السودان حاضر لا يغيب.. أزمة غزة لم تشغل مصر عن عمقها الجنوبي
تاريخ النشر: 12th, November 2023 GMT
اختتمت بالأمس فعاليات القمة العربية الاسلامية التي عقدت بالرياض بحضور عدد كبير من قادة وزعماء الدول العربية والاسلامية، وذلك لتعزيز التشاور والتنسيق بشأن التصعيد العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة وباقي الأراضي الفلسطينية، وسبل التحرك العربي والإسلامي إزاءه.
لقاء مصري سودانيكان هناك عدة لقاءات على هامش هذه القمة لعقد مشاورات بشأن تطورات الأوضاع داخل قطاع غزة وبحث تطورات الأوضاع الجارية في غزة، والحلول التي يجب التوصل إليها لوقف العدوان وتحقيق حل الدولتين، في ظل الظروف الاستثنائية التي تشهدها غزة والأراضي الفلسطينية و التطورات الخطيرة وغير المسبوقة تستوجب وحدة الصف العربي والإسلامي في مواجهتها واحتواء تداعياتها.
كان من بين اللقاءات هو لقاء مصري سوداني حيث التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم في الرياض الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السوداني.
وأوضح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية أن الرئيس أكد مواصلة مصر لسياستها الثابتة والداعمة للسودان الشقيق على كافة المستويات، خاصةً خلال الظروف الدقيقة الراهنة التي يمر بها، أخذًا في الاعتبار الروابط الأزلية والمصلحة الاستراتيجية المشتركة التي تجمع البلدين الشقيقين على المستويين الرسمي والشعبي.
في حين ثمن الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان المساندة المصرية الأخوية والصادقة والحثيثة للحفاظ على وحدة وسلامة واستقرار السودان، خاصةً من خلال استقبال العديد من المواطنين السودانيين الأشقاء، والتي تأتي امتدادًا للدور المصري الفاعل والمقدر في محيطها الإقليمي بالكامل.
وقد شهد اللقاء استعراض سبل تعزيز العلاقات الثنائية وتبادل وجهات النظر حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.
التوصل لحلولفي هذا الصدد قال السماني عوض الله الكاتب الصحفي ورئيس تحرير موقع الحاكم نيوز، إن مشاركة رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان في القمة العربية الإسلامية المشتركة مشاركة مهمة لها أبعادها المختلفة من ناحية دعم موقف السودان وهو يحارب مليشيا متمردة مسنودة اقليميا دوليا وبالتالي المشاركة فرصة لكشف انتهاكات ذلك التمرد على المؤسسات المدنية وانتهاكات حقوق الإنسان وكذلك إيجاد الادانة الإقليمية والدولية للتمرد.
وأضاف السماني عوض الله خلال تصريحات لــ"صدى البلد" أنه بهذه القمة كان هناك لقاءات مع الرؤساء من بينهم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي واعتقد ان لقاء السيسي والبرهان من اللقاءات المهمة خاصة لما تقوم به القاهرة من دور تجاه الأزمة السودانية وجهود السيسي في هذا الاتجاه وكذلك تأكيد الدور المصري لحل المشكلة في السودان من خلال آلية دول الجوار السوداني بالتنسيق مع الجهود الاخري، ومعلوم تداعيات استمرار الأزمة السودانية على الأمن القومى المصري فلذلك ظلت هنالك اتصالات مستمرة بين الجانبين من أجل الوصول الي حلول.
واستكمل: فيما يخص بتطبيق قرارات قمة الرياض فهي تواجه تحديات عديدة و هناك تقاطعات وهناك بعض الدول لها مصالح مباشرة وغير مباشرة مع إسرائيل ولكن رغم ذلك فإن قرارات قمة الرياض ربما تقود الي التهدئة اذا استخدمت هذه الدول عصا المقاطعة او وقف التطبيع مع إسرائيل لان الاحتلال لا يحترم القرارات الدولية او الإقليمية ولكن يجبر على احترام القرارات الفردية في حالة التلويح بقطع العلاقات الدبلوماسية.
السودان يعاني أيضاًيشار إلى ان السودان يعاني من أوضاع إنسانية صعبة جراء الحرب بين الجيش السوداني وميلشيا الدعم السريع التي بدأت منذ أبريل 2023.
وقالت دومينيك هايد، مديرة قسم العلاقات الخارجية لدى مفوضية شؤون اللاجئين السودان، إنه قد اضطر ما يقرب من 6 ملايين شخص إلى ترك منازلهم، و فر أكثر من مليون شخص منهم إلى بلدان مجاورة يعاني بعضها من الهشاشة، وتمثل النساء والأطفال الغالبية العظمى من هؤلاء النازحين، ففي تشاد، يبلغ معدل عدد الواصلين حديثا إلى 700 شخص في اليوم الواحد،
وأفادت دومينيك هايد بحدوث مزيد من حالات النزوح بسبب النزاع الذي اندلع مؤخرا في دارفور، حيث يعاني الآلاف في سبيل البحث عن المأوى، وينام الكثيرون تحت الأشجار على قارعة الطرقات، معربة عن قلق بالغ إزاء عدم تمكن هؤلاء الأشخاص من الوصول إلى الاحتياجات الضرورية الأساسية مثل الغذاء والمأوى ومياه الشرب النظيفة.
