قمة الخذلان.. خطب رنانة وقرارات فارغة
تاريخ النشر: 12th, November 2023 GMT
خيبة أمل جديدة من القمة العربية الإسلامية التي استضافتها المملكة السعودية أمس السبت، والتي جاءت مخرجاتها دون المطلوب لمواجهة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، صحيح أن القمم العربية وحتى الإسلامية فقدت مصداقيتها، ولم يعد أحد ينتظر منها شيئا منذ فترة طويلة، لكن فظاعات العدوان، واصطفاف الداعمين الغربيين بقيادة الولايات المتحدة لنجدة الكيان في مشهد يستعيد حشود الحملات الصليبية، دفع البعض لرفع توقعاتهم من القمة، إن لم يكن دفاعا عن غزة فدفاعا عن العروش والكروش التي ستصبح كسيرة ذليلة، ليس أمامها سوى التسليم بما يطلب منها إذا انتهت هذه الحرب بانتصار الكيان الصهيوني.
يقول المثل "اسمع كلامك أصدقك.. وأنظر لأفعالك أستعجب".. كم كانت طنانة ورنانة كلمات القادة العرب والمسلمين في القمة، وهو ما كان ينبغي ترجمته إلى قرارات عملية رادعة في البيان الختامي، لكن هذا البيان لم يختلف عما سبقه من بيانات، ربما حمل كلمات شجب وإدانة أكثر عددا، أو أكثر بلاغة، لكنه لم يحمل أي قرار مما تمتلك دول القمة تنفيذه بنفسها، ولعل القرار الوحيد الذي كان منتظرا، وكافيا لردع العدوان وهو بيد هذه الدول مباشرة هو قطع العلاقات الدبلوماسية (لمن له علاقات مع الكيان) ووقف مسار التطبيع (للدول التي تورطت في هذا المسار)، أو حتى مجرد التهديد بهكذا قرار إذا لم يتوقف العدوان الإسرائيلي على الفور.. لكن هذا القرار كان يحتاج إلى رجال أصحاب قرار مستقل وليسوا مجرد تابعين، وخائفين على عروشهم.
كم كانت طنانة ورنانة كلمات القادة العرب والمسلمين في القمة، وهو ما كان ينبغي ترجمته إلى قرارات عملية رادعة في البيان الختامي، لكن هذا البيان لم يختلف عما سبقه من بيانات، ربما حمل كلمات شجب وإدانة أكثر عددا، أو أكثر بلاغة، لكنه لم يحمل أي قرار مما تمتلك دول القمة تنفيذه بنفسها، ولعل القرار الوحيد الذي كان منتظرا، وكافيا لردع العدوان وهو بيد هذه الدول مباشرة هو قطع العلاقات الدبلوماسية (لمن له علاقات مع الكيان) ووقف مسار التطبيع (للدول التي تورطت في هذا المسار)، أو حتى مجرد التهديد بهكذا قرار إذا لم يتوقف العدوان الإسرائيلي على الفور
لقد بدأ البيان الختامي بالتعبير عن الموقف الموحد في إدانة العدوان الإسرائيلي الغاشم على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وفي الضفة الغربية بما فيها القدس الشريف، والتأكيد على التصدي معا لهذا العدوان والكارثة الإنسانية التي يسببها، والعمل على وقفه وإنهاء كل الممارسات الإسرائيلية اللا شرعية التي تكرس الاحتلال، وتحرم الشعب الفلسطيني حقوقه، وخصوصا حقه في الحرية والدولة المستقلة ذات السيادة على كامل ترابه الوطني، وتحميل الكيان مسؤولية استمرار الصراع وتفاقمه نتيجة العدوان على حقوق الشعب الفلسطيني والمقدسات الإسلامية والمسيحية، إلا أن هذا الاستهلال القوي لم تصحبه قرارات بل مجرد توصيات تتركز حول إدانة العدوان والتهجير وقتل المدنيين والأطفال، وازدواجية المعايير.. إلخ، وإن كانت التوصية الوحيدة التي يمكن استثناؤها من هذا السياق هي المتعلقة بكسر الحصار على غزة وفرض إدخال قوافل مساعدات إنسانية عربية وإسلامية ودولية، تشمل الغذاء والدواء والوقود إلى القطاع بشكل فوري، ودعوة المنظمات الدولية إلى المشاركة في هذه العملية، وتأكيد ضرورة دخول هذه المنظمات إلى القطاع، وحماية طواقمها وتمكينها من القيام بدورها بشكل كامل، ودعم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، لكن هذه التوصية رغم أهميتها لم توضح كيف سيتم تنفيذها، وعلينا أن ننتظر إذن لنختبر صدقيتها.
