أفاقت العاصمة السودانية فجر السبت على دوي 3 انفجارات ضخمة، حيث أعلن الجيش السوداني بعدها تدمير قوات الدعم السريع لجسر شمبات الحيوي الرابط بين أم درمان والخرطوم بحري، لكن متحدثا باسم الدعم السريع سارع إلى نفي المسؤولية عن استهداف الجسر متهما القوات المسلحة بتدميره.

وبحسب شهود عيان تحدثوا للجزيرة نت من منطقتي أم درمان والخرطوم بحري، فإن أصوات انفجارات متوالية سمعت في الساعات الأولى من الصباح من جهة الجسر، الذي انقسم لعدة أجزاء بعد أن طالته تفجيرات من الأسفل وفقا للشهود.

قال المتحدث باسم الجيش العميد نبيل عبد الله في بيان مقتضب، إن قوات الدعم السريع وفي إطار مشروعها التدميري لمقدرات البلاد وبنيتها التحتية، ونتيجة لتقدم الجيش في الميدان خاصة في محور أم درمان، قامت فجر اليوم السبت بتدمير جسر شمبات الرابط بين مدينتي أم درمان وبحري، وعدّ الخطوة “جريمة جديدة تضاف لسجلها تجاه الوطن والمواطن” بحسب البيان.

في المقابل نفى المتحدث باسم قوات الدعم المقدم الفاتح قرشي، ضلوع قواتهم في تدمير الجسر، واتهم الجيش ومن سماهم “فلول المؤتمر الوطني” بالمسؤولية حيال الحادثة، وقال في بيان إن “مؤيدي النظام المعزول ظلوا يطالبون قائد الجيش بتدمير جسر شمبات، وإنه لبى اليوم مطالبهم بدلا من اعتقال قياداتهم، الذين أطلق سراحهم من السجون لقيادة حرب الـ15 من أبريل، التي أشعلوها من أجل العودة للحكم”.

ورأى المتحدث أن تدمير جسر شمبات وقبله مصفاة الجيلي للنفط وغيرها من المنشآت العامة، هي جرائم حرب تضاف لسلسلة الجرائم، التي قال إنها ظلت تشكل السمة البارزة لنظام المؤتمر الوطني طيلة سنوات حكمه.

شيد جسر شمبات قبل نحو 57 عاما على يد شركة إيطالية، حيث وضع الرئيس السابق الفريق إبراهيم عبود حجر الأساس في العام 1962 وتم تدشينه رسميا في العام 1966، بطول 1050 مترا وعرض 23.6 مترا، مقسمة على 4 مسارات، ويستند على 8 ركائز في قاع النهر، مصنوعة من الخرسانة المسلحة والصلب.

برزت الأهمية العسكرية والأمنية للجسر خلال الحرب المشتعلة بين الجيش والدعم السريع منذ 15 أبريل/نيسان الماضي، حيث يعد أحد أهم الجسور التسعة في الخرطوم، كونه يربط مدينتي أم درمان والخرطوم بحري، واستحوذت عليه قوات الدعم السريع في الأسابيع الأولى من الحرب، بعد أن بسطت سيطرتها على غالب المواقع العسكرية في بحري، كما أنها سيطرت على الجسر من جهة أم درمان، وتمددت للاستحواذ على مباني الإذاعة والتلفزيون القريبة للجسر.

يؤكد خبير أمني للجزيرة نت أن الجيش هو صاحب المصلحة الأقوى والأكبر في تدمير جسر شمبات، لقطع خطوط الإمداد عن الدعم السريع، ويلفت إلى أن التعديلات التي أجريت مؤخرا على قيادات المنطقة العسكرية للجيش بإعادة قادة سابقين للخدمة، أسهمت بشكل واضح في تغيير خطط الجيش للتعامل مع العمليات العسكرية، خصوصا مع طول الحرب دون إنجاز حاسم، كما يبدي اعتقادا بأن العملية التي استهدفت جسر شمبات تمت وفق رؤية فنية محكمة، حرصت على أن يكون التدمير جزئيا بما يمكن إعادة ترميمه لاحقا.

