظرات إعجاب لم تتوقف لحظة منذ تعارفا لأول مرة قبل 31 عامًا على باب سينما مترو.

 

بهدوئه المعروف أدار جهاز الكومبيوتر. تجول فى موقع «يوتيوب». شاهد بأسى دماء الأطفال الفلسطينيين مازالت تسيل فى نشرات الأخبار العربية والأجنبية. المذيع الصارم يذكر أعداد الضحايا الأبرياء بجمود لغوى بارد. تفاقم شعوره بالغضب والحزن والعجز. انتقل بعدها سريعًا إلى بعض المشاهد الحديثة التى يضج بها «يوتيوب» حول العدوان والتوسل والاستغاثة والتحليل والسباب والمسلسلات النادرة.

انتابته حيرة شديدة، فهذه أول مرة يجلس فيها أمام (الكيبورد) ليكتب مقاله اليومى وهو لا يعرف عما يكتب بالضبط. تساءل خاطره: هل يغامر بالكتابة عن تاريخ الإجرام البشرى وأشهر القتلة عبر العصور؟ هل يمكنه أن يفعل ذلك دون أن يذكر المذابح التى يتعرض لها أشقاؤنا فى فلسطين، ليس الآن وإنما على مدار 75 عامًا؟ وهل يضمن أن ما يكتبه سينشر كاملا أم أن مسؤول التحرير قد يضطر إلى التدخل بحذف ما يراه زائدًا عن الحد؟ أم سيتلقى اتصالا على هاتفه المحمول يطلبون منه أن يتناول موضوعًا آخر فى مقاله اليومي؟.

نهشه التردد، إذ خشى أن يتعرض مقاله للحذف أو المنع، فقرر أن يبتعد عن عالم السياسة الدموى هذا، وليكتب عن طه حسين بمناسبة مرور 134 عامًا على ميلاده، فارتاح للفكرة، وقال فى نفسه: هل أنجبت مصر رجلاً بعظمة الأستاذ العميد؟ إنه يستحق كل حفاوة وتقدير، لا اليوم فحسب، بل فى كل وقت وحين.

لكن سرعان ما تذكر أنه أصدر ثلاثة كتب عن صاحب (الأيام)، وأنه ملأ الصحف والمجلات المصرية والعربية بعشرات المقالات عن طه حسين، فما الجديد الذى سيضيفه هذه المرة؟ ولاحت منه نظرة مباشرة على مكتبته التى تحتل الجدار المقابل له، فقرر أن يقدم مراجعة لأحد الكتب التى جذبته مؤخرًا حتى يهرب من ورطة الكتابة عن الشأن الجارى الذى قد يعرضه للخطر!.

وبالفعل التقط كتاب (فن اللا مبالاة) للكاتب الأمريكى مارك مانسون، لكن سرعان ما قرر أن يهجر هذه الفكرة، وليتصفح فيسبوك عسى أن يلتقط فكرة أخرى أكثر جاذبية.

تعجب من حجم المعرفة السياسية الشحيحة التى تفوح روائحها من «بوستات» بذيئة ينشرها بعض (المثقفين)، فقرر عدم الاشتباك معهم فى جدال مجانى لن يربح منه أحد، فالكل خاسر إذا غامت الرؤى وضاعت البوصلة.

فجأة... لمعت فى رأسه فكرة وهى أن يكتب مقالاً تحت عنوان (ثنائية الجهل والبذاءة)!

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: ناصر عراق السادسة مساء الفلسطينيين

إقرأ أيضاً:

25 سنة في حب «الصقور».. هواية الملوك تجذب «حسن وسراج» من الصيد للرعاية والتدريب

هواية الملوك التى تمنح صاحبها عزة النفس، تلحق قلوبهم مع «الصقور»، بينهم صولات وجولات تدريبية، فلا يصيبهم «جرحها» ولا يستغنون عنها، ليكشفوا فى حديثهم لـ«الوطن» أسرار عالم الصقور وتربيتهم والأنواع الأشهر فى مصر.

يقف شامخاً بين الصقور التى اعتادت التحليق فى أعالى السماء، وبشكل مألوف على غير المعتاد تقف مطمئنة على يديه قبل عملية الإحماء المعتادة للصقر، محمد سراج، الذى يشتهر بـ«صقار حلوان»، يعيش لأكثر من 25 عاماً بين الطيور الجارحة، ليمتهن تربية هذه الطيور بقلب لا يعرف الخوف من مخالبها الحادة.

تربية الصقور من الطفولة

دخلت هذه الهواية إلى قلب «سراج» وهو فى التاسعة من عمره، منذ أن رأى طيراً صغيراً من أنواع الصقور فى شركة والده، تعلق بالطيور وحاول تدريبهم مع نفسه لكنه لم ينجح فى البداية، ثم استعان بذوى الخبرة ممن يصيدون الطيور، ويروى أنه منذ هذا الوقت تعلم رويداً رويداً إلى أن أصبح «صقَّار شهير» فى حلوان، وأحب هذه المهنة لأنها، بحسب روايته، المفضلة لدى الملوك، والصقَّار الذى يربى هذه الطيور ويدربها يكتسب صفاتها من عزة النفس.

