ولاية نهر النيل- شمالي السودان، قرعت جرس بدء العام الدراسي بالرغم من تداعيات الحرب الجارية في البلاد منذ ابريل الماضي، واستضافة الولاية لأكثر من 15 ألفاً من التلاميذ والطلاب الوافدين.

بربر: التغيير

أعلنت ولاية نهر النيل- شمالي السودان، اليوم الأحد رسمياً، بدء العام الدراسي الجديد، وتم قرع الجرس بمدرسة بربر الشمالية الابتدائية بنين في مدينة بربر.

وتعتبر من أوائل الولايات التي نفذت رسمياً قرار استئناف الدراسة الصادر من مجلس وزراء حكومة الانقلاب، والذي وجه الولايات الآمنة ببدء العام الدراسي رغم ظروف الحرب، فيما أكدت ولايات أخرى صعوبة تنفيذ القرار في ظل استضافتها للنازحين الفارين من الحرب بمقار المدارس والجامعات وغيرها.

وتدور معارك عنيفة بين الجيش والدعم السريع منذ 15 ابريل الماضي، بالعاصمة الخرطوم ومدن أخرى خاصة دارفور، أدت لخسائر بشرية ومادية فادحة وخلفت أوضاعاً إنسانية قاسية، وأوقفت الدراسة ودولاب العمل الحكومي وكثيراً من الأنشطة الاقتصادية.

استيعاب الوافدين

وخاطب والي نهر النيل المكلّف محمد البدوي عبد الماجد أبو قرون، اليوم، برنامج قرع الجرس، معلناً جاهزية الولاية للعام الدراسي والاستعداد لاستيعاب التلاميذ والطلاب الوافدين مع توفير الزي المدرسي والحقيبة المدرسية والترحيل ووجبة الإفطار للمحتاجين.

وأكد اهتمام حكومته بالتعليم وجعله أولوية في الخطط والبرامج الكلية للولاية.

ووجه المديرين التنفيذيين للمحليات بإعطاء أهمية قصوى للتعليم والعمل على حل المشكلات والمعوقات المتعلقة بالمعلمين والمدارس بالسرعة المطلوبة، وناشد الأسر والمجالس التربوية لتركيز اهتمامها بالتعليم.

ورحب  الوالي باستيعاب التلاميذ والطلاب الوافدين بمدارس الولاية والبالغ عددهم أكثر من مائة وخمسين ألفاً مع استمرار الحصر.

توفيق أوضاع الوافدين

من جانبه، أكد مدير عام وزارة التربية والتعليم بالولاية، الوزير المكلف إسماعيل الأزهري البشرى، ثقته في المعلمين والمجالس التربوية والوزارات ذات الصلة والمنظمات، في الوقفة القوية مع الوزارة بتضافر الجهود من أجل استقرار العام الدراسي رغم المعوقات والظروف الاستثنائية.

وأعلن عن إطلاق المنصة التعليمية لمنظمة اليونيسف مما يساعد في الحصول على المقررات وعلى رأسها مقرر الصف الثالث متوسط والتي ستكون متاحة كذلك على موقع الوزارة.

وقال الأزهري إن الوزارة كانت حريصة على استمرار الدراسة رغم ظروف الحرب لأن أي تأجيل سيؤثر على الشريحة العمرية في سن التمدرس.

من جهته، وصف المدير التنفيذي لمحلية بربر حسن إبراهيم كرار، قرار والي نهر النيل بفتح المدارس بالقرار الشجاع، ونوه إلى أن ذلك يعكس الأمن والاستقرار الذي يتمتع به إنسان الولاية.

وكشف كرار أنه تم توفيق أوضاع الوافدين بتوفير سكن بديل ومناسب تتوفر فيه خدمات المياه والكهرباء، وقال إن هناك ترتيبات ستتم مع إدارات التعليم بالمحلية لاستيعاب التلاميذ والطلاب الوافدين بمدارس بربر.

وكان قرار مجلس وزراء الانقلاب الصادر بدايات اكتوبر الماضي، أثار ردود فعل متباينة، وقوبل برفض كبير.

ورغم أن لجنة المعلمين السودانيين أكدت أن موقفها مع استمرار الدراسة وعدم التعطيل من حيث المبدأ، إلا أنها نبهت إلى واقع الولايات غير المتأثرة بالحرب والذي لا يحتمل التنفيذ لأن المدارس أصبحت دوراً لإيواء النازحين، فضلاً عن أن الطلاب النازحين أو اللاجئين مع أسرهم  عدد لا يستهان به، وحذرت من أن الخطوة تسهم في تفتيت وتقسيم البلاد.