وفي الاتجاه ذاته، يؤكد الصحفي المختص في الشؤون العسكرية والأمنية ناصف صلاح الدين، أن الصور المتداولة للجسر بعد تدميره تستبعد كليا فرضية القصف الجوي أو الصاروخي، معللا ذلك بظهور تدمير طال الدعامات الإسمنتية من الأسفل، وهو ما أدى لانفصال القاعدة وغرقها في النيل.

ويؤكد صلاح الدين في حديثه للجزيرة نت ما جاء في حديث الخبير الأمني، كون الجيش هو المستفيد الأول من تدمير جسر شمبات، لأنه الوحيد الواقع تحت سيطرة قوات الدعم السريع من ناحيتي أم درمان والخرطوم بحري، ويستخدم في إيصال كل الإمدادات للدعم.

ويعتقد صلاح الدين أن الخطوة هذه ربما تمثل تمهيدا لشن هجوم بري واسع من الجيش على قوات الدعم السريع، وأن مسؤولي العمليات العسكرية في الجيش وضعوا في الاعتبار أن أي هجوم بري يمكن أن تقطعه إمدادات للدعم السريع عن طريق “الفزع”.

ويضيف المتحدث ذاته “من ناحية إستراتيجية الجيش لديه مصلحة في السيطرة على الجسر، وسابقا كانت لديه عدة محاولات للتمكن من إحراز تقدم، لكن لأن الدعم يسيطر على غالب الخرطوم بحري فإن عملية الاستحواذ على الجسر من الجهتين كانت مكلفة من ناحية عسكرية، وأعتقد أن الخيار الأفضل للجيش كان تدميره بطريقة متقنة استخدمت فيه على الأرجح زوارق بحرية وغواصون وضعوا المتفجرات”.

في المقابل يميل خبير إدارة الأزمات والكوارث بمركز البحوث الاستراتيجية اللواء أمين إسماعيل مجذوب الى التأكيد بأن التخريب الذي طال جسر شمبات هو امتداد لسلسلة عمليات التخريب والنهب الممنهج والمنظم الذي ظلت تمارسه قوات الدعم السريع، ويرى في حديث للجزيرة نت أن المؤشرات تبين بوضوح خيبة الأهداف الرئيسية للدعم السريع، فباتت تتعامل بردود الفعل.

كما يتضح بجلاء وفق قول الخبيرغياب القيادة والسيطرة وفقدان الأهداف والخطط، لتبقى التصرفات مستقلة عن بعضها بعضا. ويشير كذلك الى أن النوايا تبدو واضحة لانسحاب الدعم السريع من العاصمة، وبالتالي تجرى تبعا لذلك عمليات حرق الأرض وتدمير البنايات والأسواق، وتخريب محطات المياه والكهرباء.

ومن وجهة نظر الضابط المتقاعد في الجيش السوداني علي ميرغني فإن “تدمير جسر شمبات، بغض النظر عن الفاعل، خلق واقعا جديدا في مضمار العمليات”، ويشير إلى أن قوات الدعم السريع تعمل بنظام الفزع (Mutual support) بحيث يمكن أن تدفع بقوات من أي منطقة لمساندة تلك التي تتعرض لهجوم كبير في مكان آخر.

ويلفت الضابط أنه معلوم عسكريا عند التخطيط لأي معركة يتم إجراء تقدير موقف استنادا على قوة العدو. ويضرب المتقاعد ذاته مثلا بكون قائد قوة من الجيش إذا أراد شن هجوم على الإذاعة، لا يستطيع تقدير قوة العدو بسبب عدم معرفة حجم الفزع المتوقع وصوله من بحري أو حتى من الخرطوم عبر بحري.

وأردف ميرغني “لذلك أرجح أن الحرب دخلت مرحلة نوعية جديدة، وأتوقع أن تشن القوات المسلحة هجوما كبيرا في أم درمان خلال الأيام القليلة المقبلة، مع احتمال كبير أن يحاول الدعم السريع تحييد جسر الحلفايا أو السيطرة عليه”.

