باحثون عراقيون يشخصون الأمراض باستخدام الذكاء الاصطناعي
تاريخ النشر: 12th, November 2023 GMT
قام فريق علمي مشترك من الجامعة التقنية الوسطى في بغداد وجامعة جنوب أستراليا، باستخدام نظام جديد لتشخيص الأمراض عن طريق تحليل لون لسان المريض، وذلك ضمن دراسة نشرتها دورية المعهد الأميركي للفيزياء "أي آي بِي كونفرينس بروسيدينغز".
وأظهرت الدراسة التي تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي أن نظام التشخيص تمكن من الكشف الدقيق عن بعض الأمراض -مثل السكري والفشل الكلوي- في 94% من تلك الحالات ضمن البحث.
ومن ناحية أخرى أشار البيان الصادر من جامعة جنوب أستراليا إلى أن الدراسة الجديدة يمكن أن توفر المزيد من الأدلة على الدقة المتزايدة لتكنولوجيا الكشف عن الأمراض. كما يتوقع الباحثون أن تشكل نتائج الدراسة تحولا في استخدام الذكاء الاصطناعي في تشخيص الأمراض ولاسيما الأمراض المزمنة والمستعصية.
د. علي الناجي: الطب الصيني رائداً في ممارسة فحص اللسان للكشف عن المرض (الجزيرة)لسانك يعكس صحتك
ومنذ نحو 2000 عام، كان أطباء الأعشاب الصينيون يقومون بفحص اللسان البشري بحثًا عن علامات المرض، الأمر الذي استمر حتى يوم الناس هذا، فلا يزال الأطباء يرون أن اللسان البشري ليس مجرد عضو في الجسم مخصص لتذوق الطعام ومضغه فحسب، بل يحتوي على مؤشرات للكشف عن الأمراض التي يعاني منها الإنسان، مما يساعد الأطباء في الكشف عن الحالات المرضية واقتراح العلاجات المناسبة لها.
وفي هذا الصدد يقول الدكتور علي الناجي الأستاذ المساعد في الجامعة التقنية الوسطى في بغداد وجامعة جنوب أستراليا: "منذ آلاف السنين، كان الطب الصيني رائداً في ممارسة فحص اللسان للكشف عن المرض، لقد أيد الطب التقليدي هذه الطريقة منذ فترة طويلة، مما يدل على أن لون وشكل وسمك اللسان يمكن أن يكشف عن علامات أمراض مثل مرض السكري، ومشاكل الكبد، ومشاكل الدورة الدموية والجهاز الهضمي، فضلا عن أمراض الدم والقلب".
وبحسب البيان الصادر من جامعة جنوب أستراليا، فانه مع تطور العلوم والتكنولوجيا الحديثة، أصبح علماء الحاسوب والذكاء الاصطناعي يقومون أيضا بالكشف عن الأمراض بواسطة فحص ومعالجة صور اللسان، إذ تكتسب أنظمة تشخيص اللسان اهتماما سريعا بسبب زيادة المراقبة الصحية عن بعد في جميع أنحاء العالم.
لون وشكل وسمك اللسان يمكن أن يكشف عن علامات أمراض مثل السكري ومشاكل الكبد والدورة الدموية وغيرها (Getty)وفي الدراسة الجديدة استخدم الفريق العلمي كاميرا ويب يو إس بي (USB) وجهاز حاسوب لالتقاط صور اللسان من 50 مريضا يعانون من السكري والفشل الكلوي وفقر الدم، ومقارنة ألوانها مع قاعدة بيانات مكونة من 9000 صورة للسان.
وبعد استخدامهم لتقنية معالجة الصور، تمكن الباحثون من تشخيص الأمراض بدقة وصلت إلى 94% من تلك الحالات مقارنة بالنتائج المخبرية، هذا بالإضافة إلى أنهم قاموا بإرسال بريد صوتي يحدد لون اللسان والمرض عبر رسالة نصية إلى المريض أو مقدم الرعاية الصحية.
تحليل اللسان المحوسبومن أجل استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي الحديث، قام الأستاذ المساعد علي الناجي وزملاؤه بمراجعة التطورات العالمية في تشخيص الأمراض بمساعدة الحاسوب بناء على لون اللسان.
