الجزيرة:
2025-03-10@14:11:14 GMT

ما تأثير اللغة في تفكير الإنسان ومنطقه ومحاكماته؟

تاريخ النشر: 12th, November 2023 GMT

ما تأثير اللغة في تفكير الإنسان ومنطقه ومحاكماته؟

لفتني ما قرأته في إحدى الدراسات -التي أجرتها جامعة ستانفورد في كاليفورنيا- عن أن المتحدثين بالإنجليزية يركزون أثناء قص الحكاية على الأسباب، بينما يركز المتحدثون باليابانية والإسبانية على الحدث نفسه بدون العناية بذكر الفاعل أو المسبب. وهذا يعكس أسلوبهم العام في التفكير والنظر إلى الأمور والأحداث، وتربط الدراسة هذا الاختلاف بتأثير منطق اللغة على المتحدثين بها، فلكل لغة منطقها ومنهجها التفكيري.

جدلية العلاقة بين اللغة والفكر والتفكير

بين اللغة والتفكير علاقة جدلية شغلت المهتمين والباحثين والفلاسفة واللغويين فانقسموا وتحاجوا، وقد برز في هذا الموضوع فريقان، الأول يقول بانفصال الفكر عن اللغة وعجز اللغة عن الإحاطة بأفكار الإنسان، وفريق يقول باتصالهما لأن اللغة أداة التفكير ووسيلتنا إليه.

ويمثل ديكارت وفاليري وغيرهما الفريق الأول، إذ يذهبون إلى أن تفكير الإنسان لا يهدأ ولا يتوقف في حين يمكن له أن يتحكم بلغته ونطقه وحديثه. ويعبر برغسون عن هذا المعنى بقوله "الفكر ذاتي فردي، واللغة موضوعية واجتماعية".

كما يرون أن اللغة قالب التفكير، وكثيرا ما يعجز الناس عن التعبير عن أفكارهم باللغة، وحجتهم في ذلك توقف المرء أثناء الحديث أو الكتابة عن موضوع ما باحثا عن ألفاظ تعبر عن مراده وتفي بغرضه منه.

ويذهب الفيلسوف الألماني كارل ياسبرس إلى أن "اللغة تجبر الفرد على أن يسلك طريق واحدا فينتج عن ذلك أن يبدو أفراد المجتمع الواحد وكأنهم يفكرون بالطريقة نفسها".

وعبر برغسون عن ذلك بقوله "الألفاظ قبور المعاني" في حين يقول هاملتون "الألفاظ حصون المعاني". يذهب أصحاب هذا الرأي القائل بعجز اللغة عن الإحاطة بالأفكار وقصورها عن الوفاء بالتعبير عن المشاعر، إلى تأكيد فكرتهم وتدعيمها بلجوء الإنسان إلى الفنون المختلفة كالموسيقى والرسم لتدارك ما عجزت اللغة عن التعبير عنه. لكن السؤال الأعمق هنا هو: هل عجزت اللغة فعلا أم عجز الناس عن الإحاطة بكنوز اللغة ألفاظا ومعاني للتعبير عما يفكرون به ويشعرون به؟ أليست اللغة محض أداة للتعبير والتواصل؟ فلماذا نلصق العجز بها؟

أما الفريق الثاني أمثال هيغل وسوسير فيذهبون إلى القول بسير اللغة مع التفكير نظرا إلى أنهما أمران مكتسبان من العائلة والبيئة المحيطة بفعل التجارب والأحداث المعيشة منذ سنوات الطفولة المبكرة، فحين يتعلم الطفل لفظا جديدا يربطه بمعناه عقليا، ويهيئ نفسه لاستعماله وتكراره في الموقف المناسب، وبذلك تسير اللغة جنبا إلى جنب مع التفكير، بل تسبقه لفظا إلى عقل الطفل أثناء مراحل التعلم والتعرف إلى الألفاظ والمفاهيم بوصفها الدال والمدلول.

