حميدتي: وأخرجت القبيلة أثقالها، وقال مالها! (1-2)
تاريخ النشر: 12th, November 2023 GMT
كتب الصحافي عبدالحفيظ مريود أن "الدعم السريع" تهاجم القوات المسلحة "عشائر وعقداء". والعبارة مجاز لنظم قبلية تقليدية. فالعقداء هم قادة أيام البادية السودانية، من حقهم لدى النصر مثلاً أن يعزلوا ما طاب لهم مما غنموه حرباً قبل أي أحد آخر.
ومعلوم أن التجنيد لـ"الدعم السريع" قبائلي في الغالب لا يأتيه الواحد منهم فرداً.
فالقبيلة، كوحدة سياسية، زلقة غير مأمونة. وجرب دقلو بنفسه لجاجات القبائل بعد إقامته بين جماعات منها بغرب السودان، منطقة نفوذه، في شتاء 2022 بعزم ألا يعود للخرطوم إلا وقد سوى خصوماتها، لكنه عاد بعد شهرين ليعترف باستحالة مطلبه في حديث صريح لمؤتمر انعقد وقتها لرجالات الإدارة الأهلية. فاستنكر أمامهم الموت المجاني حول نزاع لا يسوى مثل ملكية قطعة أرض. وطلب منهم مراجعة حساباتهم حول النزاعات في ريفهم لمعرفة السبب من ورائها، كما طلب منهم العودة إلى مناطقهم لحلحلة النزاعات. وأضاف أنه كفاهم دخولاً في السياسة، بينما يقيمون في "فنادق خمس نجوم". وقال للإداريين الأهليين في جنوب وغرب كردفان أن يشرعوا في المصالحات القبلية: "ما دايرين مشكلات تاني". وسمى المنافقين "الذين قال إنهم هم من وراء تلك الصراعات". ونادى زعماء العشائر: "اخرجوا الجراثيم التي بينكم وتقتل في أهلكم".
ولم يلبث حميدتي في الحرب قليلاً حتى خرجت عليه جراثيم القبلية. فافتضحت هشاشة نظمه للتجنيد على وتيرة القبيلة. فجددت قبيلتا بنو هلبة والسلامات، وهما من حلف العطاوة كما سيرد، صراعهما التاريخي حول ملكية الدار. فكانت السلامات طلبت حقاً في دار بني هلبة لا تجيزه أعراف البادية ولا قانون البلاد. وما اصطرعا هذه المرة، وهما جميعاً في "الدعم السريع"، حتى صار للقبيلة المكان الأول عند منتسبيها دونه. فتحول منتسبو "الدعم السريع" في الجماعتين كل إلى قبيلته التي تؤويه. عادوا للحرب مع أهلهم بالأسلحة الثقيلة والسيارات ذات الدفع الرباعي، وغالبه من عتاد "الدعم السريع".
ونجحت "الدعم السريع" بالأمس فقط في الدورة الثانية من مساعيها إلى احتواء قتالهما الدموي الذي دام ثلاثة أشهر بعد فشل الدورة الأولى في سبتمبر (أيلول) الماضي. وليس في وثيقة الصلح ما يشي بأنها خاطبت جذور الأزمة بينهما. وسبقت الحكومات المتتالية في السودان "الدعم السريع" إلى عقد مثل هذا الصلح الذي هو تهدئة لا علاجاً.
المصائب لا تأتي فرادى
ورد في الأخبار منذ أيام قليلة أن ثمة نذر هجوم من "الدعم السريع" على مدينة النهود، حاضرة قبيلة حمر بغرب ولاية كردفان، وأن زعماء الجماعة يبحثون سبل صده، وأن هذه المواجهة ستكون بين قبيلة "المسيرية" وحمر وكأن "المسيرية" و"الدعم السريع" شيء واحد.