إصافة إلى ذلك فإن المعلمين لم يصرفوا رواتبهم منذ بدء الحرب، وبعضهم تلقى راتب شهر أو شهرين، مما يجعل أوضاعهم مزرية جداً.

الوسومآمنة دولار الخرطوم الدعم السريع السودان العام الدراسي اليونيسف بربر مجلس الوزراء

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الخرطوم الدعم السريع السودان العام الدراسي اليونيسف بربر مجلس الوزراء العام الدراسی نهر النیل

إقرأ أيضاً:

قصة حرب السودان.. دماء في مجاري النيل

الخرطوم- قبل عامين من هذا التاريخ، وفي فجر 15 من أبريل/نيسان عام 2023، اندلعت الحرب التي لا يزال أوارها يصلي البلاد، بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع التي كانت جزءً منه، وفي كل يوم تتكشف عن هذه الحرب قصص.

حين تلج مدينة الخرطوم -العاصمة السودانية- من جهة توأمها أم درمان، عبر الجسر الذي يربط بينهما، جسر النيل الأبيض، عابراً منطقة المقرن الراقدة عند ملتقى النيلين الأزرق والأبيض، يلف رأسك دوارُ الأهوال مما حدث.

هذه المنطقة، موئل الخضرة، ومدالق المياه، ومستروح الشعراء، وواجهة العاصمة بأبراجها العاليات، وبهرج أضوائها المشرقات، أضحت هشيماً، كأنّ زلزالاً ضربها على حين هجعة، فأحال ذلك الجمال الشاهق إلى أنقاض مهدمة وكتل مفحمة.

وحين تتوغل في أية اتجاهات الخرطوم من حيث هذا المدخل، تتلقاك الشواهد شاخصة على نهاية كل ما بناه السودانيون على مدى العقود، وتجد تحت كل حجر من هذه الأنقاض قصة، وتنفتح أمامك خيارات أن تروي للناس من هنا ومن هناك، ففي كل صوب قصة، هل تتجه إلى معارك المدرعات؟ أم الاحتياطي المركزي؟ أم المدينة الرياضية؟ أو تتجه إلى سلاح الإشارة؟ أو حتى معارك وجولات المقرن نفسه؟

وعند سؤال لماذا ظل السودان هو نفسه بذات السمة السيادية، ولم تنعرج به أقدار التاريخ لمحوه وإعادة رسمه من جديد؟ هنا تتراقص أمام عينيك قصة بيت الضيافة والحرس الرئاسي، وكيف صُدت أقدارٌ بأقدار، لو كتب لها التحقق لتغير وجه التاريخ في هذه البلاد.

إعلان

وتعد معركة بيت الضيافة، مقر القائد العام للجيش السوداني ورئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، قصة جديرة بالحكي، وربما بالأساطير التي حيكت حولها وفيها تطابق من جموح الخيال بصلابة الواقع.

دلالات المعركة

يحكي الراوي الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، وهو الذي كان جزءً من القوة المسماة بـ "الحرس الرئاسي"، المنوط بها حماية الرئيس وبيته ومكتبه، والتصدي لكل مهددات أمنه كبيرة أم صغرت، إن القوى المقاتلة التي ينطوى عليها هذا التشكيل العسكري لا تتعدى 400 رجلا، أعدت نفسها بالممكن من العتاد والمعدات والأسلحة، التى زادت عن الشخصية بثلاث دبابات وعدد من العربات القتالية المدرعة.

وقد أعدت القوة نفسها للاحتمالات التي تجري بين عينيها، من تحشيدات وتموضعات لقوات الدعم السريع، بما أسماه المتحدث "دلالات المعركة" بلغة الاستخبارات العسكرية، فقد كان الدعم السريع يحتل مواقع عالية الأهمية الاستراتيجية في العاصمة والأقاليم، وقد أصبحت خارج السيطرة، بل كان سعيه حثيثاً وشيكاً، فقد حاز بين يديه كل الممكن للسيطرة على البلاد.

"بيت الضيافة" هو مجمع يحتوي منزل الرئيس ومكاتبه، ومباني لمهمات متعلقة بمختلف خدماته، وكانت هذه المساحة الواقعة في الجزء الجنوبي من القيادة العامة للجيش، المحاذي لها جنوباً مباني جهاز المخابرات العامة، والمطلة شرقاً على القاعدة الجوية، مسرحاً لأهم معارك هذه الحرب، وخاصة في يومها الأول، إذ أنها كانت الهدف الأول للدعم السريع، التي بإسقاطها تتداعى بقية البلاد باعتبارها موقع رأس الدولة، أو هكذا جرت الروايات والتحليلات.