وفى عالم الطيور يختلف معنى الصقَّار عن الرماك، فالصقار، بحسب «سراج»، هو مدرب ومربى الصقور والطيور الجارحة: «الصقَّار بيدرب الطير على الصيد وبنطلع مسابقات، الصقر بيكون جاى من البرية وحش بيضرب وبيعض فى الناس، باتعامل معاه، بيكون مربوط وعنيه متغمية، باحطله مرهم للعين، لازم يكون عندك دس أو جاونتى وقناع ولازم يكون فيه وكر، ودلوقتى أى طير جارح بادربه؛ صقور وعقبان وغيرها»، ويختلف عن الرماك، الذى يعتبر هو الصياد لهذه الطيور بأدواته التى لا يستغنى عنها ويستعين بصقر صغير لجذب فريسته.

صفات الصقور

حياة الطيور لها قواعد خاصة على أساسها يتعامل «سراج» الذى يقول إنهم يشبهون الإنسان فى طباعه، هناك الصقور العصبية والهادئة، والذكر يختلف عن الأنثى، ويفهمهم عن خبرة، يستقرون فوق ذراعه فى أمان مثل «الصقر المصرى الوكرى» الذى ينصح به للمبتدئين، وهناك الصقر شاهين والصقر الجبلى، والذكر أشد من الأنثى لكنه أصغر منها حجماً، وأشهر الصقور: «الجبلى، البحرى، شاهين، الوكرى فى الصعيد، الشاهين الجبلى، السودانى والجزائرى».

فى مصر يعيش الصقر الوكرى وله شهرة واسعة فى الخارج، بحسب «سراج»: «هذا النوع مقيم فى بلده لا يغادر على عكس الشاهين»، وهذه الصقور أهلَّت «سراج» لدخول المسابقات ثم الحصول على 5 جوائز من سباق العقبان، ويستكمل حكيه عن الصقور قائلاً إنه يمكن أن يصل عمره إلى 30 عاماً: «أهم حاجة الرعاية والاهتمام بالنظافة، بكل اللى يخصه والطعام، وده بيخلى عمره يطول وده بتاع ربنا».

«حسن» يربي الصقور والعقاب

صقّار آخر يدعى حسن صقر، يربى العقاب والصقور، تواصلت «الوطن» معه ليروى قصته مع الطيور الجارحة التى بدأت فى طفولته مع تربية الحمام ثم الاتجاه إلى الصقور ثم اتجه إلى الأسواق ليشترى الصقور، وهو ما وصفه بالبداية الخاطئة، ثم اتجه لهواية صيد الصقور والعقاب، ويصنف أعمارهم كالتالى: «مابنقلش سنة وسنتين بنقول فرخ طير ابن سنة، بكر طير مر عليه موسم، برناص بعد 3 سنين، يتكاثر فى الطبيعة مش فى الأسر»، واتجه «حسن» للحديث عن تكاثر الطيور التى يصطادها قائلاً: «مش كل الطيور تقدر تتكاثر فى الأسر، لازم يكون حر، برة مصر بيكون ده مهيأ له ويقدر عادى، شكل الطير وحجمه بيكون حسب البيئة اللى هو فيها».

يقف «حسن» يمهد للصقر فرصة للحرية ليفرد جناحيه فى مشهد بديع، وعلى الأرض يركض العقاب فى هدوء، بينما يستكمل حديثه عن مقر أصدقائه من الطيور الجارحة، قائلاً: «مكانهم الصحرا، خطر تكون فى البيئة العادية وصعب تشوفهم فى المدينة»، وينصح بأنه قبل أن يكون لديك طير جارح لا بد أن تملك أدواته مثل القناع أو البرقع والجوانتى ومكان فارغ يلائم حياتهم، ولا يميز طير عن الآخر، فالصقر يمهد له الطريق لصيد وترويض أى طير جارح.

مقالات مشابهة

  • (الإجراءات الجنائية).. وإجراءات الحوار!!
  • 25 سنة في حب «الصقور».. هواية الملوك تجذب «حسن وسراج» من الصيد للرعاية والتدريب
  • سينما المؤلف التى غابت
  • كوارث عمر أفندى!
  • الكفيفة التى أبصرت بعيون القلب
  • أشرف غريب يكتب: أعظم ما في تجربة سيد درويش
  • خالد ميري يكتب: أرض الألغام.. واحة للأحلام
  • على هامش المناظرة
  • توافق المشاعر العربية
  • الليلة.. افتتاح معرض الفنان علي حبيش بجاليري ضي الزمالك