المستشفى قُصف.. كيف اغتال الاحتلال أمل مرضى السرطان الغزّيين في الشفاء؟
تاريخ النشر: 12th, November 2023 GMT
"المستشفى الوحيد لعلاج السرطان في قطاع غزة توقف عن العمل بسبب نفاد الوقود" بهذه الجملة المليئة بالألم واليأس، أعلن مسؤولون في قطاع الصحة الفلسطيني، الأربعاء الماضي، عن توقف ذلك البصيص من الأمل الذي كان يحوم على صحة المرضى، ليُفتح باب المجهول للكثير من المرضى.
وقال مدير المستشفيات في قطاع غزة، محمد زقوت، إن "خروج المستشفى التركي عن الخدمة يعني أن مرضى السرطان لا يستطيعون التوجه إلى أي مستشفى آخر، لأن خدمة السرطان تحتاج لإمكانيات وتجهيزات خاصة وتحتاج إلى جهاز خاص لتحضير العلاج الكيماوي"، مبرزا أن هذا "يعني أن هذه الفئة من المرضى والذي يزيد عددهم عن 10 آلاف مريض في قطاع غزة يتعرضون للموت السريع".
وفتح هذا الخبر فتيل لهب على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث رجّت مُختلف المنصات بجُملة من المنشورات، التي يُطالب أصحابها، المسؤولين في بلادهم، بالتدخل السريع لإنقاذ مرضى السرطان في غزة، مشيرين إلى أن "السرطان لا يعرف الحرب، ولا ينتظر".
لا تتركوا مرضى السرطان للموت
"نقول للعالم لا تتركوا مرضى السرطان للموت المحقق بسبب خروج المستشفى عن الخدمة" هكذا دعا مدير مستشفى الصداقة التركي الفلسطيني، صبحي سكيك، في مؤتمر صحفي، المجتمع الدولي، للتدخل السريع لإنقاذ الآلاف من المرضى.
من جهتها، أعلنت منظمة الصحة العالمية توقف العمل في مستشفى الصداقة التركي الفلسطيني المختص بمعالجة مرضى السرطان في قطاع غزة، عبر تدوينة على حساب المنظمة، شاركها وعلق عليها مدير عام المنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الأربعاء، مطالبا بـ"تقديم دعم عاجل".
وأوضحت وزيرة الصحة الفلسطينية، مي الكيلة، في بيان لها، "توقف مستشفى الصداقة التركي في قطاع غزة عن العمل، جراء قصفه من قبل قوات الاحتلال، ونفاد الوقود فيه بشكل كامل" مؤكدة أنه بذلك "يرتفع إجمالي عدد المستشفيات المتوقفة عن العمل في القطاع إلى 16 من أصل 35".
وكانت قد أنشأت مستشفى الصداقة التركي (2011-2017) الذي يعتبر من أكبر المشافي في فلسطين، والوحيد المختص في علاج مرضى السرطان في غزة، وتبلغ مساحته 34 ألفا و800 متر مربع، مُؤلف من 3 طوابق، ويحتوي على 180 سريرا.
ما قبل الحرب وبعدها..
معاناة مرضى السرطان في غزة، مريرة وقاسية، لا تُشبه أي معاناة أخرى، على مر السنين الماضية، حيث كان هناك دوما نقصا حادا في مُستلزمات العلاج، غير أن الأمل لم يكن يُفارقهم يوما، وكانوا يحلمون بيوم يعلن فيه السرطان استسلامه من أجسادهم؛ غير أن الحرب حين أتت، تفاقمت جروحهم أكثر، وبات الأمل في نجاتهم يتضاءل.
قبل الحرب، كان مرضى السرطان في غزة، يعانون من نقص حاد في الدواء وعدم توفر العلاج الإشعاعي، وعدم توفر إمكانات للطب النووي للتشخيص، فضلا على أنهم كانوا يتعرضون لمعاناة إضافية في ملف التحويلات الطبية، أي ما يتعلق أساسا بخروجهم بغرض تلقي العلاج في المستشفيات الفلسطينية في الضفة الغربية أو القدس، جرّا رفض الاحتلال الإسرائيلي السماح لهم للتوجه للعلاج.
