دورات تدريبية تستهدف الشباب لإعادة إحياء مجموعة من الحرف التراثية
تاريخ النشر: 12th, November 2023 GMT
دمشق-سانا
تعمل الجمعية الحرفية للمنتجات الشرقية بدمشق بشكل مستمر على إعادة إحياء الحرف التقليدية المتوارثة، من خلال دعم الحرفيين وتدريب الشباب لتعلم مجموعة من الحرف.
الحرف التي تهتم بها الجمعية تشمل مجموعة من العمل الحرفي التراثي المعدني (النحاس وتفريغ النحاس)، والنسيجي و(البروكار والاغباني والدامسكو والنول)، والفخاري (الفخار والفسيفساء الرخامي)، والخشبي (الموزاييك والنقش والصدف والرسم النباتي على الخشب وخراطة الخشب)، إضافة الى نفخ وتشكيل الزجاج والزجاج والرسم المعشق والرسم والمينا على الزجاج.
وبين رئيس الجمعية الحرفية للمنتجات الشرقية بدمشق فؤاد عربش أن التركيز على تأمين المواد الأولية اللازمة لعمل الحرفيين بأسعار مخفضة يمكنهم من الاستمرار بعملهم، إضافة لمساعدتهم في تسويق منتجاتهم وعرضها عبر المشاركة في المعارض، بهدف التعريف بهذه الحرف وتأكيد أصالتها وإعادة إحياء التراث بالنسبة لجيل المستقبل.
وأشار عربش إلى أن العمل جار بصورة مستمرة لإقامة دورات تدريبية مجانية للشباب من خلال لجنة دعم الحرف المشكلة بوزارة الصناعة، بالتعاون مع وزارات السياحة والشؤون الاجتماعية والعمل والثقافة والأمانة السورية للتنمية ومؤسسة وثيقة وطن والاتحاد العام للحرفيين ومحترف جوني غاربيان ومنها سلسلة دورات أقيمت في الشهر الماضي للتدريب على حرف تقليدية ضمن البيت العربي بحارة حنانيا بدمشق القديمة.
وتحدث عدد من الحرفيين المدربين ومنهم شحادة عنيد في مجال صناعة التحف والسلل من أعواد الريحان، والحرفي محمد محفوظ في صناعة الفخار ورند الدبس مدربة حفر تنزيل المينا، أنهم يقومون بتدريب مجموعة من الشباب على حرفهم بدافع حبهم لهذه الحرف، والسعي لضمان استمرارها ومساعدة الشباب على تأمين فرص عمل تحقق لهم مردوداً مادياً مجزياً، بما يسهم في نهاية المطاف بالحفاظ على الحرف التراثية ونقلها للأجيال.
أمجد الصباغ وسكينة محمد
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
كلمات دلالية: مجموعة من
إقرأ أيضاً:
الزينة التراثية الشعبية في رمضان بين الأمس وتقنيات اليوم
دمشق-سانا
الفوانيس والقناديل التي تنير الطرقات والبيوت أحد أبرز مظاهر احتفال السوريين بقدوم شهر رمضان المبارك، وعلى مر السنين تغيرت الأشكال وتنوعت مع تطور التصاميم والتقنيات، لكنها ظلت تراثاً أصيلاً ورثوه عن أجدادهم حاضراً في تفاصيل يومياتهم خلال الشهر الفضيل، وحمل هذا العام فرحةً مضاعفة مع الخلاص من النظام البائد.
فانوس رمضان الذي يعد أحد أهم علامات الزينة، بدأ المسلمون باستخدامه وفق الباحثة في التراث الدكتورة نجلاء الخضراء، حين جاء الصحابي تميم بن أوس من الشام إلى المدينة المنورة حاملاً معه قناديل وزيتاً، أضاء فيها مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام، والذي عندما خرج إلى المسجد في تلك الليلة وجده يضيء بشدة فقال: “من فعل هذا”؟ قالوا: تميم يا رسول الله فقال: “نورت الإسلام، نور الله عليك في الدنيا والآخرة”.
وتوضح الدكتورة الخضراء أن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمر بإنارة الجوامع وتزيينها بالقناديل بدءاً من اليوم الأول من رمضان حتى يتسنى للمسلمين إقامة صلاة التراويح وإحياء شعائرهم الدينية، وتطورت الإضاءة من أسرجة بسيطة تشعل بالزيت إلى قناديل مزخرفة بلورية متقنة الصنع، علقت بعضها على جدار الكعبة فيما بعد.
