من يوقف كارثة المحتوى الهابط؟
تاريخ النشر: 12th, November 2023 GMT
جابر حسين العماني
لا شك أنَّ منصات التواصل الاجتماعي- أو ما يُعرف بـ"السوشال ميديا"- أصبحت اليوم الأداة المسيطرة والمستحوذة على أغلب عقول البشر؛ بل وأضحت تختطف أنظار الصغار والكبار، وذلك من خلال استخدام الأجهزة الذكية التي صارت ترافق الجميع في حلهم وترحالهم.
ولكونها تقنية حديثة ساهمت في صناعة الكثير من السلوكيات الاجتماعية والأسرية، وفي الاتجاهين: النافع والضار، وذلك من خلال تقديم المحتويات الإلكترونية المختلفة أشكالها وألوانها، إذ يتم نشر المحتوى وترويجه عبر الصوت والصورة والبث الحي والمباشر، والاهتمام البالغ بما فيها من تعليقات ومشاركات وإعجابات (لايكات) وغيرها، فهي من الوسائل المتاحة التي من خلالها يتم الوصول إلى أكبر عدد من أفراد المجتمع، والتأثير عليهم سلبا أو إيجابا، من خلال صناعة المحتويات الواعية أحيانا والهابطة أحيانا أخرى.
المتأمل اليوم في المحتويات الإلكترونية المطروحة على الساحة الاجتماعية، يرى الكثير من التطبيقات المختلفة التي أصبحت في متناول الجميع، والتي جعلت من المجتمع وأفراده يعيشون الكثير من العلاقات الافتراضية، التي تهتم أغلبها بالمشاهدات والمشاركات، وجذب المتابعين من كل حد وصوب، مع غياب الرقابة الاجتماعية والأسرية في كثير من الأحيان، عدا بعض المحظورات على أساس الملكية والحقوق الفكرية، وبذلك تحولت منصات التواصل الاجتماعي اليوم إلى بيئة خصبة لانتشار الأفكار المختلفة والمتنوعة، والتي منها صناعة المشاهير الوهميين الذي يطلق عليهم المؤثرين على شبكات التواصل الاجتماعي، والذين يمتلكون عبر حساباتهم الملايين من المتابعين، بحيث أصبحت الشركات المحلية والعالمية بأدواتها وإمكانياتها الكبيرة، تعتمد على حساباتهم في نشر الإعلانات التجارية والترويج لها.
وبالنسبة إلى صناع المحتوى عبر وسائل التواصل الاجتماعي فإنهم ينقسمون إلى 3 أقسام:
القسم الأول: صناع المحتوى الواعي؛ وهم الذين يهتمون بتقديم المحتوى العلمي والأخلاقي المحافظ على القيم والمبادئ والتقاليد الاجتماعية والعربية الرصينة، والذي لا يمكن إنكار جهود القائمين عليه وتسخير أوقاتهم في توعية المجتمع ونقله إلى حياة أفضل وأجمل. القسم الثاني: صناع المحتوى الهابط؛ وهؤلاء يسعون إلى الشهرة الزائفة عن طريق الكذب والخداع والتضليل، فهم يتصفون بواقع يختلف تمامًا عن واقعهم الافتراضي، وذلك بهدف الشهرة السريعة وكسب المال من خلال الإعلانات التجارية، لأنهم يقدمون مصالحهم على مصالح المجتمع، ومحتواهم قائم على نشر التعليقات الساخرة التي لا تخلو من الكلمات البذيئة والحركات الجسدية غير اللائقة، وإثارة المواضيع الاجتماعية الحساسة، وتصوير يومياتهم وهم في غرف نومهم فضلا عن عرضهم لعائلاتهم بالصور المخلة للآداب الاجتماعية التي اعتاد عليها المجتمع العربي المحافظ. القسم الثالث: صناع المحتوى المضطرب؛ وأولئك يخلطون الغث بالسمين، والخير بالشر، والسم بالعسل، المتلونين في طرحهم وأفكارهم، لأنهم يمارسون النفاق الإعلامي بأبشع صوره وإمكانياته وموارده، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهذه الفئة هي في حد ذاتها أحوج إلى التوعية والرقابة الاجتماعية والأسرية.وإننا إذ نعيش اليوم الكثير من الإشاعات المغرضة، والأكاذيب المنحرفة، والتضليل الاجتماعي والأسري الممنهج على منصات التواصل الاجتماعي، أصبح من الواجب على الحكومات العربية والإسلامية تشكيل لجان متخصصة لمكافحة المحتوى الهابط المنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك من خلال إنشاء المواقع الإلكترونية لاستلام البلاغات حول المحتويات الهابطة والمنتشرة، والتي تسيء الى الذوق العام، فهناك من المحتويات الإلكترونية التي أضحت - مع كل الأسف - تشكل ظواهر اجتماعية خطيرة على المجتمع والأسرة، لذا يجب الوقوف عندها ومعاقبة أصحابها والمروجين لها وهنا أذكر أبرزها وهي كالآتي:
1- المحتوى الذي يمس الأشخاص وخصوصياتهم، من خلال فضح الخصوصيات الأسرية والاجتماعية، وتعريض الأفراد للإساءة والمساءلة القانونية.