الجامعة العربية أو منظمة التعاون الإسلامي هي محصلة لقوة أعضائها، والحقيقة ان معظم قادة هذه الدول أسمعونا ضجيجا دون طحن؛ بدءا من الرؤساء أردوغان والسيسي ورئيسي، وثلاثتهم أطنبوا وأرغوا وأزبدوا في كلماتهم في القمة، لكن ما الذي يمنع أردوغان من إرسال سفن إغاثة إلى ميناء غزة مباشرة بحماية سفن حربية كما طلب رئيس منظمة الإغاثة التركية؟! وما الذي يمنع السيسي من فتح معبر رفح بشكل كامل أمام تدفق المساعدات، دون انتظار موافقات الجانب الإسرائيلي ولتتحمل كل جهة مسئوليتها داخل الحدود الفلسطينية؟! وما الذي يمنع إبراهيم رئيسي من تنفيذ التهديدات الإيرانية بالتدخل حال وقوع الاجتياح البري لغزة بعد أن حدث فعلا؟!
كان المأمول أن يفهموا أن تغيير الشرق الأوسط لا يستهدف حماس فقط فهي في النهاية محض حركة مقاومة وليست دولة، لكن هذا التغيير سيطال دولا وحكومات أخرى، وسيفرض عليها شروط عبودية جديدة للكيان ضمانا لبقاء العروش والكروش، ومن ثم كان المأمول أن يستغل هؤلاء القادة اجتماعهم لاتخاذ قرارات تنقذهم قبل أن تنقذ حماس، لكن عداء بعضهم الشديد لحماس أعماهم عما يحاك لهم
نعرف الآن أن مشروعا مكتوبا قدمته عدة دول عربية متضمنا قرارات عملية كانت كفيلة بوقف العدوان فعلا، ومنها تجميد العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية العربية مع الكيان، ومنع استخدام القواعد العسكرية الأمريكية وغيرها في الدول العربية لتزويده بالسلاح والذخائر، ومنع الطيران المدني الإسرائيلي من الطيران في الأجواء العربية، وأخيرا التلويح -مجرد التلويح- باستخدام النفط والمقدرات الاقتصادية العربية للضغط من أجل وقف العدوان، لكن دولا عربية أخرى بينها المملكة "مضيفة القمة"، والبحرين والإمارات والمغرب رفضت هذه القرارات لتحل محلها توصيات باهتة، وهو ما يؤكد الروايات الإسرائيلية الأمريكية حول تحمس بعض الدول العربية في المجالس المغلقة لتصفية حماس، وربما يفسر هذا أيضا سر تأخير القمة أكثر من شهر بعد العدوان الإسرائيلي، حيث كان أولئك القادة يراهنون على قدرة جيش الاحتلال على الخلاص من حماس خلال أسبوع أو أسبوعين على الأكثر، لكن ذلك لم يحصل فتقرر عقد القمة لامتصاص غضب الشعوب العربية والإسلامية.
