دعا محلل إسرائيلي في مقال له بصحيفة هآرتس لاستغلال المأساة الإنسانية الخانقة التي يعيشها قطاع غزة لتحقيق مكاسب سياسية إستراتيجية لإسرائيل.

وقال زئيفي بارئيل إن هذه الأزمة تمنح إسرائيل نفوذا دبلوماسيا يتيح لها الحصول على تنازلات من مصر، وقدرة على كبح "الاندفاع" الأميركي نحو حل الدولتين.

وأكد أن الأزمة الإنسانية تعد جزءا من ترسانة تحت تصرف إسرائيل يمكن استخدامها ليس فقط كورقة مساومة في المفاوضات حول إطلاق سراح الرهائن، بل لتغرس في الوعي الفلسطيني "العقاب المروع" الذي سيواجه أي شخص يجرؤ من الآن فصاعدا على تحدي إسرائيل.


استغلال الأزمات

وتابع بأن هذا التصور يعد استمرارا للمفهوم الإستراتيجي المتجذر الذي يؤمن بأن المعاناة الإنسانية يمكن أن تفضي إلى مكاسب أمنية لإسرائيل، وهو المفهوم الذي يعتبر حصار غزة "واقعا لا غنى عنه".

وليس مهما إذا كان حصار غزة قد استمر 17 عاما دون أن يمنع شن هجمات على إسرائيل، وعمليات عسكرية ضد القطاع، ومن غير أن يحول دون وقوع الحرب الحالية، على حد تعبير بارئيل، الذي أضاف بأنه يمكن للمرء أن يفترض "بقدر من الثقة" أنه حتى لو اجتُثَّت حركة "حماس"، فإن إسرائيل "لن تترك حصارها لغزة، وحتى لو لم توفر الأمن فإنها تُؤمِّن الرقابة على غزة".

والأهم من ذلك، أن الأزمة الإنسانية في غزة تمنح إسرائيل نفوذا دبلوماسيا يتيح لها الحصول على تنازلات من مصر -مثل السيطرة المستقبلية على معبر رفح الحدودي حتى بعد الحرب- أو إصلاح العلاقات مع الأردن مقابل تخفيف الأوضاع في غزة، مما يقلل الضغوط الداخلية على النظام الأردني، طبقا لهآرتس.


كبح حل الدولتين

ويتابع التقرير بأن استغلال الأزمة الإنسانية سيمكن من كبح الاندفاع الأميركي نحو التوصل إلى حل الدولتين. وهنا أيضا يمكن "الاقتداء بالنموذج السوري".

وذكر المقال بأن الولايات المتحدة كانت قد نأت بنفسها عن أي التزام بحل دبلوماسي في سوريا رغم أنها شاركت في صياغة قرارات الأمم المتحدة التي وضعت الأساس لترتيبات مستقبلية في تلك الدولة العربية. وبالمقابل، ركزت منذ ذلك الحين على محاربة تنظيم الدولة.

وأضاف بأن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن حدد مؤخرا عناصر خطة واشنطن للفترة التي تلي الحرب بين إسرائيل و"حماس"، تشمل عدم التهجير القسري للفلسطينيين من غزة، وعدم استخدام غزة كمنصة للإرهاب أو غيره من الهجمات العنيفة، على حد زعمه.

وبحسب بارئيل فلا يتضمن المخطط الأميركي مطالبات بتقليص حجم العمليات العسكرية في الوقت الراهن، ولكن هناك إصرار على وضع حدود لمقدار الضرر الإنساني المسموح بإلحاقه للمدنيين، وهي الحدود التي انتهكتها إسرائيل بالكامل، كما يؤكد الكاتب الإسرائيلي نفسه.

وانتقد بارئيل عناصر المخطط الأميركي حيث يقول إن بلينكن يستطيع أن يعلن "إلى الحد الذي يشعر فيه بالرضا" أنه لن يكون هناك تهجير لسكان غزة أثناء الحرب أو بعدها، لكن التهجير يحدث بالفعل.


مخطط مرفوض

لكنه عاد ليقول إن على إسرائيل أن تعمل على العناصر الإيجابية في المخطط للتوصل إلى سلام مستدام.

وتأتي بعد ذلك الوصفة الأميركية التي يتعين بموجبها أن تشتمل تلك الخطوات على حكومة بقيادة فلسطينية وتوحيد غزة مع الضفة الغربية تحت إدارة السلطة الوطنية الفلسطينية، وهو ما انتقده بارئيل قائلا إن هذا الطرح يتناقض تماما مع إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي ينص على احتفاظ إسرائيل بالسيطرة الأمنية الكاملة على غزة لفترة غير محدودة.

صحيح أن مخطط بلينكن -طبقا لبارئيل- لا يتضمن جدولا زمنيا للتنفيذ أو تفاصيل بشأن الآلية التي ستسمح بإجراء المفاوضات حول المخطط، ولا حتى تفسيرا عمليا لمن سيكلف بإعادة تأهيل قطاع غزة، إلا أنه يمثل سياسة أميركية "حازمة تستوجب من إسرائيل الوقوف في وجهها".

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

خبير إسرائيلي يكشف السبب وراء إصرار ترامب على إنهاء الحرب بغزة

كشف خبير إسرائيلي الأسباب التي يرى أنها وراء إصرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على إنهاء الحرب في قطاع غزة، وعلاقة ذلك بحدوث الخطوة الأولى نحو التطبيع مع السعودية، والحصول على إجابات واضحة من رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو في ملفات أخرى.