منظمة أوكسفام: جوبا تستقبل 17 ألف عائد من السودان أسبوعيا برلماني: الرئيس السيسي وجه العديد من الرسائل لتعزيز الشراكة مع جنوب السودانوقالت إنه في ولاية النيل الأبيض في السودان يعيش نحو أكثر من 433 ألف نازح داخليا. وكانت هذه الولاية تستضيف نحو 300 ألف لاجئ – أغلبهم من جنوب السودان – في 10 مخيمات، كما أغلقت المدارس أبوابها على مدى الأشهر السبعة الماضية، حيث يتخذ النازحون من هذه المدارس مأوى مؤقتا لهم. ولذلك تحذر دومينيك من أن تعليم ومستقبل ملايين الأطفال في السودان في خطر، و توفي أكثر من 1200 طفل دون الخامسة من العمر في ولاية النيل الأبيض، نتيجة لتفشي مرض الحصبة المقترن بالمستوى الحاد من سوء التغذية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: غزة عبد الفتاح السيسي عبد الفتاح البرهان القمة العربية الإسلامية السودان
إقرأ أيضاً:
جيوبنا التي لم يمسّها السيسي
اجتمع السيسي منذ أسبوعين بمجموعة من حملة المباخر الذين يزيفون وعي الشعب، ويقتاتون من الكذب علينا في وسائل الإعلام، ولا همَّ لهم سوى أن يكونوا لسانا سليطا على كل معارض، أو حتى ناصح لهذا النظام الفاشل الدموي، ومع تكرار السيسي لأكاذيبه في معظم لقاءاته الإعلامية، فإنه تحدث بوقاحة عن أن يده لم تتلوث بدم أحد ولم تأخذ مال أحد، ومدح ما أسماه "تحمل المصريين" للوضع الاقتصادي، بينما الحقيقة أنهم مكبوتون في ظل حكمه الدموي لا القمعي وحسب.
في ثقافة السيسي لا شيء مجاني، فعلى المواطنين أن يجوعوا ويتحملوا لأجل بناء الدولة، بينما يلحظ المواطنون أنه لا يجوع مثلهم، بل ينعم مع أسرته من كدِّهم، ونتيجة التقتير عليهم، كما أن يده تمتد يوميّا إلى جيوب المواطنين بالقهر والغصب، بضرائب أو زيادات متكررة في أسعار الخدمات والسلع الأساسية، أو قروض أو مشروعات فاشلة، يتحمل المواطنون عبأها وحدهم، بينما ينعم هو في أملاك الدولة، ويزين جدرانها بصُوَرِه المُقْبِضَة للأرواح والكفيلة رؤيتُها بتعكير سائر اليوم.
تكاليف الحياة باتت مرهقة للطبقات المتوسطة، فضلا عن الفقيرة أو تحت خط الفقر، فقد ارتفع معدل التضخم بنحو 500 في المئة بدءا من آب/ أغسطس عام 2013 إلى الشهر نفسه عام 2023
بحسبة بسيطة، من المصادر الرسمية، نجد أن تكاليف الحياة باتت مرهقة للطبقات المتوسطة، فضلا عن الفقيرة أو تحت خط الفقر، فقد ارتفع معدل التضخم بنحو 500 في المئة بدءا من آب/ أغسطس عام 2013 إلى الشهر نفسه عام 2023، فكان في أول الفترة يبلغ 8.5 في المئة ووصل إلى 41 في المئة بعد عشر سنوات فقط من سيطرة السيسي على الحكم، كما انخفضت قيمة العملة من نحو 7 جنيهات مقابل الدولار الواحد، إلى قرابة 50.8 جنيه وقت كتابة المقال، بزيادة تجاوز 700 في المئة، وارتفع الدين الخارجي بنحو 372 في المئة، إذ ارتفع من 43.2 مليار دولار في حزيران/ يونيو 2013، إلى 160.6 مليار دولار بنهاية الربع الأول من العام الحالي، ولا ينبغي إغفال سعر صرف الدولار مقابل الجنيه عند النظر إلى هذه الأرقام.