كانت هناك توقعات أن يحسن القادة العرب والمسلمون قراءة التداعيات المحتملة لانتصار العدو الصهيوني، والذي توعد رئيس حكومته بنيامين نتنياهو بتغيير ملامح الشرق الأوسط ردا على طوفان الأقصى، وكان المأمول أن يفهموا أن تغيير الشرق الأوسط لا يستهدف حماس فقط فهي في النهاية محض حركة مقاومة وليست دولة، لكن هذا التغيير سيطال دولا وحكومات أخرى، وسيفرض عليها شروط عبودية جديدة للكيان ضمانا لبقاء العروش والكروش، ومن ثم كان المأمول أن يستغل هؤلاء القادة اجتماعهم لاتخاذ قرارات تنقذهم قبل أن تنقذ حماس، لكن عداء بعضهم الشديد لحماس أعماهم عما يحاك لهم.
twitter.com/kotbelaraby
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الفلسطيني فلسطين غزة تضامن العالم العربي العالم الاسلامي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العدوان الإسرائیلی لکن هذا
إقرأ أيضاً:
مطالبات بمحاكمة مغنٍ تونسي قاتل في صفوف الجيش الإسرائيلي
أثار المغني التونسي اليهودي شي ميمون جدلا واسعا في الأوساط المحلية بعد تداول صور ومقاطع فيديو تُظهره مرتديا الزي العسكري لجيش الاحتلال الإسرائيلي خلال الحرب على قطاع غزة، التي اندلعت في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
الصور والمقاطع، التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، أثارت موجة غضب بين تونسيين طالبوا بمحاسبته بتهمة المشاركة في العدوان على الشعب الفلسطيني.
وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صور ومقاطع فيديو للمغني المنحدر من جزيرة جربة، شي ميمون، وهو يرتدي الزي العسكري للجيش الإسرائيلي أثناء تواجده في غزة خلال حرب الإبادة الجماعية، ما أثار موجة من الغضب بين التونسيين، الذين طالبوا بمحاكمته بتهمة المشاركة في عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة.
Shaï Mimoun, soldat franco-israélien actuellement sur le front et chanteur de musique orientale dans la vie de tous les jours !
Il chante avec les hommes de son bataillon "השמחה תחייך, העולם לפניך"ce qui signifie "La Joie te fera vivre, le monde est devant toi" pic.twitter.com/AyXT0839JS
— NorbertArbib (@arnorber) December 25, 2023
وبعد انتشار مقاطع الفيديو والصور، قام ميمون بتقييد الوصول إلى حساباته على منصات التواصل الاجتماعي مثل "إكس" و"إنستغرام"، مع إبقاء بعض المقاطع على قناته في "يوتيوب".
إعلانيواجه الجيش الإسرائيلي تحديات في التجنيد، بما في ذلك نقص الجنود وإرهاق قوات الاحتياط، خاصة في ظل العمليات المستمرة في غزة. كما تشهد الساحة السياسية نقاشات حول فرض الخدمة العسكرية لجميع فئات المجتمع، بما في ذلك اليهود الحريديم (المتدينون)، حيث أصدرت المحكمة العليا قرارا في يونيو 2024 بإلزامهم بالخدمة العسكرية، مما أثار جدلا واسعا.
وكانت تونس أدانت بشدّة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ودعت إلى الوقف الفوري لهذا "العدوان" والتسريع في إيصال المساعدات الإنسانية، وإنهاء حالة الحصار على الشعب الفلسطيني.
كما جدّدت تأكيد موقفها الثابت والداعم لنضالات الشعب الفلسطيني، وحقّه في إقامة دولته المستقلة كاملة السيادة، ودعت العالم إلى التدخل لوقف "حرب الإبادة" التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، مؤكدة دعمها غير المشروط للشعب الفلسطيني في نضاله لاسترداد حقوقه المشروعة.
بالإضافة إلى ذلك، شهدت تونس حراكا شعبيا واسعا تضامنا مع الشعب الفلسطيني وقضيته، حيث نزل مئات الآلاف من المواطنين إلى الشوارع في مظاهرات دعما لغزة.