بغداد ومسك الحقّ والباطل في قبضة واحدة
تاريخ النشر: 12th, November 2023 GMT
أظهرت الطريقة التي تعامل بها الكثيرون في بغداد مع ملف نفط إقليم كوردستان بعد قرار غرفة تجارة باريس، عن كم هائل من النوايا الخبيثة المترسبة تجاه الإقليم وشعب كوردستان، وعن مجموعة إستعدادات وخطط مسبقة للاستخدام المفرط لقوة المال والقضاء خارج نطاق كلّ التبريرات، ولفرض نوع من الأمر الواقع على الكورد، ونشر حالة من الضبابية بشأن مستقبل الكيان الدستوري للإقليم، ولقطع الطريق على المحاولات التي تستهدف استئناف تصدير النفط عبر ميناء جيهان التركي، من خلال اللجوء الى التسويف والتماطل وإيجاد الأعذار بناءً على التطورات لعرقلة العملية، وتوفير المزيد من الأجواء لتأخيرها وإحراج حكومة الإقليم أمام شعب كوردستان والشركات الأجنبية العاملة في قطاع النفط في الإقليم.
الذين انتابتهم وهم وهواجس الإنتصار وأصيبوا بالغرور وابتهجوا بالقرار وإعتبروه مفاجئة معتبرةً يرقى إلى مستوى الانتصار القومي الاستراتيجي، حشدوا جميع جهودهم وقواهم من أجل إرضاء أسيادهم، ولتسجيل أرقام قياسية في التطرّف والغطرسة، ولم يخطر ببالهم، ولو للحظة، أن ينظروا الى الوقائع الماثلة للعيان في الصورة بكاملها، ولم ينظروا الى الخسارة البالغة التي لحقت بالعراق جراء ايقاف تصدير النفط الكوردستاني ولم يتساءلوا عن الغد وما الذي سيحدث فيه ، ربما، لأنهم لا يعرفون أن بداية المسلسل ليست كنهايته.
ما قيل علنا حول هذا الموضوع أمام وسائل الاعلام هو النقيض الحقيقي لما يفكرون به فعلا، وما يضمرون في نفوسهم واذهانهم المصابة بداء العجز واللامبالاة، والتصريحات المبطنة التي أدلى بها المنجرين وراء الرغبة في الانتقام، دفعت بعدد متزايد من المسؤولين والسياسيين الذين فقدوا المصداقية إلى تكرار التبريرات الباهتة والأخطاء، بدرجات غموض متفاوتة، بعضهم تحدث عن تضرر أنابيب النفط بالزلزال، وبعضهم تحدث عن تلوث خزانات النفط في ميناء جيهان والبعض الآخر تحدث عن شروط تركية وربط قضية تصدير النفط بالأمن والمياه والتجارة. والحقيقة الكاملة التي إتضحت خلال الأيام الماضية هي: لقد تعمدوا عدم الإتفاق وعرقلوا تصدير نفط كوردستان للأشهر السبعة السابقة، تحقيقاً لأوامر ورغبات وأطماع خارجية.
كما لم ينتبهوا إلى أن الكورد بدورهم فهموا مبكراً ما حدث وما يحدث في بغداد، وفضّلوا، كما دأبوا في مثل هذه الظروف الإحتكام للعقل والمنطق والتحلي بالصبر الإستراتيجي، وأظهروا مرونة في مواقفهم على مستويات متباينة، واقتنعوا أن الأفكار القديمة التي كانت تهدد وجودهم وتاريخهم مازالت قائمة وتلقى الرواج لدى بعض القادة في بغداد الحالية.
حصيلة الكلام هي : أن بغداد سواء راوغت أو حاصرت أو جوعت، أو شدّدت أو وعدت وخالفت، أو أعطت سنوات من الوقت وأطناناً من المال والسلاح للذين يكرهون الحق ويتقنون التآمر والتدمير، مساحة حركة واسعة لمواصلة حروبهم على الكوردستانيين، فإنها لا تستطيع أن تمسك الحقّ والباطل في قبضة واحدة، لذلك تقف اليوم أمام معادلة مخيفة لا تنجُو من دفع أثمانها بعناوين ومضامين وآليّات مختلفة، فمهما اصبحت قوية لا تستطيع الغاء اقليم كوردستان وشرعيته الدستورية واعادة السيطرة على محافظاته وتصفية القضية الكوردية حتى لو لجأت مرة أخرى الى إستعمال الصواريخ والدبابات والطائرات وحرق المدن وتسوية القرى. ولا تستطيع التعامل مع المواطنين في الاقليم كمواطنين عراقيين متساوين أمام القانون. ولا تريد الاعتراف بحق تقدير مصيرهم والتحاور معهم من أجل الاستقلال. ولا تستطيع استبدال الفدرالية بالمركزية والديمقراطية بالدكتاتورية والدستور بقرارات الاطار الكثيرة والثقيلة، لذلك أصبحت الآن لا تستطيع أن لا تضمن لنفسها أيّ خروج مشرّف من الأزمات التي أوقعت نفسها فيها، ولا تستطيع أن تواصل الإصرار على الهروب من حساب التقصير حتى لو إنتصرت بمفهومها الى حين في بعض الأشياء، ولأن اللعب بسذاجة يجعل الصعبَ اليومَ مستحيلاً في الغد، وربما يفتح الطريق لخيارات حاسمة وقاسية.