وفي ذلك يقول هيغل "الكلمة تمنح للفكرة وجودها الحقيقي والأسمى". ويقول واطسون "إننا نفكر بلغتنا، ونتكلم بفكرنا" لذا يبدو من الغريب بمكان أن تعجز اللغة عن التعبير عن الأفكار ما دامت وعاءها والفم الناطق بها في أذهاننا ونجوانا بيننا وبين أنفسنا بالدرجة الأولى. وإن حدث وشعر المرء بالعجز عن التعبير عن فكرة ما في ذهنه فإن في ذلك دليلا على أن الفكرة ما تزال ضبابية وغائمة في نفسه.

ويرى عبد السلام المسدي أنه "ليس من معرفة إلا وهي مستقاة عبر مصفاة اللغة" فاللغة انتقاء واصطفاء وترتيب وعرض للأفكار. ومن هنا جاءت فكرة هيمنة التداول اللغوي على الفكر الإنساني، فالغلبة للمفردات والألفاظ الأكثر شيوعا واستعمالا، للتفكير والتعبير بها عن الأفكار مهما كانت بسيطة أو عميقة.

الثراء اللغوي في ثراء الفكر والعقل

بناء على الاستعراض المعلوماتي آنف الذكر فإنه يمكننا القول: إن للغة مستويات خطابية مختلفة، فهي تخاطب العقل مقروءة، وتخاطب العقل وحاسة السمع والبصر منطوقة، ومن هنا ندلف إلى حديث الأسلوب، فتعابير المتكلم وإفاداته اللغوية وأسلوبه التعبيري يرفد ما ينطق به ويدعمه إيجابا أو ينحو به منحى سلبيا. وتعد تلك اللغة التي تخاطب العقل والحواس رمزية، وهي منحازة بلا شك وأبلغ تأثيرا من سواها المجردة من أي ظروف أو روافد، وذلك لأنها أسرع في النفاذ إلى العقل الباطن للمخاطب.

واللغة في حقيقتها قالب التفكير وأداته، والسؤال عن الأسبقية بينهما يشبه السؤال عن أولية البيضة والدجاجة! فهل فكر الإنسان قبل أن ينطق أم أنه نطق ثم فكر؟ وما جدوى معرفتنا لذلك؟

وترتبط اللغة بما فيها من رموز وتعابير بأنماط التفكير السائدة في المجتمع، ومن هنا نذكر حرص العرب وتعارفهم على إرسال أبنائهم فلذات أكبادهم إلى البادية وتحمل صعوبة الموقف والصبر عليه، ليكتسب الأطفال اللغة العربية الفصيحة الصريحة من الأقحاح، والتي لا يشوبها شائب أو عارض من عوارض الاختلاط بالأمم الأخرى، لا سيما في سنوات الطفولة المبكرة التي يكتسب فيها الطفل اللغة التي سيخاطب بها نفسه ومحيطه ومجتمعه. فقد جاء في كتب السير أنه كان يدفعهم لذلك "ما في هواء البادية من الصفاء، وما في أخلاقها من السلامة والاعتدال، والبعد عن مفاسد المدنية، ولأن لغة البادية سليمة أصيلة".

وفي هذا دلالة مهمة على أن من يتقن لغة معينة فإنه يتقن معها منطق أهلها ويكتسب الأنماط التفكيرية السائدة بينهم في مقاربته للأمور ومحاكمته للقضايا، ولذا فإن من يتقن أكثر من لغة فقد حمل في نفسه أكثر من عقل وأكثر من منهجية تفكير وفقا لعدد اللغات التي يتقنها. ويقال "لغة جديدة تعني إنسانا جديدا" فإتقان اللغات يعني إتقان منطقها ومنهجها التفكيري، وتعدد اللغات المتقنة يقتضي بالضرورة توسع المدارك وسعة الأفق والقدرة على التعامل مع المسائل المختلفة بطرق تفكيرية أرحب وأشمل.

وما دامت اللغة هي الوسيلة الأرقى والأسمى للتعبير عن أفكار الإنسان وتوفير صلاته الاجتماعية مع محيطه وبيئته، فإن قدراته الكلامية وثراءه اللغوي وسلامة أسلوبه ومواءمته لمقتضى الحال تؤثر تأثيرا حقيقيا في غزارة فكره ورجاحة محاكماته وموازنته للأمور والمسائل من حوله، وتمثل رفدا أساسيا لسعة الفكر واتساع الأفق والاعتدال والاتزان والإنصاف في موازنة الأمور وتبيانها ومعالجتها، والعكس صحيح.