وكان المرضى أنفسهم، قبل الحرب، يطالبون بحقّهم في الحصول على أدوية في ظل نقصها وصعوبة تلقي العلاج بالخارج نتيجة الحصار الإسرائيلي، عبر لافتات كُتب عليها: "لا للحصار.. من حقي العلاج"، و"أنا مريض سرطان أستحق العلاج.. وفروا العلاج في المستشفيات".
"ذهبنا إلى مستشفى أصدقاء المريض، فقالوا إنهم لا يملكون الإمكانات اللازمة. ذهبنا إلى مستشفى آخر وطلبوا اختبارات، اضطررنا أن نستدين لأتمكن من إجرائها. وقالوا لي إن الورم ناجم عن التهابات، وأعطوني أدوية لعلاجها، لكن بدون فائدة بالطبع." يتبعhttps://t.co/DBmt6urBNr pic.twitter.com/SiZ8RHIYMb — أخبار الأمم المتحدة (@UNNewsArabic) February 4, 2019
وكان مدير عام مستشفى الصداقة التركي، صبحي سكيك، قد قال في مؤتمر، قبل أشهر من اندلاع الحرب، إن: "مرضى السرطان في غزة يعانون من قلة الموارد والأدوية، وسبل العلاجات الأخرى"، موضحا: "لدينا في المستشفى ما يزيد عن 9 آلاف مريض سرطان، فيما يزور العيادات الخارجية ما لا يقل عن 450-500 مريض يوميا، كما يرقد في المستشفى ما يزيد عن 70-100 مريض، يترتب علينا كم كبير من الواجب وأسس العلاج الأساسية غير متواجدة بالمستشفى".
وأكد أن "ما نسبته 40-44 في المئة من المرضى الذين يتم تحويلهم لتلقي العلاج خارج قطاع غزة يتم رفض تحويلاتهم، من قبل الجانب الإسرائيلي؛ وأن 80 إلى 120 مريض سرطان في قطاع غزة، يموتون سنويا وهم ينتظرون الموعد لتلقي العلاج خارج مؤسسات الوزارة".
وتابع: "مريض السرطان يمكن له أن يُشفى، لو تلقى العلاج المناسب بالوقت المناسب، التأخير في ذلك والمماطلة تؤدي إلى تفشي المرض في جسده وتضاعف فرص الموت"، مطالبا العالم بـ"التحرك لتوفير العلاجات اللازمة لمرضى السرطان في غزة ولتمكينهم من حقهم في فرصة تلقي العلاج في الخارج".
وكان المرضى، قبل الحرب، يضطرون، بعد تشخيصهم بالسرطان، انتظار شهورا طويلة قبل التمكن من الحصول على العلاج، ناهيك على ارتفاع تكاليفه؛ أما الحصول على تصريح من أجل تلقي الرعاية الصحية خارج غزة، فذاك كان عملية معقدة وصعبة، إذ أنه وفقا لمنظمة الصحة العالمية، كان يقدم كثير من المرضى أكثر من طلب قبل أن يتمكنوا من الخروج، والكثير منهم لم يكن يحصل على التصريح، رغما عن ذلك.
الحرب تُنشّط السرطان
ما قبل الحرب كان صعبا على مرضى السرطان في غزة، فما بالك بالوضع المزري الذي يُعايشه القطاع المحاصر، في ظل الأيام الراهنة؛ وكان مدير مستشفى الرنتيسي لسرطان الأطفال، محمد أبو سلمية، قد أشار إلى أنه "لا شك أن ما استخدمه الاحتلال من أسلحة فتاكة تحتوي على اليورانيوم المنضب والفسفور الأبيض والبارود وغيرها من المواد المشعة أدى إلى تنشيط الخلايا السرطانية لدى أهالي قطاع غزة".
وتابع: "هذا ما شهدناه بعد الحروب لاسيما الحرب الأخيرة عام 2014، حيث أصبحنا نستقبل الكثير من حالات الإصابة بالمرض شهرياً، خصوصاً من سكان المناطق الحدودية التي تعرضت لكميات كبيرة من الإشعاع"، مبرزا أنه "يتم اكتشاف ما يقارب المئة والعشرين حالة شهريا مصابة بالسرطان، حيث يعتبر سرطان الثدي الأكثر انتشارا بين النساء بنسبة 35%، وسرطان القولون عند الرجال بنسبة 19%".
