عبد الباري عطوان بعد مرور أسبوعين تقريبا من إنفجار أزمة تمرد جماعة “فاغنر” بزعامة رئيسها يفغيني بريغوجين “مُجند” المرتزقة وأصحاب السوابق الجنائية، والمدمن للذهب ومناجمه خاصة في افريقيا، يبدو ان الرئيس فلاديمير بوتين قد تجاوز الازمة المترتبة على هذا التمرد “تقريبا”، ولكن هناك مجموعة من “الالغاز” ما زالت تبحث عن من يفكك طلاسمها، خاصة عما اذا كان بريغوجين حيا او ميتا، واذا كان حيا، فهل يتواجد خلف القضبان ام انه حرا طليقا، وما هو مصير تنظيمه المكون من 25 الف مقاتلا، والمليارات التي استولى عليها من جراء انشطته “الميليشياوية” الاجرامية داخل روسيا او خارجها، وما هو مصيرها، أي الأموال، واطنان الذهب هذه، ومن الذي استولى عليها.

نطرح كل هذه الأسئلة بعد المفاجأة الكبرى التي فجرها اليوم الكسندر لوكاشينكو رئيس بيلاروسيا (روسيا البيضاء) والحليف الأوثق لبوتين، وكشف عن مضمونها في مؤتمر صحافي عقده اليوم في عاصمته منسك، وفحواها ان بريغوجين يتواجد حاليا في مدينة سانت بطرسبرغ الروسية، وليس في الأراضي البيلاروسية حيث ساد الاعتقاد طوال الأيام الماضية، وان مقاتلي مجموعة “فاغنر” ما زالوا يتواجدون في ثكناتهم داخل أوكرانيا او قرب البلدات الحدودية المحاذية لها، وحتى يؤكد لوكاشينكو روايته هذه قال انه اتصل امس (الأربعاء) ببريغوجين، واكد له الأخير: انه حر طليق، وسيواصل العمل من اجل روسيا”.

 

*** يصعب علينا، وربما الكثيرين غيرنا، من المتابعين لهذا الملف، اخذ تصريحات الرئيس لوكاشينكو على محل الجد، فهو الذي خرج علينا في اليوم الثاني من التمرد بتصريحات اكد فيها انه تدخل شخصيا لدى الرئيس بوتين، واقنعه بعدم “تصفية” بريغوجين، واعرب عن استعداده بإستضافته وبعض اتباعه في بلاده حقنا للدماء وان الرئيس بوتين وافق على هذا الاقتراح، وبعد بضعة أيام اكد لوكاشينكو بعظمة لسانه ان قائد مجموعة “فاغنر” وصل الى العاصمة البيلاروسية، ووجوده وقواته لا يشكل أي خطر على الدولة المضيفة. والأكثر غرابة ان هذه التصريحات المتضاربة تزامنت مع أنباء موثقة عن اقتحام قوات الامن الروسية “قصر” بريغوجين في سانت بطرسبرغ (مسقط رأس بوتين) وعثرت بداخله على سبائك ذهبية، ورزم بملايين الدولارات، وتحف فنية وجوازات السفر المزورة، وصور غريبة ومتعددة لقائد “فاغنر” يظهر فيها متنكرا بعدة اشكال، وخزانه ضخمة من الشعر المستعار بأشكال والوان مختلفة، وصور لرؤوس مقطوعة ربما لبعض خصومه. السؤال المحير الذي يجعلنا نشك برواية الرئيس البيلاروسي، كيف يعيش زعيم “فاغنر” حرا طليقا في سانت بطرسبرغ، بينما تقتحم قوات الامن الروسية قصره، وتكشف اسراره، على الملأ في توثيق مصور مدعما بمئات الصور الحية الثابتة؟ هناك عدة احتمالات يمكن استخلاصها من كل ما سبق: الأول: ان تكون هذه الازمة “حيلة” استخبارية مفتعلة حاكت فصولها المخابرات الروسية لاستخدامها كذريعة لاجتثاث هذه الجماعة، التي اعترف الرئيس بوتين بتمويلها، لتجاوزها، ورئيسها، كل الخطوط الحمراء داخليا وخارجيا، خاصة تهجمه على القيادة العسكرية والتشكيك بقدراتها. الثاني: ان يكون بريغوجين على إتصال فعلي بالمخابرات الامريكية، وكان يخطط فعلا لإنقلاب عسكري يطيح بالرئيس بوتين ونظامه، وجند مجموعة من الضباط على رأسهم الجنرال سيرغي سوروفيكين القائد الأول للحملة العسكرية على أوكرانيا، ونائب رئيس هيئة الأركان الذين قالت معلومات انه كان عضوا في مجموعة “فاغنر”، وهناك اعتقاد سائد بإعتقاله او حتى إعدامه، وما يعزز هذه الرواية قيام وليم بارنز قائد المخابرات المركزية الامريكية بزيارة سرية الى كييف قبل أيام من “الانقلاب” وكان على معرفة بتفاصيله، حسب تقرير لمحطة “سي ان ان”. الثالث: لعب الرئيس بوتين وصديقه وحليفه لوكاشينكو على عامل كسب الوقت، بالإيحاء بتجنب سفك الدماء، ونفي بريغوجين الى منسك، لإمتصاص الازمة، وتجنب إثارة أنصاره داخل المجموعة او في الجيش، وربما جرت تصفيته، أي بريغوجين، منذ اللحظة الأولى التي احتلت قواته المقر العام للجيش في بلدة روستوف الجنوبية، وتقدمها نحو موسكو. *** نرجح الاحتمال الأخير، أي اقدام بوتين ابن المخابرات السوفيتية الشرسة KGB، على تصفية زعيم مجموعة “فاغنر” لان العفو والتسامح ليس من عقيدة هذا الجهاز الأمني، ولا خريجه الرئيس بوتين الذي يتسم بالشجاعة والاقدام، وما يؤكد هذا الاحتمال، اننا لم نر أي صورة لبريغوجين حيا طليقا، سواء في منسك التي من المفترض انه لجأ اليها بناء على مبادرة لوكاشينكو، او في سانت بطرسبرغ التي قال الأخير انه يتواجد فيها حاليا، او حتى خلف القضبان. ربما تكون فقاعة “فاغنر” قد انفجرت، ولكن اسرارها ما زالت “تحت البلاطة” وانعكاساتها على روسيا والرئيس بوتين وانفجارها اثناء الهجوم الاوكراني المضاد، والدور الأمريكي المحتمل فيها خلقت “نكسة” مؤقتة للقيادة الروسية، وقد لا تتبدد انعكاساتها بسرعة. وجود سيرغي شويغو وزير الدفاع وذراعه الأيمن رئيس هيئة اركان الجيش الروسي على رأس عملهما حتى الآن، واختفاء “الخائن” الجنرال سوروفيكين، كلها مؤشرات توحي بأن دار “أبو علي بوتين” ما زالت على حالها، حتى الآن، وربما خرجت من الازمة أكثر قوة.. والله اعلم.