يقول تشومسكي "إن اللغة مؤشر على الذكاء، وهي مرآة العقل ووسيلة للتعبير عن المعاني والمشاعر والتفاهم مع الآخرين". ويؤكد هارلوك أن النمو اللغوي عند الأطفال يعد أحد المظاهر الأساسية التي يعتمد عليها إلى حد بعيد عند قياس النمو العقلي والانفعالي والنفسي والاجتماعي للطفل، فمستوى إتقان اللغة يدل على درجة النضج العقلي.

أما سلاسة الأسلوب اللغوي ورصانته فهي خير برهان على رجاحة العقل وقدرة المرء على ترتيب أفكاره وتهذيبها ونظمها، لتقديمها بحلة قريبة المأخذ بعيدة الأثر عميقة المعنى، فالشعر العربي حين سمى ديوان العرب وسجلهم على مر العصور لم يقصد به فن الشعر بوصفه صنعة لغوية وملكة فطرية بيانية فحسب، ولم يقصد به ما حفظه لنا من أخبار ووقائع وأيام فحسب، بل هو سجل الأفكار الذي توارثته الأجيال بقالب لغوي فني بديع، فالفكر يصنع اللغة واللغة ترفد الفكر.

يقول ماكس مولر "إن اللغة والفكر كقطعة نقدية واحدة وجهها الأول هو الفكر ووجهها الثاني اللغة، فإذا فسد أي وجه من الوجهين فسدت القطعة، فالفكر بالنسبة للغة كالروح للجسد" وعن إتقان العربية يقال "من صح لسانه بالعربية صح عقله".

شبهة حداثية

يذهب محمد عابد الجابري في كتابه "تكوين العقل العربي) إلى أن الإنسان العربي يعاني من أزمة لغوية تتمثل بكونه يحيا في عالمين لغويين مختلفين، عالم اللغة العامية الدارجة في الشوارع والمستعملة بالحياة اليومية، وعالم العربية الفصحى. فالأولى لغة ثرية مليئة بالمصطلحات والكلمات الدخيلة والمعربة للتعبير عن شؤون الحياة الطارئة والمعاصرة، لكنها لا تصلح لغة للفكر والثقافة، على عكس الفصحى التي تعد لغة الفكر واللغة الرسمية الراقية، لكنها مع ذلك تقصر عن التعبير عن كثير من مناحي الحياة الواقعية.

والحق أن في قوله مبالغة بعيدة، إذ يرى أننا لو استعملنا الفصحى للتعبير عن أفكارنا في الحياة اليومية بوصفها لغة متداولة لسكتنا عن كثير لعدم قدرتنا على التعبير بها. غير أن الأمر لا يعالج بهذه الطريقة ولا بهذه الرؤى القاصرة، فلو اعتدنا استعمال الفصحى في حياتنا اليومية لدرجت على ألسنتنا كثير من الألفاظ المهملة والمتروكة، بفعل الاستسهال والميول إلى الرائج والمعروف والمتعارف عليه بين الناس في لغة الشارع إذا جاز لنا التعبير، فالمرء حصيلة فكره ولغته، إذا ما ازدادت عنايته بأحدهما ظهر نتاج ذلك في الآخر، فغذاء الفكر يبدو واضجا جليا في سلامة اللغة ورقيها.

أما عن قدرة العامية الدارجة على الوفاء بالتعبير عن حاجات الإنسان اليومية فأساسه الاعتياد والاستسهال والركون إلى المتداول المألوف، وهي انعكاس محض لتربية المرء وبيئته الاجتماعية. وفي حين تجعل الفصحى المثقفين في ركن لغوي راق، تميل العامية إلى الانحدار بالمرء إلى البيئة الشعبية التي نشأ فيها.