ووفقا لما ورد في بيان جامعة جنوب أستراليا، فإنه من أجل أخذ هذه الخطوة إلى الأمام وتطويرها، يتم الآن إجراء طرق جديدة لتشخيص المرض من مظهر اللسان عن بُعد باستخدام الذكاء الاصطناعي وكاميرا حاسوب، أو كاميرا هاتف ذكي، وهو ما أصبح يعرف اليوم بتحليل اللسان المحوسب.
وأظهرت دراسة أجريت عام 2022 في أوكرانيا، وحللت صور لسان 135 مريضا بفيروس كورونا عبر الهاتف الذكي؛ أن 64% من المرضى الذين يعانون من عدوى خفيفة لون لسانهم وردي شاحب، و62% من المرضى الذين يعانون من عدوى متوسطة لون لسان أحمر، و99% من المرضى الذين يعانون من عدوى شديدة لون لسانهم أحمر داكن، كما قامت الدراسات السابقة التي استخدمت أنظمة تشخيص اللسان بتشخيص التهاب الزائدة الدودية والسكري وأمراض الغدة الدرقية بدقة.
وفي هذا الصدد يقول د.الناجي: إن تحليل اللسان المحوسب دقيق للغاية ويمكن أن يساعد في تشخيص الأمراض عن بعد بطريقة آمنة وسهلة وغير مؤلمة وفعالة من حيث التكلفة، وهذا مهم بشكل خاص في أعقاب جائحة عالمية مثل فيروس كورونا، حيث كانت هناك صعوبات في الوصول إلى المراكز الصحية.
ومن جانب أخر قال بيان جامعة جنوب أستراليا: إن نتائج تحليل الصور في الدراسة الجديدة بينت أنه عادة ما يكون لدى مرضى السكري لسان أصفر، ومرضى السرطان لسان أرجواني مع طبقة دهنية سميكة، ومرضى السكتة الدماغية الحادة لديهم لسان أحمر غالبا ما يكون ملتويا.
وبناء على نتائج الدراسة يقول الدكتور الناجي: "من الممكن بدقة تصل إلى 80% تشخيص أكثر من 10 أمراض تسبب تغيرا واضحا في لون اللسان، كما أننا في دراستنا حققنا دقة بنسبة 94% مع ثلاثة أمراض، لذلك هناك إمكانية لتحسين هذا البحث بشكل أكبر".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی تشخیص الأمراض یعانون من
إقرأ أيضاً:
كيف يواجه الذكاء الاصطناعي أزمة نقص الكوادر في الأمن السيبراني؟
سلط خبراء الضوء على التحديات المرتبطة بنقص الكوادر في مجال الأمن السيبراني عالميًا، مؤكدين ضرورة الاستثمار في التقنيات الحديثة وتطوير القدرات البشرية لمواجهة التحديات المتزايدة في هذا المجال.
وأكدوا خلال جلسة "الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني: كيف يسير العالم اليوم وما هو الغد؟" أن الذكاء الاصطناعي يلعب دورًا محوريًا في سد هذه الفجوة من خلال دعم المحللين وتعزيز إنتاجيتهم، لافتين إلى أن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة، بل هو ركيزة أساسية لمستقبل الأمن السيبراني.
من جانبه، استعرض رامي كالاش، رئيس قطاع الأمن السيبراني في شركة مايكروسوفت، تطورات التهديدات الإلكترونية وكيفية تعامل المؤسسات معها في ظل تغير طبيعة الهجمات السيبرانية واعتماد المهاجمين على تقنيات أكثر تطورًا.
وأشار كالاش إلى التحول الجذري في مشهد الأمن السيبراني، حيث لم تعد الهجمات تقتصر على أفراد مستقلين يسعون لإثبات مهاراتهم التقنية، بل أصبحت منظمات متكاملة تعتمد على أدوات متطورة. وأضاف أن الأدوات الحديثة أصبحت تتيح تنفيذ هجمات دون الحاجة إلى مهارات تقنية متقدمة، مما يزيد من تعقيد مهمة التصدي لها.
وأوضح كالاش أن المهاجمين أصبحوا قادرين على توليد أكواد خبيثة وتطويرها بسرعة، ما يجعل أساليب الحماية التقليدية مثل برامج مكافحة الفيروسات أقل فعالية. وتحدث عن قدرة المهاجمين على استخدام الذكاء الاصطناعي لتوليد محتوى يحاكي الرسائل الرسمية للشركات أو تطوير أساليب لاستهداف الأفراد بناءً على معلومات شخصية مستخلصة من وسائل التواصل الاجتماعي.