وأكد محمد أبو سلمية، أنه "عقب الحرب الأخيرة تم رصد أنواع أخرى من السرطان في غزة، مثل سرطان الغدة الدرقية، فضلا عن زيادة انتشار سرطان البنكرياس والبروستاتا والدماغ والرئتين والرحم".
من يستجيب؟
من بين من لبوّا نداء الاستغاثة لآلاف المرضى بالسرطان، في قطاع غزة، تركيا ومصر، حيث قال وزير الصحة التركي، فخر الدين قوجه، الأحد الماضي، إن الدولتين اتفقتا على إرسال نحو 1000 من مرضى السرطان، وغيرهم من المدنيين المصابين الذين يحتاجون لرعاية عاجلة في غزة، إلى تركيا لتلقي العلاج، مؤكدا أن "العمل جار للتخطيط لهذه الخطوة".
وكان الوزير التركي، قد قال يوم الخميس الماضي، قد قال إن "أنقرة مستعدة لاستقبال مرضى السرطان من مستشفى الصداقة التركي الفلسطيني في غزة، وهو المستشفى الوحيد لعلاج السرطان في القطاع والذي خرج عن الخدمة بعد نفاد الوقود الأسبوع الماضي".
من جهتها، كانت الإمارات، قد أعلنت، الثلاثاء الماضي، أنها تود علاج 1000 طفل فلسطيني من غزة؛ فيما قال مدير مركز الملك حسين لعلاج مرضى السرطان في عمان، عاصم منصور، إن "السلطات الأردنية وافقت على استقبال 41 طفلا من غزة للعلاج في الأردن، خلال الأيام القليلة المقبلة".
احتياجات متواصلة..
بالنظر إلى عدد مرضى السرطان في القطاع، ممّن تقطّعت بهم السُبل، وباتوا في حاجة ماسّة للعلاج، فإن عددهم يناهز 10 آلاف مريض، وفقا لمدير المستشفيات في غزة؛ فيما مجموع من سيتم مساعدته من طرف كل من مصر والأردن وتركيا والإمارات، مُجتمعين، هو 2041 مريض.
إلى ذلك، رصدت "عربي21" عدد من الوقفات الاحتجاجية، المطالبة بمد يد العون لمرضى السرطان في القطاع المحاصر، من بينها وقفة تم تنظيمها من طرف مئات الموظفين والمرضى من مركز الملك حسين لعلاج مرضى السرطان، في العاصمة الأردنية عمان.
أبطالنا في مركز الحسين للسرطان يتضامنون مع نظراءهم في غزة والموافقات لعلاجهم جاهزة
الأردن❤️ pic.twitter.com/NDvbiCm3SO — DIMA TAHBOUB (@DTABOUB) November 9, 2023
ورفع المحتجون، أعلام فلسطين وعدد من اللافتات تعبيرا عن دعمهم لكل من المرضى والعاملين في القطاع الصحي، في قطاع غزة المحاصر، مبرزين الوضع المأساوي ولا إنساني الذي تجرعوا مرارته طيلة 36 يوما، حيث لم يرحم القصف الهمجي للاحتلال الإسرائيلي لا حجرا وبشرا.
وأوضح مدير مركز الحسين للسرطان، عاصم منصور، خلال الوقفة الاحتجاجية نفسها، أن "الجانب الأردني أنهى جميع الموافقات الخاصة بأطفال غزة المصابين بالسرطان، الذين سوف يتوافدون للأردن للعلاج" مشيرا إلى أنه "تم قبول 41 مريضا من غزة للعلاج في المركز، يُتوقّع أن يصلوا الأردن، خلال الأسابيع المقبلة".