وخلاصة القول: من أراد العناية بفكره وتنمية عقله، فعليه الاعتناء بلغته، ومن أراد توسيع مداركه وإثراء فكره، فعليه أن يفكر باكتساب لغات جديدة وإتقانها ما استطاع إلى ذلك سبيلا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: عن التعبیر عن للتعبیر عن اللغة عن إلى أن

إقرأ أيضاً:

الرد على الوليد آدم مادبو- بين أزمة الخطاب وامتحان العقل

في لحظات المفصل التاريخي، حين تتبدل المصائر ويُعاد تشكيل الوعي الجماعي، يكون للعقلاء والتاريخ كلمتهم، وهي كلمة قد تأتي متأخرة، لكنها تحمل قسوتها التي لا ترحم. غير أن هذه الكلمة ليست بالضرورة صرخةً في الميادين أو خطبةً على منابر الجدل، فقد تكون صمتًا مدويًا في وجه الخطاب الشعبوي، أو تأملًا باردًا في مسرح العواطف الملتهبة. والعقل، في صورته الأصيلة، ليس نزاعًا بين الذوات، بل سيرورةٌ لفهمٍ أعمق، حيث لا يكون العقل مجرد سلطةٍ إجرائية تحكم المواقف، بل معيارًا يزن المقولات في ميزان الحقيقة.

كتب الدكتور الوليد مادبو مقاله الأخير في نقد الأستاذ شوقي بدري، مستخدمًا لغةً مشحونةً بالتقريع، تتداخل فيها الذاتية مع الموضوعية، والنقد مع الاستعداء. غير أن الأزمة هنا ليست في حدّة اللغة فحسب، بل في الطبيعة الاستدلالية التي أسس عليها مقاله، والتي تستدعي وقفةً نقدية تتجاوز الشخصي إلى الكلي، من حيث طبيعة التفكير ومنهجية التحليل.

المغالطة المنهجية الخطاب بين الشخصي والتاريخي
ليس من الحكمة أن يُقرأ الواقع بمسطرة الذات، فتُختزل التناقضات المركّبة في ازدواجية "المهرّج والعالم"، أو "المؤدلج والمستقل". فالفكر في جوهره ليس مجرد تراكم أسماء أو انتماء أكاديمي، بل هو ميدانٌ مفتوحٌ للجدل الحر والتفاعل المعرفي. حين يجعل الكاتب من ذاته معيارًا للفرز بين "المتطفلين" و"الجادين"، فإنه يقع في مأزق فلسفي عميق: كيف يمكن للعقل أن يكون حكمًا وهو طرفٌ في الخصومة؟

يتخذ مادبو في طرحه موقفًا يتأرجح بين المدافع عن القيم والمحلل البارد، لكنه في جوهر خطابه يستخدم لغةً معياريةً أخلاقية تحاكم الآخر من منطلق ذاتي. وهنا يظهر التناقض: كيف يمكن استدعاء معايير الفكر النقدي، بينما يُمارس الإقصاء والتهكم في ذات اللحظة؟ إن النقد الفلسفي، كما صاغه فلاسفة مثل هابرماس أو ألتوسير، ليس خطابًا يعتمد على الشخصنة، بل هو تفكيكٌ لبنى التفكير وإعادة بناء المفاهيم وفق منطقٍ متماسك، لا وفق انفعالات اللحظة.

إشكالية السلطة المعرفية والاستعراض الخطابي
حين يلجأ الكاتب إلى تعداد الشخصيات التي تتلمذ على أيديها – من طه عبد الرحمن إلى الجابري – فإنه يسعى إلى تأسيس سلطةٍ معرفية قائمة على الانتماء أكثر من البرهان. لكن العلم، كما أشار إليه غاستون باشلار، لا يُكتسب بالانتساب إلى الأسماء، بل بالقدرة على مساءلة الأفكار دون تحصينها بهالةٍ من القداسة. فالسؤال الفلسفي الحقيقي ليس "مع من درست؟"، بل "كيف تفكر؟"، وهذا ما لم يقدمه المقال.

إن استدعاء المرجعيات الفكرية لا يصنع معرفة، بل قد يكون مجرد تمرينٍ خطابي لإضفاء الشرعية على موقفٍ مسبق. ولذلك، فإن الوعي الفلسفي يقتضي تفكيك المسلّمات بدلًا من إعادة إنتاجها في قوالبَ جديدةٍ لا تخرج عن النسق نفسه.

قراءة التاريخ: بين السردية الخطية والتعقيد البنيوي
يتحدث مادبو عن التهميش كمسارٍ امتد لقرنين من الزمان، مصورًا التاريخ بوصفه خطًّا مستقيمًا من القهر والاستعلاء العرقي. غير أن قراءة التاريخ من هذا المنظور تعكس اختزالًا شديدًا لجدلية السلطة والمجتمع، حيث تُختصر الصراعات السياسية والاقتصادية في ثنائية "مضطهِد ومضطهَد".