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: الرئیس بوتین

إقرأ أيضاً:

ترامب يحذر “بريكس” من التخلي عن الدولار ويهددها بالانتقام

#سواليف

جدد الرئيس الأمريكي دونالد #ترامب تهديد دول ” #بريكس ” بـ” #الانتقام_الاقتصادي” منها إذا حاولت التخلي عن #الدولار في #التجارة_العالمية، وأكد أنه سيطالبها بعدم إصدار عملة موحدة.

وأشار ترامب في منشور عبر منصته “تروث سوشال” اليوم الجمعة، إلى أن أي محاولة للابتعاد عن الدولار الأمريكي في التجارة الدولية ستؤدي إلى فرض تعريفات جمركية بنسبة 100٪.

واعتبر في منشوره أن “فكرة أن دول بريكس تحاول الابتعاد عن الدولار، بينما نقف مكتوفي الأيدي ونراقب، انتهت”.

مقالات ذات صلة الضيف و6 من رفاقه.. تعرف على قادة كتائب القسام الشهداء 2025/01/31

وأضاف: “سنطلب التزاما من هذه الدول بأنها لن تخلق عملة جديدة موحدة ولا تدعم أي عملة أخرى لتحدي الدولار الأمريكي العظيم، وإذا رفضوا، فسوف يواجهون تعريفات جمركية بنسبة 100٪ ويجب أن يتوقعوا قول وداعا للاقتصاد الأمريكي الرائع”.

وتابع: “لا توجد فرصة لاستبدال مجموعة البريكس بالدولار الأمريكي في التجارة الدولية، أو في أي مكان آخر. يجب على أي دولة تحاول أن تقول مرحبا بالتعريفات الجمركية ووداعا لأمريكا”.

جدير بالذكر أن ترامب قال نفس المضمون في تصريحات سابقة حول هذه القضية أثناء حملته الانتخابية وعندما تم انتخابه.

وتأسست مجموعة بريكس في عام 2006 من قبل البرازيل وروسيا والهند والصين، وانضمت إليها جنوب أفريقيا في عام 2011. وفي الأول من يناير 2024، أصبحت مصر وإثيوبيا وإيران والإمارات أعضاء فيها.

وفي منتصف يناير الجاري، أعلنت الخارجية البرازيلية أن جمهورية نيجيريا الاتحادية أصبحت الدولة التاسعة التي تنضم إلى مجموعة “بريكس” كدولة شريكة.

مقالات مشابهة

  • أمانة منطقة الباحة تُطلق فعاليات مهرجان “شتاء الباحة الأدبي”
  • تسع دول تشكل “مجموعة لاهاي لدعم فلسطين”
  • تركيا.. “الصناعات الدفاعية” تعلن الشركات الأكثر تصديرا في 2024
  • ???? نعى قائد التمرد نفسه ومليشيته وهو يخطرف ويهذي على مسرح السخرية
  • رئيس وزراء باكستان يبحث مع رئيس بيلاروسيا العلاقات الثنائية وآفاق التعاون المشترك
  • بوتين يسمح لبنك “غولدمان ساكس” ببيع أصوله في روسيا
  • ترامب يهدد مجموعة “بريكس” إذا فكرت في استبدال الدولار
  • مضوي: “هذه هي المناصب التي نسعى لتدعيمها في الميركاتو الشتوي الجاري”
  • “الأشقاء الثلاثة”.. المغرب يُفكك خلية إرهابية أوشكت على تنفيذ هجوم مدمر
  • ترامب يحذر “بريكس” من التخلي عن الدولار ويهددها بالانتقام