جريدة الوطن:
2025-01-29@05:52:45 GMT

جدل المجتمع والجامعة تبادلية العلاقة

تاريخ النشر: 12th, November 2023 GMT

جدل المجتمع والجامعة تبادلية العلاقة

سادت علاقة شد وجذب بَيْنَ الجامعة والمُجتمع طوال تاريخ الجامعات في العالَم العربي، وهي علاقة تتوتَّر أحيانًا، ثمَّ تَعُودُ لطبيعتها في أحيان أخرى! إلَّا أنَّ الأهمَّ هو بقاء الجامعات العربيَّة مرتهنة بأيدي أُولي الأمْرِ.
وإذا كان الطرفان محقَّيْنِ في آمالهما أغْلَب الأحيان، فإنَّ عَلَيْنا أن نؤشِّرَ نقاطًا معيَّنة تستأهل الرصد والتحليل، وربَّما كان أهمُّ هذه النقاط، هو أنَّ على المُجتمع هنا، أو في المغرب العربي أن لا يتوقعَ الكثير من الجامعات العربيَّة، نظرًا لأنَّ هذه الجامعات لا تتمتع بتراث عريق وتاريخ طويل، مقارنة بالجامعات في الدوَل الغربيَّة المتقدِّمة: مؤسَّساتنا الأكاديميَّة حديثة العهد (إذا ما استثنينا) المؤسَّسات القديمة الَّتي يَعُودُ تاريخها إلى القرون الوسطى (من نوع الجامعة المستنصريَّة ببغداد/العصر العباسي) أو «المدارس» الدينيَّة الَّتي تطوَّرت استجابةً لعصور كان الدِّين عَبْرَها هو التَّيقن الاجتماعي الوحيد، إذ لَمْ تكُنْ هناك حاجة ملحَّة للعلوم التطبيقيَّة والعلوم الصرفة، ناهيك عن الفروع الأخرى للمعارف الَّتي اكتسبناها ثمَّ اعتمدناها من العالَم الغربي، خصوصًا وأنَّ على المرء أن يتذكَّرَ بأنَّ الجامعات الحديثة في العالَم العربي لَمْ تكُنْ سوى واحدة من بَيْنِ (المستوردات) شأنها شأن الصحافة والطباعة والتنظيم العسكري الحديث، وذلك بعد طيِّ صفحة «السَّيف أصدق أنباءً من الكتب/في حدِّه الحدُّ بَيْنَ الجدِّ واللعبِ»!
وإذا كان الأمْرُ بهذه الحداثة تبقى الجامعات في عالَمنا العربي تحيا نوعًا من الذَّيليَّة والشعور بـ»النفعي» الَّذي طالما عكس نَفْسه في اتفاقيَّات التعاون وتبادل الخبرات والتدريب مع الجامعات الأميركيَّة والأوروبيَّة، بل وحتَّى الهنديَّة واليابانيَّة، وذلك عَبْرَ عنوان مبتكر، هو «التوأمة»!
لنلاحظ كذلك تقليعة «التوأمة» بَيْنَ بعض الجامعات المحلِّيَّة مع جامعات متقدِّمة مِثل هارفرد والسوربون وأوكسفورد، من بَيْنِ سواها، إنَّما هي شكل من أشكال المحاكاة المقنَّعة العمياء!
وإذا كانت المُجتمعات العربيَّة تطالب الجامعة بتخريج الإنسان المهذب The gentleman، فإنَّ الجامعة، من ناحية مقابلة، تطالِب هذه المُجتمعات متمثلة بالدَّولة، أي بالدَّعم المالي والاعتباري الكافي كَيْ ترقى بنَفْسِها وبكُلِّيَّاتها إلى مصاف الجامعات الغربيَّة أو الصينيَّة أو اليابانيَّة: فإذا كانت الدَّولة تريد مهندسين بمستوى المهندسين اليابانيِّين، فإنَّ عَلَيْها أن تنفقَ من الأموال ما يكفي للارتقاء بجامعاتنا إلى هذا المستوى المرموق المطلوب: فكيف تتوقع من الجامعة أن توازيَ بمستواها العلمي وأدائها الأكاديمي الجامعات اليابانيَّة، وهي في حال ترقُّ لها القلوب من بنايات قديمة «خربة» وكوادر تدريسيَّة لا فرصة لها بتحديث معارفها وتطوير مؤهلاتها؟
أ.

د. محمد الدعمي
كاتب وباحث أكاديمي عراقي

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

التفرغ العلمي: من “تبادل معرفي” إلى “تبادل مناصب”

#سواليف

#التفرغ_العلمي: من “تبادل معرفي” إلى “تبادل مناصب”

بقلم: الأستاذ الدكتور محمد تركي بني سلامة

عندما تم إطلاق فكرة إجازة التفرغ العلمي في الجامعات الأردنية، كانت بمثابة حلم جميل يهدف إلى تعزيز البحث العلمي وتطوير أعضاء هيئة التدريس. الفكرة ببساطة هي أن يمنح الأستاذ فرصة لقضاء عام أكاديمي في جامعة أخرى، يتبادل فيها المعرفة والخبرات، ويتعلم ويُعلِّم، ليعود إلى جامعته الأم حاملاً في جعبته من الأفكار والتجارب ما يرفع من شأنها. كل ذلك كان يبدو منطقيًا وجميلًا إلى أن تسللت إليه “النكهة الأردنية الخاصة” في التعيينات.