الجزيرة نت

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: أم درمان والخرطوم بحری قوات الدعم السریع تدمیر جسر شمبات الخرطوم بحری للجزیرة نت

إقرأ أيضاً:

شرق النيل بين فكّي الحرمان والمرض.. شبح الحرب يخيم على “مدينة الأشباح”

منتدي الاعلام السوداني : غرفة التحرير المشتركة
المصدر : سودان تربيون

شرق النيل، 12 مارس 2025 - بدأت الحياة تدب رويدًا رويدًا في أحياء محلية شرق النيل، شرقي العاصمة السودانية الخرطوم، لكن عامين من الحرب والحصار جعلا هذه الأحياء أشبه بمدن الأشباح.

في الأسبوع الماضي، تمكن الجيش السوداني من إكمال سيطرته على محلية شرق النيل، بوصول قواته إلى جسر المنشية من الناحية الشرقية، وقبل ذلك سيطرته على المدخل الشرقي لجسر سوبا.



تُعد ضاحية الجريف شرق آخر البؤر التي خرجت منها قوات الدعم السريع في شرق النيل، وظل سكان هذه المنطقة متمسكين بالبقاء فيها رغم الانتهاكات التي تعرضوا لها على يد عناصر الدعم السريع.

وبدت أسواق الجريف شديدة الفقر من حيث البضائع المعروضة، إذ ما زالت سلع مثل الألبان ومشتقاتها والفواكه ضربًا من الرفاهية.

وقال أمير، وهو أحد سكان الجريف شرق، لـ"سودان تربيون" إن الأسواق المحلية بالضاحية تعاني من قلة المعروض من البضائع، بينما كانت الأسواق ذاتها مكتظة بالبضائع المنهوبة خلال فترة سيطرة الدعم السريع على المنطقة.

وأضاف أمير أن الأشهر الأخيرة شهدت شحًا في السلع وارتفاعًا في الأسعار، مع تزايد أعمال النهب والسرقة من قبل قوات الدعم السريع.

وقالت الحاجة "فاطمة"، بعد أن اشترت مستلزمات الإفطار الرمضاني من سوق ود أحمد بالجريف شرق، إن كل ما لديها من مال استُنفد في شراء هذا الكيس، وكانت تشير إلى كيس يحوي ثمارًا قليلة من الطماطم ومعجون الفول السوداني، وأضافت أنها ستضطر منذ الغد للتوجه إلى "التكية"، وهي مطبخ خيري، لتلقي إعانات غذائية.

وتعمل عدة تكايا (مطابخ خيرية) في الجريف شرق لتقديم وجبات للسكان، من بينها تكية أولاد باعو وتكية مسجد الشيخ علي، إلا أن هذه التكايا تعاني من شح الموارد في ظل عدم وصول المساعدات الإنسانية بعد سيطرة الجيش على المنطقة، فضلًا عن انقطاع خدمات الاتصالات التي تتم عبرها التحويلات البنكية.

سكان بلا خدمات

عانت الجريف شرق من انقطاع خدمات المياه والكهرباء بسبب الحرب، وقال السكان إن هذه الخدمات توقفت بالمنطقة بعد أقل من خمسة أشهر.

وتعمل محطة المياه الرئيسية بالجريف شرق مرة واحدة كل عشرين يومًا، بينما يلجأ السكان إلى جلب المياه عبر الدواب من النيل الأزرق.

وعلى امتداد الجريف شرق، ابتداءً من مدخل الضاحية عند المدخل الشرقي لجسر المنشية، يتضح مدى التدمير الذي طال شبكة الكهرباء، سواء خطوط الضغط العالي أو الشبكات الداخلية، فضلًا عن تلف محولات الكهرباء التي أُفرغت من زيوتها ونُزعت كوابل النحاس منها.
وفيما يتعلق بالاتصالات، كان السكان يعتمدون على أجهزة "ستارلينك"، لكن مع اقتراب الجيش من اقتحام المنطقة، صادر جنود الدعم السريع هذه الأجهزة، ما جعل الجريف شرق شبه معزولة عن العالم، في انتظار وصول شركات الاتصالات لصيانة أبراج التقوية.
وتعاني الضاحية أيضًا من انعدام وسائل النقل العام والخاص، إذ نهبت قوات الدعم السريع كل السيارات بالمنطقة، وينتظر السكان انتظام خطوط نقل عام لاستكشاف الحياة خارج منطقتهم بعد عامين من الحرب والحصار.