وأشار إلى أن المهاجمين لم يعودوا بحاجة إلى اختراق كلمات المرور المعقدة بشكل مباشر، بل يعتمدون على جمع معلومات شخصية مثل تواريخ الميلاد والهوايات لتضييق نطاق المحاولات، مما يقلل من الزمن والجهد اللازمين للوصول إلى الأنظمة المستهدفة.
وأكد كالاش أن استخدام الصوت والفيديو المزيف أصبح أحد التهديدات الجديدة، حيث يمكن استغلال هذه التقنية لإرسال طلبات تبدو وكأنها صادرة من المديرين أو الشخصيات الموثوقة داخل الشركات، مما يجعل التمييز بين الحقيقي والمزيف تحديًا كبيرًا.
وسلط الضوء على أهمية تبني المؤسسات لأحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي والأدوات الأمنية المتطورة لمواجهة هذه التحديات المتنامية، مشددًا على ضرورة رفع الوعي السيبراني لدى الأفراد والمؤسسات على حد سواء.
وأوضح أن الذكاء الاصطناعي أصبح جزءًا لا غنى عنه في نظم الدفاع الحديثة، مشيرًا إلى أن التحدي ليس في استخدام الذكاء الاصطناعي فحسب، بل في كيفية استغلال إمكاناته إلى أقصى حد.
وأكد أنه يتم استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل سلوكيات المهاجمين بدلًا من الاكتفاء بتتبع التوقيعات التقليدية للهجمات، ما يتيح اكتشاف التهديدات الجديدة بشكل أسرع. ونوه إلى أهمية تقليل الإجهاد الناتج عن التنبيهات، حيث تُعد كثرة التنبيهات الأمنية أحد أكبر التحديات التي تواجه المحللين، لافتًا إلى دور الذكاء الاصطناعي في تصفية التنبيهات غير الضرورية وتركيز المحللين على الأولويات الحقيقية.
وأضاف أن حلول مايكروسوفت مثل Co-Pilot for Security تعزز من فعالية فرق الدفاع من خلال تحليل الأحداث الأمنية وتقديم التوصيات المناسبة، بالإضافة إلى إنشاء تقارير تلقائية تساعد في توفير الوقت وتحسين الكفاءة، فضلًا عن توفير قاعدة بيانات معرفية للمحللين، خاصة الجدد منهم، لفهم تكتيكات المهاجمين بشكل أعمق.
من جانبه، أشار المهندس إيهاب حسين، كبير مهندسي الذكاء الاصطناعي في شركة IOActive، إلى أن الأنظمة القائمة على الذكاء الاصطناعي قد حققت تقدمًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، مؤكدًا قدرة هذه الأنظمة على تنفيذ مهام معقدة مثل اختبارات الاختراق (Penetration Tests)، تحليل مراكز البيانات، وتقييم أكواد البرمجيات بسرعة ودقة فائقة.
وأكد حسين أن هذه التقنيات لا تحل محل العامل البشري بالكامل، لكنها تغير الأدوار وتعيد توجيه التركيز نحو المهام الاستراتيجية. وأوضح أن الذكاء الاصطناعي يوفر للشركات أدوات قوية لأتمتة المهام الروتينية، مما يتيح للمتخصصين التركيز على أعمال أكثر تقدمًا مثل الهندسة العكسية (Reverse Engineering) وتطوير الهجمات السيبرانية المضادة.
وأضاف أن من المتوقع أن يصبح تعلم البرمجة مهارة أساسية للعاملين في مجال الأمن السيبراني، حيث ستكون الأنظمة الآلية جزءًا لا يتجزأ من هذا القطاع.
ولفت حسين إلى أهمية فهم بنية الأنظمة القائمة على تقنيات الذكاء الاصطناعي مثل النماذج التحويلية (Transformers) لتطوير أدوات تتكامل بشكل فعال مع الأنظمة التشغيلية. وأكد على ضرورة استغلال المتخصصين لهذه الأدوات لبناء حلول جديدة تلبي احتياجات السوق المتنامية.