مقالات ذات صلة مذكرة تفاهم بين عمان الأهلية وكلية الزهراء للبنات 2025/01/26

ما يحدث اليوم في بعض جامعاتنا الأردنية أقرب إلى الكوميديا السوداء. بدلًا من أن يكون الأستاذ الزائر مشعلًا للعلم في جامعته المستضيفة، أصبح مشعلًا للمناصب الإدارية! تخيل معي، أستاذ لم يترأس حتى قسمًا في جامعته الأم، يصبح بقدرة قادر عميد كلية أو نائب رئيس جامعة في الجامعة التي يقضي فيها إجازة التفرغ العلمي! إذا كان هذا منطقيًا بالنسبة لك، فربما يجب أن نعيد تعريف المنطق.

القصة لا تنتهي هنا. ما يثير الدهشة أن الجامعات المستضيفة، التي يفترض أنها مليئة بالكفاءات المؤهلة، تستبعد أبناءها من المناصب القيادية لصالح الزائرين. كيف يمكن لمجلس أمناء جامعة أن يوافق على استبعاد أستاذ قضى حياته في بناء هذه المؤسسة ليحل محله زائر قد لا يعرف حتى أين تقع مكتبة الجامعة؟

الإجابة البسيطة تكمن في كلمة واحدة: المحسوبيات. يبدو أن معايير الجدارة والكفاءة لم تعد موجودة في قاموس التعيينات الجامعية. اليوم، المحسوبية هي الملك، والواسطة هي العملة المتداولة.

تجربتي كعضو سابق في مجلس أمناء الجامعة الهاشمية تجعلني أتحسر على ما وصلنا إليه. أذكر كيف كان معالي الدكتور ياسين الحسبان، رئيس مجلس الأمناء، يطلب من رئيس الجامعة الدكتور كمال بني هاني تقديم السير الذاتية لسبعة مرشحين لكل منصب قيادي. كانت هذه السير تُناقش بعمق وشفافية، وكان يتم اختيار الأنسب بناءً على الكفاءة والخبرة فقط. أما اليوم، فكل شيء يبدو وكأنه يُدار تحت الطاولة، دون أي محاسبة أو شفافية.

وإذا تساءلنا عن المسؤول، فالجواب معقد. الأكاديميون الذين يقبلون بهذه المناصب بلا وجه حق يتحملون جزءًا من المسؤولية. رؤساء الجامعات الذين يقدمون مصالحهم الشخصية على مصلحة مؤسساتهم هم جزء آخر من المشكلة. لكن المسؤولية الكبرى تقع على مجالس الأمناء، التي يُفترض أنها الضامن لشفافية وعدالة التعيينات.

ما يجري الآن يستدعي تدخلًا عاجلًا. فلسفة إجازة التفرغ العلمي بحاجة إلى إنقاذ من العبث الذي أصابها. لا يمكن أن يستمر هذا النهج دون عواقب وخيمة. مستقبل التعليم العالي في الأردن على المحك، وإذا لم نتحرك الآن، فسنجد أنفسنا أمام جامعات تفقد بريقها وسمعتها.

الجامعات الأردنية كانت وستظل منارات للعلم والمعرفة، لكن هذا لن يتحقق إلا إذا عدنا إلى الالتزام بمعايير الجدارة والكفاءة. الإصلاح ليس خيارًا، بل ضرورة، لأن مستقبل التعليم العالي هو مستقبل الأردن. وختامًا، إذا كانت الجامعات ستبقى رهينة للحسابات الشخصية والمصالح الضيقة، فلا عجب أن نرى من يخرج في إجازة تفرغ علمي ليعود “بمنصب إداري جديد” بدلًا من خبرة علمية جديدة!

مقالات مشابهة

  • وزير التعليم العالي يبحث مع السفير الفرنسي سبل التعاون المشترك
  • وزير التعليم العالي يبحث تعزيز التعاون مع السفير الفرنسي
  • وزير التعليم العالي يبحث مع سفير فرنسا سبل تعزيز التعاون ‏
  • جامعة سطيف 1..ندوة وطنية حول الانتقال إلى جامعة من الجيل الرابع 4.0
  • جامعة مصر للمعلوماتية تشارك في الملتقى الدولي للتعليم "اديوجيت 2025"
  • جامعة مصر للمعلوماتية تشارك في الملتقى الدولي للتعليم "إديوجيت 2025"
  • مصر للمعلوماتية تشارك في الملتقى الدولي للتعليم "اديوجيت 2025"
  • التفرغ العلمي: من “تبادل معرفي” إلى “تبادل مناصب”
  • بعد قرار وزارة التربية.. الجامعة اللبنانية: ترك الحرية لمدراء الجامعات جنوباً في التعليم غدا
  • مصانع العقول: الجامعات التي تغير العالم (1)