وقال رئيس قسم السياسات الدولية والشرق الأوسط في معهد السياسات والاستراتيجيات في جامعة رايخمان، شي هار تسفي: إن "ترامب ملتزم شخصيًا بوعد إنهاء الحرب في غزة وإعادة جميع الأسيرات والأسرى، ويعتبر أن هناك أهمية كبيرة للاستمرار في المضي قدمًا إلى المراحل التالية من الصفقة حتى إتمامها وإعادة الجميع".

وأضاف هار تسفي، بحسب تصريحات نقلتها صحيفة "معاريف" أنه لم يكن من دون سبب أن ترامب أرسل إلى المنطقة مبعوثه للشرق الأوسط وصديقه المقرب، ستيف ويتكوف، لمتابعة تقدم تنفيذ الصفقة عن كثب.


وأوضح أنه "إضافة إلى الأهمية الإنسانية والأخلاقية، فإن رؤية ترامب تعتبر هذه الخطوة هي المرحلة الأولى والمهمة في طريق تنفيذ الخطة الإقليمية الكبرى لإقامة تطبيع بين إسرائيل والسعودية، مما سيفتح الطريق لتعميق التحالف مع الدول العربية وإنهاء حكم حماس في قطاع غزة".

وبين "من الواضح أن ترامب يفهم أن الدول العربية، وعلى رأسها السعودية والإمارات، لن تكون مستعدة للاستثمار في المبالغ الضخمة المطلوبة لإعادة إعمار غزة، التي تقدر بعشرات المليارات من الدولارات، ما دامت الحرب مستمرة وما دام حكم حماس في غزة، ولن يتم تقديم بديل لحكمها، بما في ذلك السلطة الفلسطينية".

وذكر أن "الاجتماع المرتقب بين ترامب ونتنياهو يوم الثلاثاء سيكون ذا أهمية كبيرة وذات تأثير حاسم على مستقبل إسرائيل، وسيكون الأول من نوعه الذي يعقده مع زعيم أجنبي في البيت الأبيض منذ تنصيبه، ومن المحتمل أن يتم طرح المواضيع الأكثر إلحاحا التي تتطلب قرارات فورية، وعلى رأسها التقدم إلى المرحلة الثانية من الصفقة، والتطبيع مع السعودية، وإمكانية فتح مفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران حول اتفاق نووي ثانٍ، وبالطبع القضايا الثنائية في مجمل العلاقات الاستراتيجية بين الطرفين".

وأكد أن "ترامب سيتوقع من نتنياهو تقديم إجابات واضحة تتماشى مع السياسة التي يأمل في دفعها في الشرق الأوسط، والتي يمكن تلخيصها في كلمتين - الاستقرار والترتيبات. الجوهرة في التاج بالنسبة لترامب هي، كما ذكر، دفع اتفاق التطبيع، الذي يرى فيه الرئيس إمكانيات لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية واسعة، بما في ذلك استثمارات ضخمة من السعودية في الاقتصاد الأمريكي".


وأشار إلى أنه "كما هو معروف، فإن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، قد أبدى استعداده لاستثمار 600 مليار دولار، وترامب يأمل أن يصل المبلغ إلى أكثر من تريليون دولار، وكل ذلك إلى جانب إمكانية الفوز بجائزة نوبل للسلام، التي يعتقد ترامب أنه كان يستحقها بالفعل في فترة ولايته الأولى بفضل اتفاقات أبراهام".

وفقًا لتقديرات هار تسفي، "سيطالب ترامب من نتنياهو بتقديم خطة واضحة حول كيفية التقدم مع السعودية لتحقيق التطبيع، بحيث تكون مقبولة أيضا من ولي العهد السعودي، وذلك في ضوء الشروط المبدئية التي قدمها الأخير لإنهاء الحرب ووضع مسار واضح لإنشاء دولة فلسطينية".

وأضاف أن "إسرائيل أمام فرصة استثنائية للانخراط في الخطط الإقليمية الكبرى للرئيس ترامب وتصميم واقع أمني وسياسي محسن، مما سيمكنها من تركيز أكبر قدر من الجهود والقدرات لمواجهة التهديد الإيراني متعدد الأبعاد ولإحباط سعي النظام القاتل في طهران للحصول على سلاح نووي".

وختم أن "نتنياهو أمام قرارات تاريخية، وهذه هي الفرصة أمامه لاتخاذ قرارات شجاعة من أجل أمن ومستقبل دولة إسرائيل، وتفويت هذه الفرصة قد يزيد من تعقيد الأزمات التي تواجهها البلاد".

مقالات مشابهة

  • كاتب صحفي: قطاع غزة يحتاج عشرات الأطنان من المساعدات الإنسانية اليومية
  • وزير الخارجية يستقبل كبيرة مُنسقي الأمم المتحدة للشئون الإنسانية وإعادة الإعمار بغزة
  • خبير إسرائيلي يكشف السبب وراء إصرار ترامب على إنهاء الحرب بغزة
  • شهيد وعدد من المُصابين في اعتداء إسرائيلي جديد بغزة
  • قصف وإطلاق نار إسرائيلي بغزة في خرق جديد للاتفاق
  • توسيع العملية العسكرية بالضفة والأزمة الإنسانية تتفاقم بغزة ونتنياهو يؤجل المفاوضات حتى لقائه بترامب
  • حازم عمر: صفقة الهدنة الحالية بغزة تطبيق حرفي لوثيقة مايو 2024 التي رفضتها إسرائيل
  • كاتب صحفي: مصر تلعب دورا رئيسيا في تحقيق الهدنة بغزة
  • كاتب تركي: ترامب حوّل الحلم الأميركي إلى كابوس
  • «الظّل» الذي طاردته إسرائيل لعقود.. من هو «محمد الضيف»؟