وفي العصر العباسي أمر الخليفة المأمون بالإكثار من وضع القناديل المزخرفة في المساجد، وحث الناس على إضاءتها في الأزقة وأمام البيوت في شهر رمضان المبارك، وتفنن الحرفيون بصناعة القناديل وتشكيلاتها، ولا تزال المصابيح القديمة تزين جدران بعض المساجد القديمة وأسقفها إلى اليوم.
وحول ارتباط الفوانيس بالتراث السوري في رمضان تبين الدكتورة الخضراء أنه تم استخدامها علامة تعريفية وقت الفطور والسحور في الريف، بسبب بعد المنازل عن بعضها وانتشارها على مساحات واسعة، فكانت تشعل من أذان المغرب إلى وقت السحور.
وتشير إلى أنه في حارات الشام والأماكن المكتظة كان الدومري وهو الرجل الذي يشعل القناديل في الأزقة ليلاً يضيف خلال رمضان عدداً من الفوانيس لترتدي الحارات والأسواق والمقاهي حلتها الجديدة، فكانت الأضواء تتصل بين المآذن والساحات وأبواب المنازل والشرفات، لتتألق وكأنها نجوم السماء وقد أنارت الأفق.
ومن التراث المرتبط برمضان أيضاً رمزا النجمة والهلال، حيث تلفت الدكتورة الخضراء إلى أنهما يعبران عن بداية الشهر القمري ونهايته، إضافة إلى اللافتات التي تُكتب عليها عبارات المباركة برمضان وتذكير الناس بقيمه السامية، مع الزخارف الإسلامية المطرزة على الأقمشة وأغطية الكراسي والطاولات.
وعن تطور زينة رمضان في وقتنا الحالي تفيد الدكتورة الخضراء بأنها أصبحت متنوعة تستخدم فيها الألوان والزخارف الفنية الحديثة، كما استُخدمت الإضاءة الذكية التي يتم التحكم بها عن طريق الجوال، ما جعل رموز الشهر الفضيل مزيجاً من التقاليد القديمة والعناصر الجديدة.
وترى الباحثة في التراث أن زينة شهر رمضان تعكس أجواء روحانية، وتغذي الذاكرة الشعبية وتساعد في الحفاظ على التراث الثقافي الديني، كما أن مشاركة الأطفال في صناعتها وتعليقها تغرس فيهم قيم التعاون والإبداع، وتعودهم على الاحتفال بالشهر الكريم والشعور بخصوصيته.
وتذكر أنه في الظروف القاسية التي مر بها الشعب السوري خلال سنوات الثورة، تراجع استخدام الزينة على الشرفات ومداخل البيوت، بينما عمدت بعض ربات البيوت إلى تزيين المنازل من الداخل بصورة بسيطة ليشعر الأطفال بفرحة رمضان، التي باتت منقوصة بعد أن حرم النظام البائد السوريين من المظاهر الرمضانية الشعبية كالمسحر ومدفع رمضان والحكواتي وغيرها من الخصوصية الثقافية الدينية.
وتقول الدكتورة الخضراء: إن شهر رمضان المبارك يأتي هذا العام بطعم الحرية، محملاً بالخير والأمل بمستقبل أفضل، حيث زينت المباني والشوارع احتفالاً بالشهر الفضيل وبالتحرير والخلاص من ظلم النظام البائد واستبداده، وعودة المهجرين والثوار لتجتمع العائلات مجدداً على مائدة الإفطار وتستعيد سهراتها وجلساتها الرمضانية.
وتختم الدكتورة الباحثة في التراث حديثها بالتأكيد أنه لطالما عبر الشعب السوري عن تمسكه بقيمه الدينية والثقافية وحافظ على طقوسه وتقاليده الرمضانية ببساطتها ومفاهيمها التي تحمل الفرحة بقدوم الشهر الكريم وروحانياته المباركة مهما تغيرت وتطورت، ورسخ فضائل الشهر المتمثلة بالعبادات والمعاملة الحسنة وتصفية النفوس والسمو على الخلافات، لتكون بمجملها الزينة الإنسانية التي تعكس الشخصية التي يتحلى بها المسلمون.