كان على الحرس الرئاسي بقوام 400 مقاتل و3 دبابات وعدد من العربات المدرعة، أن يواجه أكثر من 200 سيارة مقاتلة مجهزة بأسلحة فتاكة من قبيل الرباعيات والثنائيات، حيث تقل السيارة الواحدة حوالى 7 من المقاتلين، بينما تحيط هذه القوة بالقيادة العامة بما فيها منزل الرئيس.

إعلان

يقول المتحدث "ظل القادة طوال ليل الجمعة الذي سبق فجر اندلاع الحرب يراقبون المشهد، بما توصله الكاميرات إلى غرفة التحكم، كانت قوات الدعم السريع قد تموضعت في مواقع تحيط بالقيادة العامة من كل الاتجاهات".

موضحا أنه من الجهة الجنوبية كانت قوات خاصة من الدعم السريع تستقر في مبنى المؤتمر الوطني غربي المطار، وهو لا يبتعد عن بيت الضيافة أكثر من كيلو متر واحد، كما أن هناك قاعدة عسكرية للدعم السريع في المباني المجاورة، فيها منزل قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، والمكان هو حي المطار الذي يقطنه كبار موظفي الدولة.

تحول المكان إلى ثكنة عسكرية تتبع قوات الدعم السريع، وتتمركز قواتها المدفعية بالقرب من القاعدة الجوية شرقي بيت الضيافة، ومن وراء كل ذلك القوات الخاصة في حي الصفا شرقي المطار، وقد أظهر الرصد الإلكتروني وضعها في حالة استعداد وأسلحتها الرباعية موجهة صوب القيادة العامة، وهي القوة التي أنيط بها حماية مطار الخرطوم قبل الحرب.

أتم الدعم السريع تجهيز معدتا حفر، وضعت إحداها في القاعدة الجوية، والأخرى عند السور الذي يربط بين حواف بيتي القائد العام للجيش السوداني البرهان وقائد قوات الدعم السريع دقلو، والهدف هو تحطيم الأسوار بين هذه المنازل والمقرات لتقصير مسافة الاقتحام دون عناء الالتفاف لمسافات أطول.

مدخل القيادة العامة للجيش السوداني (مواقع التواصل الإجتماعي) لحظة الصفر

يقول المتحدث الذي كانت تجري الأحداث أمام ناظريه "في تمام الساعة 9 إلا عشر دقائق من صباح السبت، 15 من أبريل/نيسان 2023، انطلقت الطلقة الأولى في منطقة المدينة الرياضية جنوبي الخرطوم، وسرعان ما انتقلت الاشتباكات إلى البوابات والمداخل المحيطة بالقيادة العامة، بما فيها بوابة بيت الضيافة.

حينها، وفي تمام الساعة التاسعة وعشر دقائق، أُبلغ الرئيس البرهان باندلاع الحرب، وأنّ القتال يدور عند بوابة بيته، بالتحام من المسافة صفر بين قوات حرس الرئاسة والمهاجمين من قوات الدعم السريع.

إعلان

تحركت يومها قوات الدعم السريع من موقع المؤتمر الوطني، للسيطرة على موقع جهاز الأمن والمخابرات الواقع في الجوار الجنوبي لبيت الضيافة، لكن دبابات الحرس الرئاسي صدت رتلاً من العربات القتالية كانت قد اندفعت باتجاه بيت القائد العام، ودمرت رتلا آخر كان خارجاً من منزل حميدتي.

وانتهى اليوم الأول للحرب بصد الحرس الرئاسي كل الهجمات التي تلقاها من جهتي الشرق والجنوب، ولكن الثمن كان استشهاد 11 عنصراً من قوات الحرس الرئاسي، وخسارة دبابة ومدرعتين إثر تعرضهما لقصف بمدفع كورنيت من قوات الدعم السريع.

مسار الحرب

بدأت معركة اليوم الثاني عند مشرق شمسه، وقد لاحظ القادة عبر دائرة المراقبة الإلكترونية أنّ قناصة الدعم السريع قد اتخذوا مواقعهم في برج قيادتهم غربي القيادة العامة، وسرعان ما صدرت التعليمات بتدمير البرج، فعاجلته دبابة بزخات من القذائف، فدمرت البرج مع تركيزها على الطابق الرابع، حيث منظومة الاتصالات الخاصة بالدعم السريع (DMR).

