جريدة الرؤية العمانية:
2024-12-24@14:13:32 GMT

"إيه.. يا غزة"

تاريخ النشر: 12th, November 2023 GMT

'إيه.. يا غزة'

 

د. خالد بن حمد الغيلاني

khalid.algailni@gmail.com

@khaledalgailani

 

لا يمكن لكائن من كان العبث مع النَّاس من خلال مقدساتها، ورموزها الدينية، هذه خطوط حمراء لا يمكن الاقتراب منها، ذلك أن مجرد الاقتراب لعب بالنار لا تحمد عواقبه، ولا يمكن توقع آثاره الناتجة عن ردود فعل الآخرين الذين تحاول فقط مجرد المحاولة أو التفكير للإساءة لمقدساتهم الدينية، ومعتقداتهم الفكرية، وتصرفاتهم الأيديولوجية.

لذلك ومنذ قديم الزمان، أي محاولة من البعض لمثل هذا تفتح الباب على مصراعيه أمام حروب ومواجهات لا تبقي ولاتذر، وفي التاريخ عبر كثيرة، وحوادث تنبئ عن نفسها، وتخاطب كل ذي عقل وبصيرة.

المسجد الأقصى مقدس عند المسلمين، وشاءت إرادة الله عزَّ وجلَّ أن يكون قبلة أولى للمسلمين، وثالث الحرمين التي تشد إليها الرحال، وتطوى لها الفيافي والقفار.

فيه صلى الحبيب المصطفى إمامًا بالأنبياء والمرسلين، ومنه انطلق في رحلة المعراج ليصل إلى مقام عظيم، لم يبلغه أحد قبله، ولن يبلغه أحد بعده، فأعظم به من سمو ورفعة، وأكرم بها من منزلة ومكانة، وأشرِف به من مكان طاهر عظيم مُقدس مبارك.

بعودة بسيطة واسترجاع سريع للذاكرة، ودعوة للتاريخ، ندرك، ويدرك كل ذي لب وبصيرة مكانة الأقصى وأكنافه في فلسطين السليبة الحبيبة، وكيف يقيّض الله تعالى له في كل مرة الصفوة الصادقة المخلصة من عباده لتحريره، وإعادته لأهله، وتطهير ترابه، من كل ذي دنس ورجس، كم من رجال صدقوا فأفوا بالوعد، كم من سيوف تكسرت، ورماح ارتوت، وسهام انطلقت، دفاعًا عن ثراه، وصونًا لحرمته، وإعلاء لشأنه، فما أن تضع أيادي الاستعلاء والعشوائية، والبغض والمكر يدها عليه، حتى تنبري لها هامات الرجال، وينحدرون من كل سهل وقعر، وجبل ووعر، قلوب مؤمنة، وأرواح راغبة، وعزائم لا يفل قدرتها الحديد، ولا يؤثر في إقدامها إقبال كل صنديد.

وهكذا هو الحال دوماً وأبدًا يتقدم حينا، ويتأخر حينا، لكنه لا محالة يأتي ولو بعد حين.

منذ سنين وبوعد ممن لا يملك لمن لا يستحق بإقامة وطن لليهود، والأقصى وكل فلسطين في معاناة من عبث وعشوائية وظلم وتجبر وطغيان وتعدٍ سافر صارخ على كل الحرمات، وتجاوز لكل الحدود، وعبثية مقيتة، وعنجهية لا رادع لها، في ظل سكوت وصمت لا مبرر له سوى ازدواجية المعايير، وتجاوز التشريعات والقوانين الدولية، وترك لأبسط الأخلاق والسلوكيات، وهو ليس بمستغرب من قوم اعتادوا هذا الأمر منذ أزل وأمد بعيد فبعدا لهم أينما حلُّوا.

بعد أكثر من 75 عامًا من الاحتلال الجائر لفلسطين، والتعدي السافر على كل المُقدسات والحرمات والأراضي والأفراد، ومع أكثر من 16 عامًا من حصار خانق لغزة الأبيّة الحبيبة، حصار تجاوز كل حد، وانحدر إلى كل اعتداء على أبسط الحقوق التي دعت إليها الأديان والأعراف والأخلاق، ونصت عليها القوانين الدولية.

اليوم وبعد أكثر من شهر تقف غزة صامدة ببسالة رجالها، وعزم أهلها، وشموخ نسائها، وعنفوان شبابها، وزهو بناتها، وإباء أطفالها، تقف غزة مدافعة عن الدين والعرض، والنفس والكرامة، والأرض والتاريخ، والحضارة والمجد، ضد قوم ليس لهم مما ذكر شيء فلا دين، ولا حضارة، ولا كرامة، ولا أرض، ولا تاريخ، ولا مجد.

