مزاعم وأكاذيب اليهود الباطلة
تاريخ النشر: 12th, November 2023 GMT
حمد الحضرمي **
مزاعم وادعاءات وأكاذيب اليهود كثيرة ومتنوعة ومحض وهم وافتراء لا تستند إلى الحقائق، لأنها ادعاءات مزيفة ومجرد أوهام وخرافات باطلة ليس لها أساس من الصحة، ولا تتسق مع المعطيات العلمية والتاريخية والدينية، فمرة يدعون بأنهم شعب الله المختار، ومرة أخرى يدعون بأن المسجد الأقصى قد بني على أنقاض هيكل سليمان ولهم الأحقية به وبفلسطين.
والحقائق العلمية والتاريخية الموثقة تؤكد وتبيِّن بما لا يدع مجالًا للشك والريبة بأن المسجد الأقصى بني في عصر سيدنا آدم عليه السلام وهو موجود قبل بناء الهيكل بآلاف السنين، وأن أرض فلسطين كانت تحت السيادة العربية منذ العصور القديمة قبل ظهور بني إسرائيل على مسرح الأحداث.
الحقيقة تدل بكل وضوح على أن بني إسرائيل ليسوا شعب الله المختار كما يزعم اليهود، وليس أمتهم أفضل الأمم كما يدعون، وقد بين الله في القرآن الكريم بطلان ادعاء اليهود بأنهم شعب الله المختار وفق أدلة واضحة ثابتة، فقال تعالى " وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ" (المائدة: 18). وقال تعالى "قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ" (الجمعة: 6) وقال تعالى "لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ" (المائدة: 78).
فكيف يكون اليهود شعب الله المختار كما يدعون ويزعمون وهم لم يهنؤوا بعيش طيب منذ العصور القديمة؛ حيث كانوا تائهين في الأرض منبوذين، منذ أيام الفراعنة والآشوريون والكنعانيون والبابليون والرومان، وتم تشريدهم في بقاع الأرض منذ آلاف السنين حتى تمكنوا بمساعدة الإنجليز من احتلال فلسطين في عام 1948م، لتكون لهم دولة يجتمع شتات اليهود فيها، ونتج عن ذلك صراعات دامية ومواجهات عنيفة بين اليهود المعتدين والفلسطينيين أصحاب الأرض.
وما زالت هذه المواجهات مستمرة إلى يومنا هذا، وما حرب الصهاينة الشعواء التي تجري بكل وحشية على قطاع غزة إلا بهدف التغيير الديموغرافي للمنطقة، وهذا الأمر يدمي قلوب المسلمين لكبر حجم التجاوزات الخطيرة والجرائم الشنيعة التي يمارسها الصهاينة منذ أكثر من شهر بحق إخواننا وأهلنا في غزة، حيث الغارات لا تتوقف عليهم ليل نهار، بلا رحمة ولا إنسانية ولا حقوق إنسان، ولديهم دعم غير مشروط من أمريكا والحلفاء الغربيين، مع تغطية إعلامية مفضوحة تمارس حملات الترهيب والتضليل على جرائم الصهاينة التي تقتل المدنيين الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ، متجاهلين المواثيق الدولية والقانون الدولي.
ولليهود غايات خبيثة تجري وفق مخطط ديني وسياسي رسمته الحركة الصهيونية، ومنها محاولاتهم هدم المسجد الأقصى وإنشاء هيكلهم المزعوم مكانه، وعلى الأمة العربية والإسلامية النهوض من سباتها، الذي مر عليه عقود من الفرقة والضعف والانتكاسة وتكالب الأعداء عليها، فمتى تنهض الأمة؟ وتحقق صحوة إسلامية لتثبت للجميع حقيقة إنها خير أمة أخرجت للناس، والأمر يتطلب توحيد الصف والكلمة لمنع تحقيق أي غاية من غايات الصهاينة الخبيثة على أرض بيت المقدس، والمحافظ على تراث الأمة الإسلامية من الضياع.
إن الدين الذي دعا إليه الأنبياء والمرسلين جميعهم هو الإسلام، والإسلام هو الدين الحق الذي لا يقبل غيره من الأولين والآخرين، قال تعالى "وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ" (البقرة: 136) وليس من حق اليهود أن يدّعوا بالانتساب إلى سيدنا إبراهيم وموسى عليهما السلام، لأن الأنبياء كانوا مسلمين، واليهود مشركون، وما ادعاء اليهود بأنهم يرتبطون بنسب بسيدنا إبراهيم وذريته، إلا من قبيل الخلط بين الأدوار التاريخية والتلبيس على الناس، لكي يرجعوا تاريخهم إلى عصور ليس لهم فيه وجود، وقد كذب الله صلة اليهود بسيدنا إبراهيم في كتابه الكريم، فقال تعالى "مَا كانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ"( آل عمران: 67).