المصدر: شفق نيوز
كلمات دلالية: العراق هاكان فيدان تركيا محمد شياع السوداني انتخابات مجالس المحافظات بغداد ديالى نينوى ذي قار ميسان اقليم كوردستان السليمانية اربيل نيجيرفان بارزاني إقليم كوردستان العراق بغداد اربيل تركيا اسعار الدولار روسيا ايران يفغيني بريغوجين اوكرانيا امريكا كرة اليد كرة القدم المنتخب الاولمبي العراقي المنتخب العراقي بطولة الجمهورية خانقين البطاقة الوطنية مطالبات العراق بغداد ذي قار ديالى حادث سير مجلة فيلي عاشوراء شهر تموز مندلي لا تستطیع
إقرأ أيضاً:
رويترز: هل تستطيع أميركا وإسرائيل القضاء على برنامج إيران النووي؟
نشرت الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة طائرات قاذفة من طراز بي-2 قرب إيران، في رسالة تحذير إلى طهران مما قد يحل ببرنامجها النووي إذا لم تتوصل إلى اتفاق مع واشنطن للحد من نشاطه.
وقاذفات بي-2 هي الطائرات الوحيدة القادرة على إسقاط أقوى القنابل الخارقة للتحصينات.
لكن وكالة رويترز تنقل عن خبراء عسكريين ونوويين أنه حتى مع وجود مثل هذه القوة النارية الهائلة، فإن أي عمل عسكري أميركي إسرائيلي لن يؤدي على الأرجح إلا إلى تعطيل مؤقت للبرنامج النووي الذي يخشى الغرب أن يكون هدفه إنتاج قنابل نووية يوما ما، وهو ما تنفيه إيران.
والأسوأ من ذلك، أن أي عمل عسكري قد يدفع إيران إلى طرد المفتشين النوويين التابعين للأمم المتحدة وتغيير برنامجها المدفون جزئيا تحت الأرض ليكون مدفونا بالكامل والإسراع نحو التحول إلى دولة مسلحة نوويا، وهو ما سيعجّل بالنتيجة التي يخشاها الغرب ويجعلها في حكم المؤكد.
تقليل "زمن الاختراق"
وقال جاستن برونك الباحث في مجال القوة الجوية والتكنولوجيا في المعهد الملكي للخدمات المتحدة -وهو مركز بحثي دفاعي بريطاني- إنه "في نهاية المطاف، وباستثناء تغيير النظام أو الاحتلال، من الصعب جدا تصور كيف يمكن لضربات عسكرية أن تدمر مسار إيران نحو امتلاك سلاح نووي".
إعلانوأضاف برونك "سيكون الأمر في جوهره محاولة لإعادة فرض شيء من الردع العسكري، وإلحاق خسائر والعودة بزمن الاختراق إلى ما كنا عليه قبل بضع سنوات".
وزمن الاختراق هو المدة التي يستغرقها إنتاج مواد انشطارية بكميات كافية لإنتاج قنبلة نووية. ويقدر هذا الزمن حاليا بالنسبة لإيران بين أيام وأسابيع. لكن إنتاج القنبلة نفسها سيستغرق وقتا أطول إذا قررت إيران ذلك.
وفرض الاتفاق النووي التاريخي لعام 2015 بين إيران والقوى الكبرى قيودا صارمة على أنشطة إيران النووية مما أطال زمن الاختراق إلى عام على الأقل. لكن الاتفاق انهار بعد انسحاب الولايات المتحدة منه في الولاية الأولى للرئيس دونالد ترامب عام 2018، وهو ما جعل إيران تتخلى كثيرا عن قيوده.
والآن يريد ترامب التفاوض على قيود نووية جديدة في محادثات بدأت في الأيام القليلة الماضية. وقد هدد قبل أسبوعين أنه "إذا لم يبرموا اتفاقا، فسيكون هناك قصف".
وأطلقت إسرائيل تهديدات مماثلة، إذ قال وزير الدفاع يسرائيل كاتس بعد توليه منصبه في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي إن "إيران معرضة أكثر من أي وقت مضى لقصف منشآتها النووية. لدينا الفرصة لتحقيق هدفنا الأهم وهو إنهاء التهديد الوجودي لدولة إسرائيل ومحوه".