وما زال مدخل حي الجريف المطل على جسر المنشية من الناحية الشرقية – وهو محطة النقل الرئيسية بالمنطقة – تحت مرمى قناصة الدعم السريع المتمركزين في برج الاتصالات في المدخل الغربي للجسر بالعاصمة الخرطوم، فضلًا عن نشاط الطائرات المسيرة في المنطقة.

الوضع الصحي

منذ بدء الحرب في منتصف أبريل 2023، استولت قوات الدعم السريع على مستشفى شرق النيل المطل على جسر المنشية، وهو أحد أكبر مستشفيات ولاية الخرطوم، ويضم تخصصات نادرة ومزودًا بكل الأجهزة والمعدات الطبية.

وطال الدمار واجهات المستشفى جراء القصف الجوي لطيران الجيش، بينما نهبت قوات الدعم السريع كل أجهزته. واستخدمت قوات الدعم السريع المستشفى لمعالجة جنودها المصابين في المعارك، وكانت تقدم فيه خدمات إسعاف المصابين حتى آخر الساعات التي سبقت دخول الجيش إلى المنطقة.

ورصد مراسل "سودان تربيون" في صالة خُصصت لإسعاف مصابي المعارك بقايا محاليل وريدية وأكياس دم، فضلًا عن كميات كبيرة من الدماء على أرضية الصالة.

وقال د. أحمد البشير مدير الطب العلاجي بوزارة الصحة بولاية الخرطوم لـ"سودان تربيون" إن المستشفيات والمراكز الصحية في محلية شرق النيل تعرضت لدمار كبير يجري حصره وتقييمه.
وأضاف أن الوزارة، بعد انتهاء عملية التقييم – التي تتوقف على انتفاء مخاطر القناصة والطائرات المسيرة – ستبدأ مباشرة في إعادة تأهيل المرافق الصحية وتنفيذ عملية إصحاح بيئي واسعة.

وتؤكد وزارة الصحة بولاية الخرطوم أنها تواجه تحديات كبيرة بعد سيطرة الجيش على محليتي الخرطوم بحري وشرق النيل.

وأبلغ مسؤولو الوزارة وزير الصحة الاتحادي هيثم محمد إبراهيم بأن الملاريا في ولاية الخرطوم تخطت العتبة الوبائية خلال العام الحالي، من يناير وحتى فبراير 2025، حيث بلغ عدد الإصابات 5454 حالة.

وتشير "سودان تربيون" إلى أن شرق النيل ما زالت تعاني من تراكم النفايات والأنقاض على مدى عامين، فضلًا عن انتشار جثث ما زالت ملقاة في قنوات التصريف أو داخل السيارات القتالية المدمرة.



SilenceKills #الصمت_يقتل #NoTimeToWasteForSudan #الوضع_في_السودان_لايحتمل_التأجيل #StandWithSudan #ساندوا_السودان #  

مقالات مشابهة

  • ستة قتلى في قصف قوات الدعم السريع لمدينة استراتيجية  
  • عثمان ميرغني يوضح كيف طور الجيش السوداني قدراته للتصدي للدعم السريع
  • الجيش يحرر منطقة حدودية جديدة من قبضة الدعم السريع
  • هدوء حذر في العاصمة السودانية بعد تضييق الخناق على الدعم السريع وسط الخرطوم
  • البرهان: نجدد العزم على تحرير البلاد من المرتزقة والعملاء والقضاء على مليشيا الدعم السريع
  • الجزيرة نت تكشف آخر مناطق سيطرة الدعم السريع بالخرطوم
  • الجيش السوداني: مقتل 5 أطفال برصاص "الدعم السريع" في الفاشر ‎
  • البرهان: الجيش السوداني عازم على تحرير البلاد والقضاء على الدعم السريع  
  • الجيش السوداني يتقدم في محور وسط الخرطوم
  • شرق النيل بين فكّي الحرمان والمرض.. شبح الحرب يخيم على “مدينة الأشباح”