في كتابها "مانيفستو حساء الدجاج"، ذكرت خبيرة الطهي الأميركية جين لويس، "أن حساء الدجاج يُعد واحدا من أكثر الأطباق المحبوبة في الشتاء أو في حالات المرض"؛ فهو يُقَدم بأكثر من 100 طريقة في 64 دولة حول العالم، "ليس باعتباره مصدرا لتغذية تدفئ القلب فحسب، ولكن كعلاج للأمراض أيضا؛ فقد اعتمده الطبيب والفيلسوف ابن سينا (كطبق علاجي)".

أما أستاذ علم التغذية في جامعة دايتون الأميركية الدكتور كولبي تيمان، فذكر في مقال علمي نُشر مؤخرا، "أن تحضير حساء الدجاج يُعد ممارسة شائعة وتلقائية عند رعاية أي مريض من أفراد الأسرة، ومحاولة للمساعدة من خلال تقديم ما يُعتقد أنه علاج مهدئ ومريح، تعود أصوله إلى الصين القديمة منذ آلاف السنين".

ولأن معظم الناس أصبحوا يستعدون لموسم البرد والإنفلونزا بمزيد من الاهتمام، وخصوصا بعد هجمات فيروس كورونا ومتحوراته؛ تزايدت التساؤلات حول وجود دليل علمي على أن حساء الدجاج مفيد، أم أنه مجرد علاج وهمي يوفر فائدة نفسية فقط؟

حساء الدجاج وعلاج نزلات البرد

اعتبر أستاذ الكيمياء بجامعة ماكغيل الأميركية الدكتور جو شوارتز، أن حساء الدجاج "وصفة سهلة وسريعة للتخلص من أعراض نزلة البرد خلال أسبوع، بدلا من أسبوعين لمن لا يتناولون حساء الدجاج".

أما الكاتبة المتخصصة في الصحة تارا باركر بوب، فقالت لصحيفة "نيويورك تايمز" في العام 2007، إن "دراسات علمية، تشير إلى أن حساء الدجاج يمكن أن يكون له قيمة طبية حقا".

وأوضحت أن أشهر هذه الدراسات نُشرت في العام 2000؛ وأظهرت أن "حساء الدجاج يثبط حركة نوع من أكثر خلايا الدم البيضاء نشاطا، مما قد يخفف أعراض البرد في الجهاز التنفسي العلوي".

ورغم أن الباحثين لم يتمكنوا من تحديد المكونات التي تجعل الحساء فعالا ضد نزلات البرد، فإنهم يعتقدون أن السر قد يكون في "تأثير الطعم الناتج عن امتزاج الدجاج مع الخضار الذي يشتمل غالبا على البصل والبطاطا والجزر والكرفس والبقدونس، بالإضافة إلى الملح والفلفل والكاري".

ومع أن أي من نتائج الأبحاث لم تكن قاطعة، "فإن هذا لا يمنع أن حساء الدجاج مع الخضار يحتوي على الكثير من العناصر الغذائية الصحية، ويزيد من الترطيب"، ويمنحنا "مذاقا جيدا"، على حد قول باركر بوب.

يستخدم حساء الدجاج في الاستشفاء من نزلات البرد منذ آلاف السنين (شترستوك) "أومامي" كلمة السر في حساء الدجاج

لكن هذا "المذاق الجيد" هو الذي توقف أمامه الدكتور كولبي تيمان، قائلا "باعتباري اختصاصي تغذية معتمد وأستاذ في علم التغذية، فأنا أعرف جيدا جاذبية حساء الدجاج، حيث دفء المرق والنكهات الغنية واللذيذة للدجاج والخضروات والنودلز؛ التي تمنح الحساء هذا الطعم المميز المُسمى (أومامي)؛ وهو مصطلح يُشير إلى جوهر اللذة، أو اللذة العميقة التي تُشكل أحد المذاقات الخمسة الأساسية التي تشمل الحلو والحامض والمر والمالح".