تقف غزة من خلال مقاومة كل حركات المقاومة بها، تقف ومعها كل صاحب خلق ودين ومبدأ وعقيدة، تقف مدافعة عن ثرى الأقصى الطاهر، وعن مجد أمة ضيّع الكثير من بنيها إرثها وحاضرها.

تقف غزة وحيدة في ظل تواطؤ عالمي، وصمت إسلامي، وهوان عربي، تقف والآلاف من النساء والأطفال والشيوخ والعزّل يقتلون كل يوم بآلة الحرب والدمار والخراب الإسرائيلية، التي ما انفك مجرمو الحرب فيها يعثيون فسادا وإفسادا.

تقف غزة مع كتائب الجهاد المشروع والدفاع اللازم، والبذل بالأرواح والمهج، في عالم مزدوج المعايير، ينظر لنا كأمة إسلامية وعربية نظرة لا تليق ولا تتفق ولا تتناسب مع أعدادنا المليارية؛ فأي هوان وأي نظرة وأي سلوك.

غزة الأبية أظهرت اليوم المعادن الحقيقية للرجال، وأبانت غثها من سمينها، وحرها من مسلوبها، وعزيزها من ذليلها، من يتحلى بأخلاق الفرسان، ومن يتخلى عن النجدة والحمية والمروءة.

اليوم لا مجال للوقوف في صف المحايدين؛ فإما فسطاط العز والبذل والدفاع، وإما فسطاط الخنوع والهوان.

إن الدفاع عن غزة والأقصى والقدس وفلسطين واجب عقدي أخلاقي، عربي إسلامي، لا عذر فيه لمتقاعس أو مُتخاذل، ولا مجال لفكرة شجب أو تنديد أو استنكار أو دعوة لسلام في وقت الحرب والتجاوز لكل الأخلاق والقيم. ولنصرة إخواننا هناك وجوه عديدة كثيرة أولها النفس مع القدرة، والبذل بالمال والدعم، والكلمة، والتوعية، وعبر الإعلام الحر، ومن خلال مواقع التواصل، والمقاطعة لكل داعم للاحتلال مناصر له. والدعاء الصادق سلاح المؤمن، وسيف قاطع في رقاب المحتل الغاصب الباغي.

وصدق الله تعالى في قوله: "وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ۚ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ" (آل عمران: 139- 140).

وقوله جل وعلا: "وَلَا تَهِنُواْ فِى ٱبْتِغَآءِ ٱلْقَوْمِ ۖ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ ۖ وَتَرْجُونَ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ ۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا" (النساء: 104)

وكل الشكر والثناء، والفخر والاعتزاز، لموقف بلادنا العزيزة الشامخة العربية الحُرة، بلد النصرة والكرامة، عُمان موئل أقحاح العرب، وموطن الرجال الأشاوس، أهل النجدة والغوث منذ أيام العرب الأولى يشهد لهم "يوم سلّوت"، ونجدة البصرة، ونجدة سقطرى، وطرد البرتغاليين، والقضاء على القراصنة، فشكرا وثناء عظيمين لمولانا السلطان المعظم، وحكومته، وسماحة شيخنا العلامة مفتي بلادنا العالم الذي لا يخشى في الله لومة لائم، ولكل علمائنا، وكتّابنا، وشبابنا، ونسائنا، وطلاب مدارسنا، وجامعاتنا، وكل حر غيور من بني وطني، ومن كل بلاد عربية إسلامية، ومن كل العالم.

ولنعلم أن التاريخ لا يغفل عن شيء، والأيام دول، وكل يملأ صفحته بما شاء، ويعد جوابًا لسؤال يوم الموقف العظيم، ماذا قدمتم لعباد الله تعالى في غزة؟ وكيف نصرتم المظلوم على الظالم؟ فأعدوا أجوبتكم.

اللهم هذا بعض الواجب فتقبل يالله.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 24-12-2024 في محافظة قنا


تقدم بوابة الفجر الإلكترونية، مواقيت الصلاة اليوم محافظة قنا، في إطار الخدمات التي تقدمها لقرائها ومتابعيها، مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء، في مدن ومراكز محافظة قنا، وتشمل مواقيت الصلاة اليوم، صلاة «الفجر، الظهر، العصر، المغرب، العشاء».