ففي فيديو ذاع على النت أنذر قائد لـ"الدعم السريع" الحضور الغزير أمامه ألا يتفرقوا قبائل كـ"المسيرية" والرزيقات وبني هلبة والسلامات وأن يتمسكوا بوحدتهم جميعاً كعطاوة. ومن اللافت أن بولتيكا هذه العطاوة لم تثر انتباهاً مستحقاً على قدمها. ففي 29 نوفمبر (تشرين الثاني) 2014 نشر تجمع أبناء العطاوة في خارج السودان بياناً يحمل الحكومة المركزية وولاية غرب كردفان مسؤولية الفتنة بين فرعين من قبيلة "المسيرية". واتهم تلك الدوائر الحكومية بمدهما بالسلاح والمال ليقتتلا ليؤمن الساعون بالفتنة حقوقاً بأرض ستنزعها الحكومة لتقيم منشأة نفطية وتعوض أصحابها.
ملخص ما فيديو المشار إليه:
القضية قضية عطاوة. تهمك تعال اتجند (قال إنه كان مثل غيره في المكان في الدفاع الشعبي). خشوم بيوت ما تجو، كقبائل ما تجو. ما تجيبو زول قائد. عندك ألف زول ما بنعرفك انت قائد. الدعم السريع دا نحنا قادة. أي زول يجي غيرنا نحنا ما بجي عبر زول تاني. وكت الشغلة تنتهي نحن بنعرف الرجل المناسب في المحل المناسب. حسينا الرجة دي. في حاجة ما طبيعية. نحن عندنا حاسة أمنية. في الناس في رجة. نحن الآن الدعم السريع عطاوة. ما عندنا مسيرية ديل رزيقات لا. عطاوة بس. زول عِرقي زول قبلي يقيف بعيد. ما تجينا. أنا رزيقي ما تجينا. أنا عطوي ما تجينا. أنا عطوي بس.
IbrahimA@missouri.edu
//////////////////
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
البرهان يعلق على أنباء التسوية مع الدعم السريع
نفى رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان، صحة الأنباء المتداولة بشأن تسوية أو تفاوض مع قوات الدعم السريع، وأكد عزم الجيش ومضيه قدمًا في القضاء على ما وصفه "بالتمرد".
وفي منشور على صفحة مجلس السيادة على فيسبوك، قال البرهان خلال "مؤتمر قضايا المرأة بشرق السودان" الذي انطلق بمدينة بورتسودان، أمس الاثنين، إن الحديث حول الدعوة لعقد مؤتمر للقوى السياسية غير صحيح.
وأكد أنه ليس هناك أي تسوية مع أي جهة سياسية مبينًا أن ما يشاع في هذا الخصوص عار عن الصحة تماما.
وأضاف أن القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى ومن وصفهم بالمستنفرين يمضون بكل عزيمة وإصرار نحو القضاء على التمرد واستئصال "مليشيا آل دقلو الإرهابية المجرمة"، وفق تعبيره.
وقال البرهان إن "باب التوبة والرجوع للحق مفتوح أمام كل من وضع السلاح وجنح للسلم".
وتأتي تصريحات البرهان بعد أيام قليلة على إعلان الجيش السوداني استعادته السيطرة على مقر الفرقة 17 في مدينة سنجة حاضرة ولاية سنّار وسط السودان، وذلك بعد معارك ضارية مع الدعم السريع شهدتها المدينة.
وتعد "سنجة" أول عاصمة ولائية يستطيع الجيش السوداني استعادتها من قبضة قوات الدعم السريع، منذ اندلاع الحرب التي يشهدها السودان منذ 15 أبريل/نيسان من العام الماضي، وتعد سيطرة الجيش عليها إنجازا إستراتيجيا لوقوعها عند محور أساسي يربط بين مناطق يسيطر عليها الجيش في شرق السودان ووسطه.
وتسببت الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بمقتل الآلاف وتشريد أكثر من 11 مليون شخص، من بينهم 3.1 ملايين نزحوا خارج البلاد، حسب المنظمة الدولية للهجرة.