والحقائق التاريخية والعلمية تثبت أن اليهود طائفة دينية اجتماعية، قد انضم إليها أشخاص من مختلف الأجناس على مر العصور، وكانوا يعيشون في أماكن متفرقة، وينقسمون إلى أشكال مختلفة، ومن أجناس متباينة، ولا يتكلمون لغة واحدة مشتركة، بل يتكلمون لغات المجتمعات التي يعيشون فيها، وليس لهم تقاليد وأعراف، فاقدين الماضي والتاريخ المشترك.
وقد بين الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم بأن بني إسرائيل كانوا يعيشون في مصر ولم يسكنوا الجزيرة العربية، وأن فرعون استعبد بني إسرائيل وأنزل بهم أسوأ العذاب والاضطهاد، قال تعالى "وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ" (البقرة: 49) فكان هذا العذاب والاضطهاد في أرض مصر باتفاق المفسرين.
وتبقى الحقيقة الدامغة بأن المسجد الأقصى قد بني قبل بناء هيكل سليمان بآلاف السنين، وأن أرض فلسطين أرض تحت السيادة العربية منذ العصور القديمة، وقبل ظهور بني إسرائيل على مسرح الأحداث في فلسطين، وأن مملكة إسرائيل في عهد داود وسليمان عليهما السلام التي يتباهى اليهود بإقامتها في أرض فلسطين، وهي في أوج عظمتها لم تدم سوى ثلاثة وسبعين عامًا. وستظل مزاعم وادعاءات وأكاذيب اليهود محض افتراءات وأوهام وخرافات باطلة لا تستند إلى الحقائق بأي صلة، وستبقى القدس عربية، وحرة أبية، رغم الأكاذيب اليهودية.
** محام ومستشار قانوني
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
هل تجب على اليمين الغموس كفارة؟.. دار الإفتاء تجيب
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (هل تجب على اليمين الغموس كفارة؟ فأنا حلفت بالله وأنا كاذب؛ لكي أرفع الحرج عن نفسي في موقفٍ ما؛ إذ لو علمه أبي لغضب مني.. والآن أنا تبت من هذا الذنب، فهل يجب عليَّ كفارة يمين؟
وقالت دار الإفتاء في إجابتها عن السؤال إن اليمين الغموس حرام شرعًا، وهي من الكبائر باتفاق الفقهاء، والأحوط الأخذ بمذهب مَن يرى فيها الكفارة خروجًا من الخلاف، وتمشيًا مع أن الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار.
وأوضحت دار الإفتاء أن مقدار الكفارة إطعام عشرة مساكين لكلِّ مسكينٍ، وأما قبول التوبة فإنها على حد اليقين لمَن طلب مِن الله تعالى المغفرة بصدقٍ وإخلاصٍ؛ حيث قال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ﴾ [الشورى: 25].
وتابعت: فإن كان الحَلِفُ على إثبات شيءٍ أو نَفيِه، مع تعمُّد الكذب فيه -كما في واقعة السؤال- فإنَّه يُسمَّى يمين غموس، وسُميت غموسًا؛ لأنها تغمس صاحبها في النار
وأكدت أن اليمين الغموس حرامٌ -وهي كبيرة من الكبائر- باتفاق الفقهاء، من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة.
وذلك لحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الكَبَائِرُ: الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَاليَمِينُ الغَمُوسُ» أخرجه البخاري.
وقد اختلف الفقهاء حول وجوب الكفارة في اليمين الغموس: فذهب جمهور الفقهاء، من الحنفية والمالكية والحنابلة إلى عدم وجوب الكفارة في اليمين الغموس؛ إذ هي أعظم من أن تُكَفَّر.
وذهب الشافعية والظاهرية إلى وجوب الكفارة في اليمين الغموس، وهو قول الإمام الأوزاعي والحسن بن حيٍّ.
واستدلوا على ذلك بعموم قوله تعالى: ﴿فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُم﴾ [المائدة: 89].
وذكرت أن ظاهر القرآن إيجاب الكفارة في كلِّ يمين، فلا يجوز أن تُسْقَط كفارة عن يمين أصلًا إلَّا حيث أسقطها نصُّ قرآن أو سنة، ولا نصَّ قرآنٍ ولا سنة أصلًا في إسقاط الكفارة عن الحالف يمينًا غموسًا، فهي واجبة عليه بنصِّ القرآن.