هذه الزيادات المتتالية لم تتناسب مع الأجور المتدنية، التي كانت رحلتها منذ ثورة كانون الثاني/ يناير 2011 على النحو التالي:
في حزيران/ يونيو 2011 ارتفع الحد الأدنى للأجور من 400 جنيه إلى 700 جنيه، نحو 118 دولارا وقتها، وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2013 ارتفع إلى 1200 جنيه نحو 174 دولارا وقتها، ثم توالت الزيادات ليرتفع الحد الأدنى في آذار/ مارس 2019 إلى 2000 جنيه، نحو 114 دولارا وقتها، وفي آذار/ مارس 2021 ارتفع إلى 2400 جنيه، نحو 130 دولارا وقتها، ثم بلغ 2700 جنيه في كانون الثاني/ يناير 2022، نحو 173 دولارا وقتها، ثم زاد مرة أخرى في آذار/ مارس 2023 إلى 3500 جنيه، نحو 114 دولارا وقتها، ثم زاد إلى 4 آلاف جنيه في أيلول/ سبتمبر 2023، نحو 130 دولارا وقتها، ثم زاد في شباط/ فبراير 2024 إلى 6 آلاف جنيه، نحو 195 دولارا وقتها، وبعد أقل من شهر، خفَّضت مصر قيمة العملة لتصبح هذه الزيادة توازي اليوم 118.1 دولار فقط، ما يعني العودة تقريبا إلى نفس معدل الأجور الذي كان معمولا به إبان الثورة المصرية عام 2011.
لم تترافق هذه التفاوتات مع عدالة في توزيع الأجور والمخصصات المالية لقطاعات الجهاز الإداري للدولة، أو على الأقل للقطاعات الحيوية مثل التعليم والصحة، فبالنظر إلى موازنات الدولة المصرية، نجد أنها تخصص الباب الخامس، تحت عنوان "المصروفات الأخرى"، لمصروفات تُسمى "السطر الواحد"، وهي مجموعة من المخصصات المالية التي تُدرج رقما واحدا ولا يناقشها مجلس النواب في جلساته العامة، وتحظى موازنة الجيش بالرقم الأكبر في هذا الباب، وقد ارتفعت مخصصات هذا الباب من نحو 38.3 ميار جنيه في العام المالي 2013-2014، إلى 162.23 مليار جنيه في العام المالي 2024-2025.
بلغ المبلغ المخصص لقطاع الدفاع والأمن القومي في موازنة العام الحالي نحو 231.338 مليار جنيه، أما قطاع الأمن، فقد خصصت الموازنة لثلاثة فقط من بنوده الأساسية، وهي الأمن والشرطة، وديوان عام وزارة الداخلية، ومصلحة الأمن والشرطة، نحو 162.440 مليار جنيه، في حين خُصص لقطاعات القضاء والنيابة، ومعهما ديوان عام وزارة العدل التي تضم هيئات غير قضائية، نحو 34.485 مليار جنيه. ويُلاحظ أنه يوجد في مصر 22 ألف عضو هيئة قضائية حتى عام 2020، وفقا لوزير العدل حينها. أما المبلغ المخصص لقطاع التعليم فقد بلغ نحو 294.643 مليار جنيه، في حين بلغ المبلغ المخصص لقطاع الصحة نحو 200.146 مليار جنيه.
السيسي لم يكتف بالولوغ في دماء المصريين بمذابحه، بل سبح كذلك في أموالهم مع أسرته، ومع ذلك لا يكتفي بالادعاء والكذب في كل مناسبة يظهر فيها، كما لا يتورع عن إلقاء فشله على المصريين في كل مناسبة أيضا
بغض النظر عن أسباب تفاوت الأرقام، فإن الأوضاع العامة لضباط الجيش والشرطة وهيئة القضاء تبدو متفاوتة تماما مع غيرهم من القطاعات الأخرى، فمثلا تمكن ببساطة ملاحظة امتلاك أفراد هذه القطاعات لوسائل الأمان الاجتماعي كالمسكن والسيارات، في حين لا تتوفر نفس الإمكانيات لجميع المعلمين أو الأطباء، فضلا عن رفاهية التجمعات السكنية التي تكون مخصصة لهم، وبتسهيلات قد تصل إلى 20 عاما لشراء الوحدات السكنية، وهذه الأمور إن كانت غير منظورة في الميزانية، فملاحظتها ممكنة بأقل مجهود.
ورغم أن المختصين بالاقتصاد لا يستنكرون وجود مميزات تتعلق بالوظيفة، وأن التفاوت في الأجور طبيعي بحسب المخاطر، فإنهم في الوقت ذاته يستنكرون الفجوة الواسعة التي تجعل التمييز الحكومي مركِّزا على الفئات التي يمكن وصفها بفئات حماية النظام وأدواته، وهي الفئات التي يقلق أي نظام من إغضابها، مع إغفال غضب القطاعات التي لا تملك مجرد التلويح بغضب يقلق النظام السياسي.
إن السيسي لم يكتف بالولوغ في دماء المصريين بمذابحه، بل سبح كذلك في أموالهم مع أسرته، ومع ذلك لا يكتفي بالادعاء والكذب في كل مناسبة يظهر فيها، كما لا يتورع عن إلقاء فشله على المصريين في كل مناسبة أيضا، وهم مكروهون على بقائه بقوة السلاح، لا بإرادة الصبر والتحمّل، ولا أحد يعلم متى سينفجر غطاء الإكراه المحكَم في وجه واضعه.