إن تحليل التاريخ لا يمكن أن يكون فعلًا انتقائيًا يستدعي فقط ما يخدم موقفًا آنيًا، بل هو عملٌ بنيوي يُعيد تشكيل الوعي وفق تعقيد العلاقات الاجتماعية والسياسية. وكما أشار ميشيل فوكو، فإن السلطة لا تعمل ككيانٍ أحادي، بل تتجلى في أنماطٍ متغيرةٍ من الهيمنة والتفاوض والمقاومة، مما يجعل من أي تفسيرٍ أحادي للتاريخ نوعًا من التبسيط الأيديولوجي الذي يفقده قيمته التحليلية.

ازدواجية الخطاب ومشكلة المعيارية الانتقائية
إن وصف الجيش السوداني بأنه "غير قومي وغير مهني" مع الدعوة لمقاومته، في الوقت الذي يُنتقد فيه الدعم السريع باعتباره فاقدًا للمشروعية، يكشف عن مشكلةٍ معيارية في الخطاب. فإذا كان الجيش يعاني من أزمةٍ بنيوية، فإن الدعم السريع لا يخرج عن كونه تجلّيًا أكثر فجاجةً لنفس الإشكاليات، مما يجعل من غير المنطقي انتقاد أحدهما باعتباره "إرثًا يجب مقاومته"، بينما يُعامل الآخر بوصفه "خطأً تكتيكيًا يجب تصحيحه".

هنا تبرز إشكاليةٌ فلسفية تتعلق بازدواجية المعايير في الخطاب السياسي: كيف يمكن رفض منظومةٍ كاملة، ثم التعامل مع أحد منتجاتها على أنه "حالة استثنائية" تستحق المراجعة بدلًا من الإدانة المطلقة؟ إن النقد المتماسك لا يكون بالانتقاء، بل بالقدرة على الاحتفاظ بثبات المعايير بغض النظر عن الظرف السياسي.

في البدء كان العقل حاجة السودان إلى خطابٍ متزن
إن الأزمة السودانية اليوم ليست أزمة أشخاص، بل أزمة وعي، حيث يُستبدل النقد العقلاني بالهجوم الشخصي، ويُستبدل التحليل العميق بالسرديات التبسيطية. فحين يتنادى البعض بالألقاب، متناسين جوهر القيم التي يدّعون الدفاع عنها، يكون التاريخ في موقف الحكم، حتى وإن تأخر في النطق بكلمته.

لكن السؤال الذي يظل معلقًا في الهواء- هل ننتظر أن يحكم التاريخ أم نحاول أن نحكم عقولنا قبل أن تصدر الأحكام؟ إن وعي اللحظة يقتضي الخروج من دائرة الشخصنة إلى فضاء النقد الفلسفي، حيث تُختبر الأفكار لا الأشخاص، وتُناقش الخطابات لا الذوات. فالتاريخ قد يكون قاسيًا، لكن العقل أحيانًا يكون أشد قسوة، حين يُطالبنا بأن نكون على مستوى ما ندّعيه من قيمٍ ومبادئ

zuhair.osman@aol.com  

مقالات مشابهة

  • هل يتقرّب الإنسان إلى الله بالعقل؟
  • الرد على الوليد آدم مادبو- بين أزمة الخطاب وامتحان العقل
  • شيخ الأزهر: تعلم اللغة العربية عبادة لأنها تُعين على فهم كتاب الله تعالى
  • بن عامر يكشف تأثير عودة عمليات صنعاء على أمريكا
  • شيخ العقل: المرأة عنصر أساسي في بناء الإنسان
  • العلماء يكشفون عن تشابه مذهل بين لغة البشر والحيتان
  • انعقاد ملتقى الفكر الإسلامي بمسجد الإمام الحسين
  • ملتقى الفكر الإسلامي بمسجد الإمام الحسين يناقش حفظ التراث والشريعة
  • د. عبدالله الغذامي يكتب: الفكر تحت سلطة الحرف
  • هكذا استغل الاحتلال اللهجة الفلسطينية واللبنانية!