وطالب بضرورة مواكبة تطورات الذكاء الاصطناعي والعمل على تطوير المهارات التقنية لضمان القدرة على المنافسة في ظل بيئة تقنية متغيرة، مشددًا على أن الشركات التي تستثمر في الأتمتة والذكاء الاصطناعي ستكون أكثر قدرة على الاستجابة لتحديات الأمن السيبراني المستقبلية.
من جانبه، أكد الخبير الأمني محمد سامي على أهمية اعتماد نماذج ذكاء اصطناعي محلية تلبي الاحتياجات الخاصة للدول والمؤسسات، مع الحفاظ على أمن البيانات والخصوصية. وأشار إلى أن العمل مع المستخدمين وفهم احتياجاتهم يعد الركيزة الأساسية لتطوير أنظمة متقدمة قادرة على التكيف مع بيئات العمل المختلفة، موضحًا: "لا يمكننا الاعتماد فقط على منصات عالمية مثل OpenAI أو Google دون النظر إلى احتياجاتنا المحلية وتطوير حلول مخصصة لهذه التحديات."
وأوضح سامي أن الشركات الكبرى مثل OpenAI وMeta تضع حدودًا لإمكانيات النماذج التي تتيحها للعامة، حيث تظل "القدرات الحقيقية" لهذه النماذج داخلية وغير متاحة للاستخدام العام، مما يُضعف فرص استفادة الدول النامية من هذه التقنيات. وأضاف قائلًا: "النماذج المتاحة حاليًا للعامة هي ما قررت هذه الشركات مشاركته فقط، بينما تبقى القدرات الكاملة حكرًا على الاستخدام الداخلي."
وشدد على ضرورة تجاوز هذا التحدي عبر بناء نماذج محلية ذات كفاءة عالية، قائلًا: "الاعتماد على النماذج المفتوحة قد يكون خطوة آمنة مؤقتًا، لكن الحل الأمثل هو الاستثمار في بناء نماذج محلية تتيح للدول التحكم الكامل في البيانات والمخرجات."
وفيما يتعلق بالتحديات المستقبلية، أكد سامي على أهمية التعاون بين الدول لتطوير تقنيات ذكاء اصطناعي تتماشى مع قواعد الأمن السيبراني العالمية. وأوضح أن تطوير نماذج محلية يتطلب تعزيز استثمارات كبيرة في تدريب البيانات وإنشاء أنظمة متقدمة تتماشى مع احتياجات السوق المحلي.
وأكد على أن تطوير الذكاء الاصطناعي المحلي ليس مجرد خيار، بل ضرورة استراتيجية لضمان السيادة الرقمية للدول. وقال: "علينا التفكير في بناء نماذج تتماشى مع متطلباتنا وتُظهر قدرتنا على المنافسة عالميًا مع الحفاظ على خصوصية بياناتنا."
جاء ذلك خلال فعاليات النسخة الثامنة والعشرين من معرض ومؤتمر Cairo ICT’24، المنعقدة تحت رعاية فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، خلال الفترة من 17 إلى 20 نوفمبر 2024، بمركز مصر للمعارض الدولية. يأتي المعرض هذا العام تحت إشراف الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
تنظم فعاليات المعرض شركة تريد فيرز إنترناشيونال بالتعاون مع الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، تحت شعار "The Next Wave"، حيث يسلط الضوء على أحدث التقنيات والاتجاهات المستقبلية التي ستعيد تشكيل الصناعات والاقتصادات والمجتمعات. ويشهد الحدث مشاركة كبرى المؤسسات العالمية وقادة التكنولوجيا.
يأتي المعرض برعاية عدد من الشركات والمؤسسات الكبرى، منها: دل تكنولوجيز، مجموعة إي فاينانس للاستثمارات المالية والرقمية، البنك التجاري الدولي (CIB)، هواوي، أورنج مصر، مصر للطيران، المصرية للاتصالات، ماستركارد، وهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات (إيتيدا). كما تضم قائمة الرعاة شركات مثل: إي آند إنتربرايز، مجموعة بنية، خزنة، وسايشيلد.
يمثل معرض ومؤتمر Cairo ICT’24 منصة مهمة لاكتشاف الموجة التالية من التطور التكنولوجي، وإبراز الفرص المستقبلية التي تساهم في إعادة تشكيل الاقتصاد المصري والعالمي.