"أذكار الصباح".. بداية يوم متجددة بالذكر والتفاؤل.. تحمل أذكار الصباح في الإسلام قيمة عظيمة، حيث تمثل بداية يوم المسلم وفتح له بابًا للربط الروحي والتواصل مع الله، تعتبر هذه الأذكار لحظة هامة للتأمل والشكر، وتعزيز للروح والقلب. تركيزها على الذكر والتفكير في الله يمنح الفرد طاقة إيجابية لبداية يومه.
وفي سياق الإيمان الإسلامي، تحمل أذكار الصباح قيمة دينية تعكس الاعتماد على الله والتوكل عليه، تذكير المسلم بأسماء الله الحسنى وصفاته الكريمة يعزز الوعي بالقدرة الإلهية والحنان الذي يحيط به.
ومن الأهمية البالغة أيضًا أن يُدرك المسلم أن هذه الأذكار لا تقتصر على الجانب الروحي فقط، بل تمتد إلى التأثير الإيجابي على الحالة النفسية والسلوكية، إن تركيز الفرد على الخير والشكر في بداية اليوم يؤثر بشكل كبير في توجيه تفكيره وتصرفاته لبقية اليوم.
ومن خلال ترديد هذه الأذكار، يخلق المسلم روتينًا يوميًا يرتبط بالتفكير الإيجابي والتأمل، يعزز هذا الروتين الروح الهادئة والتواصل الدائم مع الله، مما يجعل الفرد أكثر قوة وثباتًا في وجه التحديات.
وبشكل عام، تكمن أهمية أذكار الصباح في تحقيق التوازن بين البعد الروحي والحياة اليومية، مما يسهم في بناء شخصية مسلمة قائمة على الإيمان والتفاؤل.
فضل أذكار الصباح
نقدم لكم في السطور التالية فضل أذكار الصباح:-
- توجيه الشكر:
 أذكار الصباح تعزز الشكر والامتنان لله على منح الحياة والفرصة لبداية يوم جديد، مما يعزز الوعي بنعم الله.
2- تحقيق الاستقبال الإيجابي:
 تساعد أذكار الصباح في بناء نفسية إيجابية، فتجعل المسلم يستعد ليومه بروح هادئة وتفاؤل.
3- تعزيز التواصل مع الله:
 ترديد الأذكار يعزز التواصل الدائم مع الله، مما يعطي الإنسان القوة والثبات في مواجهة التحديات.
4- تنظيم الروتين اليومي:
 تقوم أذكار الصباح بتنظيم روتين اليوم، حيث يصبح التركيز على الذكر والعبادة جزءًا أساسيًا من الحياة اليومية.
5- الحماية من الشرور:
 تحتوي بعض الأذكار على دعاء للحماية من الشرور والمصائب، مما يعزز الشعور بالأمان والاعتماد على الله.
6- ربط الروح بالعبادة:
 تعمل أذكار الصباح على ربط الروح بالعبادة وتذكير المسلم بأهمية القرب من الله في كل جوانب حياته.
فضل أذكار الصباح يظهر في تأثيرها الإيجابي على النفس والعلاقة بالله، مما يسهم في بناء حياة مسلمة متوازنة ومستقرة.
أذكار الصباح
تمثل أذكار الصباح تمثل مجموعة من الأذكار التي يقولها المسلم في بداية كل يوم، وتتنوع هذه الأذكار بين الدعاء والتسبيح والتحميد. من بين أذكار الصباح الشهيرة:-
"أذكار الصباح".. بداية يوم متجددة بالذكر والتفاؤل
1- أذكار الاستيقاظ:
 يقول المسلم عندما يستيقظ: "الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور".
2- أذكار الوضوء:
 تشمل التسبيحات والدعاء أثناء أداء الوضوء، مما يعزز الطهارة والاستعداد للصلاة.
3- أذكار بعد الصلاة الفجر:
 تتضمن تسبيحات وأدعية تعبيرًا عن الشكر والاستعانة بالله في بداية اليوم.
4- أذكار الصباح اليومية:
 تتنوع بين تلاوة آيات من القرآن والتسبيح والاستغفار، مما يساعد في تركيز الفرد وتحفيزه لبداية يوم إيجابية.
5- أذكار الحماية:
 يُفضل قول بعض الأذكار التي تطلب الحماية من الشرور المحتملة، مثل قول: "أعوذ بكلمات الله التامة من شر ما خلق".
ويمكن ترتيب هذه الأذكار حسب الرغبة الشخصية، ويعكس ترديدها التأمل والتواصل الدائم مع الله في حياة المسلم.

مقالات مشابهة

  • تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 24-12-2024 في محافظة البحيرة
  • الرئيس تبون” الجزائر لا يمكن افتراسها بهاشتاغ
  • تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 24-12-2024 في محافظة قنا
  • أذكار المساء اليوم الثلاثاء 24 ديسمبر 2024‏
  • تقرب إلى الله بهذا الدعاء اليوم الثلاثاء 24 ديسمبر 2024
  • كيف يغفر الله لي ذنوب اليوم؟.. تخلص من سبب المصائب بهذا العمل
  • نفق بـ20 تريليون دولار يمكن أن يربط نيويورك بلندن بساعة واحدة فقط
  • انطلاق فعاليات اليوم الأول من الأسبوع الثقافي بأوقاف الفيوم 
  • «رضيتُ باللهِ ربًّا وبالإسلامِ دينًا».. أذكار الصباح اليوم الأحد 22-12-2024
  • دعاء الصباح اليوم الأحد 22 ديسمبر 2024