عملية محفوفة بالمخاطر
يتوزع برنامج إيران النووي على مواقع عديدة، ومن المرجح أن يستهدف أي هجوم معظمها أو جميعها. وحتى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهي الهيئة الرقابية النووية التابعة للأمم المتحدة، لا تعرف أين تحتفظ إيران ببعض المعدات الحيوية مثل قطع غيار أجهزة الطرد المركزي التي تخصب اليورانيوم.
ويقول خبراء عسكريون إن إسرائيل قادرة على تدمير معظم هذه المواقع بنفسها، لكنها ستكون عملية محفوفة بالمخاطر تشمل هجمات متكررة، وستضطر إلى التعامل مع أنظمة مضادة للطائرات مقدمة من روسيا.
إعلانويُعد تخصيب اليورانيوم جوهر البرنامج النووي الإيراني، وأكبر موقعين للتخصيب لديها هما منشأة تخصيب الوقود في نطنز الواقعة على عمق 3 طوابق تقريبا تحت الأرض، لحمايتها من القصف على ما يبدو، ومنشأة فوردو الواقعة في عمق أحد الجبال.
ولدى الولايات المتحدة قدرات أعلى بكثير لضرب هذه الأهداف الصعبة باستخدام أقوى قنبلة خارقة للتحصينات لديها، وهي القنبلة الضخمة التي تزن 30 ألف رطل (14 ألف كيلوغرام)، والتي لا تستطيع إطلاقها حاليا إلا قاذفات بي-2 مثل تلك التي أرسلت في الآونة الأخيرة إلى دييغو غارسيا في المحيط الهندي والتي لا تمتلكها إسرائيل.
وقال الجنرال المتقاعد في سلاح الجو الأميركي تشارلز والد، الذي يعمل حاليا في المعهد اليهودي للأمن القومي الأميركي، إن "إسرائيل لا تملك ما يكفي من القنابل زنة 5000 رطل" لتدمير منشأتي فوردو ونطنز. ويدعم هذا المعهد جهود تعزيز علاقات عسكرية وثيقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل.
ويشير الجنرال المتقاعد إلى أكبر قنبلة خارقة للتحصينات في الترسانة الإسرائيلية. وقال إن مشاركة الولايات المتحدة ستجعل الهجوم أسرع وتزيد من احتمالات نجاحه لكنه توقع أن يستغرق الأمر أياما.
اليوم التالي للهجوم
قال إريك بروير من "مبادرة التهديد النووي"، وهو محلل استخبارات أميركي سابق "ربما تسبب ضربة أميركية ضررا أكبر من ضربة إسرائيلية، ولكن في كلتا الحالتين، الأمر يتعلق بكسب الوقت، وهناك خطر حقيقي في أن الأمر سيقرب إيران من القنبلة بدلا من إبعادها عنها".
وأضاف "يمكن للضربة أن تعرقل البرنامج وتؤخره، لكنها لا تستطيع تدميره".
ومن الممكن تدمير المواقع النووية، لكن خبرة إيران المتقدمة في تخصيب اليورانيوم لا يمكن تدميرها. وقال محللون ومسؤولون إن منعها من إعادة بناء المواقع سيكون صعبا للغاية.
وقالت كيلسي دافنبورت من "رابطة الحد من انتشار الأسلحة": "ماذا سيحدث في اليوم التالي؟ سترد إيران على الهجمات على برنامجها النووي بتحصين منشآتها وتوسيع برنامجها".
إعلانوبعد إلغاء رقابة إضافية من الوكالة الدولية للطاقة الذرية أقرت بموجب اتفاق 2015، يرى الكثير من المحللين خطرا يتمثل في أن إيران، في حال تعرضها لهجوم، ستطرد مفتشي الوكالة الذين هم بمثابة عيون للعالم في مواقع مثل نطنز وفوردو.
وقال علي شمخاني، المسؤول الأمني الإيراني البارز والمستشار الحالي لمرشد الثورة علي خامنئي، في منشور على موقع إكس الأسبوع الماضي إن "استمرار التهديدات الخارجية ووضع إيران في حالة ترقب هجوم عسكري قد يؤدي إلى إجراءات رادعة، بما في ذلك طرد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ووقف التعاون".
وتلك الخطوة لم تتخذها دولة غير كوريا الشمالية التي أجرت بعد ذلك تجربتها النووية الأولى.
وقال جيمس أكتون من مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي "إذا قصفتم إيران فمن شبه المؤكد، في اعتقادي، أن إيران ستطرد المفتشين الدوليين وتندفع نحو إنتاج قنبلة".