تمثيلات الحرب والسلام فى الأدب العالمى (1)
تاريخ النشر: 12th, November 2023 GMT
فى نسيج الأدب العالمى الواسع، تظهر خيوط ثيمات الحرب والسلام المعبرة عن مآسى البشر المتوالية، فاضحة الصدام العميق بين الأمم والجماعات وكاشفة التأرجح بين فوضى النزاع وسكون المصالحة.
فى التقليد الأدبى الغربى، تُصوّر الحرب غالبًا كعاصفة عاتية؛ عاصفة تلتهم المجتمعات والأفراد على حد سواء. يظهر ذلك جلياً فى عناوين الكتب التى عالجت أهوال الحرب مثل كتاب «عاصفة من الصلب» بالألمانية In Stahlgewittern للكاتب والمحارب الألمانى إرنست يونغر، ويستند الكتاب على المذكرات التى كتبها يونغر أثناء خدمته كجندى فى الحرب العالمية الأولى.
وتقدم رواية ليو تولستوى، «الحرب والسلام»، شهادة مليئة بخفايا الطبيعة الإنسانية على خلفية حروب نابليون، وتستكشف حياة شخصياتها وهى تتفاعل مع الحب والخسارة ومصائر البشر تحت وطأة الصراع.
تبدو لنا الرواية مثل أداء أوركسترالى ضخم حيث تُمثل كل شخصية آلة فريدة فى سيمفونية الحرب والسلام: بيير بيزوخوف، أندريه بولكونسكى، وناتاشا روستوفا يجسدون جوانب الوجود الإنسانى المتعددة فى وسط فوضى الحروب وأناقة قاعات الرقص. يستخدم تولستوى، فى تأملاته العميقة حول طبيعة الحرب، الاستعارات التى تجعل من «الحرب والسلام» استكشافًا حياً لدواخل البشر الدفينة لا سرداً لمظاهر التاريخ العلنية.
أما الكاتب الفرنسى ألبير كامو، نجم الفكر الوجودى، فقد أسهم فى الحوار حول مواضيع الحرب والسلام من خلال مجموعة من المقالات المعنونة «رسائل إلى صديق ألمانى». فى هذه الرسائل، التى كُتبت خلال السنوات الصاخبة التى تلت الحرب العالمية الثانية، يعالج كامو الآثار الأخلاقية للحرب والسعى نحو إنسانية مشتركة.
يقول فى إحدى رسائله مخاطباً صديقه الألمانى الذى تحول إلى النازية: «قلت لى: عظمة بلادى لا تقدر بثمن. كل شىء جيد يسهم فى عظمتها. وفى عالم فقد فيه كل شيء معناه، يجب على الذين مثلنا كشبان ألمان، أن يضحوا بكل شىء من أجل إسهامهم فى إعلاء شأن أمتهم أحببتك فى ذلك الوقت، ولكن فى تلك اللحظة تبدلت الأمور بيننا. «لا»، قلت لك، «لا يمكننى أن أصدق أنه يجب أن يخضع كل شىء لهدف واحد. هناك وسائل لا يمكن أن يُبرر استخدامها. وأود أن أكون قادرًا على أن أحب بلادى ومع ذلك أحب العدالة. لا أريد أى عظمة لها، خاصة عظمة تنبع من الدم والكذب. أرغب فى أن أحافظ على حيويتها من خلال الحفاظ على العدالة، كان ردّك: «حسنًا، أنت فقط لا تحب بلادك».
كامو، سيد النثر البديع، يستخدم الاستعارات لتوضيح المواقف الأخلاقية فى أعقاب النزاع. رسائله هى استكشاف مؤثر للحاجة إلى المصالحة والفهم بين الخصوم السابقين سعياً إلى تحقيق سلام عادل ودائم.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: بالجيش الحرب والسلام
إقرأ أيضاً:
فى يومه العالمى ...ألف سلام وتحية للرجل المصرى
كتبت.. رانيا حسن
في اليوم العالمي للرجل، الذي يحل في التاسع عشر من نوفمبر كل عام، أبعث بتحية خاصة لكل رجل. هنا، لا أقصد مجرد النوع، بل المعنى الحقيقي للرجولة.
وفقاً لمعرّف المعاني، فإن الرجولة تعني كمال الصفات التي تميز الذكر البالغ من بني آدم. الرجولة تتجسد في القوة، الشجاعة، والحنكة، وهي صفات تعكس عمق الشخصية وقدرتها على مواجهة التحديات. ولكن يجب أن نكون حذرين، فهناك أيضاً ما يعرف بنعرة الرجولة، حيث قد يبالغ المرء في تلك الصفات ويضع الشجاعة والقوة في مقدمة أولوياته، مما قد ينعكس على سلوكياته ويتطلب توازناً في التعبير عن تلك الصفات.
فلنحتفل بالرجولة الحقيقية، تلك التي تجمع بين القوة والرحمة، الشجاعة والتواضع.
(الرجل المصري) في يوم كهذا، ماذا يمكنني أن أقول عنه سوى أن أرفع له قبعة الاحترام تقديراً لجهوده واهتمامه بأسرته، ومجاهدته ضد تقلبات الحياة من أجل تأمين حياة كريمة لهم. تحية لهذا الرجل، الذي يواجه في الآونة الأخيرة بعض التهميش لحقوقه، في وقت يشهد فيه تعزيز حقوق المرأة، مما أدى إلى إهمال حقوقه كأب. فقد بدأت تظهر بعض المشكلات في محكمة الأسرة، تتعلق برؤية الأب لأبنائه وحضانتهم، وغيرها من القضايا التي أصبحت تحديات تزعجه في اللحظة الراهنة.
ليس من الصحيح أن أقول إن جميع الرجال المصريين هم ملائكة، فثمة فئة منهم تعاني من مشاكل نفسية وسلوكية، حيث يغيب دور المعيل عن أسرهم، ويفقدون اهتمامهم بأبنائهم، ليصبحوا في بعض الأحيان عبئاً على زوجاتهم وأولادهم، ويفتقدون لأساسيات القوامة التي تتجلى في الإنفاق على أسرهم. لكن هؤلاء لا يُعتبرون رجالاً، بل مجرد ذكور.
على النقيض، فإن الغالبية العظمى من الرجال المصريين يمثلون نموذجاً مشرفاً للرجولة، إذ يكرسون حياتهم للاهتمام بأسرهم، ويعملون ليس من أجل أنفسهم فحسب، بل من أجل من يحبون. إنها أسمى أشكال الإيثار. لذا، ألف سلام وتحية لهذا الكائن الجميل.
ختاما:
يا نساء الأرض، في هذا اليوم المبارك، دعونا نرفع من قدر الرجل، وخصوصًا نساء مصر الحبيبة. قدّري كل رجل في حياتك؛ سواء كان زوجًا أو أبًا أو ابنًا أو أخاً ، بكلمة طيبة تعبر عن مشاعرك. فهو جدير بكل شيء جميل. قدّريه بالاهتمام، بالمودة، وبالرحمة، لا تترددي في قول كلمة "شكرًا"، ولتكن تعبيرات امتنانيك وتقديرك لمجهوده في مواجهة صعوبات الحياة.
فهذه التحديات اليوم تفوق بكثير ما واجهه أسلافنا. فلنجعل تحية تقدير لكل رجل شجاع، قوي، واجه قسوة الحياة، وقدم لأسرته الأمان والاستقرار .