لذا، "ربما لن نجد دراسات على البشر تثبت أن حساء الدجاج يمكن أن يقاوم نزلات البرد، ولكن هناك ما يكفي من الأدلة -من بينها هذا الطعم- لجعله يستحق المحاولة"، هذا ما قالته ليزا دراير، مختصة التغذية الأميركية المعتمدة، لموقع "سي إن إن"، مضيفة أنه "بغض النظر عن الدراسات، يتفق الخبراء على أن حساء الدجاج يستحق التجربة، ويمكن أن يكون مفيدا عندما تكون مريضا".

فوائد حساء الدجاج المنزلي

فيما يلي، نستعرض 3 فوائد قد يمنحنا إياها طبق من حساء الدجاج المنزلي الساخن، وفقا للخبراء:

1- تحسين الشهية والهضم

تشير الدراسات إلى أن "طعم أومامي الذي يميز حساء الدجاج، من أهم خصائص الشفاء"؛ ولأن معظم المصابين بالإنفلونزا "يمكن أن تقل شهيتهم، ويشعرون بالعزوف عن تناول الطعام"، وفقا لدراسة أجرتها جامعة كامبردج البريطانية في العام 2020. أفادت دراسة أخرى بأن "طعم أومامي قد يساعد في زيادة الشهية والشبع"، وفق موقع "تينيورل".

وهو ما أكدته كريستين سميث، اختصاصية التغذية المعتمدة، قائلة "إن حساء الدجاج يمكن أن يفيد، عندما يعاني شخص ما من ضعف الشهية؛ كما يساعد في الترطيب".

كما توجد دراسات أخرى تشير إلى أن طعم الأومامي يحسن عملية هضم العناصر الغذائية، "فبمجرد أن تستشعر أدمغتنا الأومامي من خلال مستقبلات التذوق الموجودة على ألسنتنا، تقوم أجسامنا بتجهيز أجهزتنا الهضمية لامتصاص البروتين بسهولة أكبر؛ وهو ما يمكن أن يقلل من أعراض الجهاز الهضمي، التي يعاني منها مرضى نزلات البرد"، وفق الدكتور تيمان.

يستخدم حساء الدجاج في الاستشفاء من الإنفلونزا (الألمانية)

2- يساعد في تقليل التهاب وانسداد الأنف

يقول الدكتور تيمان، "إن الالتهاب جزء طبيعي من استجابة الجسم الطبيعية للمرض، وكلما انخفض نشاط خلايا الدم البيضاء في الممرات الأنفية، وهو النشاط الذي يُسبب انسداد أو سيلان الأنف والعطس والسعال والمخاط الكثيف؛ كلما قل الالتهاب".

لذا، كان من المثير للاهتمام أن الأبحاث أظهرت أن "حساء الدجاج يمكن أن يقلل من عدد خلايا الدم البيضاء، التي تنتقل إلى الأنسجة الملتهبة".

كما أظهرت الأبحاث أيضا، أن "حساء الدجاج غني بالحمض الأميني المسمى السيستين -أكثر من أي سائل ساخن آخر- والذي يساعد على تخفيف الإفرازات، ويزداد تأثيره بإضافة التوابل مثل الفلفل والثوم"، وفق الدكتور جو شوارتز.

3- كنز من العناصر الغذائية الأساسية

يزود حساء الدجاج الجسم بالبروتين المهم لمكافحة العدوى، "من خلال توفير الخضروات للفيتامينات والمعادن ومضادات الأكسدة؛ وإذا أضيفت المعكرونة فستكون مصدرا للكربوهيدرات التي يستخدمها الجسم للطاقة والتعافي"، وفقا للدكتور تيمان، الذي يضيف أن شُرب المرق واستنشاق الأبخرة، "يؤدي لزيادة درجة حرارة الممرات الأنفية والتنفسية، فيحلل المخاط السميك الذي يصاحب أمراض الجهاز التنفسي".

أما الأعشاب والتوابل المستخدمة المضافة للحساء "فتعمل على تخفيف المخاط، كما يساعد ماء المرق في ترطيب الجسم"، وفق تيمان.

وتخبرنا كريستين سميث، أن حساء الدجاج يحتوي على مكونات مهمة مثل الجزر الذي يزود الجسم بفيتامين "إيه" الداعم للاستجابة المناعية، كما يحتوي الحساء على الزنك الذي يساعد في مكافحة نزلات البرد".

وعندما نصاب بالبرد أو الإنفلونزا، فإننا نفقد سوائل ومعادن من أهمها البوتاسيوم الذي يسبب الجفاف، "مما يجعل الجزر المضاف للحساء، مصدرا جيدا جدا لتعويض البوتاسيوم"؛ كما يقول الدكتور شوارتز.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: نزلات البرد یساعد فی الذی ی

إقرأ أيضاً:

لماذا يجعلك الشتاء أكثر عرضة للإصابة بنزلات البرد؟

لربما سمعت عبارة: «لا تخرج في الشتاء وشعرك مبلل أو بدون معطف؛ لأنك ستصاب بنزلة برد».

وهذا ليس صحيحًا تمامًا! وكما هو الحال مع العديد من الأشياء؛ فإنّ الواقع أكثر تعقيدًا. إليك هذا التمييز الدقيق: إنّ الشعور بالبرد ليس سببًا لإصابتك بنزلة برد؛ ولكن من الصحيح أنّ الطقس البارد يجعل من السهل الإصابة بفيروسات الجهاز التنفسي؛ مثل فيروسي البرد والإنفلونزا.

ولقد أظهرت الأبحاث-أيضًا- أنّ انخفاض درجات الحرارة يرتبط بارتفاع معدلات الإصابة بمرض كوفيد19.

وبصفتي أستاذة في التمريض، ولدي خلفية في الصحة العامة؛ فغالبًا ما أُسأل عن انتشار الأمراض المعدية، وبما في ذلك العلاقة بين انخفاض درجات الحرارة والإصابة بنزلة برد. لذا إليكم نظرة على ما يحدث بالفعل.

تظل العديد من الفيروسات بما في ذلك فيروس الراينو (المسبب المعتاد لنزلات البرد الشائعة) والإنفلونزا وفيروس سارس كوف2 (الفيروس المسبب لمرض كوفيد19) معدية لفترة أطول، وتتكاثر بشكل أسرع في درجات الحرارة الأبرد ومستويات الرطوبة المنخفضة. وكذلك حقيقة أنّ الناس يقضون وقتًا أطول في الداخل، وعلى اتصال أوثق بالآخرين أثناء الطقس البارد. وهذا من الأسباب الشائعة لانتشار الجراثيم بشكل أكبر.

ويميل فيروس الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي إلى أن يكون لهما موسم محدد في الخريف والشتاء. ومع ذلك فنظرًا لظهور سلالات جديدة من كوفيد19 وتناقص المناعة من الإصابات السابقة والتطعيمات بمرور الوقت؛ لذا فإنّ كوفيد19 ليس فيروس الجهاز التنفسي النموذجي في الطقس البارد. فعلى سبيل المثال ارتفعت معدلات الإصابة بكوفيد19 كل صيف منذ عام 2020م.

هل انتقال الفيروس أسهل عندما يكون الجو باردًا؟

وبشكل أكثر تحديدًا فيمكن للطقس البارد أنْ يغير الغشاء الخارجي لفيروس الإنفلونزا؛ مما يجعله أكثر صلابة ومطاطية. ويعتقد العلماء أنّ تلك الطبقة المطاطية تجعل انتقال هذا الفيروس من شخص لآخر أسهل.

ولا يتسبب الهواء البارد- في الشتاء- في حدوث مشكلات صحية لوحده. فقد ارتبط الهواء الجاف بالإضافة إلى الهواء البارد بتفشي الإنفلونزا؛ وذلك لأنّ الهواء الجاف في الشتاء يساعد فيروس الإنفلونزا على البقاء معديًا لفترة أطول. ويتسبب الهواء الجاف- وهو أمر شائع في الشتاء- في تبخر الماء الموجود في قطرات الجهاز التنفسي بشكل أسرع. وينتج عن هذا جزيئات أصغر حجمًا، وقادرة على البقاء لفترة أطول، والانتقال لمسافة أطول بعد السعال أو العطس.

كما أنّ كيفية استجابة جهازك المناعي- أثناء طقس بارد- لها أهمية كبيرة، فاستنشاق هواء بارد قد يؤثر سلبًا على الاستجابة المناعية للجهاز التنفسي؛ مما يسهل على الفيروسات التسلل إلى الجسم؛ ولهذا السبب فإنّ ارتداء وشاح على أنفك وفمك قد يساعد في منع الإصابة بنزلة برد؛ لأنّه يسخن الهواء الذي تستنشقه.

كما أنّ أغلب الناس يتعرضون لأشعة الشمس بشكل أقل في الشتاء. وهذه مشكلة؛ لأنّ الشمس هي المصدر الرئيسي لفيتامين د الضروري لصحة الجهاز المناعي. كما أنّ النشاط البدني-وهو عامل آخر- ينخفض خلال الشتاء. فالناس أكثر عرضة- ثلاث مرات- لتأجيل ممارسة التمارين الرياضية في الظروف الثلجية أو الجليدية.

وبدلًا من ذلك فيقضي الناس وقتًا أطول في الأماكن المغلقة. وهذا يعني- عادةً- المزيد من الاتصال الوثيق مع الآخرين؛ مما يؤدي إلى انتشار الأمراض. إنّ الفيروسات التنفسية لتنتشر-عمومًا- في دائرة نصف قطرها 6 أقدام من الشخص المصاب.

بالإضافة إلى ذلك تؤدي درجات الحرارة الباردة وانخفاض الرطوبة إلى جفاف العينين والأغشية المخاطية في الأنف والحلق. ولأنّ الفيروسات (التي تسبب نزلات البرد والإنفلونزا وكوفيد19) عادة ما تستنشق؛ فإنّ الفيروس يمكن أنْ يلتصق بسهولة أكبر بهذه الأجزاء الجافة.

ما يمكننا فعله

خلاصة ما سبق هي: أنّ البلل والبرد لا يجعلانك مريضًا، ومع ذلك فهناك استراتيجيات للمساعدة في منع المرض طوال العام:

-اغسل يديك كثيرًا.

-تجنب لمس وجهك، وهو ما يفعله الناس ما بين تسع إلى 23 مرة في الساعة.

-حافظ على رطوبة جسمك، فثمانية أكواب من الماء يوميًا هو هدف جيد؛ ولكن يمكن أن يكون أكثر أو أقل حسب نمط الحياة وحجم الشخص.

-تناول غذاء متوازنًا؛ غنيًا بالفيتامينات، فالخضروات الورقية الخضراء الداكنة غنية بالفيتامينات التي تدعم الجهاز المناعي، بينما يحتوي البيض والحليب المدعم والسلمون والتونة على فيتامين د.

-حافظ على النشاط البدني حتى خلال فصل الشتاء.

-احصل على قسط كافٍ من النوم.

-نظّف كثيرًا الأسطح الصلبة التي تلمس باستمرار في منزلك.

-إذا أصبح أنفك أو حلقك جافًا في الشتاء؛ فاستخدم جهاز ترطيب.

-احصل على لقاح الإنفلونزا وكوفيد19 السنوي.

وفي الختام فإنّ اتباع هذه النصائح يمكن أنْ يضمن لك قضاء فصل شتاء صحي؛ خال من الأمراض.

ليبي ريتشاردز أستاذة التمريض بجامعة بيرديو

مقالات مشابهة

  • الوقاية من الإصابة بنزلات البرد المتكررة في فصل الشتاء.. اعرف الطرق
  • 8 نصائح للوقاية من نزلات البرد .. أغربها تمارين الاسترخاء
  • فوائد مشروب التوت الأسود في علاج نزلات البرد والإنفلونزا.. يقوي المناعة
  • يشبه نزلات البرد.. وباء خطير يفتك بـ 120 شخصا في المغرب| إليك الأعراض الفارقة
  • بسبب نزلات البرد.. مشروب سحري يقضي على احتقان الأنف فورًا
  • كيف نتخلص من التهاب الحنجرة بعد نزلات البرد؟
  • بسبب الإنفلونزا.. 85% من نزلات البرد والحمى الشتوية
  • لماذا يجعلك الشتاء أكثر عرضة للإصابة بنزلات البرد؟
  • فوائد غير متوقعة للحضن.. يعالج نزلات البرد والضغط| بالأدلة العلمية
  • 3 مشروبات ساخنة تعالج نزلات البرد والأنفلونزا في الشتاء