ردت قوات الدعم السريع بتكثيف هجماتها من ثلاث جهات، من جهة الجنوب حيث سيطرت في الساعات الأولى لاندلاع الحرب على مقرات جهاز المخابرات واتخذت منها مرتكزاً قريباً، ومن جهة الغرب باستهداف مكثف للبوابة الرئيسية الغربية لبيت الضيافة، ومن جهة الشرق. وركزت ضرباتها على القيادة العامة، وبتركيز أخص على مقر الرئيس.

وفي هذا اليوم، تمت عملية خاصة لتعزيز قدرات الحرس الرئاسي وغيره من القوة الموجودة بالقيادة، فقد استطاع العقيد أبو بكر السِّريو دخول الخرطوم عبر جسر النيل الأزرق، الفاتح على القيادة العامة من جهة الشمال.

"وبالرغم من قلة عدد القوة، إلا أنها كانت ذات أهمية كبيرة في ذلك الظرف، إذ أنها من قوات المهام الخاصة" حسب ما يقول المتحدث، مضيفا "وظلت القوات المدافعة عن القيادة العامة وبيت الرئيس تصد الهجمات التي كانت تتدفق موجة إثر موجة".

إعلان

في اليوم الثالث، استطاعت قوة من الدعم السريع بقيادة القائد الثاني لقوات الدعم السريع عبد الرحيم دقلو السيطرة على مبنى القوات البرية عند المدخل الغربي للقيادة العامة، وباشرت نصب قناصاتها، إلا أن ضابطاً نبيهاً قاد الدبابة الوحيدة المتبقية لدى الحرس الرئاسي بعد تدمير الأولى وتعطل الثانية، واستطاع هذا الضابط -وبإسناد من قوات مشاة بأسلحة الهاون- تشتيت القوة المهاجمة، قبل أن يستقر في مبنى القوات البرية.

توالى الهجوم على القيادة العامة، بما فيها بيت الرئيس وهو بداخله برفقة نائبه الفريق شمس الدين كباشي، على مدى سبعة أيام، بهدف السيطرة عليها، ولمّا خابت هذه الهجمات تحولت إلى حصار بالمدفعية، دام لما يقارب العامين، وبداخل القيادة الآلاف من الجنود والقادة، بما فيهم هيئة القيادة التي كانت تدير الحرب في البلاد من بين ثغرات الحصار.

خسر الجيش السوداني داخل أسوار القيادة آلاف الشهداء، لكنها لم تسقط، حتى استطاع الجيش فك الحصار عنها في 24 من يناير/كانون الثاني الماضي.

وبفك حصار القيادة، تداعت انهيارات قوات الدعم السريع، إلى أن استكمل الجيش استرداد ولاية الخرطوم كاملة، عدا بعض الجيوب في غرب وجنوب مدينة أم درمان.

لا تستمد قصة معارك القيادة العامة وخاصة بيت الضيافة أهميتها لكونها الأعنف، في مسار حرب تجاوزت معدلات عنفها كل تجربة وخبرة خاصة بالسودان، بل للأهداف الاستراتيجية والسياسية التي ارتبطت بها، إذ كان يعني سقوطها قتل رئيس البلاد أو أسره، وهو ما كان سيقود حتماً إلى استكمال مهمة تقويض النظام الدستوري، مهما كان الجدل حول مشروعيته، وإن كان قد كتب لهذا الهدف وقتها التحقق لتغير مجرى التاريخ، ولأصبح السودان اليوم كياناً أو كيانات غير التي نراها.

مقالات مشابهة

  • خسائر فادحة .. حرب السودان تدخل عامها الثالث
  • حرب السودان تدخل عامها الثالث.. خطوط المواجهة والخسائر
  • التعليم تكشف موعد امتحانات الفصل الدراسي الثاني
  • الأمين العام للأمم المتحدة يندد بتدفق السلاح والمقاتلين إلى السودان
  • قصة حرب السودان.. دماء في مجاري النيل
  • الحرب في السودان مستمرة.. ما سيناريوهات العام الثالث؟
  • أبوزريبة يبحث استعدادات انطلاق العام الدراسي في كلية ضباط الشرطة
  • %90 نسبة حضور الطلاب مع انطلاق الفصل الدراسي الثالث
  • حاكم ولاية تكساس يشن حملة لمنع مسلمي الولاية من بناء منازل ومسجد
  • إدارة مرور ولاية الجزيرة تدشن معاملات الترخيص ورخص القيادة بحضور والي الولاية وأعضاء لجنة الأمن