سحب مستثمرون أجانب مبلغا قياسيا من صناديق الأسهم الأمريكية التي تتّبع السعودية في أكتوبر/تشرين الأول، في ظل تسبب أسوأ أعمال عنف يشهدها الشرق الأوسط منذ عقود، في اهتزاز الوضع الداعم للأعمال التجارية في المنطقة.

وأظهرت بيانات "إل.إس.إي.جي" أن صندوق "آي شير إم.إس.سي.آي" السعودية شهد خروج تدفقات نقدية صافية قياسية في أكتوبر/تشرين الأول تجاوزت 200 مليون دولار، وهو ما يعادل نسبة 20% مما كان عليه في بداية الشهر.

وعانت صناديق الاستثمار المتداولة في البورصة المنكشفة على الأسهم في قطر والإمارات وإسرائيل من نزوح التدفقات في ظل قلق المستثمرين من عدم الاستقرار، كما تراجعت التدفقات هذا الشهر.

وقال توربيورن سولفيت، المحلل الرئيسي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى شركة "فيريسك مابلكروفت": إن "هروب رؤوس الأموال يمكن أن يكون عشوائيا تماما".

وأضاف: "ليس من الضروري أن يكون مبنيا بنسبة 100% على الأسس المتعلقة بكل دولة. ومن الواضح حاليا أن هناك تصورا بأن المخاطر تتزايد في جميع أنحاء المنطقة. ونرى تأثيرا سلبيا نتيجة لذلك".

وخسر صندوق "آي شير إم.إس.سي.آي" قطر تدفقات قدرها 7.7 ملايين دولار في أكتوبر/تشرين الأول، في حين بلغت خسائر صندوق "آي شير إم.إس.سي.آي" الإمارات 2.75 مليون دولار.

اقرأ أيضاً

مع انحسار حرب اليمن.. السعودية تمضي قدما في الاستثمار بمنطقة عسير الجنوبية

وشهدت صناديق الاستثمار المتداولة في البورصة التي تتّبع إسرائيل مثل "آي شير إم.إس.سي.آي" إسرائيل و"أرك إزرائيل إنوفيتيف تكنولوجي"، و"بلو ستار إزرائيل تكنولوجي"، تدفقات صافية إلى الخارج تتراوح بين 2.5 و9.3 مليون دولار منذ هجوم حركة المقاومة الفلسطينية الإسلامية "حماس" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

وتجاوزت التدفقات النازحة من صناديق الاستثمار المتداولة في البورصة التي تتّبع دول الخليج تلك التي خرجت من معظم الأسواق الناشئة في الفترة ذاتها، في حين أن نسبة التدفقات النازحة من إسرائيل أعلى من المتوسط أيضا.

وهذه هي المرة الثانية التي تواجه فيها الأسواق الإسرائيلية اضطرابات هذا العام بعد التداعيات الناجمة في وقت سابق عن الإصلاحات القضائية التي قدمتها الحكومة وأدت إلى زيادة الضغوط على الأسوق.

وقالت ناتاليا جوروشينا، كبيرة الاقتصاديين المعنيين بالأسواق الناشئة لدى شركة "فان إيك"، إن الاضطرابات الأخيرة أدت إلى تفاقم نزوح التدفقات.

وأضافت: "مسألة الاستثمار الأجنبي المباشر - إسرائيل كوجهة للاستثمار التكنولوجي - تلقت ضربة أخرى وكبيرة... بنظرة تحليلية لبنية الاقتصاد، كون إسرائيل مكانا آمنا وجذابا لهذا النوع من التدفقات، فهو أحد الأسباب التي دفعت (وكالات التصنيف) إلى التفكير في خفض التصنيف من قبل".

وأشارت إلى أن هذه المخاوف "لن تتحسن في أي وقت قريب".

ومع ذلك، فإن صناديق الاستثمار المتداولة في البورصة التي تتّبع المنطقة نهضت غالبا من عثرتها إثر الخسائر التي تكبدتها بعد تنفيذ "حماس" هجومها على إسرائيل مباشرة.

مرونة.. ولكن

ويشير هروب الأموال النقدية من صناديق الاستثمار المتداولة في البورصة إلى اهتزاز ثقة المستثمرين في الأسواق التي كانت تتسم بالمرونة بصورة مدهشة، بحسب ما أوردت "رويترز".

