يعيش حزب العمال البريطاني أزمة كبيرة منذ عدة سنوات بعد أن ابتعد كثيرا عن أفكار يسار الوسط، مع وصول رئيسه السابق توني بلير لرئاسة الحزب والذي أخذه ناحية اليمين كثيرا. بعدها ظل الحزب يبحث عن هويته المفقودة حتى وصل بجيرمي كوربين لرئاسة الحزب، في سابقة سياسية لوصول نائب من الصفوف الخلفية للحزب وقيادي شعبي للقيادة، وهو الأمر الذي لم يتحمله حزب العمال ولا السياسة البريطانية فتآمرا عليه بشكل غير مسبوق، حتى وصل كير ستارمر الرئيس الحالي للحزب والذي كان عليه أن يدفع فواتير سياسية باهظة على رأسها الموقف من القضية الفلسطينية.
ربما يستغرب كثير من المتابعين إصرار عدد كبير من نواب وأعضاء مجلس محلية تابعين لحزب العمال البريطاني المعارض، الذي يحل في المرتبة الثانية من ناحية عدد النواب بعد الحزب الحاكم في مجلس العموم، على أن يعلن رئيسهم المطالبة بوقف إطلاق النار ثم الإعلان عن الاستقالة لأنه لم يفعل ذلك. وكانت آخر هذه الاستقالات لشخص مثل عضو مجلس العموم عمران حسين الذي استقال من منصبه وزيرا لشؤون العمل والبطالة في حكومة الظل التابعة لحزب العمال المعارض.
هناك وعي لدى النخبة السياسية بالقضية الفلسطينية بغض النظر عن الموقف منها. وإن كان هذا كله لا يوازي نشاط اللوبي الإسرائيلي النافذ في مختلف القطاعات البريطانية، إلا أن المجازر التي ترتكب يوميا في غزة والغليان الشعبي كفيل بتحريك المياه الراكدة في السياسة والمجتمع
والحقيقة أن القضية الفلسطينية في أوروبا وتحديدا في بريطانيا ليست هي القضية الفلسطينية في الولايات المتحدة؛ من ناحية الانتشار والتأثير والوعي الشعبي العام وسط الناس. فأولا هناك ميراث تاريخي قديم متمثلا في الانتداب البريطاني على فلسطين، وثانيا هناك تراكم نضالي كبير لدى منظمات المجتمع البريطانية ومنه الجاليات العربية في التعريف بعدالة القضية الفلسطينية؛ عبر أنشطة ومظاهرات وفعاليات كثيرة ومتنوعة ساعدت عليها أجواء الحرية الممنوحة للنشطاء في بريطانياـ بخلاف الوضع في الولايات المتحدة. وثالثا هناك وعي لدى النخبة السياسية بالقضية الفلسطينية بغض النظر عن الموقف منها. وإن كان هذا كله لا يوازي نشاط اللوبي الإسرائيلي النافذ في مختلف القطاعات البريطانية، إلا أن المجازر التي ترتكب يوميا في غزة والغليان الشعبي كفيل بتحريك المياه الراكدة في السياسة والمجتمع.
من يتابع الصحافة البريطانية يدرك أننا أمام مسلسل يومي من الأزمات يواجه حزب العمال المعارض ويعجز رئيس الحزب عن تلبية طموحات نواب حزبه، وفي نفس الوقت يعجز عن تقديم أي موقف سياسي يلملم به شتات الأعضاء والنواب الغاضبين. وخطورة هذه الأمر أن يأتي في وقت حساس يستعد فيه الحزب لخوض الانتخابات العامة المقررة العام المقبل، والتي قد تعيده إلى سدة الحكم بعد سنوات طويلة من الغياب أو تدخل به في أتون أزمة سياسية أخرى يتراجع فيها ويخسر فيها مزيدا من الأصوات والمؤيدين.
أمام مسلسل يومي من الأزمات يواجه حزب العمال المعارض ويعجز رئيس الحزب عن تلبية طموحات نواب حزبه، وفي نفس الوقت يعجز عن تقديم أي موقف سياسي يلملم به شتات الأعضاء والنواب الغاضبين. وخطورة هذه الأمر أن يأتي في وقت حساس يستعد فيه الحزب لخوض الانتخابات العامة المقررة العام المقبل
إن ما حدث في حزب العمال البريطاني خلال الأسابيع الماضية يفند عدة خرافات تتعلق بالسياسة الغربية في المجمل وبالسياسة البريطانية على وجه الخصوص. إحدى هذه الخرافات هي أن الناخب والسياسي الغربي يدور حول مصالحه الضيقة دائما، وأن القضايا العربية والإسلامية لا دور لها في مواقف الأحزاب والسياسيين ناهيك عن أن تشكل منعطفا هاما يحدد مستقبل هذه الحزب أو هذا السياسي أو ذاك. كما يثبت أن النضال المدني الذي خاضه نشطاء عرب وغربيون على مدى سنوات طويلة في بريطانيا لم يكن مجرد تعبير عن حالات غضب للتنفيس، وإنما إنشاء حالة وعي صلبة جعلت القضية الفلسطينية في قلب العملية السياسية.
وأخيرا فرضت القضية الفلسطينية نفسها على السياسيين المسلمين في مختلف الأحزاب وخاصة حزب العمال، ولم يخجلوا من المجاهرة علنا بمخالفتهم لقيادة الحزب والمطالبة علنا بوقف إطلاق النار كما حدث مع عمدة لندن صادق خان ورئيس حزب العمال في أسكتلندا أنس سروار.
twitter.com/HanyBeshr
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه حزب العمال ستارمر الفلسطينية بريطانيا بريطانيا فلسطين حزب العمال انقسام ستارمر مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حزب العمال البریطانی القضیة الفلسطینیة
إقرأ أيضاً:
في مصر.. قمة عربية طارئة حول تطورات القضية الفلسطينية
دعت مصر اليوم الأحد، لعقد قمة عربية طارئة، للنظر في آخر تطورات القضية الفلسطينية.
وحسب بيان لوزارة الخارجية المصرية عبر فيس بوك، ستستضيف القاهرة القمة الطارئة للتنسيق مع الدول العربية، في 27 فبراير(شباط) الجاري، في القاهرة، وذلك بعد التنسيق مع البحرين الرئيس الحالي للقمة العربية، والأمانة العامة لجامعة الدول العربية.
#عاجل| مصر: قمة عربية طارئة في القاهرة في 27 فبراير حول تطورات القضية الفلسطينية pic.twitter.com/CrABFl2FKU
— 24.ae | عاجل (@20fourLive) February 9, 2025وأكد البيان، أن مصر كثفت الاتصالات على أعلى المستويات مع الدول العربية في الأيام الماضية، بما فيها دولة فلسطين التي طلبت عقد القمة، وذلك لتناول التطورات المستجدة والخطيرة في القضية الفلسطينية.