2- محتوى خطاب الكراهية والتحريض والتمييز بسبب اللون أو اللغة أو الدين أو المعتقد، فتلك محتويات ترفضها الفطرة الإنسانية السليمة بشتى أنواعها وأشكالها.
3- محتوى التضليل والتحريف، وذلك من خلال ترويج ونشر الإشاعات والأكاذيب والبدع، المراد منها التأثير على المجتمع وانتزاع هويته الدينية والاجتماعية الأصيلة، وقد قال الله عَزَّ وجَلَّ: "إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ" (النور: 19).
4- المحتوى الإباحي الذي يستهدف نشر الإباحيات والسموم للمجتمع، فمن الواجب التحذير من خطر تلك المواد على الفرد، ومنع تداولها ومعاقبة المروجين لها في الداخل الاجتماعي والأسري، وقد قال تعالى: "قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ" (النور: 30).
5- المحتوى الفاحش: والذي يقوم بنشر الألفاظ البذيئة التي تتسبب في خدش الحياء العام وإسقاط بعض المبادئ والقيم في القول والفعل، وقد قال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا" (الأحزاب: 70)، وقال رسوله صلى الله عليه وآله وسلم: "وإنَّ اللهَ يبغضُ الفاحشَ البذيءَ".
وختامًا.. ينبغي مراقبة المحتوى الهابط والمساءلة القانونية لأصحابه، ويتعين على مؤسسات الدولة المختلفة تشجيع صناعة المحتوى الإبداعي النافع والذي من خلاله يرتقي المجتمع إلى أرقى المستويات التربوية والعلمية، فما أجمل أن تتبنى مدارسنا وجامعاتنا العربية والإسلامية مبادرة أفضل محتوى إلكتروني للطلبة والطالبات، وتربيتهم على صناعة المحتوى الواعي عبر المواقع والصفحات النافعة والمفيدة التي تخلق منهم شخصيات رسالية ووطنية تهتم بتقديم كل ما فيه خير وصلاح الأسرة والمجتمع والوطن.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
«دبي للصحافة» يفتح باب المشاركة في جائزة رواد التواصل الاجتماعي العرب
دبي - «وام»
أعلن «نادي دبي للصحافة» فتح باب تلقّي طلبات المشاركة في جائزة رواد التواصل الاجتماعي العرب في دورتها الخامسة ولمدة شهر كامل اعتباراً من يوم غدٍ وحتى الخامس عشر من شهر مايو 2025، لإتاحة الفرصة الكافية للمشاركة من جميع أنحاء العالم العربي.
وكشف النادي عن إضافة فئات جديدة للجائزة لتصل إلى 12 فئة وذلك في إطار عملية التطوير المستمر التي تخضع لها مبادراته ومشاريعه كافة، حيث تم إضافة فئات، الاقتصاد، والبودكاست، «أفضل منصة إخبارية» وفئة «أفضل منصة للطفل»، إضافة إلى فئات الجائزة التي شملتها الدورات السابقة وهي «شخصية العام المؤثرة»، ريادة الأعمال، خدمة المجتمع والصحة، الرياضة، الثقافة، السياحة، الفنون والترفيه.
وأكدت مريم الملا، مديرة نادي دبي للصحافة بالإنابة، أن الجائزة تستلهم رؤية صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لمستقبل الإعلام الرقمي وتأكيد دوره الإيجابي في بناء المستقبل ونشر القيم والمفاهيم الإيجابية، كما تترجم توجيهات سمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، النائب الثاني لحاكم دبي، رئيس مجلس دبي للإعلام، في توثيق التعاون مع رواد التواصل لتأكيد توظيف شعبيتهم الكبيرة فيما يخدم الناس ويقدم الأفكار النافعة لهم.
تحفيز الأدوار الإيجابيةوأضافت أن الجائزة تمضي في تحقيق الأهداف التي انطلقت من أجلها في تحفيز الأدوار الإيجابية لرواد التواصل الاجتماعي وتشجيع التميز في تقديم محتوى رفيع المستوى وأفكار تخدم المجتمعات العربية وتمكنها من اكتشاف طاقاتها الكامنة وتسهم في تعزيز طموحات مجتمعاتها نحو مستقبل أفضل وروعي في فئات الجائزة التنوع والشمولية لتغطي مختلف أوجه الحياة وقطاعاتها الحيوية.
من جانبه أكد جاسم الشمسي، مدير جائزة رواد التواصل الاجتماعي العرب اعتزاز نادي دبي للصحافة بتكامل الجائزة مع المبادرات والمشاريع الاستراتيجية التي عمل عليها النادي منذ انطلاقه قبل أكثر من ربع قرن، لتصبح اليوم من أبرز الفعاليات الداعمة للعمل الإعلامي على الصعيد العربي الأشمل وفي مقدمتها «قمة الإعلام العربي» الذي حافظ على مكانته حتى اليوم كالتجمع المهني الأهم للعاملين في المجال الإعلامي على مستوى العالم العربي، و«جائزة الإعلام العربي»، المنصة الأبرز للاحتفاء بالتميز في عالم الصحافة التقليدية والرقمية عربياً.
وأوضح الشمسي أن تكريم الفائزين سيتم خلال شهر مايو المقبل ضمن أعمال «قمة الإعلام العربي» 2025 وأمام جمع يضم أبرز وأهم قيادات العمل الإعلامي في المنطقة، مؤكداً أن اختيار الفائزين يتم عبر سلسلة من التقييمات وفق معايير مهنية يشارك في وضعها مجموعة من أبرز الخبراء في مجال الإعلام الرقمي وفي إطار كامل من الأمانة المهنية والموضوعية والحياد، لضمان اختيار أفضل من يستحق على مستوى العالم العربي الوصول إلى منصة التتويج.
وعن أسلوب الترشح للجائزة، أعربت سلمى المنصوري، عضو اللجنة التنظيمية لجائزة رواد التواصل الاجتماعي العرب، عن ترحيب النادي بجميع المشاركات من مختلف أنحاء المنطقة والعالم، إما بقيام المرشح نفسه بالتسجيل في الجائزة، أو من خلال ترشيح آخرين له، إذا ما وجدوا فيه السمات والإنجازات التي تؤهله للمنافسة على الفوز بإحدى فئات الجائزة وبما يتوافق مع متطلبات واشتراطات ومعايير الجائزة وذلك عبر المنصة الرقمية https://dpc.org.ae/ar/asmis والتي يمكن من خلالها أيضاً الاطلاع على تفاصيل فئات الجائزة ومعاييرها.
تأتي النسخة الخامسة من جائزة «رواد التواصل الاجتماعي العرب» في وقت تتسارع فيه تطورات التكنولوجيا الرقمية، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي وأدوات التحليل الرقمي وصناعة المحتوى حيث تواصل الجائزة تحفيز المؤثرين على المبادرة إلى تطوير مهاراتهم والابتعاد عن المحتوى السطحي أو المثير للجدل أو أي محتوى لا يكون له قيمة حقيقية ومردود ذو تأثير إيجابي، والتركيز على تقديم الأفكار التي تخدم المجتمعات وتقدم له قيمة مضافة حقيقية في مختلف المجالات.