وعوضت إسرائيل خسائر الشيقل وانتعشت سنداتها. ولم تتعرض السندات في معظم دول الخليج لتأثير يذكر على الإطلاق بسبب الصراع.

وقال سيرجي ديرجاتشيف، وهو مدير محفظة لدى "يونيون للاستثمار"، إن الاضطرابات لم تبطئ الإصدارات الجديدة في منطقة الخليج، مشيرا إلى صكوك أصدرها صندوق الاستثمارات العامة السعودي.

وأضاف: "من المثير للاهتمام ملاحظة عدم رؤية أي خوف كبير من مخاطر العدوى"، مع الإشارة إلى عدم رصد مبيعات لديون الشركات في إسرائيل منذ بداية الحرب.

اقرأ أيضاً

السعودية: استثمارات واعدة مع دول أفريقية ستغير قواعد اللعبة

ويقول المستثمرون إن جميع الاقتصادات الرئيسية في المنطقة تقريبا قوية بما يكفي لتحمل بعض الاضطرابات. وتمتلك إسرائيل احتياطيات تبلغ قرابة 200 مليار دولار، في حين يدعم ارتفاع أسعار النفط والغاز دول الخليج.

لكن هروب أموال المستثمرين في الأسهم يسلط الضوء على المخاطر التي لا تزال شديدة على هذه الاقتصادات وجهودها الرامية إلى التنويع حال انزلاق المنطقة إلى صراع مرة أخرى.

وقال سولفيت من "مابلكروفت"، إن استمرار الحرب يقوض جهود السعودية للحد من اعتمادها على النفط، بينما أشار ديرجاتشيف ومستثمرون آخرون إلى أن طول أمد الصراع - ومدى الضرر الذي ألحقه بالشركات والاستثمارات الإسرائيلية - قد يلحق المزيد من الضرر باقتصادها.

وتابع ديرجاتشيف قائلا: "بالنسبة لإسرائيل السؤال الكبير هو ماذا سيحدث بعد ذلك؟ هذا ليس في الحسبان حقا".

اقرأ أيضاً

السعودية تتجه لاستثمار 5 مليارات دولار في الدوري الهندي للكريكيت

المصدر | رويترز

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: استثمارات سعودية الحرب الإقليمية التوتر الإقليمي طوفان الأقصى العدوان على غزة أکتوبر تشرین الأول

إقرأ أيضاً:

اليمن.. هروب استثمارات المغتربين إلى الخارج

طاولت تداعيات الحرب في اليمن استثمارات المغتربين وتحويلاتهم المالية التي تعد أهم مورد اعتمد عليه هذا البلد طوال سنوات الصراع السابقة. ويتزامن ذلك مع تدهور بيئة الاستثمارات وهروب رؤوس الأموال خارج اليمن الذي يشهد ارتفاعا كارثيا في مستويات الفقر والبطالة والجوع.

 

وتوثق تقارير وبيانات حديثة انخفاض استثمارات المغتربين في اليمن في مقابل ارتفاعها في دول الاغتراب مثل السعودية التي تستوعب أكبر عدد من المغتربين اليمنيين، إذ حلّ اليمنيون بالمرتبة الثانية بعد المصريين الذين استحوذوا على 30% من تراخيص الاستثمار في السعودية خلال الربع الأول من العام 2024، بحسب تقرير "راصد" عن الاقتصاد والاستثمار السعودي الذي تصدره وزارة الاستثمار السعودي.

 

ووصل إجمالي عدد تراخيص الاستثمار الممنوحة في السعودية خلال هذه الفترة 3175 رخصة حصل اليمن منها على 346 تصريحا أو ترخيصا استثماريا، بعد مصر مع 950 ترخيصا. يتوقع أستاذ الاقتصاد في جامعة صنعاء، والمسؤول السابق في وزارة التخطيط والتعاون الدولي اليمنية، مطهر العباسي، ارتفاع أعداد التراخيص لمشاريع استثمارية لليمنيين في السعودية في حال استمرت وتيرة التراخيص بهذا الشكل، إذ من الممكن أن ترتفع إلى حوالي 1400 ترخيص خلال هذا العام، إضافة إلى الأعوام السابقة.

 

ويؤكد العباسي لـ"العربي الجديد"، أن ذلك مؤشر واضح على وضعية البيئة الاستثمارية في اليمن ووضعية البلاد بشكل عام في ظل هذه الظروف الناتجة عن الحرب والصراع، وانتهاج الأطراف في صنعاء وعدن سياسات عبثية وتدميرية ضيقت الخناق على القطاع الخاص والمستثمرين ورؤوس الأموال الوطنية.