مركز الحسين للسرطان ينتظر وصول 7 أطفال غزيين خلال أيام pic.twitter.com/erVkdNMa1u — ZAEN ALkALID (@ZaenAlkalid) November 9, 2023
وفي الوقت الذي أشار فيه منصور أن "المركز بانتظار وصول أول 7 أطفال، حالتهم حرجة، خلال الأيام المقبلة، لتقديم جميع الخدمات التي يحتاجونها"؛ تحدثت الطفلة الغزية، زينة، وهي مريضة بسرطان الدم، في مداخلة لها خلال الوقفة، عن الألم والمعاناة التي يعانيها أكثر من 9000 مريض في غزة، حيث لم يتلقوا العلاج اللازم قبل الحرب، وزادت أوضاعهم سوءا بعد أن قصف الاحتلال المستشفى الوحيد الذي يقدم لهم الرعاية".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية غزة الفلسطيني مرضى السرطان فلسطين غزة مرضى السرطان طوفان الاقصي سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مستشفى الصداقة الترکی مرضى السرطان فی غزة تلقی العلاج فی قطاع غزة من المرضى قبل الحرب فی القطاع ی القطاع الذی ی
إقرأ أيضاً:
ثورة في علاج السرطان بأسرع وقت | تفاصيل
قدمت مذيعة “صدى البلد”، رنا عبد الرحمن، تغطية عن مرض السرطان من أكثر الأمراض التي تثير القلق على مستوى العالم، نظرا لانتشاره الواسع وتأثيراته المدمرة على صحة الإنسان.
وقد شهد مجال علاج السرطان تطورات كبيرة في السنوات الأخيرة، حيث ظهرت العديد من الأساليب العلاجية المتقدمة التي تسعى إلى مكافحة الأورام بشكل فعال مع تقليل الآثار الجانبية.
ومن بين هذه التطورات الحديثة، يظهر العلاج الإشعاعي السريع (FLASH) كأحد الأساليب الواعدة التي تعد بتغيير طريقة التعامل مع السرطان، إذ يعكس هذا العلاج قدرات جديدة لمكافحة الأورام مع تقليل الأضرار التي قد تلحق بالأنسجة السليمة المحيطة.
ومن بين هذه التطورات الحديثة، يظهر العلاج الإشعاعي السريع (FLASH) كأحد الأساليب الواعدة التي تعد بتغيير طريقة التعامل مع السرطان، إذ يعكس هذا العلاج قدرات جديدة لمكافحة الأورام مع تقليل الأضرار التي قد تلحق بالأنسجة السليمة المحيطة.
والعلاج الإشعاعي السريع، الذي يعرف أيضا بالعلاج الإشعاعي فلاش (FLASH-RT)، هو تقنية علاجية مبتكرة تعتمد على توصيل جرعات إشعاعية عالية جدا في فترة زمنية قصيرة جدا، لا تتجاوز الثانية.
هذا العلاج يعد نقلة نوعية مقارنة بالعلاج الإشعاعي التقليدي، الذي يتطلب عادة جلسات متعددة ومتتابعة على مدار عدة أسابيع، ما قد يؤدي إلى تعرض الأنسجة السليمة المجاورة للأورام لتأثيرات سلبية.
ويتمثل الفرق الرئيسي بين العلاج الإشعاعي التقليدي والعلاج الإشعاعي السريع في طريقة توصيل الإشعاع.
في العلاج التقليدي، يتم تقديم الإشعاع بشكل تدريجي على مدى عدة جلسات.
في المقابل، يعتمد العلاج الإشعاعي السريع على إيصال جرعات إشعاعية عالية الكثافة في فترة زمنية قصيرة للغاية.
وهذه الجرعات المكثفة تسبب ما يُعرف بتأثير "الفلاش" الذي يتمثل في قدرة الإشعاع على تدمير الخلايا السرطانية دون التأثير المفرط على الأنسجة السليمة المحيطة.
وهذا التأثير يساعد على تقليل الأضرار التي قد تلحق بالأعضاء السليمة مثل الدماغ أو الأنسجة المحيطة بالورم.
اما عن فوائد العلاج الإشعاعي السريع
ومن أبرز الفوائد التي يوفرها العلاج الإشعاعي السريع:
* تقليل عدد الجلسات: يمكن أن يحتاج المريض إلى جلسة واحدة فقط من العلاج، أو عدد قليل من الجلسات التي تستغرق وقتا قصيراللغاية، مما يقلل من التكاليف ويسهل العلاج.
* تقليل الأضرار للأنسجة السليمة: تظهر الدراسات أن العلاج السريع يقلل بشكل كبير من الأضرار التي تلحق بالأنسجة السليمة المجاورة للورم، مما يقلل من الآثار الجانبية المترتبة على العلاج.
لمزيد من التفاصيل شاهد الفيديو: