خسائر فادحة وبنى مدمّرة.. فلسطينيون يروون للجزيرة نت جرائم الاحتلال في جنين
تاريخ النشر: 6th, July 2023 GMT
مخيم جنين- ليس بعيدا عن ساحة مخيم جنين، وهي المكان الأبرز الذي تعرض للتدمير الإسرائيلي، يجلس الفلسطيني إبراهيم تركمان على كرسي بلاستيكي أمام منزله المحترق بعد تعرّضه لقذيفة من نوع "إنيرجا"، ويفكّر ماذا سيفعل لإصلاح المنزل قبل إعادة أسرته النازحة.
يقول تركمان للجزيرة نت إنه عاد من بلدة عرانة شمال شرق جنين، حيث نزح مع بقية أسرته عند أصهاره حتى انتهى العدوان على المخيم، وجاء فجرا ليجد منزله مدمرا، وأضاف "أفكّر كيف يمكن أن أعيد البيت كما كان.
يسكن تركمان مع أسرته في الطابق الأرضي، وعائلة شقيقه في الطابق الثاني، وقد حوّلت الطائرات الإسرائيلية الطابقين إلى مكعب من السواد بعد قصفه فجر الاثنين، في الساعات الأولى من العدوان العسكري على مخيم جنين.
وفي المنزل المحترق، تفحّم أثاث جديد اشتراه نجل تركمان الأكبر الذي كان يتحضّر لزفافه يوم الجمعة القادم. وقال الأب إنه كان يستعد لنقله مع أغراض أخرى إلى منزله الجديد، لكن الاقتحام فاجأهم ولم يستطيعوا نقل شيء، حتى ملابسهم احترقت كامل.
ويضيف تركمان "سمعنا صوت القصف على ساحة المخيم، فأخرجت زوجتي وأولادي من المنزل، خشية أن تتطاير الشظايا فتصيبهم، لكنّهم أطلقوا قذيفة إنيرجا على المنزل مباشرة بعد خروجنا، ثم سمعنا صراخ الجيران بأن منزلنا يحترق.. والصحيح أنهم حرقوا فرحتي بزفاف ولدي مع المنزل أيضا".
يصمت الرجل ثم يقول "لا أعرف ماذا أفعل، أفكّر في تدبّر غرفتين لإيواء عائلتي، عوضا عن لجوئنا عند أصهاري..".
العدوان الإسرائيلي على جنين أحرق فرحة الفلسطيني إبراهيم تركمان بزفاف نجله إلى جانب إحراق منزله (الجزيرة) احتجاز ليومينفي الحارة المقابلة لمنزل تركمان، وعلى الطريق الممتد من مدخل المخيم حتى "شارع برقين" غربا، كانت سائدة جرادات تحمل بعض الحجارة من منزلها الذي فجّره الاحتلال وتنقلها إلى الشارع.
قالت سائدة للجزيرة نت إن قوة عسكرية اقتحمت منزلها وهي تحاول تنويم طفلتيها، واحتجزت الصغيرتين في الغرفة الداخلية من المنزل، ثم حطمت غرفة الجلوس ووضعت على حائطها متفجرات وفجرت الجدار الذي يفصلها عن جيرانها، ليتمكن الجنود من التنقل بين البيوت المتلاصقة.
تذكر جرادات أن "هذا ما فعلوه في اجتياح 2002 أيضا، كانوا يتنقلون في المخيم من بيت إلى آخر عبر هدم الجدران..".
وتروي الأم ما حدث في منزلها: "قالوا لي اتركي البنات في الدخل وتعالي معنا. وضعوني على الأرض في غرفة الجلوس، وبدؤوا الحفر لوضع المتفجرات في الجدار، وعند لحظة التفجير تراجع الجندي إلى خارج الغرفة وأبقاني داخلها، وقال لي ضعي أصابعك في أذنيك لأن صوت التفجير عال".
تقول إنه "كان حريصا على حماية نفسه من تطاير الحجارة بعد التفجير، لكنه لم يهتم لوجودي في الغرفة..".
ليس هذا فحسب، فمع اتخاذ المنزل ممرا لقواتها، احتجز الاحتلال سائدة جرادات وطفلتيها مدة يومين كاملين في المنزل، ومنع خروجهم.
خسائر غير نهائية
مثل عائلتي تركمان وجرادات الكثير من القصص في حارات مخيم جنين المدمرة بعد يومين من القصف والاشتباكات واستهداف المنازل.
ويتحدث الأهالي عن سلسلة من الانتهاكات الواسعة، أبرزها التدمير الواسع لمرافق المخيم بالجرافات العسكرية، وهدم البيوت أو تدميرها من الداخل، وتجريف الطرق وشبكات المياه والصرف الصحي، وقطع الكهرباء عن المخيم كاملا.
وفي بيان نشرته بلدية جنين صباح الخميس، قالت إن نحو 30 ألف مواطن في مخيم جنين وأحياء المدينة المحيطة به يعيشون دون مياه منذ بدء العملية العسكرية يوم الاثنين الفائت.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن رئيس بلدية جنين نضال أبو صالح، أن البلدية تحتاج لقرابة 10 ملايين دولار لإغاثة الناس بشكل مستعجل.
ووفق رئيس اللجنة الشعبية لخدمات مخيم جنين محمد الصباغ، فإن الطواقم العاملة تمكنت حتى صباح اليوم الخميس من إحصاء 84 منزلا مدمرا بشكل جزئي، و6 منازل مدمرة بالكامل، في حصيلة لم تكتمل بعد.
وقال الصباغ للجزيرة نت إن هذا هو الرقم الأوّلي الذي توصّلت إليه طواقم وزارة الأشغال الفلسطينية في المخيم، وما تزال تعمل لإحصاء باقي البيوت المتضررة، لافتا إلى أن ضيق مساحة المخيم والحواري فيه يصّعب عمل الآليات التي قدمت لإزالة الركام وتنظيف الشوارع.
ويضيف المسؤول بالمخيم "منذ أمس تعمل فرق وزارة الأشغال العامة لإزالة الركام والتدمير، كما قدم عدد من المتطوعين بمعداتهم وآلياتهم للمساعدة بهدف الإسراع في إيجاد مأوى للعائلات النازحة، وخصوصا التي فقدت منازلها".
وتعمل لجنة الخدمات مع بلدية جنين على توفير شقق للسكن المؤقت لإيواء العائلات التي فقدت منازلها كليا أو جزئيا.
وكانت جرافات الاحتلال الإسرائيلي قد جرفت شبكة المياه الرئيسية في مخيم جنين، إضافة إلى شبكات الصرف الصحي، فيما فجّرت 6 محولات للكهرباء.
ويقول الصباغ إن "العمل جار لتوفير التيار الكهربائي ولو بالحد الأدنى الذي يوفر الإنارة في المنازل، ونعمل بطرق إسعافية في كافة القطاعات لحين تأمين الخدمات الدائمة لكافة السكان".
طواقم الدفاع المدني تنظف مدخل مخيم جنين بعد يومين من العدوان الإسرائيلي عليه (الجزيرة) تقديرات إعادة الإعمارمن ناحيته، قال وزير الأشغال العامة في السلطة الفلسطينية محمد زيارة إن حجم الدمار الذي خلّفه العدوان الإسرائيلي على جنين كان ضخماً؛ حيث تم تجريف طرق كاملة، وباتت الأنقاض تملأ الشوارع وتعيق الحركة.
وتحدث الوزير لتلفزيون فلسطين ظهر الخميس عن تقديرات أولية حول حجم الدمار في مدينة جنين ومخيمها، مبينا أن 4 مباني أزيلت بالكامل وتحتاج إلى 1.5 مليون دولار لإعادة إعمارها.
أما عدد المباني المتضررة بشكل متوسط لكنها غير آيلة للسقوط، فقد بلغ 25 مبنى، وتكلفة إعادة إعمارها تبلغ مليوني دولار.
وفيما يتعلق بالوحدات السكنية التي تعرضت لأضرار جزئية، فقد بلغ عددها 250 وحدة وتحتاج إلى 2.5 مليون دولار لإعمارها. بينما بلغ عدد المباني التجارية والخدمية المتضررة 150 منشأة، بتكلفة 5 ملايين دولار. وقال إن تكلفة إعادة إعمار جامع الأنصار الذي دمرّه الاحتلال قُدّرت بقرابة مليون دولار.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: للجزیرة نت مخیم جنین
إقرأ أيضاً:
400 مليون دولار خسائر الثروة السمكية في العراق
الاقتصاد نيوز — بغداد
يُحذر خبراء اقتصاد من خطورة استمرار تدهور قطاع الثروة السمكية في البلاد والمتواصل منذ نحو أربع سنوات بفعل شح المياه وتراجع مستويات نهري دجلة والفرات إثر تقليل حصة العراق من بلدي المصب إيران وتركيا، ما دفع السلطات إلى إعلان حالة طوارئ مائية أفضت إلى ردم أكثر من 10 آلاف بحيرة صناعية على ضفاف الأنهر والمخصصة لتربية الأسماك المحلية.
ونشرت بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي) مطلع الشهر الحالي تقريرا قالت فيه إن “العراق يخسر نحو 400 مليون دولار سنويًا بسبب تدهور الثروة السمكية”، مردفة أن الوقت قد حان “لاتخاذ إجراءات فورية بشأن المناخ”.
وشددت على ضرورة اتخاذ إجراءات فورية بشأن المناخ، والحد من التدهور الحاصل في الثروة السمكية، داعيةً الحكومة العراقية لاتخاذ إجراءاتها بهدف الحد من هذه الخسائر.
وتشير الإحصائيات الرسمية، إلى أن العراق كان ينتج في العام 2021، نحو 84 ألف طن، لينخفض في 2023 إلى 56 ألف طن، بنسبة تراجع بلغت نحو 35%، ولا توجد إحصائية رسمية عن العام الجاري 2024، إلا أن التوقعات تشير إلى انخفاضها بنسبة تتجاوز 50%.
استيراد الأسماكوتوفر السوق العراقية حاليا الأسماك التي يتم استيرادها من دول مختلفة، أغلبها آسيوية، بينما تساهم البصرة المطلة على مياه الخليج العربي بتوفير أنواع مختلفة من الأسماك، لكن تبقى أقل جودة من الأسماك النهرية المعروفة في دجلة والفرات.
وتستمر هذه التحديات نتيجةً لتراكم المشاكل البيئية مثل التلوث، الإفراط في الصيد، والتغيرات المناخية التي تؤثر على بيئة الأنهار والبحيرات العراقية. هذه العوامل تسهم في تدهور إنتاج الأسماك، مما يزيد من الاعتماد على الواردات ويؤثر سلبًا على استدامة القطاع.
وللحد من هذه الخسائر، فقد اتخذت الحكومة العراقية عدة خطوات لتحسين الوضع، بما في ذلك إطلاق مشاريع تهدف إلى تحسين جودة المياه وتطوير ممارسات صيد أكثر استدامة.
ومنذ نهاية العام 2022، تم ردم وإزالة البحيرات المتجاوزة في بغداد والمحافظات والبالغ عددها نحو 10 آلاف بحيرة، في ظل وجود مخالفات قانونية وبيئية، اتخذت الحكومة بحقها الإجراءات قانونية تتعلق بالردم ومحاسبة المخالفين.
وفي السياق، قال مدير عام الثروة الحيوانية في وزارة الزراعة العراقية، وليد الزرفي، إن إجراءات ردم بحيرات تربية الأسماك المخالفة للقوانين والضوابط المتجاوزة على الحصص المائية تسببت في تقليص حجم المعروض من الأسماك في السوق العراقية وانعكس ذلك التأثير على خسائر العراق الاقتصادية، وفق تقرير لـ"العربي الجديد"
وتحدث الزرفي، عن أن وزارته تعمل على إدخال الأنظمة الحديثة والمتطورة في تربية الأسماك من خلال الأنظمة المغلقة التي لا تتسبب في هدر المياه، وهناك مربو أسماك لا يريدون التوجه الى الأنظمة الحديثة خشية تحمل تكاليف مالية إضافية.
وطالب، بضرورة محاسبة ومحاكمة المخالفين لتعليمات وضوابط وزارتي الزراعة والموارد المائية، لأنهم تسببوا بهدر المياه من خلال حفر آبار تربية أسماك غير مُرخصة ولم يحصلوا على إجازات من الجهات المعنية.
وبين، أن العراق يعاني من الجفاف والتصحر بسبب تأثيرات التغير المناخي، مما يتطلب العمل الجاد والمتواصل من أجل الحد من عمليات هدر المياه وحفر الآبار بالطرق العشوائية.
وأضاف الزرفي، أن الوزارة مستمرة في دعم القطاع الزراعي وخاصة الثروة الحيوانية لما لها من أهمية كبيرة في توفير المنتجات، مبينا، أن الوزارة قدمت لمربي الأسماك الذرة الصفراء العلفية بأسعار مدعومة، فضلا عن تشجيعها المربين على تبني طريقة النظام المغلق في تربية الأسماك لأهميته الكبيرة.
قوانين الدعممن جانبها، قالت نائب رئيس لجنة الزراعة والمياه والأهوار في البرلمان العراقي، زوزان كوجر، إن البرلمان العراقي أقر عددا من القوانين التي تدعم تحسين واقع الزراعة وتربية الثروة الحيوانية في العراق، ومن بينها الثروة السمكية التي تعتبر من القطاعات المهمة للاقتصاد الوطني العراقي.
وأضافت كوجر، أن تدهور واقع الثروة السمكية الذي يشهده العراق انعكس على الوضع الاقتصادي والمعيشي للكثير من العائلات التي تعمل وتتخذ من صيد وتربية الأسماك وسيلة للعيش والحياة.
وأشارت إلى أن تراجع مستوى إنتاج الأسماك وشحة المياه من العوامل التي أدت إلى قلة المعروض منها في الأسواق،وبالتالي ارتفاع أسعار الأسماك لأرقام قياسية قياساً عما كانت عليه في السنوات الماضية، مؤكدة أن هناك تحديات اجتماعية واقتصادية رافقت تدهور واقع الثروة السمكية في عموم البلاد، في ظل عدم وجود دعم حكومي كاف لمواجهة هذه الأزمة.
وأفادت كوجر، بأن التحديات الاقتصادية الكبيرة أدت إلى تراجع فرص العمل وتزايد معدلات البطالة، مبينةً أن لجنتها عملت بالتعاون مع الحكومة العراقية على توفير القروض الميسرة والمناسبة لمشاريع استشارات تربية الثروة السمكية، وتوفير الأعلاف بأسعار مدعومة وتقليص التعقيدات البيروقراطية واستخدام الطرق الحديثة في تربية الأسماك التي تقلل من هدر وتبخر المياه والحث على الاستفادة من خبرات دول المنطقة.
تأثيرات اقتصادية على العراقحول تأثير انخفاض إنتاج العراق من الثروة السمكية على الاقتصاد العراقي، أكد المختص بالاقتصاد الزراعي، خطاب الضامن، أن الثروة السمكية تعد أحد الفروع الحيوية في القطاع الزراعي، ويؤدي تدهور إنتاجها لأقل من 50%، وفقاً للتقديرات إلى تأثيرات اقتصادية سلبية متعددة.
وبين الضامن، أن من أهم التأثيرات هي تقليل مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي، مما يفاقم أزمة احادية الاقتصاد العراقي وزيادة الاعتماد على النفط بما هو مصدر أساسي للدخل، فضلاً عن زيادة الواردات الغذائية، ما يشكل ضغطاً إضافياً على العملة الصعبة وميزان المدفوعات العراقي.
وبين الضامن، أن تراجع إنتاج الثروة السمكية، يؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة وغلاء الأسماك، لأن انخفاض العرض المحلي من الأسماك يؤدي إلى ارتفاع أسعارها في الأسواق المحلية، مما يضر بالقدرة الشرائية للمستهلكين.
وشدد الضامن على أهمية التكيف مع التغيرات المناخية من خلال تبني استراتيجيات وطنية للتكيف مع التغيرات المناخية وتقليل تأثيرها على الموارد المائية، وتعزيز إدارة المياه وحماية الأنهار من الجفاف والتلوث، وتحسين وسائل الإنتاج السمكي من خلال الاستثمار في إنشاء مزارع سمكية حديثة بتقنيات حديثة تستهلك كميات اقل من المياه.
كما شدد على ضرورة تقديم الدعم الفني والمالي للصيادين والمزارعين لتحسين الإنتاجية، وحماية الموارد الطبيعية وتطبيق قوانين صارمة للحد التجاوزات على الأنهار، والتعاون مع دول الجوار لإدارة الأنهار المشتركة بشكل عادل.