 

استثمارات اليمنيين تصطدم بالبيئة الطاردة

 

ويجمع خبراء اقتصاد، على أن اليمن أصبح بيئة طاردة للمستثمر اليمني، بسبب الحرب والسياسات الخاطئة تجاه القطاع الخاص التي تتبعها أطراف الصراع، مقابل محفزات وتسهيلات تقدمها دول أخرى تشكل ملاذا آمنا للمستثمرين اليمنيين. في السياق، يضع رئيس مؤسسة المهاجر (منظمة أهلية يمنية)، مندعي ديان، في تصريح لـ"العربي الجديد"، ثلاثة أسباب لعزوف المغتربين اليمنيين في الخارج عن الاستثمار في بلدهم، أولها الاضطراب السياسي في اليمن وعدم وضوح الرؤية لمستقبل البلاد وتأثير ذلك السلبي على الاستثمار.

 

يتمثل السبب الثاني بحسب ديان، في التسهيلات التي قدمتها دول المنطقة التي تستوعب مهاجرين ومغتربين يمنيين، إذ يشير هنا إلى تسهيلين اثنين، أحدهما يتعلق بالاستثمار، والثاني بتسهيل عمليات الإقامة والتجنيس. ويرتبط السبب الثالث بمشكلة انقسام الريال اليمني والتداول النقدي، وهنا يشدد رئيس مؤسسة المهاجر اليمنية على ضرورة ضبط سعر صرف العملات الأجنبية ووقف تدهور العملة المحلية لتشجيع الاستثمار في كل من صنعاء وعدن.

 

ويتطرق الباحث الاقتصادي جمال حسن العديني، إلى تشكل طبقات ونخب جديدة في اليمن تستند إلى أطراف الصراع وتتمتع بنفوذ كبير في الهيمنة الاستثمارية والتمدد الاقتصادي على حساب القطاع الخاص التقليدي ورؤوس الأموال الوطنية.

 

كما يشير العديني إلى مشكلة الوضع الراهن في اليمن واحتدام الصراع الاقتصادي منذ مطلع العام الجاري 2024، والذي رافقته حالة من عدم اليقين وهي مشكلة تؤدي إلى تقويض الاستثمارات وتخوف رؤوس الأموال أو بقائها في محل وجودها مثل وضع المغتربين في الخارج.

 

وواجه الاقتصاد اليمني والقطاع الخاص في البلاد تحديات وخسائر فادحة طوال الأعوام الماضية من عمر الحرب والصراع، شملت الدمار الكلي أو الجزئي للعديد من المنشآت الصناعية والزراعية والخدمية، وتدمير الجسور والطرق الرئيسية بين المدن، وتوقف خدمات شبكة منظومة الكهرباء عن معظم المدن والمناطق، إضافة إلى تدمير البنية التحتية لعدد من المطارات والموانئ البحرية، وفرض القيود والحصار على التجارة الداخلية والخارجية، وتراجع دور البنوك في تسهيل حركة التجارة والاستيراد.


مقالات مشابهة

  • مجلس الشيوخ يوافق على طلب دراسة الأثر التشريعي لقانون سوق رأس المال
  • مجلس الشيوخ يوافق على إجراء تعديل تشريعي بـ"صناديق الملكية الخاصة"
  • الشيوخ يُحيل طلب مناقشة بشأن صناديق الاستثمار العقاري إلى لجنة الشؤون المالية والاقتصادية
  • وكيلة مجلس الشيوخ: صناديق الاستثمار تقضي على  المضاربة والمخاطر بسوق العقارات
  • فرص الاستثمار في المملكة العربية السعودية ما بعد عصر النفط
  • اليمن.. هروب استثمارات المغتربين إلى الخارج
  • الصناديق السيادية بالخليج تهيمن على الاستثمار العالمي بصفقات تبلغ 52 مليار دولار
  • ثروت سويلم عن بيان بيراميدز: من آمن العقاب أساء الأدب.. هناك موظفين يتربحون مبالغ كبيرة
  • الدعم السريع يحاصر مدينة”الميرم” وموجة نزوح جماعي للسكان
  • الفلاحي: الدفع بمدرعات قديمة يؤكد تكبّد الاحتلال خسائر كبيرة في غزة