بطلب من السلطات السويدية: "تبادلوا التحية وابتعدوا عن الانطوائية"
تاريخ النشر: 12th, November 2023 GMT
في مدينة لوليو السويدية، البالغ عدد قاطنيها 80 ألف نسمة، والواقعة على مسافة 150 كيلومتراً في جنوب الدائرة القطبية الشمالية، تشجّع حملة بلدية السكان الذين يُوصفون بأنهم انطوائيون، على إلقاء التحية لبعضهم البعض.
ويُظهر مقطع فيديو انتشر أخيراً عبر وسائل التواصل الاجتماعي، سكاناً من لوليو بوجوه عابسة، تتغيّر ملامحهم فجأة عندما يصادفون أحد المارة ملقياً التحية عليهم.
وتُبث الحملة طوال الشهر الجاري في الحافلات والمباني في المدينة، وفق ما أوضحت أوسا كوسكي، القائمة على هذه المبادرة في بلدية لوليو.
وأضافت "لسنا في إسبانيا حيث يجلس الناس على المقاعد لتبادل الأحاديث، وحيث يكون التواصل بين أفراد المجتمع في الهواء الطلق أكثر شيوعاً".
وأشارت كوسكي إلى أن "السويديين يميلون أحياناً إلى الانغلاق أكثر على أنفسهم، يجب إيجاد طرق للتفاعل".
وتنظم المدارس الثانوية في المنطقة أيضاً عروضاً لهذا الفيديو. وبحسب كوسكي، فإن "أحدث الدراسات تشير إلى أن أفراد الفئة العمرية 16-29 عاماً معرضون بشكل خاص للوحدة". وتابعت كوسكي "نعتقد أن الناس سيتبادلون التحيات بصورة أكبر وسيرون التأثير الإيجابي" لهذه المبادرة البلدية.
في منطقة تشرق فيها الشمس ثلاث ساعات فقط يومياً خلال الشتاء، وحيث يصل متوسط درجة الحرارة إلى حوالى عشر درجات دون الصفر في ديسمبر (كانون الأول)، لا تتاح للمقيمين فرصة كبيرة للقاء بعضهم البعض بشكل يومي.
لكن أوسا كوسكي تعزو هذا المنحى لدى السكان أيضاً إلى نمط الحياة الحضري، قائلة "كلما كبرت المدينة، شعرت بالوحدة أكثر. في الوقت الذي كنا لا نزال نعيش في القرى، كنا أكثر قدرة على قول هذه الأشياء البسيطة".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة السويد
إقرأ أيضاً:
وساوس شيطانية
عندما يكون الاختلاف سُنَّة كونية بديهية، لا يمكن بأي زمان أو عصر، وجود توافقٍ أو إجماعٍ كليٍّ أو رأيٍ موحدٍ على قضيةٍ بعينها، لأننا حينئذ سنكون قد وصلنا إلى مرحلة من التماهي والتطابق، لم يصل إليها السابقون أو اللاحقون.
إذن، ليس بالضرورة دائمًا، التوافق مع أفكار «القطيع»، أو تلك المفاهيم والمواقف الجماعية، خصوصًا عندما تتعارض مع منطق الأشياء، أو تتنافى مع معطيات العقل والتطور، لأنها قد تمثل نوعًا من العبث، أو ما يسمى بـ«ثقافة الضجيج»!
الآن يعيش كثيرون شعورًا متطرفًا، ما بين «الأخلاقي» و«الإنساني»، حيث تستمر المِحْنَة، خصوصًا عندما تُغْرِقُنَا الحياة بهوامشها وتفاصيلها، لتقودنا إلى شعورٍ بالسُّوءِ تجاه آخرين، فتمتلئ نفوسهم بالرغبة في الانتصار عليهم.. آملين رؤيتهم يتألمون ويسقطون، ليشفوا غليلهم!
«إشكالية» متكررة، يمكننا رصدها عند «التعاطف الإنساني» مع الكوارث أو المصائب، لمَن نكون على خلاف معهم، عبر مِنَصَّات «السوشيال ميديا»، حيث التعليقات الشاذَّة، التي لا تمتُّ إلى الأخلاق أو الإحسان بصلة، بل تنحدر إلى قاعِ الشَّماتة، وكأنَّ معاناة الآخرين قِصَاص يستحقونه!
للأسف، عندما نسمع أن كارثة أو مصيبة حلَّت هنا أو هناك، قد نلحظ بوضوحٍ ذلك التباين الأخلاقي، الذي يقع فيه البعض، أمام حادث إنساني، لتتحول أصداؤه إلى جدلٍ عقيمٍ، ومعارك ضارية من القدح والذمّ والتلاسن عبر مِنَصَّات التواصل الاجتماعي، تعقبُ تعاطفًا أو شماتةً، لتُغري البعض بنشوة الانتصار والفرح.. وفي الحالتين يبقى شعورًا متطرفًا، يُخَلِّف أثرًا سلبيًّا ينتقص من مساحة الإنسانية ونقائها.
وبما أن الشَّمَاتةُ تعني السماح للكُرْهِ أن يستوطن نفوسنا ومشاعرنا، وللحقد بأن يُلوِّن قلوبنا، وللغضب بأن يتملكنا ويحاصرنا، فإن الأخلاق الدينية والإنسانية، في أقل درجاتها، تدعو لضبط النَّفْس والمشاعر، وعدم إبداء الفرح لِسُوءٍ أَلَمَّ بالآخرين.
ذلك الشعور المتطرف بالشماتة من «أصحاب المواقف المدفوعة مقدمًا»، قد يكون ظنَّا منهم أن الله تعالى أعطاهم صكوك الغُفران ومفاتيح الجِنان، أو أنهم «مُحَصَّنون» غير مُعَرَّضِين للمصائب والابتلاءات، أو أن الدنيا ستكون متقلِّبة على غيرهم فقط!
إذن، يجب الابتعاد عن تلك الاصطفافات الحادَّة، والشماتة، وكَيْل الاتهامات للآخرين، الذين حَلَّت بهم الكوارث، والادعاء بامتلاك خارطة الطريق إلى السماء، أو تحديد المصير الأخروي، أو مَنْح صكوك الجنة والنار، لأن ذلك يتنافى كليًّا مع المنطق الإنساني والأخلاقي.. بل يسيئ للعدالة الإلهية المُطْلَقَة!
أخيرًا.. إن مسألة مَنْح صكوك الرحمة والعذاب على مَن نتفق أو نختلف معهم، ليست سوى وساوس شيطانية، تم ارتداؤها لباسًا دينيًا، أو ثقافيًّا، ولذلك فإن ما ينطق به البعض من أحكام مسبقة، يرسخ لمفهوم الاستقطاب البائس والشعور المتطرف، ودليل إضافي على الإفلاس الفكري والأخلاقي!
فصل الخطاب:
يموتُ كُثُرٌ وهم على قيد الحياة.. في جُعبة الموت لا توجد كلمة انتهاء، لأن الموت لا يسلب حياةً، ولا يفزع أرواحًا، لكنه فقط قادر على كشف معادن الناس وأخلاقهم وإنسانيتهم.
[email protected]